«بن لادن الافتراضي» .. «جهاد» الكتروني يرعب أميركا

11-01-2014

«بن لادن الافتراضي» .. «جهاد» الكتروني يرعب أميركا

كشف محرر الشؤون الأمنية والدفاعية سام جونز في صحيفة «فاينانشل تايمز» البريطانية عن قلق خبراء الاستخبارات الأميركية من «تقمّص» زعيم تنظيم «القاعدة» الراحل أسامة بن لادن في شكل «خالد» هذه المرّة: تجسّدٌ للفكر الجهادي عبر شبكة من «جهاديي القاعدة» في الفضاء الالكتروني.«القاعدة عائدة قريبا الى نيويورك» (عن الانترنت)
والقلق الأميركي، الذي يكاد يصل حدّ الرعب، موجّهٌ ضدّ عدو مجهول، بالنسبة إلى أجهزة الاستخبارات، لا يمكن حصره في منطقة أو الدلالة عليه على خريطة. كما أن هذا العدو ليس دولة تُتخذ بحقّها إجراءات ديبلوماسية أو تُفرض عليها عقوبات اقتصادية. العدو، هذه المرّة، أفرادٌ بفكر جهادي يعملون لتحقيق هدف بن لادن، الذي أعلن عنه قبل فترة من قتله، وهو «مواصلة استراتيجية استنزاف أميركا حتى إفلاسها».
وقد كشفت وثيقة من العام 2008 لمكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، صدرت خلال الأسبوع الحالي، عن المخاوف التي تساور أعضاء الاستخبارات الأميركية ووحدة الأمن حول الاستخدام المحتمل لعوالم افتراضية من قبل المتطرفين والإرهابيين.
«تخيّل أن يخلق الجهاديون صورة شخصية افتراضية لأسامة بن لادن ويدعّموها بتسجيلاته الصوتية لتحريكها فيستخدموها بالتبشير، والتجنيد ونشر عقيدتهم»، تطرح الوثيقة، المؤلّفة من 126 صفحة، خلاصة آراء 36 من الخبراء الحكوميين وغير الحكوميين الأميركيين.
وتحذّر الوثيقة - المصنّفة سريّة - من أن «النموذج الافتراضي لبن لادن يستطيع أن يبشّر ويصدر الفتاوى لمئات السنين المقبلة»، معتبرة أن «التطابق بين النموذج الافتراضي وشخصية بن لادن الحقيقية سيجعله قابلاً للتصديق».
وفي الوقت الذي رفض مكتب الاستخبارات التعليق على الوثيقة، التي صدرت بناءً على طلب اتحاد العلماء الأميركيين، أكد الخبير في شؤون السرية في الاتحاد ستيفن أفترغود أن «الغرض من هذه العملية هو اكتشاف السيناريوهات التي يمكن تصورها، وتحفيز التحليلات حول عواقب هذه المبادرة».
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن التصوّرات الواردة في الوثيقة حول «التطرّف الافتراضي» تزامنت مع «أدلة ضئيلة» حول نشاط الجهاديين على الشبكة العنكبوتية في العام 2008، إلا انه بالرغم من ذلك فقد استرعت هذه التهديدات انتباه الجواسيس في لندن وواشنطن.
وفي الإطار عينه، كشفت وثائق إدوارد سنودن، الشهر الماضي، أن وكالة الأمن القومي الأميركية ونظيرتها البريطانية تقومان ببحث منظّم عن النشاط المتطرف في العالم الافتراضي وهو ما يعرف في ألعاب الفيديو بـ «Warcraft and Second Life».
وفي الوقت الذي تشير فيه الوثيقة إلى استخدام «هوليوود» لتقنيات تساهم في ابتكار أو تعزيز اداء ممثليها، تحذّر مسؤولي الاستخبارات من ان «الشخصيات الافتراضية ستمشي وتتكلم كما ستكون متطابقة مع الشخصيات التي تمثّلها»، في المستقبل.
ولفتت الصحيفة إلى أن تنظيم «القاعدة» وفروعه عادت لتتصدر المشهد، في الأشهر الأخيرة، من سوريا إلى نيجيريا عبر العراق، واليمن، والصومال.
على صعيد متصل، أعلنت لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأميركي، الأربعاء الماضي، أنها ستجري تحقيقات في «الطفرة الجديدة» للتنظيم الإرهابي و«الادعاء الخاطئ» بزواله. وقد اتهم رئيس اللجنة الجمهوري مايكل ماكول إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بـ «تخليد» التنظيم وفكره.
تغطي الوثيقة مجالاً واسعاً من التهديدات الأمنية «الافتراضية» والتحديات التي يتوقع أن تواجهها الولايات المتحدة، مشيرةً إلى أن «العوالم الافتراضية هي وسيلة فعّالة للتأثير في السلوك»، ومرجّحةً أن «يقوم الخصوم باستخدام هذه العوالم الافتراضية للانخراط في مجال الدعاية، والتنسيق، والتدريب وجمع المعلومات».
تقترح الوثيقة حالة افتراضية أخرى، يستخدم خلالها «المتطرفون اليمينيون» أو «المتعاطفون مع الجهاديين» نظارات «آي غلاسز» (نظارات الكترونية من ابتكار آبل) لاختراع عالم حقيقي كما تحلو لهم رؤيته: بوجود «شخصية افتراضية لأسامة بن لادن في العالم الحقيقي على غرار تمثال أبراهام لينكولن».
في جزء آخر من الوثيقة، إشارة إلى سهولة التوصل إلى المعلومات بحيث يصبح من الممكن التخطيط لهجمات إرهابية في العالم الافتراضي، لافتةً الانتباه إلى أن مكان انعقاد المؤتمر الأمني لمكتب الاستخبارات الأميركية في فندق «دولشي هايز» - الحصري جداً في كاليفورنيا - يمكن أن يُعاد تشكيله افتراضياً للتخطيط والقيام بعمليات إرهابية في العالم الواقعي.
الرعب الأميركي ظهر جليّاً في الاستراتيجية الأميركية، التي أقرّها البنتاغون خلال العام 2012، والتي اعتبرت أنه إلى جانب كل من الصين وإيران، فإن أكبر أعداء أميركا سيكونون «القراصنة الذين سيعملون على شنّ الحرب الإلكترونية، فالقوات المسلحة الحديثة لا يمكنها إجراء عمليات فعّالة من دون معلومات موثوقة وشبكات الاتصالات وضمان الوصول إلى الفضاء الإلكتروني». وإذ أكد البنتاغون أن الهجمات الالكترونية بمثابة أعمال حرب، وبالتالي يمكن الردّ عليها عسكرياً، حذّر المنسّق السابق لشؤون الإرهاب في البيت الأبيض ريتشارد كلارك، عقب الإعلان عن الاستراتيجية، من سيناريو هجوم إلكتروني على أميركا يستطيع أن يدمّرها في 15 دقيقة.
«لم نعد، اليوم، تلك القوة التي كانت تحرك الأرض والسماء»، يقول الشاعر البريطاني ألفرد تينيسون، في وقت بات يقتل المئات بـ «كبسة زر».

كارمن جوخدار

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...