و ماذا بعد الاتفاق النووي؟

16-07-2015

و ماذا بعد الاتفاق النووي؟

الجمل ـ باتريك ت.هيلير ـ ترجمة رنده القاسم:
تم الوصول إلى يوم الاتفاق النووي التاريخي بين إيران و الولايات المتحدة و المملكة المتحدة و روسيا و الصين و فرنسا و ألمانيا (P5+1)، و قال  الرئيس أوباما : "يمكن للعالم القيام بأمور استثنائية عندما نتشارك رؤية مواجهة الصراعات سلميا". و بالوقت ذاته عبر وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف عن تقديره "للعملية من أجل الوصول إلى حل رابح ـ رابح.. و فتح أفق جديدة للتعامل مع مشاكل جدية تؤثر على مجتمعنا الدولي".
أنا عالم سلام، درست أسباب الحرب و شروط السلام. و في حقل اختصاصي نمنح بدائل عن الحرب قائمة على أدلة باستخدام لغة مثل "مواجهة الصراعات سلميا" و "حلول رابح ـ رابح" . و اليوم يوم جيد ، لأن هذه الاتفاقية تخلق الظروف لأجل السلام و هي أكثر طريق فعال من أجل أن تتحرك كل الأطراف المعنية قدما.
الاتفاق النووي انجاز في مجال الحد من انتشار السلاح النووي عالميا. ، و طالما أكدت إيران أنها لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية، و قد دعم هذا القول  فلينت ليفيريت ، المحلل السابق في السي آي ايه و المختص بشؤون الشرق الأوسط لدى الادراة الأميركية، إذ كان من بين الخبراء الذين لا يؤمنون بأن إيران تسعى لإنشاء سلاح نووي. و مع ذلك، يجب أن يواجه الإطار العام للاتفاق قلق أولئك الذي يخشون من إيران مسلحة نوويا، و في الواقع قد يتمكن هذا الاتفاق من منع سباق تسلح نووي في كل منطقة الشرق الأوسط.
تخفيف العقوبات سيؤدي إلى تطبيع العلاقات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية. و العلاقات التجارية على سبيل المثال ستقلل من احتمال وجود صراعات عنيفة. فبالنظر إلى الاتحاد الأوروبي، الذي نشأ من مجتمع تجاري، تظهر الأزمة الحالية مع اليونان بأن هناك صراع بين أعضائه، و لكن من غير المعقول أن يدخلوا في حرب ضد بعضهم البعض.
و كحال معظم الاتفاقيات التفاوضية، سيفتح هذا الاتفاق الطريق إلى ما وراء الحد من انتشار الأسلحة النووية و تخفيف العقوبات. يمكننا توقع تعاون أكبر و تحسن في العلاقات و اتفاقيات دائمة بين مجموعة (P5+1) و إيران، و كذلك مع عاملين إقليميين و عالميين . و ستكون ذات أهمية خاصة عند التعامل مع قضايا معقدة تتعلق بسوريه و العراق و داعش و اليمن و النفط أو الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
منتقدو هذا الاتفاق يعملون على إعاقته بحجة أنه ليس "المعالجة السريعة" المتوقعة و التي يمكن أن يقوم بها تدخل عسكري مفاجئ. و هذا جيد ، إذ لا يوجد معالجة سريعة لدول كانت على خلاف لأكثر من ثلاثة عقود. الاتفاق هو  بناء طريق للسير قدما  يمكنه في نهاية المطاف إصلاح العلاقات. و كما يدرك أوباما جيدا، فان الأمر يحتاج سنوات و لا يمكن لأحد أن يتوقع حدوثه دون تحديات. و هنا تظهر قوة التفاوض، فعندما تصل الأطراف إلى اتفاق حول نقاط معينه، فهي على الأرجح ستكون قادرة على تجاوز العقبات في نقاط أخرى، فالاتفاق يؤدي إلى المزيد من الاتفاقيات.
نقطة أخرى مشتركة بين نقاد الاتفاق مفادها أن نتائج التسويات المفاوض عليها غير واضحة.هذا صحيح، و لكن في المفاوضات تكون الوسائل محددة ، و خلافا للحرب،  لا ينتج عنها خسائر إنسانيه و اجتماعية و اقتصادية مرفوضة. و ما من ضمان أن الأطراف ستفي بالتزاماتها ، و بأن  القضايا قد تحتاج لإعادة نقاش أو أن اتجاهات المفاوضات قد تتغير. و هذا الشك لا ينطبق على الحرب حيث الخسائر البشرية و العذاب أمر مؤكد و لا يمكن التراجع عنه.
يمكن أن يكون الاتفاق نقطة انعطاف تاريخية حيث يدرك القادة العالميون أن التعاون الدولي و التحويل البناء للصراع و التغيرات الاجتماعية أجدى من الحرب و العنف. و مع وجود سياسة خارجية أميركية بناءة يمكن الارتباط مع إيران دون تهديد الحرب. و لكن الدعم الشعبي أمر هام مع وجود عدد كبير من أعضاء الكونغرس المتمسكين بنموذج الحل العسكري ، و الآن يعود الأمر إلى الشعب الأميركي لإقناع ممثليهم بضرورة تطبيق هذا الاتفاق، إذ لا يمكننا القيام بالمزيد من الحروب ذات الفشل المؤكد.

 


*حاصل على شهادة دكتوراه في "تحويل الصراعات"، بروفيسور في معهد أبحاث السلام الدولي ، و عضو في مجموعة ممولي السلام و الأمن.

عن موقع Counter Punch

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...