أحلام مستغانمي صوت من رحم الثورة الجزائرية ‏

05-07-2009

أحلام مستغانمي صوت من رحم الثورة الجزائرية ‏

أديبة وكاتبة عبرت بلغة رشيقة وساحرة عن الحب في زمن الحرب. ترى نفسها إمرأة أحلام مستغانميمن ورق، تعودت أن تعيش بين ‏دفتي الكتب، أن تحب وتكره وتفرح وتحزن، وتقترف كل خطاياها على ورق.

تعلمت أن تكون كائنا حبريا، لا تخاف ‏من رؤية نفسها عارية مرتجفة على ورق، تقول: "إن الكتابة بالنسبة لي متعة، ولا أمارسها إلا من هذا المنطلق"، إنها ‏الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي، التي تعتبر نجمة مضيئة في سماء المبدعات العربيات اللاتي استطعن أن يحاربن ‏الرجل في عقر داره ويضفن للأدب العربي لمساتهن الأنثوية، متحديات القلم الذكوري الذي يستبيح لنفسه الحديث عن ‏‏"التابو" ويحرّمه على المرأة الكاتبة.

تقول أحلام مستغانمي عن الكتابة: "لتشفى من حالة عشقية، يلزمك رفاة الحب لا ‏تمثالا لحبيب تواصل تلميعه بعد الفراق. مصرا على ذياك البريق الذي انخطفت به يوما يلزمك قبر و رخام و شجاعة ‏لدفن من كان أقرب الناس اليك ، انت من يتأمل جثة حب في طور التعفن . لا تحتفظ بحب ميت في براد الذاكرة... ‏أكتب، لمثل هذا خلقت الروايات".‏

ولدت صاحبة الثلاثية المشهورة أحلام مستغانمي في تونس العاصمة سنة 1953، وهي الابنة البكر لعائلة جزائرية من ‏مدينة قسنطينية وجدت الأمان في تونس بعد أن هربت من وحشية قوات المستعمر الفرنسي الذي كان يبحث عن والدها ‏محمد الشريف لكونه مطلوبا لدى السلطات الفرنسية لمشاركته في أعمال المقاومة الجزائرية. وهكذا كان مقدر لأحلام ‏أن تولد وسط بيئة مشحونة بالعمل السياسي والنضالي. ‏

بعد حصول الجزائر على الاستقلال عام 1962، عادت عائلة محمد الشريف إلى الجزائر، وقد فرضت الظروف على ‏أحلام، بعد أن تعرّض والداه لوعكة صحية، أن تعمل مذيعة في الإذاعة الجزائرية فقدمت برناماج بعنوان "همسات" ‏ساعد في شهرتها كشاعرة.‏

كانت أحلام مستغانمي من ضمن أول دفعة معرّبة تتخرج بعد الاستقلال من كلية الآداب في الجزائر سنة 1971. وكان ‏التخرّج أول خطوة في طريق الألف ميل نحو مسيرة حافلة بالإبداعات الأدبية. بدأتها سنة 1973 مع أول إصداراتها: ‏ديوان شعر "على مرفأ الأيام" عن المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر.

ورغم فرحتها بوليدها البكر إلا أنها كانت فرحة ‏ناقصة فوالدها، الذي تهدي إليه كلّ نجاحاتها، كان طريح الفراش في المستشفى ولم يشارك ابنته نجاحها‎.‎‏ وقد كان أثّر ‏وضعه الصحي المتردي وسبب لأحلام معاناة كبيرة.

فقد كانت تكنّ عاطفة خاصة لوالدها تأثرت بشخصيته الفذّة ‏وتاريخه النضاليّ‎.‎‏ وقد كان والدها يعاملها بالمثل، فهو من شجّعها على الدراسة وهو من زرع فيها حبّ الوطن وعلّمها ‏قيمة النضال والتضحية في سبيل القضية، وعن أحلام مستغانمي يقول والدها: "إن كنت جئت إلى العالم فقط لأنجب ‏أحلام، فهذا يكفيني فخرا، إنها أهم انجازاتي، أريد أن يقال إنني أبو أحلام، أن أنسب إليها، كما تنسب هي لي".‏

في السبعينات هاجرت أحلام مستغانمي إلى فرنسا وفي عاصمة الأنوار تزوجت من صحفي لبناني، وتفرّغت حينها ‏لعائلتها وغابت مدة عن الساحة الأدبية العربية، لتعود في بداية الثمانينات وتجدد العهد مع القلم فشاركت في الكتابة في ‏مجلّة "الحوار" التي كان يصدرها زوجها من باريس ومجلة "التضامن" التي كانت تصدر من لندن، وحصلت في تلك ‏الفترة على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة السوربون في الثمانينات لتستقر حاليا في بيروت.‏

تاريخ الجزائر وجد صدى واسعا في كتابات أحلام مستغانمي. وكان من الطبيعي أن تتأثر أحلام بالوضع الذي كانت ‏تعيشه بلادها تحت الاستعمار، كما تأثرت أيضا بعقلية المجتمع الجزائري والعربي عموما ونظرته للمرأة ومعاناتها في ‏مجتمع ذكوري المرأة فيه جارية، فما بالك لو أحست هذه المرأة ببذرة تمرّد تنهش احشائها. فكافحت في دراستها كما ‏كافحت في كتاباتها، فأن تكتب، تقول أحلام، "يعني أن تفكر ضد نفسك، أن تجادل وتعارض وتجازف". ‏

‏وقد وقعت أحلام مستغانمي في غرام الكتابة وسحر اللغة فأقامت معها علاقة عشق وتواصل أنجبت "الكتابة في لحظة ‏عري"، صادر عن دار الآداب ببيروت سنة 1976. وبعد غياب عن الساحة الأدبية العربية، عادت أحلام مستغانمي ‏بمولودها الأدبي الثاني سنة 1993 بعنوان "أكاذيب سمكة" صدر عن المؤسسة الوطنية للنشر.

ثمّ توالت أعمالها: ‏‏"الجزائر امرأة ونصوص" صادر عن منشورات "أرماتان" بباريس سنة 1985، والثلاثية الحدث: "ذاكرة الجسد"، ‏صادرة عن دار الآداب ببيروت سنة 1993، و"فوضى الحواس"،‎ ‎صادرة عن دار الآداب ببيروت سنة 1997، ‏و"عابر سرير"‏‎ "2000"‎‏. وبقدر ما حملته هذه الأعمال من لغة رومانسية سلسة وحالمة جاءت مشحونة في باطنها ‏وبين أسطرها برسائل فكرية تنبض تمرّدا ورفضا.‏

ترى الأديبة الجزائرية أن "اللغة يحدث أن تكون أجمل منا، بل نحن نتجمل بالكلمات، نختارها كما نختار ثيابنا، حسب ‏مزاجنا ونوايانا". وقد تميّزت لغاتها في سائر أعمالها برومانسية رقيقة لكنها قوية قادرة على اختراق القارئ، خصوصا ‏الرجل الذي ينقد عمل المرأة المبدعة دون أن يفصل بين إبداعها وبين كونها أنثى.

وقد أثبتت مستغانمي من خلال ‏ثلاثيتها الشهيرة أن التعامل مع اللغة، شعرا ونثرا، ليس حكرا على الرجال بل تستطيع اللغة أن تكون سلاح المرأة في ‏الدفاع عن حقوقها وإعلان تمرّدها مثلما هي سلاح الرجل في التعبير عن أفكاره وتفريغ ما يختلج باطنه من أفكار ‏وغزل ومعارضة ونقد...‏‎

‎وقد اختارت أحلام لغة الثورة والتمرد، لغة مزيج من طفولة زاخرة بالأحداث مشبعة بصور ‏من تونس والجزائر وثورتها العظيمة، وشباب حالم متمرّد في مجتمع تحكمه التقاليد يعاني من مخلفات الاستعمار، فجاء ‏إنتاجها الأدبي حرا طليقا سامقا...... ثوريا متمردا‎.‎‏ تقول مستغانمي في رواية "عابر سرير": "ذلك أن الرواية لم تكن ‏بالنسبة لها سوى آخر طريق لتمرير الأفكار الخطرة تحت مسميات بريئة.

هي التي يحلو لها التحايل على الجمارك ‏العربية، وعلى نقاط التفتيش، ماذا تراها تخبئ في حقائبها الثقيلة، وكتبها السميكة؟ أنيقة حقائبها. سوداء دائما. كثيرة ‏الجيوب السرية، كرواية نسائية، مرتبة بنية تضليلية، كحقيبة امرأة تريد إقناعك أنها لا تخفي شيئا. ولكنها سريعة ‏الانفتاح كحقائب البؤساء من المغتربين.

أكل كاتب غريب يشي به قفل، غير محكم الإغلاق، لحقيبة أتعبها الترحال، لا ‏يدري صاحبها متى، ولا في أي محطة من العمر، يتدفق محتواها أمام الغرباء، فيتدافعون لمساعدته على لملمة أشيائه ‏المبعثرة أمامهم لمزيد من التلصص عليه؟ وغالبا ما يفاجأون بحاجاتهم مخبأة مع أشيائه.

الروائي سارق بامتياز. سارق ‏محترم. لا يمكن لأحد أن يثبت أنه سطا على تفاصيل حياته أو على أحلامه السرية. من هنا فضولنا أمام كتاباته، ‏كفضولنا أمام حقائب الغرباء المفتوحة على السجاد الكهربائي للأمتعة.‏

ألّفت الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي على مدى مسيرتها الأدبية روايات تعتبر من أكثر الروايات مبيعا ورواجا في ‏العالم العربي، ويذكر أن "ذاكرة الجسد" هي الرواية العربية الوحيدة التي طبع منها قرابة العشرين نسخة إلى اليوم. ‏كما تعتبر أحلام مستغانمي أول جزائرية تؤلّف رواية باللغة العربية.

وقّعت مستغانمي على بطاقة الشهرة في عالم الأدب من خلال روايتها "المفاجأة" "ذاكرة الجسد" التي نشرت في لبنان ‏والجزائر عام 1993. واستحقت عنها مستغانمي جائزة الأديب الراحل نجيب محفوظ عام 1997. وخلال هذه المناسبة ‏قال عنها أديب نوبل نجيب محفوظ: "أحلام نور يلمع وسط هذا الظلام الكثيف، كاتبة حطمت المنفى اللغوي الذي دفع ‏إليه الاستعمار الفرنسي مثقفي الجزائر".‏

كما نالت الرواية جوائز عديدة وترجمت لعدة لغات، ويجري تدريسها في عدة جامعات عالمية، على غرار السربون، ‏واعتبرها النقاد أحسن عمل روائي صدر في العقد الأخير.

ولعل أفضل ما يلخص "ذاكرة الجسد" لغة ومضمونا ما قاله ‏عنها الشاعر نزار قباني/ وهو ينطبق على بقية جزئي الثلاثية "فوضى الحواس" و"عابر سرير" لكونهما استمرارا ‏ومرحلة ثانية وثالثة لـ"لذاكرة الجسد": "قرأت رواية "ذاكرة الجسد" لأحلام مستغانمي، وأنا جالس أمام بركة السباحة ‏في فندق سامرلاند في بيروت.

بعد أن فرغت من قراءة الرواية، خرجت لي أحلام من تحت الماء الأزرق، كسمكة ‏دولفين جميلة، وشربت معي فنجان قهوة وجسدها يقطر ماء... روايتها دوختني. وأنا نادرا ما أدوخ أمام رواية من ‏الروايات. وسبب الدوخة أن النص الذي قرأته يشبهني إلى درجة التطابق، فهو مجنون، ومتوتر، واقتحامي، ومتوحش، ‏وإنساني، وشهواني....

وخارج عن القانون مثلي. ولو أن أحدا طلب مني آن أوقع اسمي تحت هذه الرواية الاستثنائية ‏المغتسلة بأمطار الشعر.... لما ترددت لحظة واحدة ... هل كانت احلام مستغانمي في روايتها "تكتبني" دون ان ‏تدري... لقد كانت مثلي متهجم على الصفحة البيضاء، بجمالية لاحد لها. وشراسة لاحد لها.

وجنون لاحد له... الرواية ‏قصيدة مكتوبة على كل البحور... بحر الحب، وبحر الايديولوجية... وبحر الثورة الجزائرية بمناضليها ومرتزقيها، ‏وأبطالها وقاتليها، وملائكتها وشياطينها، وأنبيائها وسارقيها.. هذه الرواية لا تختصر ذاكرة الجسد فحسب، ولكنها ‏تختصر تاريخ الوجع الجزائري، والحزن الجزائري، والجاهلية الجزائرية التي آن لها أن تنتهي..

وعندما قلت لصديق ‏العمر سهيل إدريس رأيي في رواية أحلام، قال لي : لاترفع صوتك عاليا ... لان احلام اذا سمعت كلامك الجميل ‏عنها، فسوف تجن‎........‎‏.؛ أجبته: دعها تجن .... لأن الأعمال الابداعية الكبرى لا يكتبها إلا المجانين........."،"1".

‏وقال عنها الرئيس الأسبق أحمد بن بله "إنّ أحلام مستغانمي شمس جزائرية أضاءت الأدب العربيّ. لقد رفعت بإنتاجها ‏الأدب الجزائري إلى قامة تليق بتاريخ نضالنا. نفاخر بقلمها العربيّ، إفتخارنا كجزائريّين بعروبتنا".‏

أهدت أحلام مستغانمي "ذاكرة الجسد"، كحال بقية أعمالها، في المقام الأول إلى والدها كما أعدتها إلى ذكرى الروائي ‏الجزائري الفرنكوفوني الراحل مالك حداد "1927-1978"، الذي قرر الامتناع عن الكتابة بأي لغة أجنبية بعد نيل ‏بلاده الاستقلال، فانتهى به الأمر "شهيدا محبا للغة العربية".

و"ذاكرة الجسد" هي في الأصل ذاكرة أحلام مستغانمي وذاكرة والدها وذاكرة مليون شهيد وذاكرة ثورة ووطن، هي ‏ذاكرة قسنطينة والجزائر التي فجعت في أبنائها. هي ذاكرة خالد الرسام الذي اتخذ الريشة سلاحا بعد أن بترت يده خلال ‏معركته ضد الفرنسيين، وذاكرة سي الطاهر المناضل، الذي يحمل بعضا من سمات والد أحلام.

رواية اختزلت فيها ‏أحلام مستغانمي الذاكرة في جسد واحد تمرّد على ذاكرته البالية ويرغب في ذاكرة جديدة شابة تتخلّص من أسمال ‏الماضي هي ذاكرة عدا "أحلام"/"حياة". ‏
في الرواية تقمّصت الكاتبة دور الراوي البطل خالد تتحدث الرواية عن حياة وخالد.

وقد كانت بارعة في التقاط دور ‏الرجل والحديث بلسانه، مثلما كانت بارعة في الحديث بلسان حياة الشابة الجميلة التي توقع خالد الخمسيني في شباكها. ‏ومن خلال هذه العلاقة تحدثت الكاتبة في الرواية عن صراعات عديدة، صراع العودة للوطن والحنين، صراع الحب ‏والخيانة والغيرة وصراع مع مخلفات الماضي‎ ‎والتأقلم مع الحاضر، ربما صراع جزائر منهكة حائرة كيف ستتخطى ‏فصولا من عذاب ذل الاستعمار.

وبعد نجاح "ذاكرة الجسد" أصدرت أحلام مستغانمي الجزء الثاني من ثلاثيتها "فوضى الحواس" التي جاءت لتدحض ‏الشائعات التي اتهمتها بأنها ليست كاتبة رواية "ذاكرة الجسد". ومن خلال "فوضى الحواس" تتفجّر مفردات اللغة بين ‏أصابع أحلام شعرا مرسوما في رواية.‏

‏"عابر سرير" هي الجزء الثالث من مشروعها الروائي. وينبني الجزء الأخيرة من الثلاثية من التركيبة نفسها رسمت ‏‏"ذاكـرة الجسد"‏‎ ‎و"فوضى الحواس" سواء عبر الوقائع والأحداث أو عبر ذاكرة زيان المشرف على الموت والذي ‏يعيدنا بدوره إلى صورة زياد الشاعر الفلسطيني الذي يتقاسم معه ثلثي الإسم وكامل النزف بين جرحي الجزائر ‏وفلسـطين.
في "عابر سرير" تصفي أحلام مستغانمي حساباتها مع الوطن الذبيح لتنتهي الثلاثية بزفة لغوية مترعة ‏بالحزن لحلم الجزائر المجهض.
‏تعبر كتابات مستغانمي، التي جعلت من بيروت مسكنها الدائم، عن الحنين إلى وطن بقولها: "يسكننا ولا نسكنه". ‏ويظهر في أعمالها عشق لجزائر تفتقدها وأسى لجيل أخفق في بناء أمة قوية ذاقت ويل تحت الاستعمار زهاء قرن من ‏الزمن. وتتجاوز رواياتها الحدود المرسومة لتحكي قصة الأحلام المنكسرة والمآسي التي تجزف بالإنسان، مما يجعل ‏حكاياتها ذات مغزى لقرائها عبر مختلف أرجاء العالم العربي.‏

وقد ذهب النقاد عبد الله الغدامي في بحثه عن العلاقة بين الكاتبة أحلام ولغتها الروائية الى القول بأن "الكاتبة استطاعت ‏أن تكسر سلطة الرجل على اللغة، هذه اللغة التي كانت منذ أزمنة طويلة حكرا على الرجل واتسمت بفحولته، وهو الذي ‏يقرر ألفاظها ومعانيها فكانت دائما تقرأ وتكتب من خلال فحولة الرجل الذي احتكر كل شيء حتى اللغة ذاتها. ‏

استطاعت أن تصنع من عادتها اللغوية نصوصا تكسر فيها عادات التعبير المألوف المبتذل وتجعل منها مواد اغراء ‏وشهية، وراحت وهي تكتب تحتفل بهذه اللغة التي أصبحت مؤنثة كأنوثتها، وأقامت معها علاقة حب وعشق دلا على أن ‏اللغة ليست حكرا على فحولة الرجال بل تستطيع أن تكون أيضا الى جانب الانوثة.

فصارت اللغة حرة من القيد ‏والتابوهات وصار للمرأة مجال لأن تداخل الفعل اللغوي وتصبح فاعلة فيه فاستردت بذلك حريتها وحرية اللغة... ‏فأحلام هي مؤلفة الرواية، وأحلام هي أيضا بطلة النص، واللغة فيما كتبته أحلام هي الأخرى بطلة، بحيث أن اللغة ‏الروائية في هذين العملين ""ذاكرة الجسد" و"فوضى الحواس"" تطغى على كل شيء وتتحول الى موضوع الخطاب ‏وموضوع النص.

فامتزجت بذلك أنوثة اللغة المستعادة مع أنوثة المؤلفة وكذا أنوثة "أحلام" البطلة في الروايتين ووحدة ‏العلاقة بين الانثى خارج النص والانثى التي في داخل النص تعني عضوية العلاقة بين المؤلفة ولغتها.

وتمتد هذه ‏العلاقة من خلال "اتحاد الانثى "أحلام مع كل العناصر الاساسية في الروايتين فأحلام هي أحلام، وهي المدينة وهي ‏قسنطينة، وهي البطل وهي الوطن وهي الذاكرة وهي الحياة، لأنها في البداية كان اسمها حياة، وهي النص وهي ‏المنصوص، وهي الكاتبة وهي المكتوبة وهي العاشقة وهي المعشوقة وهي اللغة وهي الحلم وهي الألم لأن الحلم والألم: ‏أحلام تساوي حلما وألما"."2" ‏

أثبتت أحلام عن جدارة بأنها ككاتبة تتفق مع نظيراتها من المبدعات على غرار غادة السمان، وبنت الشاطئ ونوال ‏السعداوي، على رفضهن "تجنيس" النص الأدبي والنقدي، وتبويبه في خانة الأدب الذكوري والأدب الأنثوي.

وترفض ‏أحلام نفسها تصنيف أعمالها في خانة الأدب النسائي وقوقعته في هذا المجال، أعمالها الأدبية، هي أعمال إنسان دون ‏حرف التاء، تقول: "أنا أريد أن أحاكم ككاتبة دون تاء التأنيث وأن يحاكم نصي منفصلا عن أنوثتي ودون مراعاة أي ‏شيء".‏

وقد اختارت مجلة "‏Arabian Business‏" العالمية في احصاء سنوي ترصد من خلاله أهم الشخصيات في العالم ‏العربي، مرتين على التوالي في 2006 و2007، الأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي من بين أقوى 100 شخصية ‏عربية.

كما سبق للأديبة أن اختارتها المجلة العالمية ‏Forbes‏ الكاتبة العربية الأكثر انتشارا لتجاوز مبيعاتها عتبة ‏المليونين وثلاثمائة ألف نسخة، ومن بين النساء العشر الأكثر تأثيرا في العالم العربي والأولى في مجال الأدب.

وكانت ‏جريدة "الشروق" الجزائرية اختارتها الشخصية الثقافية لعام 2007، فيما اختارها مركز دراسات المرأة العربية، من ‏أصل 680 شخصية تم ترشيحها لهذا المنصب.‏

 

‏1- نزار قباني 20/8 /1995.. ‏
2-انظر في هذا عبدالله الغدامي: المرأة واللغة ص 192، 193‏

حذام خريف

المصدر: العرب أون لاين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...