شبكة المعلومات الإلكترونية تحدث تغييراً واسعاً في السياسة الأميركية

03-04-2006

شبكة المعلومات الإلكترونية تحدث تغييراً واسعاً في السياسة الأميركية

مع اقتراب العد التنازلي لانتخابات الكونغرس الاميركي خلال السنة الحالية والانتخابات الرئاسية عام 2008 يتسارع تحول القضايا السياسية الأميركية بواسطة الانترنت، مما يحفز على اعادة كتابة القواعد الخاصة بالاعلان وجمع التبرعات وتعبئة المؤيدين بل ونشر المعلومات السلبية.
ويزيد الديمقراطيون والجمهوريون، على نحو كبير، استخدامهم للبريد الإلكتروني ومواقع الانترنت وبلاغات المرشحين والأحزاب وتوجيه الرسائل النصية لجمع التبرعات وتنظيم مساعي زيادة التصويت وتجميع الناس في الاجتماعات الجماهيرية الحاشدة. وقالوا انه يبدو ان الانترنت أكثر فاعلية بكثير واقل كلفة من الوسائل التقليدية للنشاط السياسي، خصوصا وسائل التوجه الى البيوت أو استخدام الهواتف.

ويقول محللون ان حملة الاعلانات التلفزيونية، التي يتقلص نفوذها في الوقت الحالي مع انتشار محطات الكيبل، تواجه تحديات جديدة حيث الحملات تجرب التكنولوجيا التي توفر امكانات توجيه الرسائل المباشرة الى جمهور أكثر تحديدا، وعبر وسائل غير تقليدية.

وتشتمل تلك الوسائل على البث الاذاعي عبر الانترنت الذي يقدم رسالة يومية قابلة للتحميل من مرشح وفيديوهات مهاجمة تحمل فيروسات مخصصة لاثارة توزيع من مستخدم الى آخر عبر سلسلة من الرسائل الإلكترونية من دون أن تقترن مع أي مرشح أو اية حملة. وتدرس الحملات حاليا الشبكات الاجتماعية الشعبية على الانترنت مثل فريندستر وفيسبوك، كسبل للوصول الى جماعات من المؤيدين المحتملين من ذوي الآراء السياسية او المصالح الثقافية المماثلة. وقال مارك ماكينون، المستشار الاعلامي للرئيس بوش ان الاعلان التلفزيوني، الذي ما يزال حاسما بالنسبة الى الحملات، كان قد اصبح أقل تأثيرا الى درجة ملحوظة في اقناع الناخبين بالمقارنة مع ما كان عليه الحال قبل عامين.

وما يواجهه المرشحون والأحزاب في الوقت الحالي هو، بطرق كثيرة، مماثل الى ما حدث في قطاعات أخرى من البلاد، بما في ذلك صناعة الموسيقى، والصحف وعمليات البيع بالتجزئة، وهي تحاول ان تتكيف وتستفيد من الانترنت حيث تأثيره ينتشر عبر المجتمع الأميركي. والى حد كبير فانهم يستجيبون لاصحاب المواقع الشخصية على الانترنت ممن اظهروا قدرة منتدياتهم على كبح جماح الطاقة في طرفي الانقسام الآيديولوجي.

ومن المؤكد ان الانترنت كان عاملا مهماً في عام 2004، خصوصا مع النجاح المبكر في عمليات جمع التبرعات والتنظيم الذي قام به هوارد دين، المنافس الديمقراطي على الرئاسة. ولكن مسؤولين في كلا الحزبين يقولون ان المدى الذي اعترف به الطرفان واعتمدا فيه على الانترنت قد زاد بمعدل متصاعد خلال العامين الأخيرين.

فنسبة الأميركيين الذين يستخدمون الانترنت لمتابعة أخبار الانتخابات قفز من 13 في المائة في عام 2002 الى 29 في المائة في عام 200، وفقا لدراسة اجراها مركز أبحاث بيو بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وكشفت هذه الدراسة التي نشرت الشهر الحالي ان 50 مليون أميركي يتجهون الى الانترنت للاطلاع على الأخبار يوميا، وهو ما يرتفع من 27 مليونا في مارس 2002، مما يعكس حقيقة ان الانترنت متيسر الان لدى 70 في المائة من الأميركيين.

وقال مساعدون ان هذا يعني اعادة التفكير بكل افتراض حول ادارة حملة معينة: كيفية الوصول الى أقسام مختلفة من الناخبين، وكيفية اجتذاب الناخبين الى عمليات الاقتراع، كيفية جمع الأموال، وأفضل وسيلة للصلات بين المرشح والجمهور. وفي عام 2004 قضى جون ادواردز، السناتور الديمقراطي السابق من نورث كارولينا والمرشح لمنصب نائب الرئيس من حزبه، الكثير من وقته متحدثا الى الناخبين في قاعات بنيوهامبشاير وأيوا. أما في الوقت الحالي فانه يقضي ساعات كل يوم من أجل الاجابة عبر الفيديو على اسئلة عبر الانترنت، وكل هذا يجري على موقعه الشخصي على الانترنت.

وقال كين ميلمان، الرئيس القومي للجمهوريين، ان «تأثير الانترنت على السياسة سيكون تحويليا كما كان حال التلفزيون في السابق. فاذا أردت ايصال رسالتك الى الآخرين فان طريقة الدفع من اجل اعداد اعلان تلفزيوني ليست كفوءة. أنت بحاجة الى ايصال رسالتك عبر الانترنت والبريد الإلكتروني والدردشة عبر الراديو».

وقال مايكل كورنفيلد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن الذي يدرس العلاقة بين السياسة والانترنت، ان الحملات متأخرة، في الواقع، في مجيئها الى اللعبة. وقال ان «السياسيين يواجهون وقتا عصيبا في تكييف أنفسهم لوسط حيث لا يتمكنون من السيطرة على الرسالة. ان السياسة تتخلف ولكنها لن تكون محصنة تجاه الثورة الرقمية».

وبدأ مارك وارنر، الحاكم السابق لولاية فرجينيا، الاستعداد لحملة الانتخابات الرئاسية لعام 2008 عبر تكليف الخبير في المواقع الشخصية، جيروم ارمسترونغ، مما يشكل اضافة قيمة للموجة الأولى المألوفة من تكليف مستشارين في المجال السياسي وجمع التبرعات في اطار الحملات الرئاسية.

ووارنر هو الآن واحد مما لا يقل عن ثلاثة من المرشحين المحتملين للرئاسة، أما الآخران فهما المرشحان لمنصب الرئيس ونائب الرئيس في انتخابات 2004 جون كيري وادواردز، ممن يوجهون عبر البريد ما يقول عنه المساعدون انها كتاباتهم على المواقع الشخصية للحملة أو على المواقع العامة مثل ديلي كوس، الذي يعتبر أكبر موقع في البلاد. وقال المحللون إن الانترنت أداة قوية لجذب الناخبين الشباب الذين هم موضع اهتمام كلا الحزبين. ففي حملة عام 2004 الانتخابية كان 80 في المائة من الأفراد الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و34 والذين تبرعوا لحملة كيري قاموا بذلك من خلال الانترنت حسبما قالت كارول دار مديرة «معهد السياسة والديمقراطية والانترنت» في جامعة جورج واشنطن.

وليس مصادفة أن يصبح الانترنت جزءا من السياسة الأميركية حيث يستخدم لوظائف أقل بروزا في الحملات الانتخابية.

وكلا الحزبين كونا مواقع ويب للتقليل من شأن الخصوم. ففي ولاية تنيسي سلط الجمهوريون الضوء على ما يعتبرونه البذخ في إنفاق «النائب هارولد فورد» ضمن موقع www.fancyford.com وذلك الموقع كسب زيارة 100 ألف شخص له خلال أول أسبوع من ظهوره كما رافقته تغطيات مكثفة في الصحافة السائدة. وخلال نهاية عطلة هذا الأسبوع شن الجمهوريون هجوما جديدا عبر موقع جديد على السناتور روبرت منديز من ولاية نيوجيرسي وركزوا عبره على الاتهامات ذات الطابع الأخلاقي ضده.

بالمقابل قام الديمقراطيون بتكوين مواقع ويب مخادعة حيث راحوا ينشرون معلومات مؤذية حول الجمهوريين. وهم يقولون إن وسائل كهذه أكثر فعالية من الأسلوب السائد المتمثل بنشرها عبر الصحف السائدة.

وقال مسؤول حزبي رفيع طلب عدم الكشف عن هويته إن حزبه بنى مواقع تهدف لنشر وثيقة كتبها السناتور الجمهوري ميل مارتنيز من فلوريدا يناقش فيها الفوائد السياسية لقضية تيري شيافو. كذلك تم نشر صورة لسيارة السناتور ريك سانتورام واقفة في موقع مخصص لتوقيف سيارات المعاقين.

من جانب آخر ظهر كتّاب المدونات وكأنهم شرطة تراقب عدم الولاء بين الديمقراطيين مثلما جرى لستيف المندروف المستشار الديمقراطي الذي علم بعد أن أخبر صحيفة «واشنطن بوست» أن كتّاب المدونات والمتبرعين عبر الانترنت «لا يمثلون الأكثرية التي نحتاجها للفوز بالانتخابات».

وقال كاتب مدونة يومية اسمها «كوس» إن «ذلك غير صحيح ما يقوله ستيف المندروف. فأي غبي يعطي تصريحا كهذا يستحق أن تقطع عنه مصادر التمويل». لكن المندروف من جانبه قال «منذ أن تعرضت للهجوم بدأت أقرأ المدونات أكثر من السابق وأنا أجدها مفيدة جدا». وأصبح واحد من أكبر التحديات للحملات الانتخابية لا يتحدد بالتكيف مع التحديات التي برزت للسطح خلال العامين الأخيرين بل توقع التحولات التكنولوجية التي قد تتوفر خلال الحملة الانتخابية الرئاسية المقبلة. ومن بينها قدرة الحملة على استخدام إعلانات الفيديو التي تبعث إلى الهواتف المحمولة.

وقال ماركوس موليتساس المؤسس لمدونة «ديلي كوس» إن «كل هؤلاء المستشارين يحاولون فهم ما تعنيه المدونات وأنا أظن أنه قبل انتهاء عام 2008 ستتشكل فكرة أفضل عنها. فقبل انتهاء عام 2008 ستكون المدونات ذات طابع مؤسساتي ولن تكون شيئا مضحكا». ودلل كتّاب المدونات أنهم مع كل الفوائد التي يمكنهم جلبها للحزبين فإن لهم تأثيرا سياسيا معقدا على الديمقراطيين. فهم دفعوا الحزب إلى اليسار وبشكل مستمر خصوصا في قضايا تخص الحرب وكانوا منتقدين بشكل علني لمعتدلين ديمقراطيين مثل السناتور جوزيف ليبرمان.

لكن الديمقراطيين ما زالوا متحمسين تجاه القدرات الكامنة التي تحملها التكنولوجيا لإعادة الحزب إلى ما كان عليه من نفوذ، حيث ظل الكثير من الزعماء الديمقراطيين يحاججون بأن الانترنت اليوم بالنسبة للديمقراطيين يشبه الدردشة عبر الراديو بالنسبة للجمهوريين قبل عشرة أعوام. وقال سايمون روزنبرغ رئيس الشبكة الديمقراطية الجديدة «هذا الإعلام الجديد أصبح أكثر أهمية بالنسبة لنا لأن المحافظين ظلوا مهيمنين على الإعلام التقليدي. الانترنت أصبح بالنسبة لنا أساسيا».

 

 

المصدر : الشرق الأوسط

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...