أفغناستان: خمس سنوات تحت الاحتلال

07-10-2006

أفغناستان: خمس سنوات تحت الاحتلال

يتزامن حلول الذكرى الخامسة لغزو أفغانستان هذا العام مع تصاعد لافت للمواجهات بين القوات الأفغانية المدعومة من قوات التحالف الدولي ومقاتلي حركة طالبان.
مسرح هذه المواجهات -التي أوقعت خسائر بشرية كبيرة في صفوف الجانبين المتحاربين بزعم كل منهما- لم يقتصر على معقل طالبان في الولايات الجنوبية من أفغانستان، بل امتد من ولاية هيرات في الغرب إلى ولاية خوست في الشرق.
اللافت أن هذه المواجهات اتسع نطاقها لتصل إلى العاصمة كابل التي شهدت سلسلة من التفجيرات الانتحارية النوعية مؤخرا استهدف اثنان منها مدخل الداخلية الأفغانية ومحيط السفارة الأميركية.
هذه التفجيرات التي لم تعرفها أفغانستان قبل عام 2001 وكانت نادرة الحدوث قبل 2005 شهدت ارتفاعا كبيرا هذا العام حيث بلغت نحو سبعين هجوما انتحاريا بعد أن كان عددها لا يتجاوز السبعة في العام الماضي، بحسب إحصائية نشرتها وزارة الداخلية الأفغانية قبل أيام.
مدير الاستخبارات في الوزارة نعمت الله وزيري رأى أن ثقافة التفجيرات الانتحارية مستوردة من الخارج بهدف زعزعة الأمن في البلاد، لكنه أقر بأن بعض التفجيرات نفذها أفغان يتبنون فكر طالبان والقاعدة.
الشارع الأفغاني يراقب تصاعد حدة المواجهات في بلاده بحذر، ولا يخفي البعض من الأفغان خوفهم من المصير المجهول الذي ينتظرهم.
لكن البعض الآخر منهم لا يخفي تأييده لطالبان في قتالها ضد الحكومة والقوات الأجنبية، ويبررون ذلك بالقول إن هذه الحكومة فشلت في الوفاء بوعودها بإعادة الإعمار والنمو الاقتصادي ومحاربة المخدرات والفساد، فضلا عن أنهم يعتبرون القوات الأجنبية في بلادهم قوات احتلال ويجب طردها من البلاد.
النخب السياسية التي استطلعت الجزيرة نت آراءها أيدت كل ما ذكر أعلاه، وأجمعت على أن عوامل داخلية وخارجية تضافرت معا في تزايد قوة طالبان ونفوذها.
فيأس الكثير من الأفغان من وجود أي بارقة أمل لتحسين ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية بسبب تفشي الرشوة والاختلاس والفساد في الأجهزة الحكومية، فضلا عن تبني الحكومة سياسات في مجالات الإعلام والتربية والتعليم بعيدة عن الإسلام، دفعتهم لتأييد طالبان، بحسب وزير الإعلام الأسبق محمد صديق شكري.
ويكشف شكري في مقابلة مع الجزيرة نت أن نفوذ طالبان تزايد حتى في صفوف الشرطة والجيش الأفغاني بسبب تعاطف العديد من أفراد هذين الجهازين مع الحركة.
التدخلات الخارجية -بحسب الوزير السابق- وبالتحديد من باكستان وإيران وروسيا والصين بسبب تضارب مصالح هذه الدول مع المصالح الأميركية، تزيد الأمور تعقيدا في أفغانستان.
ويتفق المحلل السياسي الأفغاني حبيب حكيمي مع هذا الرأي، لكنه يشدد على أن قوة طالبان ليست متأتية من الدعم الخارجي فحسب، بل هي قوة داخلية لأن عناصر هذه الحركة هم من الأفغان ولديهم قواعد شعبية في معاقلهم.
ورأى حكيمي أن بعض القوى السياسية في أفغانستان ومن ورائها الولايات المتحدة أساءت التقدير بعد أن ظنت أن حركة طالبان انتهت بعد إزاحتها عن الحكم عام 2001 وركزت بدلا من ذلك على العناصر الداخلية التي تهدد مصالحها، مشيرا إلى أن طالبان استغلت ذلك وبدأت تأهيل عناصرها خارج أفغانستان وبالتحديد في باكستان وضمت في صفوفها عناصر تنظيم القاعدة الفارين من أفغانستان.
وهكذا وبعد مرور خمسة أعوام على سقوط حكومة طالبان، مازالت هذه الحركة فاعلة وقادرة على قض مضاجع الحكومة الأفغانية والقوات الدولية الداعمة لها، ومازال النهج الديمقراطي الجديد الذي بشرت به الولايات المتحدة يتعثر ويراوح مكانه بعد أن كانت الآمال معقودة عليه لقيادة أفغانستان إلى بر الأمان.

كريم حسين نعمة

المصدر: الجزيرة


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...