ميـتـشــل يـغـادر إسـرائـيـل خـائـبـاً

19-09-2009

ميـتـشــل يـغـادر إسـرائـيـل خـائـبـاً

فشلت الإدارة الأميركية في إنجاز الهدف الأول لها على صعيد التسوية السياسية بعقد قمة ثلاثية على هامش انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة لإعلان استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وذهبت أدراج الرياح المساعي المكثفة التي مارستها الإدارة الأميركية، بمشاركة فاعلة من الرئيس باراك أوباما، ومن مبعوثه الخاص جورج ميتشل. وتم الإعلان بشكل شبه رسمي يوم أمس عن فشل محاولات التوصل لاتفاق حول تجميد الاستعمار، وبالتالي عن فشل المساعي لعقد قمة ثلاثية في نيويورك. أحد جنود الاحتلال يعتدي على فلسطينية عند حاجز في بيت لحم بينما كانت في طريقها للصلاة في القدس في آخر جمعة من رمضان أمس

وأعلن مصدر في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن المباحثات المكثفة بوساطة ميتشل لم تحرز أي تقدم ولذلك لم يتقرر موعد لقمة ثلاثية في الأسبوع المقبل بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والرئيس الأميركي باراك أوباما. وأقر هذا المصدر بأن «اللقاءات التي تمّت اليوم (أمس) لم تقد إلى أي تغيير في الوضع. لم يتقرر موعد للقاء ولم يحدث أي تقدم». ومع ذلك فإن هذا المصدر أكد أن نتنياهو سيسافر إلى نيويورك لإلقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن رحلته لن تستمر أكثر من ثلاثين ساعة.
وفي نيويورك قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس أمس الجمعة أنها لا تستطيع في هذه المرحلة الإعلان عن لقاء ثلاثي، مكتفية بالقول إنّ الجمعية العامة ستشهد لقاءات ثنائية بين الولايات المتحدة ودول اخرى.
ورغم هذا الإعلان فإن مصادر إسرائيلية وأميركية ظلت تشيع أجواء بأن بالوسع تحقيق اختراق ولو في اللحظة الأخيرة لعقد قمة ثلاثية تحفظ ماء وجه الرئيس أوباما الذي علق على انعقادها آمالاً كبيرة.
وكان ميتشل قد اجتمع، أمس، مرتين بنتنياهو زار بينهما رام الله للاجتماع بالرئيس الفلسطيني للتباحث معه في سبل تسهيل عقد القمة الثلاثية. ويبدو أن الرئيس عباس لم يستجب لمساعي ميتشل دفعه إلى التنازل عن مطلب التجميد التام للاستعمار كشرط لعقد اللقاء. وعلى الأغلب حمل ميتشل معه إلى عباس اقتراحاً من نتنياهو بلغ حد الاستعداد لإعلان «إبطاء» في البناء الاستيطاني لمدة تسعة أشهر. ولكن أبو مازن أصرّ على وجوب وفاء الإدارة الأميركية بتعهداتها بالإصرار على وقف الاستعمار حتى لأغراض النمو الطبيعي.
وكانت مصادر فلسطينية أكدت أن الصيغة التي حملها ميتشل من إسرائيل حول «تجميد» الاستيطان كانت فضفاضة ومن دون ضمانات وجزئية ومؤقتة. وفي ضوء ذلك، اعتبر رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات أن فرص عقد القمة الثلاثية في نيويورك هي صفر. ومن جانبه خرج الرئيس الفلسطيني، بعد لقائه ميتشل، للقيام في جولة في دول عربية، خصوصاً الأردن ومصر لإطلاع قادتها على آخر التطورات.
وعندما عاد ميتشل إلى القدس من رام الله كان واضحاً أن اختراقاً لم يحدث وأن رئيس الحكومة الإسرائيلية ليس في وارد حلحلة موقفه الرافض لإعلان التجميد والمصر على مواصلة بناء حوالى ثلاثة آلاف وحدة سكنية فضلاً عن البناء في المؤسسات العامة. ولم يساعد في هذا اللقاء واقع وجود وزير الدفاع إيهود باراك الذي تنظر إليه أوساط كثيرة على أنه عنصر تلطيف. واستمر اللقاء الأخير أكثر من ساعتين خرج بعده ميتشل إلى المطار عائداً إلى واشنطن.
وفي إطار الإيحاء بأن المواقف الفلسطينية لن تغير شيئاً قال مصدر في ديوان نتنياهو إن إسرائيل لن تبادر إلى إجراء اتصالات سياسية خلال فترة الأعياد التي تبدأ غداً بعيد رأس السنة اليهودية. وحمل هذا المصدر السلطة الفلسطينية مسؤولية عدم إحراز تقدم وقال إن تصلب عباس كان العقبة التي منعت القمة الثلاثية.
وخشية أن تبدأ الضغوط الدولية على نتنياهو سارع رئيس الحكومة الإسرائيلية للاتصال هاتفياً بكل من رئيس الحكومة البريطانية غوردن براون ورئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو برلوسكوني. وكان تقرير غولدستون حول جرائم إسرائيل في حرب غزة موضع اهتمام في هاتين المحادثتين.
وتحاول أوساط إسرائيلية الإيحاء بأن نتنياهو تنازل كثيراً لميتشل وقدم عرضاً بـ«تجميد» الاستعمار لتسعة أشهر. وأوضحت أن مطلب ميتشل بهذا الشأن هو تجميد الاستيطان لعام كامل على الأقل. ورأت هذه الأوساط أن هذه مرونة قربت نتنياهو من الموقف الأميركي. وكتبت المراسلة السياسية لـ«معاريف» أن نتنياهو عرض التجميد لتسعة اشهر إلا أن المبعوث الأميركي أصرّ على تجميد لعام كامل.
وفي كل الأحوال فإن فشل مهمة ميتشل تعني فشل الإدارة الأميركية ما يعني احتمالات تراجع مكانتها لدى الدول العربية المعتدلة. غير أن فشل أوباما في استئناف المفاوضات يعني عملياً نجاح نتنياهو في عدم الوصول إلى طاولة المفاوضات. وهكذا فإن أربعة لقاءات لميتشل مع نتنياهو خلال أسبوع واحد فشلت في تحقيق الهدف الأولي لإدارة أوباما. ومن رسالة تهنئة أوباما للشعب الإسرائيلي برأس السنة العبرية لا يبدو أنه بمزاج الراغب في الصدام مع حكومة نتنياهو، رغم تعنتها.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...