فاروق حسني يفدي الإسلام بحياته

02-12-2006

فاروق حسني يفدي الإسلام بحياته

كان من الضرورى أن نقطع على الوزير «خلوته».. أن نخرج «فاروق حسنى» من اعتكافه الاختيارى بحثا عن إجابات، ليس المقصود منها «تبرئة ساحته» أو «تبرير موقفه»، وإنما الهدف منها كشف الحقائق مجردة أمام الرأى العام، فليست القضية ما إذا كان وزير الثقافة قال ما نسب إليه أم لم يقله، ولكنها باتت بالفعل قضية «حسبة شطرنجية».. فهناك من يحاول خلالها تحريك المجتمع كقطع الشطرنج بغية تحقيق أهداف خاصة أبعد ما تكون عن مصلحة هذا الوطن التى لا يمكن اختزالها فى حجاب نسائه، لهذا توجهنا لوزير الثقافة بأسئلتنا لنقف على أسباب هذه الهجمة الشرسة، ونكشف أبعاد تراجع دور الوزارة التنويرى لصالح من يتمنون أن يقولوا لـ 76 مليون مصرى «كش.. مات»!

* «روزاليوسف»: ما تقييمك للجدل الدائر حاليا حول تصريحات نسبت إليك؟ فاروق حسنى: حقيقة الأمور أنه لا شىء تم، بمعنى أننى لم أتحدث فى الدين ولم أفت فيه، ولا تكلمت عن أركان الإسلام، أو خضت فيها قيد أنملة، ولم أصرح بشىء، هنا على هذا الكرسى جاءنى تليفون وقالت لى الصحفية «أنا زعلانة منك بسبب كلامك عن الحجاب، قلت لها: لماذا؟ هذا رأيى لأن المفروض الحجاب له شكل معين - هذا أولا- ولكن السؤال يجب أن يكون حول الكلام الذى قالوه، حين ادعوا أننى قلت إن الحجاب نوع من التخلف.. الجريدة موجودة يمكن أن نقرأها لو كنت قلت هذه الكلمات، كما قالوا أننى تحدثت عن شيوخ بـ3 مليم، وأكيد فيه شيوخ بتلاتة مليم واللا كلهم 100%، ألا يوجد هؤلاء الشيوخ المشعوذون فى قنوات التليفزيون، وفتاواهم فى كل مكان وعلى الأرصفة، أليس بينهم المدعون! أنا أنقذ منهم العتاة فى الفكر الدينى وعندما أهاجم هؤلاء أعطى لهؤلاء قدرهم.. ولكن عموما هذا لم يكن حوارا، إنما أخذت المحررة الكلام مبتسرا.

«روزاليوسف»: لماذا لم تكذب؟
فاروق حسنى: أنا قلت الكلام بالفعل، ولكنه لم يكن للنشر.
«روزاليوسف»: كنت أخلاقيا أكثر من اللازم فى هذا الموضوع؟
الوزير: المسألة سارت فى إطارها الصحيح،من وجهة نظري تأكد أنك لو تعاملت بأسلوب لا أخلاقى، فستقع حتما لا محالة، لكن الحقيقة والصراحة والوضوح هى أهم شىء وأنا لم أجد أمامى غير هذا.
«روزاليوسف»: مفهوم من كلامك أنه لا أساس يبنى عليه شىء؟
الوزير: كان ممكن أقول أننى لم أقل هذا.
«روزاليوسف»: أنت تؤكد أن هذا رأيك، ولكنه لم يكن للنشر.
الوزير: أولا: لم يكن رأيى للنشر، ثانيا: أعتبره رأيا ثانويا جدا، لا يمثل أى شىء، بل إننى أقول إن الإسلام يجب أن نموت فى سبيله، ويمكن للواحد أن يضحى بحياته من أجله، فهل نتكلم الآن عن الحجاب، وهل يتم تجاهل إقامة 140 مسجدا عظيما جرى ترميمها وفتحها للصلاة والعبادة مقابل ما أقوله عن حجاب إذا كان يعجبنى أم لا!
«روزاليوسف»: بعد عدة أيام من إثارة الموضوع.. فى تقديرك ما هى العناصر التى تفاعلت لتصنع من هذا الموضوع أزمة؟
الوزير: كل ما وجد على الساحة فى الأيام الأخيرة يدعونا للتأمل والتدبر، وأعتقد أن التداعيات كلها «حسبة شطرنجية» ملعوبة لتحقيق مكاسب ما.. من الذى سيكسب؟ وما الذى يكسبه؟ هذا هو ما أريد أن أعرفه وهو ما يدعو للتأمل والتدبر.
«روزاليوسف»: أنت تراها تفاعلية بحسابات.
الوزير: أكيد هذا موقف فيه حسابات.
«روزاليوسف»: لكن الموقف بدأ من عندك بدون حسابات؟
الوزير: هذا موقف عفوى وغير مقصود، يجب أن ندرك تماما أننى - ضع تحتها ألف خط - لم أتحدث فى الدين.. الحجاب ليس ركنا من الأركان الخمسة، بل أحد المظاهر الدينية.. فأنا أتحدث فى مظاهر الدين وقلت أن اليوم يأتينا الحجاب المستورد.
«روزاليوسف»: ماذا تقصد بالحجاب المستورد؟
الوزير: هناك دول لها مذاهب معينة تريد فرضها، فالناس تذهب لهذه الدول وتعود لنا بهذه الأحجبة، فهذا الحجاب ليس فقط شكلا، ولكنه تأثير وفى النهاية مذهب جديد، وبالتالى سياسة، أنا أتذكر اليوم عندما كنا نرى أهالى مصر الذين كانت نساؤهم يرتدين الملاية والبرقع الذى يخفى جزءا من الوجه وأيضا «الملس» فى كل ربوع مصر، يتهموننى أننى أزدرى الحجاب! لا بالمرة، فأنا رجل ثقافة، وأعرف أن نساء صعيد مصر وقراه ودلتا مصر وقراها ونجوعها كلهن منذ الأزل يرتدين الحجاب، هل رأى أحدنا فلاحة بدون حجاب أو سيدة من الصعيد بدون ملس؟! لكنه رداء متوافق مع البيئة التى عشن فيها، كما أنه يأتى منها وهو رداء جميل أيضا، أنا لست ضد الحجاب، إنما ضد زى معين من الحجاب هو ما قصدته، ولكنهم لا يريدون له أن يصل ووضعوا عليه بابا حديديا لعدم الوصول.
«روزاليوسف»: لماذا رأيت أنها محسوبة وأنها لعبة شطرنجية؟
الوزير: أنا لا ولم أتحدث فى الدين، إنما تحدثت عن ذوق فى زى معين، وأنا أنادى بزى مصرى بدلا من أن يكون هناك زى مستورد، فتمت جرجرة الموضوع إلى صلب الدين، واتهمت بأنى كافر وأنى كذا وكذا.. هذا تدبير.
«روزاليوسف»: لماذا لم تسارع بالإيضاح من البداية؟
الوزير: أوضحت منذ أول يوم فى رسالتى لمجلس الشعب والتليفزيون، وقلت أننى أتحدث عن ذوق الحجاب، ولا أتحدث عن الدين ولم أقل أن الحجاب حلال أو حرام، بل بالعكس فأنا رسام، ويسعدنى أن أرسم الفلاحات والسيدات فى صعيد مصر وهن يرتدين الجلباب والزى الرائع جدا لأن هذا التراث نعتز به ونحبه ونرسمه. فعندما أجد سيدة مقتنعة بارتداء الحجاب فلابد أن أحترم ذلك، ولكن لنا رأيا فى العموم والكلية، فى شكل الحجاب وغيره، ووزارتى هى وزارة الخدمات وبالذات فى التراث والفكر والثقافة وأشياء أخرى والزى المصرى يدخل فى هذا بشكل ما، وبالتالى أنا أخدم هذا الشعب ولو أنا ضد الحجاب فهذا يعنى أننى ضد المساجد، وهذا غير معقول.. وهناك شىء مهم فى جميع الأديان، فعندما اهتدى الإنسان لله سبحانه وتعالى، بدأ يتواصل معه بأجمل الأشياء، أولا بدور العبادة بدءا من المعابد والكنائس والمساجد، وهى من أجمل العمارات وفيها تسابق فى الفن والرؤية، لأن هذا بيت الله، وبالتالى يجب أن يكون فى أجمل صورة، ثم بعد ذلك أتموا عمليات ترميم الكنائس،. ثم ترتيل القرآن، ثم الإبلاغ عن القرآن بالأذان.. وهنا قد أقول إن هناك صوتا سيئا وصوتا جميلا.. نحن نتحدث عن دين يحمل كل الجمال ويقال فيه إن الله جميل ويحب الجمال، هذا الكلام ليس من اختراعى، فهل عندما أعرب عن رأيى يعتبروننى تطاولت على المؤذنين! لا بالطبع، كل واحد يأخذ مكانه، فالمؤذن صاحب الصوت الجميل يعتلى المنبر والمئذنة لأن الدين يجب أن يكون على أفضل حال، وكذلك صاحب الفتوى السليمة يجب أن يكون فى المقدمة حتى لا تصبح الفتوى متاحة لأى شخص أو بالشعوذة.. وافتح أية قناة فضائية ألن تجد فيها شيخا يساوى الصفر وليس الـ 3 مليم! لقد طلبت من «د.جابر عصفور» أن نقيم حوارا مع أصحاب الفكر الدينى المستنير الذين يتم انتقاؤهم سواء عن طريق الأجهزة الرسمية أو من المجتمع، وسوف يكون لقاء بين المثقفين متفتحى الرؤى بالنسبة للعلم الدينى الصحيح، لكى تتقارب رؤى المثقفين مع مفكرى الدين وعلمائه، كما قررت أيضا أن تكون هناك لجنة فى «المجلس الأعلى للثقافة» تسمى «لجنة الثقافة الدينية» تضاف للجان الأخرى الـ 22 المتخصصة، يختار فيها من له باع كبير جدا فى الفقه الإسلامى وفى أفكار الدين العظيمة والانفتاح على ثقافات الدنيا من خلال إيمانهم وتعمقهم فى الدين الإسلامى.
«روزاليوسف»: كيف سيكون مردود هذه اللقاءات وكيف تصل للعامة؟ وهل كان يجب أن تكون هناك أزمة بهذا الحجم حتى تكون هناك لقاءات من هذا النوع؟
الوزير: الأحداث دائما تعطى نتائج والصدف أحيانا تخدم، أما كيف سيصل للعامة فمن خلال تسجيله وطبعه فى كتب رخيصة للغاية، توزع فى مكتبات وزارة الثقافة، وتباع فى كل منافذ التوزيع التابعة للوزارة.
«روزاليوسف»: هناك سلاسل كثيرة تطبعها وزارة الثقافة ومتاحة بأسعار رخيصة ومتوافرة طوال السنوات الماضية، ومع ذلك فإن هذا الفكر الذى تعتبره بـ 3 مليم هو الذى يصل للناس وبصوت أعلى وهو الذى يثير الأزمات، بينما الثقافة التى تتبناها لا تصل إلى الناس ما هو تفسير ذلك؟
الوزير: السفينة التى تنقل هذا إلى المجتمع لا تعمل معنا، وأقصد بالسفينة الإعلام الذى لابد أن يعلن عن هذه الكتب ويسجل انتقاداته، كما على التليفزيون أن يناقش ذلك، لأن هذه أزمتنا كلنا، وتلك مهمة التعليم أيضا، فما يقرب من ألف كتاب فى الفكر الدينى وصحيح الدين، وكل ما هو مستنير نطبعه فعلا.
«روزاليوسف»: هذا يحدث فعلا ولكن على مدى 15 عاما هذا الخلل قائم.. وهذا التنسيق غير موجود. فما هو تفسيرك لهذا وكيف لشىء لم يتم حله طوال 16 عاما أن يتم حله اليوم.. ولو تجولت مرة فى أحد الموالد الشعبية ستجد أن المكتبات تبيع كتبا وشرائط تباع بشكل كبير، كلها حول «عذاب القبر» و«الثعبان الأقرع»، من الواضح أن التعليم والإعلام والثقافة مسئولة عن عدم مواجهة هذا.. وإذا صغنا هذا السؤال بطريقة ثقيلة: ألا تشعر بالفشل.. أنت كنموذج لوزير الثقافة صاحب الرسالة التنويرية الذى يملك رؤية وحسا فنيا ولديه مشروع وتاريخ وظل فى موقعه لفترة طويلة، إلا أنه رغم أن رسالتك تناقض التطرف على طول الخط نجد التطرف انتشر انتشارا حقيقيا فى وجودك؟
الوزير: هل تسميه فشلا؟ أنا لم أشعر بالمرة بالفشل، ولكننى أشعر دائما بالإحباط، لأنك عندما تحاسب وزارة الثقافة لابد أن تحاسب الثالوث: الثقافة والإعلام والتعليم، تحاسبنى عندما لا أستطيع أن أنتج الإنتاج المطلوب.
«روزاليوسف»: سؤال آخر ثقيل: طوال هذه السنوات ألم تجد صيغة فى التوافق فى إطار مجموعة هائلة ومتكررة من الحكومات مع مختلف وزراء التعليم والإعلام لكى تتوصلوا لوجهة نظر محددة فى كيفية وصول هذا المنتج الثقافى التنويرى إلى الناس بينما استطاع جهاز التطرف أن يصل بما لديه من إنتاج إلى الناس ببساطة؟
الوزير: كيف تسأل الوزير المنتج، ولا تسأل الوزير الذى يستغل الإنتاج، وعندما يكون لدىّ إنتاج وسوقه موجودة، لكنه لا يصل فذلك لأن وظيفتى ليست التسويق، رسالة الثقافة هى التشجيع على الإبداع وجمعه ووضعه فى دوره ومعاقله، وتتصل بكل ما له باع فى هذا كى يوصله بفكره وهذا يحدث! أما القنوات الأخرى التى توصل هذا إلى المنازل وإلى المدارس فهذه احتياجات لا أستطيع فرضها لأن البضاعة أمام الجميع فليختار لبرامجه. وأقول لك كيف يتم ذلك، المفروض أن يكون معدو برامج التليفزيون على دراية كبيرة بالثقافة، قل لى شيئا وحيدا طلب من وزارة الثقافة أن توفره لأية مؤسسة فى مصر ولم تلبِّه، إذن المسألة هى أننى أنتج شيئا معينا، وهناك من يعرض هذا الشىء، ولديه الموظفون اللازمون لذلك، فلا يمكن أن أعمل العمليتين معا.
«روزاليوسف»: أنت تتحدث عن تجربة خضتها فى التعامل والتنسيق ونحن نتحدث عن فترة 16 سنة.. أين الخلل وبوضوح؟!
الوزير: الخلل هو أنه كما أن هناك مجموعة اقتصادية لابد أن تكون هناك «مجموعة اجتماعية».
«روزاليوسف»: رئيس التحرير صاغ ذلك فى مقال سابق باسم «المجموعة الوزارية للتنوير»، ولكن الوزير يعطيها بعدا أفضل.. ما هى مهام هذه المجموعة؟
الوزير: هذه «المجموعة الاجتماعية» تضع خطة متكاملة، ويكون لها مقرر هو الذى له الكلمة الفيصل فى هذا. بحيث أن كل هذه المسائل توضع بوضوح أمام وزارات الأوقاف والتعليم والإعلام والثقافة.
روزاليوسف: هل سبق أن طرحت هذا؟
الوزير: طرحته أكثر من مرة على كذا وزارة..
روزاليوسف: ألم يكن يتم التعامل بجدية؟
الوزير: ما حصلش.. لأن دور الثقافة فى مصر غير مقدر.. بمعنى أن هذه الدولة هى دولة الثقافة وكيانها الأساسى كيان ثقافى.. وكتلة «مصر» الأساسية هى الثقافة.. فعندما نتحدث فيها يجب أن نتحدث عن اقتصادياتها وانتشارها وتأثيرها وميكانيكية التوصيل، كل هذا يحتاج عقولا تجلس لتتحاور حتى يعرف كل شخص مسئوليته.. نحن عملنا أشياء كثيرة جدا فى وزارة الثقافة ولكن تنقصنا أشياء كثيرة جدا.. ولدينا سلبيات لا نستطيع حلها.
روزاليوسف: ما هو الإيجابى وما هو السلبى؟
الوزير: الإيجابى يتمثل فى كل ما أتممناه من إنجازات بدءا من معدلات النشر وعدد الدور الثقافية والتطوير فى المعاقل الثقافية حتى الابتكار فى إبداع مواقع جديدة، وبالنسبة للآثار فما تم إنجازه فيها يعد غير مسبوق ولن يكون ملحقا لأننا أنهينا كل شىء.. فضلا عن هذه الآثار التى تستغل الآن كدور ثقافية وكذلك المتاحف التى أنشئت والترميمات التى تمت فى الآثار، وقد جعلنا كذلك من أكاديمية الفنون صرحا كالجامعة، وخلقنا مراكز للإبداع فى ربوع مصر، كما جرى إعادة دار الكتب المصرية لأعظم مما كانت بعد تحديثها وهى الآن قيد الافتتاح.. فضلا عن إنشاء المكتبات - ما يقرب من 90 مكتبة - فى كل القرى ونجوع مصر كذلك تحديث الرؤى الثقافية وإعداد الشباب للفترة القادمة.. مسارح وسينما وفن تشكيلى وأدب.. هل يوجد أديب من الأقاليم لم ينشر له أكثر من عشرة كتب؟.. اليوم التطوير المسرحى يمر بأزهى عصوره خاصة خلال الخمسة عشر عاما الماضية ولا أحد يلتفت لهذه الإنجازات بسبب التليفزيون والإنترنت والفضائيات.
روزاليوسف: وما هى السلبيات؟
الوزير: لا نستطيع تطوير الهيئة العامة لقصور الثقافة وبها 500 قصر، فبنينا مجموعة مثلا وطورنا أخرى لا تتعدى الـ 25، وكل ما أطلبه بتواضع 250 مليون جنيه خلال عامين أطور هذه المعاقل لأنها هى حائط الصد الحقيقى لكل ما هو رجعى وغير صحى فى المجتمع.
روزاليوسف: تحصلون على أموال للترميمات؟
الوزير: لا يمكن أن نصرف هذه الأموال على مجالات أخرى.. يأتينى عضو مجلس شعب يطلب منى أن أعين له شخصا معينا يحصل على 120 جنيها.. لا.. هات لى أرض وأبنى لك مكتبة بمليون جنيه.. هذا ممكن عندى بينما لا أستطيع أن أعين شخصا بهذا المبلغ.
روزاليوسف: هل تريد أن تقول أن جزءا من معركتك مع أعضاء مجلس الشعب هو أنك لا تلبى طلبات أقاربهم؟
الوزير: بالعكس، الغريب جدا أن علاقتى بأعضاء المجلس من أحسن العلاقات، ولعل هذه كانت الصدمة الكبيرة، فأنا بالنسبة لهم من أحب الناس، وعندما يأتون لمكتبى أقابلهم وأجلس معهم.
روزاليوسف: ما هو تفسيرك لهذه الصدمة؟
الوزير: لا أعرف
روزاليوسف: هل كسب التطرف هذه المعركة؟
الوزير: لا.. إن هذا مجرد ترمومتر فلا يمكن أن يكسب التطرف.. بل المجتمع متماسك، ولكننا نحتاج أن نبقى معا طوال الوقت.
روزاليوسف: ماذا تعنى؟
الوزير: المجتمع «المصرى» بالذات شعب فى منتهى الطيبة والحساسية لو اقتربت منه تماما وابتسمت لأنه شعب مبتسم ستأخذ منه أفضل النتائج ويقبل على العمل لأنه يريد العمل.. أزمتى فى وزارة الثقافة أن هذه النشاطات لا يحضرها أحد.
روزاليوسف: كيف ذلك؟
الوزير: النقاد والذين يكتبون لا يحضرون.
روزاليوسف: كل هذا الفريق الذى يعمل معك والمؤيد لسياساتك لا يكتب ولا يشجع؟
- الوزير: لا ما يكتب هو شىء قليل جدا من الزخم الثقافى الموجود فى الوطن.. الأسبوع الماضى كان يزورنى «جاك لانج» من أهم وزراء ثقافة «فرنسا» واستمر معى أيام وقال لى أريد أن أرى «القاهرة».. ونزل الشارع وعاد يقول لى «يا بختك» كيف تعيش وسط هذا الزخم.. أريد أن أقول أن هذا الرجل الذى دخل المعاقل الثقافية ولم يتصور ما يراه عن القاهرة التاريخية - عن النشاط - ليس فقط الترميم.. الأجانب يروننا.
روزاليوسف: نقدر حجم المنتج والحركة الثقافية والرؤية التى تحكمه خلال السنوات الماضية.. لكن ألا توجد نقطة عجز فى هذه الحركة والمنتج فى أنه لا يستطيع أن يفرض جاذبيته على الناس، فهو منعزل بعيد ومتعال.. وألا ترى تناقضا بين ما تفعله أجهزة وزارة الثقافة وبين ما رأيناه فى مجلس الشعب من نواب المجلس ضد سياسات الوزارة؟
الوزير: هذه مسألة أخرى تتعلق بالحجاب.. يستفيد من نشاط الوزارة كل الشباب، ولك أن تحضر أى نشاط فى أى دار من دور الثقافة سواء هنا أو فى الصعيد ولن تجد مكانا تقف فيه !
روزاليوسف: إذن من هؤلاء الذين يقودون مظاهرات ضدك فى الشوارع ويرفعون لافتات مناهضة لك؟
الوزير: هؤلاء الذين تم تضليلهم وقالوا لهم أننى ضد الدين.
روزاليوسف: وبهذه السرعة وفى شكل خاطف يصلون لهذه الكتل الشبابية بينما تجد أنت صعوبات شديدة حتى تصل لمثل هؤلاء.
الوزير: الثقافات الدينية المؤججة من المشايخ «إياهم» موجودة على الساحة بشكل رهيب جدا وكل أصحاب الفتاوى من «الدعاة المزيفين» وأصحاب الرؤى كذلك !
روزاليوسف: هل تقصد أن الدعاة المزيفين وأصحاب هذه الأصوات استطاعوا أن يسوقوا أنفسهم إعلاميا وتعليميا بينما الثقافة لم تستطع هذا.
الوزير: أدواتنا فيما يتعلق بالثقافة تتمثل فى المعاقل التى نملكها وما يتيسر فى القنوات التليفزيونية والصحف والمجلات ناهيك عن نقص فى النقاد العلميين.
روزاليوسف: هذه مشكلتك كيف لم تنتج الحركة الثقافية نقادا؟
الوزير: لا يتحقق هذا بالإنتاج.
روزاليوسف: ولكنه جزء من المناخ ؟
الوزير: عندما كان «ثروت عكاشة» وزيرا للثقافة كان الموجودون على الساحة من العاملين فى الوزارة أمثال «سهير القلماوى» مسئولة عن «هيئة الكتاب»، و«على الراعى» مسئول عن المسرح، و«جودة السحار» مسئول عن السينما، و«مراد وهبة» يتولى العلاقات الثقافية الخارجية، و«سعد الدين وهبة» مسئول عن الثقافة الجماهيرية، و«أبو بكر خيرت» مسئول عن أكاديمية الفنون، و«عنايات عزمى» و«سمحة الخولى» عميدة «الكونسرفتوار»، وفى الخارج «د. زكى نجيب محمود» و«د. طه حسين» و«يوسف إدريس» وكان فيه «أم كلثوم» و«عبد الوهاب» و«عبد الحليم».. اليوم بدأنا تفريخ أجيال ولكن حتى يصلوا لما وصل هؤلاء إليه فإننا نحتاج عشر سنوات.
روزاليوسف: هؤلاء أبناء ما قبل الثورة.
الوزير: كانوا موجودين !
روزاليوسف: لم يكونوا على القمة التى تتحدث عنها الآن بل كانوا فى مرحلة منتصف الطريق.
الوزير: لا كانوا ذوى قيمة كبيرة، فـ«طه حسين» فى السماء و«العقاد» و«توفيق الحكيم».. منذ أن توليت المنصب عرفت أن الرموز اختفت، فكان لابد من البحث عن رموز جديدة، وهى سياسة الوزارة ودورها أن تبحث عن الرموز.. ولكنى رأيت أن أساعد هؤلاء واستلمهم بعد عشر سنوات أو فى أى سن لأن الدولة عمرها لا يقاس بعشر سنوات، وما أقوم به حاليا ليس من الضرورى أن أجنيه الآن، فأنا بدأت إنشاء أكبر متحف فى العالم على أن ينتهى فى الوقت المحدد له، وليس شرطا أن أكون أنا من ينتهى البناء فى عصره.. بدأت فى أشياء أخرى كثيرة ووضعت بذورا معينة كى تثمر فى وقت من الأوقات لتصبح مصر زاخرة لأن هناك أوقات تخاريف عانيت منها!!لقد كان هناك فراغ بالفعل، لذلك نحاول إيجاد الشباب الذى لم يخرج منه بعد المفكر الكبير الذى يعرف كيف يكتب عن زميل له أو الممثل العتيد، لكنهم موجودون على أية حال وستجدهم على المقاهى التابعة لوزارة الثقافة فى ساحة «الأوبرا» عشرات بل مئات من هؤلاء.. الموسيقى الجاد، السينمائى الجاد، الشاعر والأديب.. كلها محاولات.. أنا لن أجنى حصادهم بل ستحتفى بهم مصر خلال السنوات القادمة لكى يعيدوا لمصر جلالها فى العالم كله.
روزاليوسف: كيف استطاع هؤلاء الدعاة المزيفون أن يسوقوا أنفسهم؟
الوزير: الناس تحب الجدل.. وفى التليفزيون تجد من يقول ما هو اسم أمك واسم أبيك وبعدين يتحدث عن سكة سفر !!
روزاليوسف: هل تريد أن تقول أن مثل هؤلاء وجدوا طريقهم إلى قنوات إعلامية بينما منتج وزارة الثقافة لا يجد طريقه لهذه القنوات.
الوزير: لو تحدثنا عن الإعلام الحكومى فقط فإننا ننظر للأمور من منظور ضيق.. أنا أتحدث عن الإعلام حتى لو كان حكوميا، فإن قيل لى أعمل برنامج سأطلب النظر فى قائمة المركز القومى للسينما سنجد مئات الأفلام الروائية والقصيرة أو التسجيلية سأختار.. وفى معهد السينما.. لدينا حصيلة كبيرة.
روزاليوسف: صحيفتك لا تكتب ولا تعبر عن ذلك؟
-الوزير: اقرأوها جيدا !
روزاليوسف: كان لديك مشروع قناة فى نهاية مرحلة صفوت الشريف وتوقفت عن هذا المشروع.
الوزير: عندما وجدت أن «أنس الفقى» تولى وزارة الإعلام قلت أنه ابن الثقافة وهو الذى يقوم بذلك.. أنا وزارتى ضخمة جدا ولدى تسع عشرة مؤسسة ووجدت أن القناة ستكون مكلفة جدا ولن أتفرغ لها كى تنجح، وأنا لا أحب أن أقوم بمشروع يفشل فمثلا المركز القومى للترجمة نجح وترجمنا ألف كتاب.
روزاليوسف: هذا عمل عظيم لم يأخذ حقه وحتى القرار الجمهورى عندما صدر لم ينتبه إليه أحد وكتب على عمود فى صفحة متأخرة ولم يلتفت إليه أحد؟
الوزير: كتبنا عنه فى «القاهرة»، ولكن ما أريد أن أقوله أننا انتقينا أعظم ما كتب فى العالم.. ليس «عياقة»، ولكن لكى يدرك هذا الشعب هذه الثقافات ويعرفها دون أن نكون متخلفين عن أى أحد.. أيام «طه حسين» كانوا 600 كتاب، أما الآن فقمنا بترجمة أكثر من ألف كتاب !
روزاليوسف: نحن فى حاجة لمجموعة تنويرية وزارية كما قلت ونحن نوافق على هذا.. ولكن نقول أن هناك خللا بين وزارات الثقافة والإعلام والتعليم.
الوزير: ليس خلل، فلم توضع خطة تنسيق فيما بينها..
روزاليوسف: حتى الآن بعد 17 عاما هل لديك أمل أن هذا قد يحدث.
الوزير: يا ريت.
روزاليوسف: المنتج الثقافى الملىء بالزخم كما تقول لماذا لم يجد طريقه إلى قنوات إعلام خاصة أصبحت منتشرة الآن ومنذ سنوات، لماذا لم يصبح عليه طلب إذا اعتبرنا أن الإعلام الرسمى لا ينتبه لسبب أو لآخر أو لأمر له علاقة بتركيبته.
الوزير: يبدو أنكم تعيشون منطقة أخرى تعالوا نرصد الحركة الثقافية فى الوطن العربى، عملية التعاطى معها من قبل المجتمع والقنوات نجد أن القنوات الجادة الجزء الجاد فيها قليل للغاية، ولا يوجد من يبحث عن معلومة، فإمكانات مصر الثقافية هى إمكانيات دولة عظمى كبيرة فى الكم والتنوع.. وعندنا دار الكتب وهى واحدة من أهم دور الكتب فى العالم تحتوى على مخطوطات ووثائق تصل إلى 92 مليون وثيقة كل وثيقة تعمل برنامجا ولو لدينا ناس تعرف تعمل برامج تجد وثيقة مثلا من أيام محمد على نعمل عليها برنامج لمدة نصف ساعة عن الوثيقة وتاريخها.
روزاليوسف: هل الجدية تتناقض مع الجاذبية؟
الوزير: إطلاقا.
روزاليوسف: لديكم برامج لها جاذبية بطبعها مثل مهرجان القاهرة السينمائى يتم تسويقه فى وزارة الثقافة بطريقة كلاسيكية منذ 15 عاما عبارة عن مجموعة رسائل متناثرة فى التليفزيون أو القنوات الفضائية ولقاءات عشوائية مع بعض النجوم.. لكن هل هناك داخل وزارة الثقافة من يقوم بتسويق هذا المنتج الكبير؟
الوزير: هذا العام أول مرة تضع الوزارة يدها بشكل متكامل مع المهرجان، قبل ذلك كنا ندعمه فقط حتى لا يتم تأميمه منذ أيام سعد الدين وهبة وحتى الإدارة الحالية عندما وجدت أن المهرجان بدأ يتخذ طابع الرتابة التى تتحدث عنها كنت خايف أن أتدخل فيقال أننا سنأخذ المهرجان لصالح الحكومة، رغم أننا نخصص له من 5,4 إلى 5 ملايين جنيه.. هذا العام قلت لهم أن المهرجان سيتراجع فباقى المهرجانات بدأت تسبقنا ووجدت أن المهرجان سينهار فقررت الوقوف معه هذا العام بجانب الإدارة و أعطيهم خيال الوزارة حتى يعود ناجحا مرة أخرى دون أن أتحمله.. وبدأنا التفكير بطريقة أخرى وهى طريقة الخصخصة قلت لهم أنا لدى خطة وهى التغيير النوعى للمهرجان فأوفر له الأموال وأقتطعها من نشاطات أخرى حتى يقف المهرجان على قدميه وطرحت عليهم مجموعة اقتراحات ووافقوا عليها.. وطرحنا اختيار راع للمهرجان وتحدثت مع نجيب ساويرس لأنه غاوى سينما ورحب بالاتفاق وبدأت طريقة الإعداد من خلال رسائل على الموبايل.
روزاليوسف: هل تتوقع أن يتعرض مهرجان القاهرة السينمائى لحملة مضادة على خلفية أزمة الحجاب إذا ما كانت هناك رغبة للضغط على الوزير ورسالته الثقافية؟
الوزير: لا أعتقد، لأسباب عديدة أن هناك أناسا تدعو للتحجب، ولكننا لا ندعو لعدم التحجب، بل كل مهمتنا أن نضع الحياة المعاصرة أمام الناس.
روز اليوسف: قيل أن الوزير قد افتعل هذه الأزمة والتعبير الذى قيل أكيد قد وصلك وهو «يشحن الكارت».
الوزير: متعجبا.. أنا أيضا افتعلت أزمة الاستقالة، وافتعلت أيضا هذه الأزمة وسأفتعل أزمات أخرى.. على العموم أنا أصنع لكم حراكا.. أريد أن أسأل من الذكى جدا الذى اكتشف الذى لم نكتشفه.. هذا ذكى ذكاء خارقا.. فهو يرى أننى أجلس فى مطبخ أو حجرة تفعيل أو تفجير الأزمات.
روز اليوسف: السبب هو أن مالك الجريدة ورئيس تحريرها والمحررة ليسوا أصحاب نوايا سيئة ضد فاروق حسنى بل إن مالك الجريدة صديق فاروق حسنى.. كيف يمكن أن يورط فاروق حسنى فى أزمة؟
الوزير. دعنى أوضح ما حدث كان عندى وزير من سنغافورة وعندما خرج وجدت كل مندوبى الصحف وكان معهم هذه المحررة التى تتصل بى بشكل يومى، وعمرى فى حياتى ما طلبت منها أن تخلع الحجاب.
روزاليوسف: هل طلبت من أى واحدة قبل ذلك أن تخلع الحجاب؟
الوزير: إطلاقا.
روزاليوسف: هل تحدثت قبل ذلك فى الحجاب؟
الوزير: فى مجلة الإذاعة والتليفزيون منذ شهر ونصف وقلت رأيى فى الحجاب وهو بالمناسبة نفس الرأى.
روز اليوسف: ما هو الفرق؟
الوزير: لا أعرف.. المهم وجدت المحررين يسألون الوزير الضيف وتوجد محررة تتحرك فى الخلف فاكتشفت أنها مشيرة موسى وداعبتها.. أنا شفتك من يومين هما أثروا عليكى وهذا تم فى إطار ضاحك وعفوى، فدخلت مكتبى وانتهى الأمر، وفى اليوم التالى تحدثت معى محررة الخبر وتحدثنا عن اتحاد الكتاب وتصريحات محمد سلماوى حول عدم خوض مصر لانتخابات اتحاد الكتاب لأنها أكبر من الانتخابات وقلت رأيى وهو أن تخوض مصر الانتخابات وإذا نجحت فهذا قدرها عند العالم العربى وإذا لم تنجح فهناك تقصير منا.. وقالت لى أنا أحدثك الآن وأنا زعلانة منك فسألتها عن السبب فقالت أنك قلت على الحجاب كذا.. تعليقا على المداعبة التى قلتها لمشيرة موسى.. هذا خارج السياق.. رئيس التحرير صديقى وأحبه وهى أيضا وأنا لم أشكوها بشكل مباشر بل تحدثت مع رئيس تحريرها وتأسف لى.
روزاليوسف: هل هذا يعنى أنه اعتبر هذه غلطة؟
الوزير: لا أعرف.. أنا لم أرغب فى اتهامها ولكنها ادعت أننى قلت لها انشرى وأنا لا يمكن أن أقول انشرى!
روزاليوسف: بل كتبت تكذب وتقول أنك قلت لها انشرى وأنك وافقت وأنك كنت تعرف أن هذا الكلام قيد النشر وأن هذا تصريح؟
الوزير: أقسم بشرفى أن هذا ما حدث وأنا حميتها من الموقف، وقالت لى ولكن تصريحك جرىء جدا فهل هذا الرأى للنشر، قلت لها أنا لا يهمنى وأقول رأيى فى أى مكان ولكنه ليس للنشر..
روزاليوسف: تصريحاتك تبدو فى شكلها وكأنها متناثرة وعفوية ولكن مجملها رسالة متكاملة مثل الكلام الذى قلته لنا حول رد الاعتبار من مجلس الشعب.. بالمناسبة كيف ترى رد الاعتبار الذى يمكن أن يقدمه المجلس، وهل مازلت حريصا على استخدام هذا التعبير حتى الآن؟
الوزير: الامتهان الذى تعرضت له فى مجلس الشعب وهو سلطة يجب أن تحترم لا يرضى أحدا فلا ينبغى أن يمتهن شخص ما فى المجلس مادمت تحترم هذه المؤسسة، هم اغتالونى اغتيالا قاسيا جدا .. وأنا لا أتحدث عن النواحى القانونية بل أتحدث عن العلاقة، فطالما طلبت لابد أن أكون هناك، لأننى قانونيا ودستوريا أحاسب أمام مجلس الشعب!
روز اليوسف: هل العلاقة بين المجلس والوزير أم الوزير والأغلبية البرلمانية؟
الوزير: المجلس والوزير.. لكن لا يجب أن تمتهن الحكومة المجلس، ولا يمتهن المجلس الحكومة.. العلاقة شىء والدستور والقانون شىء آخر وهل الخلاف خناق أم منطق؟ وهل تتخيل لو أنى كنت ذهبت فى هذه الظروف كان بإمكانى قول أى شىء؟!
روزاليوسف: هل طُلِب منك ألا تذهب أم هذا قرارك الشخصى؟
الوزير: هذا قرارى الشخصى.
روزاليوسف: ألم ينصحك الحزب بألا تذهب؟ الوزير: لا لم ينصحنى أحد.
روزاليوسف: والجهات الأمنية ألم تنصحك؟
الوزير: لا.. أنا كنت تعبان يوم خطاب الرئيس، ضغطى كان مرتفعا جدا وعندى صداع، وأتناول أدوية الضغط حيث كان عندى صداع خفيف وكان بإمكانى حضور الجلسة ولكن ازداد الصداع فتحدثت مع د. زكريا عزمى وقلت له أنى تعبان وأعتذر عن حضور جلسة الرئيس برغم أنى مواظب على حضورها.
روزاليوسف: أهذه أول مرة منذ 19 عاما تتغيب عن مثل هذه الجلسة؟
الوزير: نعم أول مرة.. وقلت له أنا عندى صداع وضغط وأنا خايف ولدى شك إذا ذهبت أن يحدث صخب شديد قبل دخول الرئيس لأننا نذهب قبله بساعة.. قال لى فعلا دى فكرة جيدة.
روزاليوسف: متى كان هذا تحديدا؟
الوزير: قبلها بيوم.
روزاليوسف: من هو الدكتور الذى يعالجك من الضغط؟
الوزير: د. محمد سعد زغلول.
روزاليوسف: ألم يحدثك د. زكريا وأوحى لك بآرائه التى سيعلنها فى مجلس الشعب عند اعتذارك عن الخطاب باعتبار أن هذه جلسة أخرى.. ألم يقل لك ياسيادة الوزير كان ينبغى أن تؤجل مثل هذا الكلام إلى ما بعد بداية الموسم البرلمانى بفترة؟
الوزير: مستغربا.. هو أنا قلته!! ده وقع فى حجرى!! أنا فوجئت بهذا.. كلمتنى فريدة الشوباشى وقالت لى قرأت عدة تصريحات لك بخصوص الحجاب، قلت لها كل كلامى عن اتحاد الكتاب، قالت لى أنت تكلمت عن الحجاب.. فقلت لها حجاب إيه لأنى كنت قد نسيت وقلت سأنظر فى الجريدة فى المكتب ونسيت بالفعل لأنى انشغلت حتى الساعة السادسة ولكن عندما رجعت للبيت وفتحت الجريدة وفوجئت بالمكتوب تحدثت مع رئيس التحرير وقلت له ليس من المعقول أن يكتب مثل هذا الكلام..وقلت له أنا أحب محررة الخبر ولا أريد إيذءها وهى فى بداية حياتها ولكن ليس هذا أسلوبى..
روزاليوسف: ألم تتوقع كل هذه التداعيات؟ الوزير: إطلاقا لأن المكتوب سطرين أو ثلاثة ولأن الموضوع الأساسى مكتوب فى آخر صفحة، عندما تفتح الجريدة ستجد موضوعين الأول فى الصفحة الثالثة والثانى فى الأخيرة. ؟ روزاليوسف ألم يلفت نظرك هذا الاجتزاء؟
الوزير: لفت نظرى بالطبع فهى أخذت التصريحات كموضوع وحدها وقلت ربما رغبت فى تحقيق سبق أو غيره لكنها كلمتنى بعد ذلك وتأسفت وأكدت أنها لم تتصور أن يحدث هذا قلت لها خلاص.. لم أكن متصورا أن المسألة ستصبح بهذا الشكل ولم أتحدث فى الحجاب من ناحية الدين.. ويعنى مين هما اللى بـ3 مليم ثم أنا لم أقل «الشيوخ» بل قلت «شيوخ» يقولوا فتاوى ويقولون أننى قلت أن فى الحجاب تخلف وحائط صد ...انظروا لما كتب وتم نشره «حائط صد لكل الأفكار السيئة» ووزارة الثقافة مسئوليتها ذلك، فأى نوع من الثقافة الغازية والسيئة تكون الوزارة لها كحائط صد وكذلك كل ما هو مهين بما فيه الأغانى الموبوءة فى الشوارع سنكون له «حائط صد»، كما سنكون حائط صد للكتابات البذيئة وكل ما هو متدن، ولكننا لسنا حائط صد للحجاب فهذا ليس شأننا!
روزاليوسف: هل اتصل بك عدد من الوزراء قائلين إن زوجاتنا منزعجات من التصريح؟
الوزير: أنا تحدثت عن الحجاب وليس عن زوجات الوزراء.
روزاليوسف: هناك أعضاء فى مجلس الشعب قالوا إن زوجاتنا وبناتنا محجبات؟
الوزير : وأنا مالى هم قلبوا الآية وقالوا إن اللابسات للحجاب متخلفات.. لم أقل هذا والجريدة موجودة.
روزاليوسف: هل نسقت مع الفنان حسين فهمى فى البرنامج الذى تحدث فيه؟ الوزير: إطلاقا! بل أنا فوجئت به.. والغريب أن جلسة مجلس الشعب كان فيها أشياء غريبة، وعضو جماعة الإخوان كان يمسك الجريدة فى يده ويقول كلاما غير المكتوب ويؤكد أننى قلت «متخلفات»، ولو كان عضو آخر طلب منه قراءة الموضوع لاتضح الاختلاف! ؟ روزاليوسف: وقالوا أيضا أنك قلت أن أركان الإسلام أربعة؟
الوزير: المحررة «لخبطت». أنا قلتها مرة فقد «التبس على الأمر بين المذاهب الأربعة التى لم تتفق على الحجاب».
روز اليوسف: إذا لم يحدث ما تطلبه أو تتوقعه من مجلس الشعب.. ماذا سيكون موقفك؟
الوزير: أنا لا أطلب شيئا صعبا فأنا مستعد أن أعطيهم كل حقوقهم.. على أن أحصل على حقى.. فى المقابل!
روزاليوسف: وما هو هذا الحق؟
الوزير: أن يتم رد اعتبارى بعد الإهانات التى وجهت لى فى مجلس الشعب.. كيف أدخل مجلس الشعب مرة أخرى بعد ما رأيته على شاشة التليفزيون.
روزاليوسف: أنت رجل سياسى ويحدث أكثر من ذلك فى بعض الدول؟!
الوزير: هم أعضاء فى المجلس، والوزراء أعضاء أيضا فى نفس المجلس، بينما أنا لست عضوا فأنا أذهب كضيف فقط!
روزاليوسف: أنت وزير وهذا حق دستورى لك؟
الوزير: إن حقى الدستورى أن أدخل المجلس كما أن لهم الحق فى أن يستدعونى أيضا، ولكنى ليست عضوا فاعلا فى المجلس بالإضافة إلى أننى وزير!
روزاليوسف: هذه نقطة مفهومة.. لكنك دستوريا من حقك أن تدخل المجلس.. ومن حقهم أن يناقشوك.
الوزير: أقصد أن الوزير الذى هو عضو فى المجلس ليس من حقه أن يتغيب عن الجلسات ولكن بالنسبة لى من الممكن ألا أذهب للمجلس إلا طبقا للقواعد الدستورية.
روز اليوسف: هل بينك وبين رئيس مجلس الشعب أى نوع من أنواع الحساسيات؟
الوزير: الدكتور فتحى سرور صديقى منذ كان فى باريس سفيرا ممثلا للجامعة العربية فى اليونسكو، وفى ذلك الوقت كان الدكتور عاطف صدقى مستشارنا الثقافى هناك وأنا كنت أعمل مساعدا له.
روز اليوسف: وما رأيك فيما قاله د.سرور فى اللجنة؟
الوزير: أنا لم يريحنى هذا خاصة أننى كنت أنتظر من د.فتحى سرور على الأقل أن ينقذنى من كل هؤلاء أو على الأقل أن تكون كلمته مخففة على ولا تضاف لما سرد فى هذه الجلسة.
روز اليوسف: هو تحدث عن نظرية خاصة بمسألة ما الذى على الشخصية العامة أن تقوله.
الوزير: أنا لا أعتقد أن على الشخصية العامة عندما تتحدث عن شىء خاص جدا أن تتحدث عنه كمسئول.
روز اليوسف: نريد إجابة إذا لم يحدث ما تتوقعه أو ما تريده فى مجلس الشعب ماذا سيكون موقفك؟
الوزير: شخص واحد فقط هو الذى يهمنى فى كل هذا الموضوع وهو الرئيس محمد حسنى مبارك، ليس فقط احتراما لكيانه كرئيس للدولة ولكن لإحساسى به وعلاقتى النفسية معه والتى تجب أى شىء لذلك، أنا شخصيا قابل للمثول أمامه الآن إجلالا وإكراما وحبا وإعزازا لشخص سيادته.
روزاليوسف: المثول أين؟
الوزير: إننى مازلت موجودا لم أنقطع تماما عن عملى ولكننى قلت أننى لا أستطيع التعامل مرة أخرى مع مثل هذه المسائل.. وأحب أن أقول أننى لايهمنى إطلاقا التعامل مع أى كائن لأنى أعرف الرئيس مبارك وعملت معه 19 عاما وساندنى فى أمور عديدة وهو رجل يعرف كيف يساند؟ وكيف يرى؟ وكيف يشعر الصدق فى هذه المسائل لذلك أنا موجود وتحت أمر الرئيس الذى أرجوه فقط أن أنال حقى برد اعتبارى الذى أطلبه.. لأنه لايمكن إطلاقا أن أمتهن أمام المجتمع فى التليفزيون ويصالحونى فى زقاق.
روزاليوسف: ما هو تصورك لرد الاعتبار؟
الوزير: الذى يرونه.. ليس لى طلبات محددة..
روزاليوسف: وإذا لم يحدث هذا؟
الوزير: خلاص ...
روزاليوسف: هل تشعر بالإحباط يا سيادة الوزير؟
الوزير: طبعا لازم أشعر بالإحباط لأن فى هذا ظلم لى خاصة أنه لم يقرأ أحد ولم يسمع أحد وحتى رسالتى التى أرسلتها لمجلس الشعب لم تسمع ولم تفهم وأنا حزين لذلك رغم أنى أكدت فيها احترامى للدين وللمحجبات المصريات.
روزاليوسف: هل شعرت أن هناك تنسيقا بين أعضاء الحزب الوطنى وبين الإخوان المسلمين فى المجلس؟
الوزير «ضاحكا»: لم يظهر شىء أمامى ولم أعرف من الإخوان ومن الوطنى لأن الصيغة كانت واحدة.. وممكن يكون وصل لهم كلام خاطئ «نواب الحزب الوطنى» فمن حقهم أن يقوموا بذلك إنما أنا أوضحت ولكن هل هذا التوضيح لم يصل؟ رغم أننى بصريح العبارة لم أصرح وهذا يفرق كثير جدا فى مؤتمر صحفى أو فى حديث صحفى بل هو كلام اقتبس من تليفون خاص ولم اقترب من الدين سواء من قريب أو بعيد، ولم أحرم ولم أدع أحدا أن يخلع الحجاب بل بالعكس أنا تحدثت عن زى وأنا أعتبر زى الحجاب من مظاهر الدين وأى دين له مظاهر فالبوذيون لهم رداء وكل ديانات الشرق الأقصى لها زى.. وكذلك نحن وهذا ما اتفق عليه مؤخرا فأنا لى رأى فيه فليكن الزى كما أحب وكما أحب أن تكون مصر.. فقد أثاروا أننى «شتمت» فى المشايخ وليس كل المشايخ «شيخ الأزهر والمفتى» وهذا نوع من أنواع التعمد فى التحريض والإرهاب بأن يثيروا ضدى حفيظة المفتى وشيخ الأزهر رغم أننى لم أذكرهما وإنما تحدثت عن شيوخ هم أدعياء وبالتالى من حقى أن أقول عليهم ما أريد.. وعندما تحدثت عن الصوت الرخيم والصوت النكر.. أى واحد يعرف هذا.. والمفروض أن الشخص الذى ينتمى للإخوان المسلمين يقدر هذا أكثر من الآخرين.
روزاليوسف: ألا ترى أن هذه المعركة أدت إلى انتكاسة فى مسألة حريات التعبير بمعنى أننا فوجئنا أن وكيل اللجنة الدينية فى مجلس الشعب يقول ممنوع على أى شخص أن يتحدث فى أمور الدين إلا الشيوخ.. ويقول قرروا داخل اللجنة أن زى المرأة هو الحجاب.
الوزير: أنا أساسا كان مدخلى لهذا الموضوع هو الحجر على الرأى.. دعنى من الحجاب لأنى لم أتحدث فى الدين وتحدثت فى شكل بحت.. دع هذا جانبا.. أنا أتحدث عن إبداء الرأى لأن هذه قضية رأى وأسلوب حوار.. هذه قضيتى مع الموضوع أما الحجاب فأنا لست شيخا أو مفتيا فهذا الأمر له أهله واحترامى للمحجبات موجود، فأنا معظم أقاربى محجبات ووزارة الثقافة تضم محجبات كثيرات لهن حقوقهن دون ظلم. ولكن المسألة غريبة أن تجد نفسك قد دفعت دفعا فى «سكة» غير التى تحدثت فيها.. الموضوع هو قضية رأى وأسلوب حوار بشكل أساسى.. والذى أخشاه عندما ألتقى بهم ألا يكون هناك حوار بل صوت عال.
روزاليوسف: هل ترى فى الفترة المقبلة أن الحجاب كقطعة قماش سيكون مقدسا مثل علم الدولة لايجوز الاقتراب منه؟
الوزير: لا أريد الحديث فى الدين والمفروض أن يدافع عن هذه الأمور الرجال العارفون ودارسو الشرائع وكل ما هو متصل بالسيرة.

روزاليوسف: يبدو من كلامك أنهم نجحوا فى إخافتك.. فالأسبوع الماضى كان يمكن أن تتحدث فى مثل هذه الموضوعات!
الوزير: لا.. أنا أصفى قضية ولا أريد الدخول فيها مرة أخرى.

المصدر: روز اليوسف

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...