مشروبات الطاقة.. حين يقترح الإعلان علاجاً لـ «الكبت»

13-07-2012

مشروبات الطاقة.. حين يقترح الإعلان علاجاً لـ «الكبت»

يصعب إحصاء عدد الفواصل الإعلانيّة المروّجة لمشروبات الطاقة، على الفضائيات اللبنانيّة. ويلاحظ أيّ متابع للبرامج التلفزيونيّة اللبنانيّة، أنّ إعلانات مشروبات الطاقة على أنواعها، تمرّ بشكل مكثّف، وخصوصاً خلال بثّ البرامج الجماهيرية، مثل «للنشر» لطوني خليفة، و«حديث البلد» مع منى أبو حمزة، وغيرهما... اللافت أنّ وزارة الصحّة اللبنانيّة، حاولت من خلال إجراءات عديدة ضبط استهلاك هذه المشروبات، من دون جدوى. وبرغم تحذير الجهات الرسميّة من مخاطر مشروبات الطاقة، لا تزال الشاشات اللبنانيّة تبثّ إعلاناتها من دون تردّد. وتشدِّد هذه الإعلانات على تيمة واحدة، وهي ربط المُنتَج بتحفيز القدرة الجنسيّة لدى الشباب. وتركِّز الأفلام الإعلانيّة على قدرة المشروب على تحويل الرجل المستهلك الى «سوبرمان» خارقا.. في أدائه الجنسي. يُظهر أحد هذه الأفلام الترويجية رجلاً في العقد الرابع من العمر يتنقل من غرفة امرأةٍ إلى غرفة أخرى؛ تاركاً على وجوههنّ علامات الرضا. وفي إعلان آخر يجري التركيز على المرأة من خلال ثلاث فتيات يقمن برسم حروف المنتج بأيديهنّ، وهن يردّدن عبارات من نوع: «خلّي الجو ولعان»، أو «بيعطيك جوانح»، أو «ارفع راسك واشربها». من ملصق لأحد مشروبات الطاقة الشهيرة (عن الانترنت)
الغريب في هذه الأفلام الدعائيّة، هو تركيزها على الدمج المستمر بين استهلاك هذه المشروبات، وبين «الفاعلية البدنية»، والمرح والثقة والشعور بالرضا عن النفس. مع العلم أنّها «محرّمة» لأسباب صحيّة في الدنمارك والنرويج وأستراليا وفرنسا. كما يمنع دخولها إلى أسواق تلك البلدان، ناهيك عن الترويج لها على الشاشات. كما يحذّر علماء الصحة من ضررها على الكبد والكلى والجهاز العصبي، إضافةً إلى دورها في رفع ضغط الدمّ. لهذا، يعدّ الأطباء مشروبات الطاقة هذه خطراً محدقاً بجيل الشباب لما تحويه من كميات كبيرة من الكحول المحلاّة بعصير بودرة الفاكهة. ويلفت بعضهم إلى أنّها تسبب الإدمان. وقد يؤدّي الإفراط في تناولها عند المراهقين، إلى توقّف مفاجئ في القلب، والإصابة بمرض السكري، وداء السمنة.
لكنّ المشكلة ليست في المخاطر الصحية لهذه المشروبات التي يتعامى الإعلان عنها. تكمن المشكلة في طريقة التسويق، وإصرار مخرجي هذه الإعلانات على تقديم المرأة ككائن جنسي فقط، والرجل ككائن عضلي خالٍ من أي مشاعر. ليكون كلّ الرجال والنساء في إعلان «الطاقة» كأبطال أفلام البورنو لا أكثر، في تلاعب واضح على سياق عربيّ يعاني من الكبت الجنسي.
ففي بلاد تغلي اليوم على وقع ثوراتها، وموجات العنف غير المسبوقة في شوارعها، تزداد حاجة الإنسان العربي إلى الخبز والدواء والكهرباء... قبل الانصراف مهدود الحيل إلى سرير «لياليه الحمراء». وهذا هو السياق الذي تتلاعب عليه بوضوح «إعلانات الطاقة».

سامر محمد اسماعيل

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...