سوريا تستعيد المبادرتين السياسية والدبلوماسية بعد سيطرتها الميدانية على حمص

07-03-2012

سوريا تستعيد المبادرتين السياسية والدبلوماسية بعد سيطرتها الميدانية على حمص

"على الجميع أن ينتظر تحولات أساسية وجذرية في مسار الأزمة السورية بعد أن وصلت إلى ذروتها من دون تحقيق أية نتيجة سوى دخول الغرب برمته قي حرب باردة مع روسيا والصين وايران. فمرحلة الذروة بدأت بالانسحار تدريجيا وهي تأخذ عكس المنحى الذي اتخذته منذ سنة، أي أنها تتدرج نزولا منذ أن قال الرئيس السوري بشار الاسد كلمته في الميدان واستعاد زمام المبادرة العسكرية مسجلا الكثير من النقاط الرابحة على خصومه مجتمعين".
هذا الكلام لدبلوماسي أوروبي مقيم في بيروت على تواصل يومي مع نظرائه في دمشق، ومتابع لتفاصيل أزمتها وحيثياتها، وهو يشبّه المرحلة التي يمر بها النظام السوري إلى حد بعيد بتلك التي عاشها في ربيع العام 2005 مع زيادة وحيدة وهي الضغوط العسكرية في الشارع السوري، حيث عانى حينها من عزلة دبلوماسية وسياسية تحاكي تلك التي يمر بها راهنا طيلة سنتين متواصلتين انتهت إلى دخول الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك على الخط مخففا من وطأة الحصار السياسي والدبلوماسي وحتى الاقتصادي، ما أدى آنذاك إلى انفراج تدريجي انتهى إلى عودة سوريا للعب دورها في المنطقة، وتاليا تحولها إلى رقم اقليمي صعب، وكل ذلك بسحر ساحر وقدرة قادر.
ويرى الدبلوماسي المذكور أنّ المشهد عينه يتكرر في هذه المرحلة مع اختلاف بسيط وهو حلول روسيا محل فرنسا في إدارة الازمة السورية والعمل على فك تشابكاتها السياسية تمهيدا لاعادة مروحة الاتصالات الدبلوماسية الهادئة إلى حجم معقول من شانه أن يقلب المشهد الدمشقي رأسا على عقب. وما زيارة موفد الأمم المتحدة كوفي انان المحددة نهاية الاسبوع الجاري إلى سوريا سوى بداية الغيث الدبلوماسي، باعتبار أن الزيارة المذكورة تشكل بحد ذاتها اعترافا امميا باستمرار شرعية الرئيس الاسد بالرغم من كل المواقف النارية التي لم تتخط السقف الاعلامي والكلامي، واقرارا بعدم القدرة على اسقاطه بالقوة. وهذا ما يجيب على الاسئلة المطروحة حول تأكيدات واشنطن بعدم صوابية العمل العسكري ضد سوريا من جهة، وتدرج الموقف الفرنسي نزولا عشية الانتخابات الرئاسية التي لا تشير استطلاعات الرأي إلى حظوظ كبيرة فيها للرئيس نيكولا ساركوزي من جهة ثانية، مرورا بالتراجع في الموقف التركي الذي بات مكتفيا بدعم مواقف الدول العربية والخليجية سياسيا دون الاصرار على ممرات انسانية يرفضها الاسد لعلمه الاكيد بانها ستتحول إلى معابر للتهريب.
ويكشف الدبلوماسي عن بعض الجوانب التي أدّت إلى استعادة نظام الاسد زمام المبادرتين العسكرية والسياسية وربما الدبلوماسية ايضا، فيؤكد أنّ الجيش السوري اعتقل اكثر من مئة وعشرين مقاتلا يحملون  جنسيات عربية مختلفة، وحوالي ثلاثين من التابعية الاوروبية، فضلا عن عدد من الاتراك. كما يلمح إلى أنّ من بين المعتقلين الاوروبيين عدد من المظليين الفرنسيين، وهم من استخدموا صواريخ ميلان باريس ضد دبابات الجيش السوري الروسية الصنع، وذلك بمثابة تجربة ميدانية لهذه الصواريخ. كما ساعدوا في ادارة المعارك الميدانية من خلال تدريب عناصر الجيش السوري الحر على تكتيكات حرب الشوارع والمدن، كما تقنية حفر الانفاق واستخدامها للانتقال الامن ولدعم خلفية المقاتلين، وهذا ما مكن الرئيس الاسد وخارجيته من الشروع بمفاوضات تقودها أجهزة الاستخبارات الخارجية في كلا البلدين اي فرنسا وسوريا. وبالتالي فان هذه الحقيقة الثابتة لدى اكثر من دولة اوروبية اعطت الكثير من الاوراق الرابحة للرئيس فلاديمير بوتين في حربه الباردة التي يخوضها علنا وجهارا.
ولا يكتفي الدبلوماسي بهذا القدر من المعلومات، فيعرب عن اعتقاده الاكيد والراسخ بان الربيع العربي لن يقف عند حدود سوريا، بل سيتجاوزها مرورا إلى الاردن ودول الخليج العربي، متوقعا ان تشتعل النيران في تلك الدول تدريجا مع اخمادها في سوريا وهذا ما لا يبدو بعيدا، بل يقاس بالاشهر. 

أنطوان الحايك

المصدر:النشرة الإلكترونية اللبنانية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...