على «ويكيبيديا»: السجالات العربيّة تهمّش الضاد

11-09-2012

على «ويكيبيديا»: السجالات العربيّة تهمّش الضاد

بموازاة الواقع، يخوض بعض العرب جدالات حادة حول عدة قضايا سياسية ودينية على شبكة الإنترنت. وإن كان «فايسبوك»، كموقع «يؤمّه» أغلب مستخدمي الإنترنت العرب، قد صار في العامين الماضيين حاضناً «آنياً» لمثل هذه الانقسامات والخلافات، فإن «ويكيبيديا» تبقى الساحة التاريخية لها. ذلك لأن «الموسوعة الحرة» حجزت لنفسها مكاناً متقدماً على صعيد الرصد والتأريخ وجمع المعلومات التي يمكن القارئ الاطلاع عليها بسهولة، في أي وقت يريد، على عكس الموقع الاجتماعي الأزرق الذي يضمن الخصوصية لمستخدميه إن أرادوا، والذي تبقى جدالاته وانقساماته محصورة بين الأصدقاء أو المشتركين في إحدى الصفحات أو المجموعات. إذا اشتدّ الخلاف على «فايسبوك»، قد يحذف شخص ما شخصاً آخر، أو ينسحب أحدهم من صفحة أو مجموعة تخالفه بالرأي. لكن الأمر مختلف في «ويكيبيديا» التي تشوِّه الآراءُ الشخصية محتوياتها. الموسوعة التي تحاول أن تكون حيادية (بجهود عدد كبير من محرريها المحترفين، بطبيعة الحال) وذات صدقيّة عالية أمام القراء، تعاني مقالاتها يومياً من مئات الهجمات الساعية إلى تحوير مضمونها، أو نقضه، أو حتى حذفه، ليتناسب مع معتقَد «المهاجِم» ورأيه الشخصي.
وفي حين تطفو بعض الانقسامات على صفحات المقالات الرئيسية، تظل أغلب الجدالات محصورة في الباحة الخلفية للموسوعة؛ أي في صفحات النقاش الخاصة بالمحررين الذين «يُلمّون بقوانين الموسوعة» كما تقول رافان الطائي. الفتاة العراقية التي كتبت في «ويكيبيديا» العربية أكثر من 750 مقالة جديدة، فضلاً عن تحريرها آلاف المواضيع، تقول إن «الإداريين والمحررين «المؤكَدين» يسعون ليلاً ونهاراً للحفاظ على حيادية الموسوعة، وإصلاح ما يجري تخريبه من قبل مَن هبّ ودب»، في إشارة إلى سياسة «ويكيبيديا» التي تسمح لأي شخص بتعديل المقالات. «لكن، حينما تبدو إضافات شخص على مقالة ما منحازة وغير صحيحة، فإننا نحاوره في الصفحات الخاصة بالنقاش في البداية، وإذا ما وصل التعديل إلى درجة إخراج الموضوع عن صدقية حياديته، فإننا نقفل الصفحة لحمايتها ونمنع التعديلات عليها من خلال التصويت على ذلك فيما بيننا كمحريين»،تضيف. وتعطي رافان أمثلة على صفحات شهدت «تخريبات» وسجالات حادة، كصفحات الثورات العربية، أو مقالات الإسلام ومذاهبه وأشهر شخوصه والتي غالباً ما تتحول إلى ساحة حرب طائفية، إضافة إلى صفحات إشكالية مثل «دولة إسرائيل»، فضلاً عن المقالات التي تقدم سيراً ذاتية لبعض المشاهير من سياسيين وفنانين وأدباء وعلماء ومفكرين.
متلازمة «الحروب» العربية ـ العربية على «ويكيبيديا» (وعلى الشبكة العنكبوتية كلها...)، والانشغال بها عن كتابة مقالات جديدة، تبقى سبباً رئيساً في تأخر الموسوعة، في شقّها العربي، عن اللغات أخرى. وحسب إحصائية نشرها موقع internet world stats نهاية العام الماضي، فقد بلغ عدد مستخدمي الإنترنت العرب أكثر من 86 مليوناً. وعلى الرغم من أن هذا الرقم يفوق عدد سكان دول مثل إيران وفلنلدا وتشيكيا وأوكرانيا والكوريتين... إلا أنّ عدد المقالات بلغات هذه البلدان يفوق بكثير عدد المقالات في اللغة العربية التي تجاوزت 193 ألفاً. لكن مع ذلك، تبدو رافان الطائي متفائلة بتقدّم العرب في «ويكيبيديا»: «صرنا في المرتبة 23 على سلّم ترتيب اللغات الأكثر حضوراً في الموسوعة، بعدما كنا في المرتبة 27 قبل مدة. كان لدينا 30 ألف مقال فقط في 2007، بينما اقتربنا اليوم إلى حدود الـ200 ألف مقال، فضلاً عن أن عدد المحررين العرب المحترفين يزداد يوماً بعد يوم. لنكن متفائلين!».

محمود الحاج محمد

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...