قصة " عميل اسرائيل " الذي يحب الياسمين الدمشقي

05-12-2011

قصة " عميل اسرائيل " الذي يحب الياسمين الدمشقي

"بعد الشَّهرَين الأولَين من المظاهرات برأيي لم يعد الحِراك محقاً" عبارة يقولها رامي )اسم وهمي) وهو المتظاهر السابق سلمياً، والمنتمي اليوم لهويته السورية فقط.. هويّة لم تشفع له عند اعتقاله من خلال كمين تم نصبه له في مكان عمله إثر اعتراف صديقه الحميم عليه فورّطه بما لم يفعله أملاً في التخلص من تُهمٍ وُجهت إليه برميها على رامي.
 "لا يمكن أن أكون عميلاً ضد سوريا، أنا أحب بلدي" عبارة أُخرى يقولها وعيناه تفيضان دمعاً يغالب الخروج بكبرياء.. هو ليس شخصية تقليدية لمتظاهر بسيط يخرج من أجل "الحرية" وينادي "الله أكبر" فيصل إلى طلب تدخّل خارجي، إنما سورية، الأغلى على قلبه، برأيه أكبر من كل الغزاة والقمعيين وهي ما جعلته يتوقف عن الخروج في المظاهرات لأنه اقتنع أن الحل لم يكن في الشارع.
يأتي رامي الموعد حاملاً بيديه "كمشة" ياسمين شامي..  مبرّراً تأخيره بروح وادعة وكأنه لم يعانِ يوماً ظلام سجن أو ظروف اعتقال: " إنها إحدى عاداتي، أينما كنت أحمل كمشة ياسمين إلى الشخص الذي أقصد مقابلته ".
لا يمكنك النفور من شخصيته المحببة، كما لا يمكنك أن تتغاضى عن ثقافته وهو الشاب الذي يقرأ يومياً بمعدّل 200 صفحة، بحسب قوله.
السبب الأول لخروج رامي في مظاهرات كان القمع الذي مارستْه السُّلطة ضد الشعب ففي رأيه أن الدم هو الذي أوصَل البلاد إلى هذه المرحلة من الأزمة " فمن مات له ابن من حقّه المطالبة بأخذ حقه " سيّما في ظل عدم خبرة أفراد القوى الأمنية في التعامل مع حالة المظاهرات التي بدأت غريبة على المجتمع السوري، معترفاً أنه خرج في بداية الأمر بدافع " الفزعة ".
لم يجد ضيراً من المشاركة في فزعة لمدينة سورية تتعرض لقمع النظام ، رغم أن الفزعة  برأيه أسلوب  يحاكي الحالة القبَلية في المجتمعات وليس شعاراً حضارياً وطنياً . 
يتميز رامي عن متظاهرين آخرين بأنه يقر بخطأ مطالبة المعارضة بالتدخل الاجنبي، وقد كان ممن خرج في الشهرَين الأوّلَين للحِراك ثم جاء وقتٌ واقتنع بعد ذلك أن الحل ليس في الشارع ونشَط ليمنع الناس من الخروج في مظاهرات، محاوِلاً إقناع الجميع بالبحث عن حلول أُخرى.
ويستخلص العبر من واقع رآه بعينيه ليتوقف لحظة للتفكير في مآل ثورة يتقاضى كثيرون من المشاركين فيها اجرهم على عملهم في نشاطاتها ويضيف:
 " هنالك أشخاصاً يتقاضون أجراً للمشاركة في المظاهرات واجرا اكبر نظير مشاركتهم في الأعمال المسلّحة، ومن يضمن لنا ان هؤلاء لا يقبضون ايضا ممن لهم مصلحة في الإيقاع بين الطرفَين -  متظاهرين وقوى أمنية -  وهذا باعتقادي  أضحى أمراً واقعا "
يروي رامي حكايات التعذيب الذي تعرّض له ويقول :
عذبوني لكي اعترف باربعاً وعشرين تهمة ومنها : التعامل مع اسرائيل وتمويل المتظاهرين والاتصال الهاتفي بحسين هرموش بهدف تأسيس إمارة إسلامية في جبل الزاوية اكون انا  (رامي) أمير مؤمنيها.
ويتابع :
 لم أعترف بأي من التهم ...ربما كان التعذيب الذي تعرضت له مجرد مزاح فانا حتى الآن لم اصدق اني صمدت وحتى الان لم اصدق ان التعذيب لا يتضمن السلك الكهربائي وخلافه من الروايات الفظيعة التي كنا نسمع بها ولكني حقا لم اراها فجل ما فعلوه معي هو انهم ضربوني على باطن قدمي حتى تورمت وهددوني بكثير من الاشياء ثم كانوا يعودون لضرب الفلق ولكني وبعد ان صمدت عذبوني بطرق اقسى ولكني لم اشعر حقا باني اتعرض لمثل ما يخوفنا منه معتقلون سابقون.
لم يكن رامي راضياً عن دور التنسيقيات وخاصة التي طالبت بتدخل خارجي، واتّهمها بركوب الموجة واستغلال دماء الشهداء، معتبراً أن بعض المعارضين ممن خرجوا في مظاهرات كانو من أهم المستفيدين من النظام في مراحل سابقة.
يعتبر رامي أن القتل هو سبب حمل السلاح دون تبريره لذلك ويصنّف نفسه ضد السلاح بكل أشكاله ومن قِبل جميع الأطراف وإن كان برأيه السلاح الشرعي الوحيد هو سلاح الجيش، مشيراً إلى أن عدداً من المتظاهرين هم من أبناء مسؤولين فاسدين سابقين ممن دفعوا رشاوى للتهرب من خدمة العلم وشعار مظاهراتهم القضاء على الفساد.
ويصف أيام سجنه بالمأساة من الناحية الجسدية إلا أنه كان قوياً من الناحية النفسية.
" كنتُ متهماً بالعمالة وهو ما آلمني.. أنا مع التغيير والتطوير.. مع التخلص من العقلية الأمنية ولكني لستُ مع احتلال بلادي وتدخل الآخرين بها ".
ويرفض رامي رفع سلاح في وجه أبناء بلاده، مؤكداً ضرورة توفير السلاح لاستخدامه في الجولان ضد اسرائيل ومن يدعمها.
وفي الوقت الذي ينفي رامي أنه قد رفع أي شعار طائفي ويؤكّد عدم خروجه من الجوامع بل في مظاهرات مسائية في الميدان مع أصدقاء ينتمون إلى أوساط يسارية، يقرّ أنه صاح "الله أكبر" لأن هذا النداء كان الفتيل الذي حشد الناس كما يبرر خروج متظاهرين آخرين من الجوامع لكونها فرصةً لاستغلال التجمعات الكبيرة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن من يخرج من الجامع غير قادر على صنع حِراك مدني وأن الخروج تحت لواء الإسلاميين أفقد الحِراك سلميّته ما أعطاهم ميزات تجعلهم اليوم مسيطرين على المظاهرات.
يجاهد المتظاهر السابق لإقناع الآخر بأنه ليس طائفياً، مستعرضاً أدلّته على ذلك بكونه ملحداً سابقاً لسنوات.. ومؤمناً حالياً بوجود الخالق دون الدخول في تفاصيل الأديان التي يعتبرها قصصاً تاريخية، ويعطي الدليل القاطع، برأيه، على كونه غير طائفي بأنه مرتبط بفتاة من طائفة أُخرى.
رامي يودّ الزواج من حبيبته " الحمصية " الآتية من طائفة مختلفة وعائلة مؤيدة إلا إنها خرجت عن التأييد العائلي فعارضت السّلطة في بلادها، نافياً أن تكون معارضتها بسببه إذ إنها بنظره أقوى من أن تتأثر أفكارها السياسية بأفكاره سيّما بعدما أصبحت  هذه القصص سائدة في سوريا خلال الأزمة الحالية إذ تتأثر الفتاة غالباً بحبيبها المُعارض كنوع من الإعجاب بحال البطولة والثورية التي غزت العالم العربي مؤخراً.
 ألا يغيّر الحب خارطة أفكارنا بغض النظر عن الخلفية الثقافية والفكرية القوية؟
يجيب رامي ببساطة: " نعم ولكني أرى شخصيتها أقوى من ذلك ".
ورغم محاولة رامي طوال الجلسة نفي شبهة الطائفية عن نفسه إلا إنه عند فتح ملف حلفاء سوريا وأعدائها كانت مفاضلته بين الدور الأميركي والإيراني في المنطقة بوضعهما في نفس الخانة على اعتباره أن إيران قتلت ثلاثة ملايين شخص في العراق خلال حربها معه لثماني سنوات، وهي مبطّنة العداء بينما إسرائيل واضحة ".
 وما الذي فعلته أميركا في العراق بمثل هذه الحال؟
يرد بقوله: "بالطبع لقد فعلت الكثير أيضاً".
 هل وحدك وأصدقاءك من يقرؤون بواطن الأمور وتميز نفسك عن المؤيدين جميعاً بأنك تقرأ ما لم يقرؤوه.؟
يجيب بهدوء: "أحترم الجميع.. وخصوصاً من يعارض ويؤيد لأسباب غير شخصية تتعلق بالمصالح أو الأحقاد.. لست أفضل منهم فكرياً وإنما لدي تقاطعاتي الخاصة القائمة على قراءاتي واهتمامي بالتفاصيل".
ولكن ألا تجد أن نخبويتك وقراءاتك تتقاطع مع بعض الطائفيين البسطاء ممن لديهم وعياً متواضعاً ولا يقرؤون يومياً 200 صفحة مثلك والذين يتظاهرون على أسس طائفية وعدائية.. ألا تحاكي غرائزهم الآن رغم ثقافتك؟
يعلّق بقوله: "أنا لست ضد أي دولة أو أي طائفة ولكني لا أقبل بتدخل أحد في بلادي حتى باعتبارهم حلفاء".
دولة مثل سوريا تحيا في منطقة مشتعلة.. مع من ستتحالف إن لم يكن مع إيران؟ ألا تجد أنكم تنظرون لسياسة البلاد الخارجية وكأنكم اختصاصيين مثلاً؟
لا جواب لدى رامي، إنما يوجّه

حديثه نحو مكان آخر فيما يخص قرارات الجامعة العربية وعقوباتها على سورية فيقول: "قرار الجامعة العربية مسرحية واضحة، ولو كانت مبادرة الجامعة حقيقية لاحترمتها. إنما دولة كقطر واضحة الوجهات وحليف واضح لإسرائيل وأميركا فلا يمكنني أن أقبل بتدخلاتها في دولة عريقة مثل سورية".
ويضيف رامي أن مشاركته في الاعتصام الشعبي أمام السفارات العربية، إثر قرار تعليق مشاركة الوفود السورية في الجامعة، كانت واردة "لأني شعرت الانتماء السوري مع المعتصمين وأعرف الكثير من أصدقائي المعارضين ممن نزلوا مع المؤيدين اعتراضاً على قرارات الجامعة العربية".
رامي يأمل ألا يعود إلى السجن، لذا يسكنه الخوف من الحديث إلى الصحافة.. ويعتريه عدم الارتياح طوال الوقت، لذلك طلب عدم استخدام اسمه الصريح، وفي الوقت نفسه فهو السوريّ الذي خرج لإسقاط النظام الأمني إلا إنه مصرّ عند الذهاب إلى انتخابات نزيهة على أن ينتخب الرئيس بشار الأسد فيما لو كان برنامجه الانتخابي هو الأفضل لسوريا..
بالنتيجة ...اي قراءة موضوعية لافكار هذا الشاب ستعطينا النتيجة التالية :
هو شاب متمرد وجد في الثورة فرصة للتعبير عن الاختلاف عن المحيط القريب ومشاركة رومانسية في تحرك شبابي اوصل العديدن في مصر مثلا الى الشهرة، ولما وجد نفسه امام حائط الخيانة الوطنية عاد القهقرى ولكنه يخشى الشماتة ويختبيء من شعوره بالانتماء الى الوطن بالحلم بثورة ارادها للتغيير وارادها غيره للتدمير فهرب منها.

مرح ماشي

المصدر: عربي برس

التعليقات

اعتقد ان شخصية رامي هي شخصيه افتراضيه تكمن في داخل الكثيرين ومنهم انا ولكنه تفوق علينا بدخوله السجن مع ايماني بان النزول الى الشارع ليسى الحل لان من يمتطي المظاهرات في الشارع هو ابن الشارع النظام الفاسد امتطانا كل هذه السنوات 000 ليس الحل بان الاسوء

برأيي الشخصي فإن رامي "المثقف والقارئ النهم" لم يختلف كثيراً عن لم يكمل الصف الثالث الابتدائي.. كونه مشى بطريق دعاوي أتت ممن هم بالخارج.. أكثر ما أعجبني في سياق هذه المقابلة هو أنه خرج "فزعة"! أخي رامي.. لا يشفع لك أنك قمت بالخروج بالمظاهرات "وإن كانت سلمية" بعد أن رأيت الافتراء الواضح المتجلي بتصوريها وارسالها لقنوات ذات أجندات مبطنة. للأسف الشديد إننا كمجتمع سوري نعاني من ظاهرة "الأميّة الجامعية".. ليس المهم أن تقرأ 200 صفحة وأن تمر تلك الصفحات مرور الكرام على ذهنك.. بل الأهم أن تقرأ سطراً واحداً .. لتُثري به حياتك.. وتزيد خبرتك لتكن فرداً إيجابياً بالمجتمع وتساهم مع الجميع من أبناء وطنك للتغيير السلمي لبناء سوريا المستقبل..

يستطيع اي متخلف ان يقرأ 300 صفحة في كتب متخلفة ورجعية وطبخ وابراج والفكر الوهابي وابن تيمية فهل يسمى هذا ثقافة وبعدين يا معلم كل الشرفاء يعرفون من افتعل حرب الخليج ومن مولها ولماذا والدليل تخوف عرب الخليج من نووي مزعوم لايران وتجاهلهم البرئ للنووي الاسرائيلي الموجود وياعيني ع هيك سخافة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...