200 سجينة مخدرات في سورية

24-04-2012

200 سجينة مخدرات في سورية

ما زالت تحمِّل زينب والدها المسؤولية عما آلت إليه حياتها، فقبل رحيله عن الحياة الدنيا ترك لها إرثا أليماً لا يزال يلاحقها منذ سن السادسة.
 
زينب اليوم أم لثلاثة أولاد، أكبرهم فتاة تجاوزت السادسة عشرة علمتها الحياة أن تخاف عليها كل الخوف.
بطبيعة الحال ثمة دموع وأشجان تتخلل سرد المآسي، وكذلك هي حال زينب  في سجن النساء، عن سبب تعاطيها المخدرات والمتاجرة به.
أعادتنا زينب إلى طفولتها، لتروي قصتها..
ولدت زينب لأسرة تعمل في صناعة المخدرات.. فوالدها الذي شغله جمع الثروة وتكديس المال لا يتعاطى المخدر بل يصنعه، ولذلك فقد جعل من طفلته زينب ابنة السادسة حقلاً لتجاربه في تصنيع السم، سعياً منه للوقوف على مدى جودة كل توليفة جديدة يبتكرها إرضاء لزبائنه.
تقول زينب: داوم أبي على تجريعي المخدر.. والأغرب أن والدتي كانت هي الأخرى راضية عما يفعل زوجها، لدرجة أنها حاولت أن تتعلم صناعة المخدرات.
والدة زينب انتحرت لاحقا حرقا بالنار، لتمضي في مشوار حياتها يتيمة الأم..
وتضيف: بلغت الثالثة عشر وتوفى والدي تاركا إياي مع خمسة إخوة، أربعة منهم يصارعون الإدمان، قبل أن يتوفى أحدهم ويصل الآخر إلى السجن..
تزوجت زينب بعد وفاة أبيها وهي في الثالثة عشرة من عمرها، لكن ذلك لم يثنها على تناول المخدرات، لتلج محطة ابتزاز طويلة من قبل خالها الذي أراد منها أن تعلمه تصنيع المخدرات، وسط تهديدها بإخبار زوجها، ما دفعها إلى العودة مجدداً لتصنيع المخدرات، ومن ثم المتاجرة بها.
وبحسب زينب: تعاملت مع خالي لأربع سنوات، إلا أنه حاول التخلص مني بعدما أتقن الصنعة عبر اقتيادي إلى الجهات المختصة ومعه مادة كبيرة من المواد المخدرة، مدعياً أنه وجدها في بيتي.. متذرعا أنه، وبحكم حرصه على ابنة أخته فقد ناداه الواجب لتسليمها.
حكمت زينب بالسجن لعشر سنوات، قضت خمساً منها، متعهدة -بحسب تعبيرها- أنها لحظة خروجها من السجن ستغادر البلاد مع أولادها الثلاثة وزوجها الذي تفهم بروح المسؤولية موقفها وحياتها المتنقلة من مأساة لأخرى، متعهدة أمام نفسها بإعادة رسم حياتها، مدفوعة بسني السجن والبعد عن أولادها، متسلحة بألم نظرتهم اتجاهها، وخاصة الكبرى منهم.
تحاول زينب اليوم أن تظهر أمام ابنتها بمظهر المظلومة، وأنها كانت ضحية خالها الذي فارق الحياة بسبب الإدمان.. وبرغم يقينها من مسؤوليتها عما آلت إليه أمورها، إلا أنها لا تجد طريقا آخر للاعتذار إلى ابنتها.
حال «نور،ع»، النزيلة الأخرى في سجن النساء بدمشق، ليس بأفضل من زينب، وهي تتلاقى معها في كثير من مفاصلها..
وبحسب نور: والدي طلق أمي، وغادر سورية للكويت وتركني فتاة صغيرة أصارع مصيراً مجهولا.. عشت مع والدتي التي تزوجت من آخر عاملني بسوء أفضى بي إلى انهيار عصبي..
وتابعت: راجعت طبيباً نفسياً نصحني بالحبوب المهدئة، وفي لحظة ما لم تعد تجدي نفعاً، فلجأت إلى تعاطي المخدرات، لعلها تمنحني ملاذاً أمناً من المجهول.
تجاوزت نور اليوم سن العشرين، قضت قسطا لا بأس به في السجن، وهي تنتظر الإفراج عنها قريباً.
سنوات السجن الموحشة لن تثني نور عن تحقيق طموحاتها، فحينما تخرج «لن تتوقف حياتي.. فأنا أحمل إجازة في التجميل وكنت أعمل في إحدى الصالات قبل دخولي، وأرغب في العودة لمهنتي حال خروجي في لبنان».

أرقام خفيفة قياساً بالعالم
مصدر في وزارة الداخلية، قال: إن عدد السجينات المحكومات بتهمة تعاطي المخدرات والمتاجرة بها في سجن النساء بدمشق بلغ 25 سجينة، معتبراً أن هذه الأرقام تعد مقبولة قياساً بالدول العربية.
وأشار المصدر إلى أن عدد السجينات في السجن ومنذ عشر السنوات الأخيرة، لم يتجاوز الـ50.
وقدر المصدر عدد السجينات في سورية بـ200 سجينة ممن تعاطين وتاجرن بالمخدرات، كاشفاً أن هناك محافظات لم تسجل فيها أي حالة خلال العام الماضي ومنها السويداء ومحافظة إدلب والقنيطرة وطرطوس في حين احتلت دمشق وريفها المرتبة الأولى تليها محافظة حلب.

الإعدام للتجارة
واعتبرت أستاذة كلية الحقوق الدكتورة كندة الشماط أن قانون العقوبات لم يميز بين الرجل، والمرأة في العقوبة، مشيرة إلى أن أسباب التعاطي واحدة بين الجنسين.
وقالت الشماط: المرأة في كثير من الأحيان قد تكون ضحية المجتمع، موضحة أنها قد تتاجر بالمخدرات بسبب ضغط أحد أقاربها أو أصدقائها، وهذا ما نسميه بالضحية الآمنة.
وفرقت الشماط بين التعاطي والمتاجرة، معتبرة أن المتاجرة جرم خطير قد يصل إلى الإعدام، في حين يتم توصيف عقوبة التعاطي بالعلاجية أكثر منها عقوبة ردع، مشيرة إلى أن المدمن يوضع في مصح علاجي إلى أن يشفى.
وتابعت الشماط: يتشدد القانون بالعقوبة في حال تكرار التعاطي سواء للرجل أو المرأة.
ودعت الشماط: إلى تطبيق عقوبة الإعدام بحق من يتاجر بمادة المخدرات، باعتبارها أشد من القتل، مشيرة إلى أن سورية شهدت خلال الفترة الماضية نشاطاً ملحوظاً لتجار المخدرات في محاولة لإفساد المجتمع السوري.
وختمت الشماط: إدارة مكافحة المخدرات كان لها دور إيجابي في ضبط الكثير من الحالات، مشيرة إلى الإدارة قامت بالكثير من العمليات النوعية استطاعت من خلالها أن تكشف الكثير من البؤر الخطيرة في سورية.

محمد منار حميجو   

المصدر: الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...