كواليس مهرجان "النصر" وقفة الرجل الواحد

25-09-2006

كواليس مهرجان "النصر" وقفة الرجل الواحد

الجمل ـ بيروت ـ حسان عمر القالش:  كان الخبر سار ومفاجئ في آن. أن يظهر السيد حسن نصر الله على قناة المنار ويوجه الدعوة الى "كل الشرفاء" وكل من يعتبر نفسه أنه انتصر في الحرب الأخير, لحضور مهرجان "النصر " في الثاني والعشرين من أيلول. اعتبرنا أنفسنا مدعويين شخصيا, وعزمنا على السفر الى بيروت لحضور المهرجان ، وبعد اتصالات عديدة, مع تلفزيون المنار الذي حولنا بدوره الى "الحاج غسان درويش" مسؤول القسم الاعلامي للحزب في بيروت, والذي وجهّنا بدوره الى "الحاج أمين", استطعنا معرفة كيفية التقدم بطلب الحضور بصفة صحافية. في بيروت أوصلنا سائق تاكسي الى الضاحية, وكان قبلنا قد أوصل ثلاث صحافيين آتين لتوّهم من قطر,ونصحنا بعدم التوجه لزيارة الجنوب لا اليوم ولا في الغد لأن الناس هناك "أمم" تزحف في طريقها الى بيروت والضاحية. في "بير العبد" كان يجب أن نبحث عن المكتب الإعلامي للحزب, وفي الشارع المقصود كانت حركة السير عادية وازدحام الناس طبيعي, دخلنا من مدخل جانبي للبناية التي فيها المكتب, وصعدنا الى الطبقة الرابعة على الأقدام, كانت كل أبواب الشقق أبوابا حديدية! ليس من نوع الحديد المزخرف, بل أشبه بأبواب المتاريس..ومع ذلك يبقى الأمر طبيعيا وربما مألوفا هنا وفي هذا الوقت..أودعنا طلب المشاركة بعد استقبال ودود من "الاخوة" في المكتب الاعلامي, الذين وعدوا بدراسته, على أن نذهب في اليوم التالي – الجمعة – الى مدرسة في الضاحية عند الساعة الثانية ظهرا, لاستلام بطاقات الصحافيين. اعتقدنا كغيرنا من الإعلاميين أننا سنكون أوّل المصّرح لهم بالحضور إذا بكرنا المجيء قبل الموعد إلى المدرسة, لكن الاخوة كانوا جاهزين في وقت أبكر، وعلى اتم الاستعداد حيث يقف عند أول المفرق المؤدي للمدرسة عناصر من "الانضباط" يرتدون زيّا عسكريا أسود اللون إلى جانب عناصر من الجيش والأمن العام اللبناني. كل شيء بدا هادئا ومريحا, وضعت على أحد المقاعد الحجرية للمدرسة "صينيّة" فيها كمية كبيرة من الموز اللبناني والعنب, وبجانبها أعداد من زجاجات الماء المعدني البلاستيكية الصغيرة, كل طالب بطاقة كان "ينق" على المسؤول ويطلب منه الاسراع والتعجّل, وتم وضع بطاقات صغيرة ربطت بمطاطات حول كل المعدات والأجهزة والحقائب المحمولة..لكن أين بطاقات التصاريح؟..بعد قليل..اصبروا قليلا يا اخوان..وطلبوا من الصحافيين الركوب في باصات صغيرة "فانات" لتنقلهم الى مكان آخر قريب من القاعة الرئيسية للحفل ومنصة الصحافة..توقف بنا الفان بعد المرور بحاجزين أمنيين للحزب, ونزلنا الى محل بدا أنه مطعم شعبي أو مقهى فرّغ من معداته وجهّّز لاستيعاب عدد الكبير من الناس, حضور الإعلام كان كثيفاً إذ تجاوز عدد الوسائل الإعلامية الـ 400 جهة عربية وأجنبية. أخذوا الأغراض من الصحافيين وجمّعوها لتفتيشها تفتيشا دقيقاً، لم يكن ثمة مجال للامتعاض بل كان الموقف محل تأييد وتقدير من الجميع فسلامة "السيّد" الأمنية وسلامة الجميع كانت الهم الأول.. وما رفع المعنويات وكان موضع احترام وتقدير حرص الأخوة على التعامل مع الجميع دون تمييز أو تفضيل لمقرب عن آخر بعيد أو لقناة شهيرة عن صحيفة مغمورة..أخذنا الأغراض ورافقنا أحد العناصر الى مدخل الحفل حيث أعيد تفتيش الأغراض تفتيشا سريعا ثانيا, ومررنا تحت "السكانر", في الطريق الى المنصّة كان عناصر الأمن يمسحون بأنظارهم المحيط , ويقفون باستعداد ببدلات رسمية سوداء من دون ربطة عنق و قبعة "كاسكيت" بيج. .. في الساعة الثانية والنصف من بعد الظهر وصلنا الى المنصة المخصصة لإعلام. وبدأ المصورون ينصبون الكاميرات, ويرقبون الجموع والناس بحثا عن صور تعبر عن الرسالة التي يريدون نقلها, وبدوره الجمهور راح يتفاعل ويغري الكاميرا, رجل يحمل طفل يلبس زيّا عسكريا حربيا مرقطا ورأسه مربوط بعلم حزب الله الأصفر اللون, شاب يحمل لافتة كبيرة عليها صورة السيّد والعماد ميشيل عون ويضع حول رقبته وشاحا برتقالي اللون, آخر يحمل عصا طويلة لفّ عليها أعلام حزب الله والحزب السوري القومي والتيار الوطني الحر..كاتالوجات كثيرة وألبومات أكثر ممكن أن تملئها بلقطات من هنا. وما ان أشارت الساعة الى الرابعة والنصف وأعلن خطيب الحفل عن وصول السيّد: ((فلتسمع الدنيا..فلتسمع..أصواتكم..القائد وصل))..ودخل السيّد بكل مايحمله تواضعه من عظمة الكبرياء, متجهاً الى المنصة ليحيي الناس, حتى صاح الصحافيون فرحاً بحضور السيد, وكالأطفال راحوا ينادون ليلتفت صوبهم, ومنهم من أخذ يصفر ويقفز. وعندما غمر صوته فضاء المكان, فاض التأثّر العاطفي على الجموع, وأخذ صوته يتصاعد: ((أيها الأحبة, أيها الكرام..يا أشرف الناس وأطهر الناس وأكرم الناس)) الى أن اخترقه التحشرج والتأثّر عندما قال:((السلام عليكم..)), فعلا هدير الناس وتفاعلهم وهم يهتفون: ياالله ياالله تحمي حسن نصر الله. شريان سري وصل بين قلب السيّد وقلوب محبيه وهو يخاطبهم: ((أنتم اليوم في الثاني والعشرين من أيلول تدهشون العالم من جديد, وتثبتون بحق أنكم شعب عظيم, وأنكم شعب أبيّ, وأنكم شعب وفي وأنكم شعب شجاع)). تابع السيّد: ((منذ أيام وكثيرون يشنّون حربا نفسية على هذا المهرجان كما كانوا يشنون حربا نفسية على المقاومة..لقد قالوا أن هذه الساحة ستقصف, وأن هذا المنبر سيدمر ليخيفوا الناس ويضعفوها..)) ومع أن حضور الناس وحضوره فيه خطر عليهما ((الاّ أن قلبي وعقلي وروحي لم تأذن لي أن أخاطبكم من بعيد..)), وضاعفت الجموع هديرها وهتافها المنتشي بما تسمع.. الى أن انتهى اللقاء الحي معه. انفرط بعدها عقد الحفل الرسمي ليبدأ الاحتفال على طريقة أهل الضاحية, سار بعض شباب حاملين طبلا كبيرا ينشدون أناشيد المقاومة, بينما مضى آخرون بسيارات مجهّزة بمكبرات الصوت تعيد على السامعين في الشوارع والأحياء خطابا ما للسيّد, أما سكان الحي الملاصق لمكان المهرجان فقد نثروا على جموع المغادرين يتقدمهم الوزراء والمسؤولين أرز النصر. في طريق العودة الى دمشق, كان الطريق من مدخل "بعبدا" المتّجه الى عالية وصوفر يعج بالسيارات والباصات الكبيرة والصغيرة التي تقل الناس من المهرجان في طريقها الى "الجبل" أو"بعلبك"..كانت الساعة حينها التاسعة مساء ولم تنقشع زحمة السير..في التاكسي التقينا مع السيدة تقي الدين, التي روت لنا كيف حضرت مهرجان النصر: أنا مسيّسة شوي, كنت أثناء الحرب الأخيرة من المتطوعات لمساعدة الضيوف اللبنانيين النازحين الى دمشق, واستضفت وأسرتي عائلة من "صور" نمت بيننا وبينها وشائج محبة وألفة..اتصلوا بي ودعوني لحضور المهرجان, وكأنها مناسبة عرس ، لبيت الدعوة وتشاركنا الفرح كما تشاركنا الألم.

 الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...