الموسيقا الشبابية السورية: هل ينصفها لقب البديلة؟

02-06-2010

الموسيقا الشبابية السورية: هل ينصفها لقب البديلة؟

مع بداية الثمانينيات من القرن المنصرم ظهرت في الغرب موجة موسيقية جديدة أطلق عليها اسم Alternative music اشتهرت في التسعينيات.

وينتمي إليها العديد من الأنماط الموسيقية المستقلة كالبانك والغرانج، كان يتوقع منها أن تحل محل بعض الأنواع الموسيقية لكنها لم تفعل بل كانت عنواناً لمرحلة موسيقية جديدة، وفي أواسط التسعينيات ظهرت حاجة الشباب في الوطن العربي إلى التعبير عن همومهم وأحلامهم وصراعاتهم اليومية حيث شهدت سورية حركة موسيقية ناشطة اعتبرها البعض توازي الموجة الغربية الجديدة أفضت إلى ظهور فرق شبابية في مقدمها كلنا سوا، إطار شمع، جين، لينا شاماميان، فتت لعبت، أنس أند فريندز، ماظوط، حرارة عالية، مرمر، طويس، حوار، وغيرها واكب هذه الحركة ظهور فرق في بلاد عربية أخرى كالأردن ومصر ولبنان والمغرب.. امتازت تلك الفرق بطرحها للكلمات بلهجات عامية تبتعد عن نار الغيرة وتأجج الحب وتتناول مواضيع جادة تخص هموم الشباب اليومية، وتعبر عن الحب بطريقة واقعية بعيدة عن استجرار المشاعر وسذاجة الأحاسيس، وتحترم إنسانية المتلقي ومستواه العقلي والفكري. ‏

موسيقا مجهولة الهوية 
 تختلف الأنماط الموسيقية لتلك الفرق وتتفاوت مستوياتها لكنها تجتمع تحت اسم واحد هو (الموسيقا البديلة) ولا يوجد معايير واضحة تضبط هذا النوع لأنه يستخدم جميع الأنواع الموسيقية على اختلافها: جاز، روك، بوب، ميتال، راب، شرقي وكلاسيك، وفي الكثير من الأحيان يجري الدمج بين الأساليب في الأغنية الواحدة، كما أنه يستخدم كل الآلات الموسيقية الشرقية والغربية، وكلما زاد الخلط بين الآلات واللغات والأساليب اقتربت الموسيقا نحو وصف (البديلة) شريطة أن تتراوح أعمار العازفين بين 20 و40 كحد أقصى ليندرجوا في جدول الشريحة العمرية الشابة، والابتعاد المقصود عن الابتذال وتجنب الاعتماد على إثارة الغرائز في نجاح أو فشل تلك الفرق. ‏

وتتمثل سلبيات اختفاء المعايير في مسارعة بعض أشباه الموسيقيين إلى الانضمام إلى هذه الحركة ليجد له مكاناً دون استئذان، معتبراً أن تقديمه لأغانٍ مؤلفه في الحمام باللهجة العامية إلى مصاف الخبرات الموسيقية الأكاديمية التي يطرحها الشباب في الفرق المذكورة. ‏

فرقة جين تضيف ‏ إلى مكتبة الشباب العربي ‏

يقول معن رجب (مؤلف موسيقي وعازف غيتار- فرقة جين): لا أعتقد بأن هناك فصلاً بين الموسيقا القديمة والموسيقا الحديثة، وإطلاق صفة الموسيقا البديلة على موسيقا الشباب خاطئ لأن موسيقا الشباب كالموسيقا التي يقدمها فريق جين لا تحل محل الأنواع الموسيقية المتنوعة لكنها تعتبر خياراً جديداً يضاف إلى مكتبة الشباب العربي الموسيقية. ‏

الموسيقا البديلة عولمة إيجابية ‏

يقول أسامة حلال (ممثل ومخرج مسرحي): الموسيقا التي يقدمها الشباب حالياً هي نتاج للتراث العربي والموسيقا الشرقية التي تأثرت وأثرت بالموسيقا الغربية وبمعنى آخر فهذه الموسيقا هي مظهر من مظاهر العولمة الإيجابية، أما مصطلح الموسيقا البديلة فهو مجحف بحق الموسيقيين الشباب الذين يقدمون أغاني متميزة تحاكي العصر وهموم الشباب وتبتعد عن كلمات الحب المطروقة لتختار مواضيع حياتية لم يجرؤ الفنانون قبلاً على طرحها، فإن كانت الأغاني التي يقدمها البعض كهيفاء وهبي وتامر حسني وغيرهم الكثيرين تعتبر موسيقا أساسية فأنا أقف إلى جانب الفرق التي تقدم موسيقا بديلة راقية. ‏

فرقة إطار شمع ترفض ‏ أن تكون بديلة لأحد ‏

ابراهيم سليماني (مؤلف موسيقي وعازف غيتار- فرقة إطار شمع): الفن يجب أن يكون حراً من القيود فكل فنان له حرية التعبير عن فنه وله الحق بأن يكون له جمهور مع اختلاف الأهداف سواء كانت تجارية أم انسانية أم وطنية، ولا تحل تجربة محل أخرى، أما تعبير الموسيقا البديلة فهو مرفوض بالنسبة لتوجه فريق إطار شمع ولا يعبر عن طموحاتنا الموسيقية، فهذه الصفة لا تحترم المتلقي الذي يجب أن تكون له الحرية في سماع ما يرغب من الأنماط الموسيقية، ولا تحترم الموسيقي الذي يعمل جاهداً ليقدم تجربته الخاصة التي تعبر عنه بشكل أساسي. ‏

مهرجان شباب سورية ‏

ميشيل أسمر (صاحب فكرة ومدير مسرح المهرجان): كانت للسيد رشاد كامل تجربة ناجحة لم تكن لها سابقة عام 2007 في جمع عدد من الفرق الشبابية السورية ضمن مهرجان شباب سورية وقد قاموا بجولة موسيقية في المدن: ‏

دمشق- حلب- طرطوس- اللاذقية على أمل تكرار هذه التجربة في المستقبل القريب وقد ساعدت والأستاذ رامي عمران في التنظيم مع مدير المهرجان الأستاذ رشاد، وحقق المهرجان الأهداف المرجّوة منه من حيث إيصال موسيقا هذه الفرق إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور، حيث كانت نسبة الحضور كبيرة في المدن الأربع، كما نقلت الحفلات على القناة الفضائية السورية فتح المهرجان الطريق أمام الشباب الموسيقيين لتكوين فرق جديدة على أمل المشاركة في المهرجان في المرات القادمة أما عن مشاركتي في العزف والتأليف مع صديقي المغني أنس أبو قوس فقد أتيحت لي فرصة عرض رؤيتي الموسيقية والتعرف على الموسيقيين المشاركين والجمهور الرائع. ‏

معادلة من الدرجة المستحيلة ‏

من الملاحظ بأنه حتى الآن لم تفلح الفرق الشبابية في الانضمام إلى حمى الفيديو كليب عدا بعض التجارب المستثناة، علماً بأنه الوسيلة الأهم التي تحقق الانتشار، والأسباب مادية غالباً، فحتى الآن يشعر المنتجون بأنهم يراهنون على تجارب ما زالت في مقتبل العمر، ولم تستحوذ على قاعدة جماهيرية كبيرة بعد ويفضلون الإنتاج لفنان معروف ويبدو أننا نؤثر ثقافة الفنان الواحد على ثقافة الفرق الموسيقية عديدة الأفراد، وهذا ما يتضح في مشروع لينا شاماميان الذي بالإضافة إلى مقومات النجاح التي رافقته سمي باسم لينا علماً بأن كل أعضاء الفريق من الموسيقيين الموهوبين وكان التركيز عليها ما شجع المنتجين نوعاً ما وستظل هذه التجارب تحارب للوصول إلى السطح ببطء وستفشل إن لم تجد الدعم المادي الكافي للانطلاق وسيدور الجميع في حلقة مفرغة، فالمنتج ينتظر تحقيق الفرق لشعبية واسعة والفرق تنتظر التمويل لتحقيق الانتشار. ‏

الفيديو كليب العربي أحجيات عديدة لصورة واحدة ‏

عمار العاني: مخرج كانت له تجارب متميزة ومقلة في إخراج الفيديو كليب لفرقة كلنا سوا أجمل ما في الفيديو كليب أنه لا يخضع إلى قواعد صارمة وفيه حرية فنية بصرية كبيرة ولكن للأسف موسيقا البوب العربي أوجدت نمطاً محدداً من الكليبات يعتمد على جمال المطربة ودلعها وعلى طرق تصوير معينة ومساحات لونية متشابهة، وبالتالي فقد الفيديو كليب حريته وتميزه، حتى أننا لا نجد فرقاً إذا قمنا بتبديل عنصر من هذه العناصر ونقلناه إلى كليب آخر، وبالتالي فقد حرم المتلقي من خلال هذه الكليشيهات من فرصة التعرف على الأنماط الفنية والبصرية المتنوعة وعلى اعتبار أن التجربة الموسيقية البديلة قد احتاجت إلى زمن طويل لتكسر الطوق وترى النور فبشكل طبيعي سيتأثر الفيديو كليب ويتحرر من القيود ولكنه بحاجة إلى زمن ليس باليسير. ‏

موسيقا ليس لها بديل ‏

وصف البديلة عمل مفعولاً عكسياً حيث اعتبر بأن موجة البوب العربي الهابطة هي الأساسية، أما التجارب المحترمة فهي البديلة علماً بأن هذه التجارب لا يمكن إدراجها تحت اسم واحد أو حصرها في مجموعة واحدة فلكل منها سلبياته وإيجابياته، وستنتحل بعض الفرق الفاشلة نجاح بعض الفرق الأخرى وستظلم بعضها بسبب تجارب قائمة على التقليد لا تصل إلى مستوى الجودة الذي حققته الفرق الناجحة. ‏

وإذا كان لكل عصر موسيقا تعتبر بديلة عما سبقها، فما الذي سيأتي كبديل عن الموسيقا البديلة؟ ‏

راما قنواتي

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...