الخطوط الجوية السورية تحلّق بما نجا منها من العقوبات والحرب

22-07-2016

الخطوط الجوية السورية تحلّق بما نجا منها من العقوبات والحرب

لم تترك العقوبات الغربية على سوريا قطاعاً اقتصادياً إلا وأصابته بشكل أو بآخر، غير أن الطيران المدني كانت له حصة مختلفة منذ ما قبل الحرب السورية ليصمد الناقل الجوي الوطني ولو بطائرة وحيدة.
في صالة الانتظار في مطار دبي الدولي، تشير الشاشة إلى تأخير في موعد إقلاع رحلة شركة الطيران السورية من المدينة الإماراتية إلى دمشق. لا يروق الأمر كثيراً لـ «محمود»، فالطبيب الثلاثيني بات عليه البقاء في المطار لأكثر من ثلاث ساعات، لكنها تبدو مدة معقولة بالنسبة الى زميلته «نور» في الكويت، حيث تعطلت الطائرة الوحيدة التي ما زالت بالخدمة لتنتظر مدة أطول فلا طائرة أخرى يمكن أن تقلها وباقي الركاب.
ولكن مع كل هذا، ثمة إقبال ملحوظ على الناقل الجوي الرسمي، يفسر ذلك «رائد» المهندس القادم من دبي فشعار المؤسسة: «السورية تعني الأمان» يعتبر واقعاً بحسب قوله، ويضيف «أسافر كثيرا وأتنقل بين عدة شركات طيران، الخطوط السورية لم تسجل يوماً أي أخطاء أو حوادث كهبوط اضطراري أو سقوط أو تحطم».
ولا يتعلق الأمر فقط بتاريخ الشركة وماضيها التقني الممتاز ولكنه يمتد إلى كادرها الجوي بحسب «وائل»، فالمهندس القادم من الجزائر يشيد بمهارة الطيارين في الإقلاع والهبوط، فيما يشير موظف في مكاتب المؤسسة في دمشق إلى ازدحام شديد للحجوزات رغم الأسعار التي فرضها تذبذب سعر الدولار الاميركي، ولكنها ما زالت أوفر من التوجه لشركات أخرى عبر مطار بيروت بحسب قوله، خاصة مع الطريق الآمن من مطار دمشق الدولي واليه.
للخطوط الجوية حكاية خاصة مع الحرب السورية، فالمؤسسة التي انطلقت منذ الاستقلال سنة 1946 نجحت في بناء أسطول من ثماني عشرة طائرة وفق مصادر متابعة، وهو أسطول يحلق نحو أكثر من خمسين وجهة حول العالم، بعضها شبه يومي وأكثر من رحلة في اليوم الواحد (باريس ـ دبي ـ جدة ـ القاهرة) بالإضافة إلى تخديم المطارات داخل البلاد الدولية منها (حلب ـ اللاذقية) أو المحلية ( القامشلي ـ دير الزور).
وجاء كل هذا رغم إصدار عقوبات أميركية ضمن ما سمي بـ «قانون محاسبة سوريا» في العام 2004 الذي يمنع ضمن أحد بنوده نقل معدات تزيد نسبة الصناعة الأميركية فيها عن عشرة في المئة، وهو ما أدى الى تراجع في عدد الطائرات العاملة ضمن الخطوط السورية تدريجيا، فيما أثمرت زيارة رئيس الحكومة الفرنسي فرانسوا فيون إلى دمشق نهاية العام 2010 شراء طائرتين من نوع «إي تي آر» ذات التصنيع الفرنسي الإيطالي وتتسع كل منهما لـ40 راكباً، حيث انضمت للأسطول الجوي لمدة سنتين قبل أن تخرج من الخدمة سنة 2012 مع الحظر الأوروبي وعدم إمكانية إجراء صيانة أو تبديل بعض القطع.
ومع بدء الأحداث في سوريا وتصاعد العقوبات الغربية والعربية على البلاد، تراجع قطاع الطيران تراجعا ملحوظا، بداية بحجز السلطات السعودية طائرتين من نوع «بوينغ ـ جامبو» بعد اتفاق على إعادة صيانتها في مطار الرياض حيث تقع مصانع «السلام» الشريك الإقليمي لشركة «بوينغ». وفي حزيران العام 2012 أصدر الاتحاد الأوروبي قراراً بإغلاق المجال الجوي أمام الطائرات السورية المدنية، سبقه إلغاء شركات الطيران الأوروبية رحلاتها إلى دمشق. ثم تشددت أكثر في مسألة عقود الصيانة وتأهيل الأسطول الجوي بحيث عرقلت أو جمدت أي اتفاقات لشراء أو إصلاح الطائرات، ما فرض خروج عدد أكبر من الأسطول الجوي من الخدمة وفقاً لمصادر متابعة. ثم عادت وزارة الخزانة الاميركية وأدرجت مؤسسة الطيران السورية على اللائحة السوداء بسبب دعمها للحرس الثوري الإيراني بحسب نص القرار، ولم يعد في المؤسسة سوى طائرة وحيدة.
مع كل هذا، نجحت المؤسسة الرسمية بالاستمرار ولو بالحد الأدنى، فطائرة واحدة فقط كانت كفيلة بالتحليق لحوالي 15 وجهة في الفترة الأخيرة نحو دبي، المنامة، الدوحة، مسقط، الكويت، الجزائر، موسكو، بغداد، النجف وطهران، بمعدل رحلة إلى اثنتين يومياً حسب الزمن والوجهة، فيما ألغت السعودية مؤخراً حركة الخطوط السورية منها واليها. كما انضم عدد من الشركات الخاصة لدعم الطيران المدني بوجهات عربية وداخلية، خاصة القامشلي، بالإضافة إلى تركيا، كما أشار وزير النقل السابق غزوان خير بك إلى إمكانية الاستعانة بالدول الصديقة وفق تصريحات سابقة، بحيث يمكن إصلاح طائرات وصيانتها بالإضافة للعمل على شراء أخرى جديدة.

طارق العبد

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...