السفن الإيرانية في البحر المتوسط رسائل تحدٍ لمن يعنيهم الأمر

21-02-2012

السفن الإيرانية في البحر المتوسط رسائل تحدٍ لمن يعنيهم الأمر

خلال عطلة نهاية الأسبوع المنصرم، أعلنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن عبور سفن حربية تابعة لها قناة السويس باتجاه ميناء طرطوس السوري، بالتزامن مع عودة الأسطول الروسي الذي كان راسياً في الميناء السوري الى بلاده.

هذه الخطوة الإيرانية ليست الأولى من نوعها، ولكنها ذات معانٍ عديدة في ظل الظروف الدقيقة التي تمر فيها المنطقة والعالم، فما هي دلالات هذه الخطوة، والى من تريد الجمهورية الإسلامية الإيرانية توجيه رسائلها العسكرية؟

غداة سقوط الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، أرسلت البحرية الإيرانية، لأول مرة منذ إنتصار الثورة الإسلامية في إيران، سفناً حربية الى البحر المتوسط، وبالرغم من ذلك فإن إرسال السفينتين الحربيتين نهاية الأسبوع المنصرم يحمل دلالات أكثر أهمية، نظراً لأن المنطقة تشهد تغيرات جيوبولتيكية وجواستراتجية مهمة.
ويشير الكاتب والمحلل السياسي الإيراني محمد صادق الحسيني إلى أن "هذا الحدث يأتي بعد مشاورات ايرانية سورية مكثفة على اكثر من صعيد قررت على اثرها طهران ان ترمي بكل ثقلها الى جانب سوريا، وبالتنسيق مع قوى دولية في طليعتها روسيا لمنع لي ذراع نظام الرئيس السوري بشار الأسد تحت كل الظروف والاعلان الواضح والشفاف عن مساندته ودعمه في إنجاح برنامجه الاصلاحي"، ويلفت الحسيني الى أن "إيران أرادت أن تقول للعالم المحتشد ضد سوريا أنها تريد حماية بوابة الشرق، لأن سقوط سوريا يعني دخول كل المنطقة في دوامة حروب دموية".
ويعتبر الحسيني  أن "الهجوم على سوريا اليوم ليس بالامر البسيط بل هو هجوم على الأمن القومي الإيراني"، ويؤكد أن "إسقاط النظام السوري ممنوع ولم يعد ما يحصل شأناً سورياً فقط، بل بات مشروعاً هدفه إسقاط كل محور المقاومة والممانعة".
ومن جانبه، يرى مدير عام الاستشارية للدراسات الاستراتيجية والباحث بالشؤون الاستراتيجية الدكتور عماد رزق أن "زيارة السفينتين الإيرانيتين الى ميناء طرطوس تأكيد على دعم إيران للنظام السوري من جهة، وفي الوقت نفسه تأكيد على أن محور الممانعة والمقاومة أوسع ومتماسك ومتضامن مع بعضه البعض"، ويشير في حديث لـ"النشرة" الى أن "هذه الزيارة تؤشر إلى أن المشهد العسكري لا يمكن إبعاده عن الحرب الإعلامية والنفسية القائمة".

منذ اللحظة الأولى لعبور السفينتين الإيرانيتين لقناة السويس باتجاه ميناء طرطوس السوري، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أنها تتابع عن كثب تحركاتهما، وفي هذا الإطار يؤكد الحسيني أن إسرائيل ليست بعيدة عن الرسائل التي أرادت إيران توجيهها عبر إرسال السفينتين، في ظل التهديدات الإسرائيلية المستمرة بالهجوم على المفاعلات النووية الإيرانية، ويشير إلى نظرية "ربط النزاعات" في العلاقات الدولية ليؤكد على ذلك، ويلفت إلى أن إيران تعتقد بهذا المبدأ، ويوضح أن هذه النظرية تعني أنه في حال تعرض حلف شمال الأطلسي لهزيمة ما في أي مكان يحق له الرد على ذلك في أي مكان آخر من العالم، لكنه يرى أن "الصراع على سوريا هو الوجه الغالب أكثر مما هو صراع على البحر المتوسط"، ويعتبر أن "الظهور الإيراني للمرة الثانية في المتوسط بدأ يقلق الولايات المتحدة الاميركية وإسرائيل بشكل كبير".
ومن جهته، يؤكد الدكتور عماد رزق أن هناك رسائل من وراء ذلك الى إسرائيل، ويلفت الى أن تواجد السفينتين لا يشكل تهديداً كبيراً في منطقة البحر الأبيض المتوسط من الناحية العسكرية، في ظل التواجد الكثيف للأساطيل الأميركية والغربية، لكنه يعتبر أن لهذا الأمر دلالات كبيرة.
ويرى رزق أن "ما يدور اليوم هو صراع على المياه الدافئة بين إسرائيل التي تسيطر على الجانب الشرقي من البحر المتوسط، وبين التمدد الإيراني الذي يعطي إشارات الى أنه أصبح في المعادلة، والى أن منطقة البحر المتوسط أصبحت من ضمن العمق القومي الإيراني"، ويشير الى أن "المرحلة الحالية يمكن إعتبارها مرحلة توزيع أدوار في المنطقة بعد الإنسحاب الأميركي من العراق الذي ترك خلفه فراغاً كبيراً".

في ظل هذا الواقع المجهول المصير، يبقى السؤال إن كان هذا التصعيد وعرض "العضلات" سيقود الى تسوية ما، تكون المنطقة العربية مسرحها، أم أن الحرب الإقليمية الشاملة تقرع "طبولها" في هذه الأيام، وفي كلا الحالتين يبقى السؤال، الذي من المؤكد أنه لن يلقى أي جواب، هو عن الدور العربي المؤثر في هذه المرحلة.

ماهر الخطيب

المصدر:النشرة الإلكترونية اللبنانية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...