صباح قباني: إذاعة دمشق أطلقت عبد الحليم وتلفزيونها اكتشف دريد

15-01-2008

صباح قباني: إذاعة دمشق أطلقت عبد الحليم وتلفزيونها اكتشف دريد

رحلة عمر في زمن لامتناهٍ أتيناها وبدأنا نقلب أوراقها صفحات لسناإلاكلمات في أسطرها نعلم متى كانت لحظة البدء وإن كانت بغير إرادتنا ولكننالانعلم متى تكون نهاية المطاف.

ومابين البداية والمطاف ثمة محطات ومحطات آمال وآلام أحلام ووقائع كنا فيها فاعلين ومنفعلين نكتب أسطرنا بما صبغ مسيرة الحياة وفي رحلة العطاء ثمة وقفات لابد أن تكون وقفة الحصاد وتقييم المسيرة.. نفتح دفاتر الذاكرة ونبحر في الماضي وعيوننا على صفحات القادم نريد أن نكتب للقادم وأن نخلد ماأنجزناه ..هكذا أقرأ رحلة الإبحار في أي كتاب مذكرات ..الدكتور صباح قباني الاعلامي والدبلوماسي والفنان يفتح أوراق عمره ويختار منها مايريد أو يراه مناسباً الآن..‏

وهي صفحات لاشك غنية وتحمل الكثير من المعطيات زاخرة بنشاط دؤوب ابتدأ منذ الطفولة التي أهمل تاريخ بدئها حتى كانت الولادة أي عام ماذا علق منهاغير ماقدمه عن معمل الوالد..على كل حال نحن أمام أوراق ثرية مبدعة تضيء وتحفز, تكشف وتدفع تحقق متعة المعرفة والتواصل وتكشف عن جوانب مهملة في تاريخ مسيرتنا الإعلامية المرئية.. نعيش التفاصيل نعيش لحظة الولادة وربما ثمة من وقف عندها لكن ثمة فارقاً كبيراً بين من يصنع الحدث ويشارك ويوجهه وبين من يراه في الخارج.‏

معمل الأب..‏

يقف في أوراق العمر عند معمل الأب (معمل أبي كان يقع في أحد أحياء دمشق القديمة وفي نقطة بين مدرستنا الكائنة خلف سوق البزورية وبين بيتنا في حي مئذنة الشحم وفي غدونا ورواحنا ,أنا وأخوتي ونحن أطفال بين البيت والمدرسة التي لايفصل بينهما سوى عشرات قليلة من الأفكار كان لابد أن نمر بالعمل لتحية الوالد وتقبيل يده ومن ثم نبدأ بالتجوال الفضولي بين الأوعية التي على المواقد لنفتقد مايهيأ فيها من أصناف الحلوى وتذوق ماجهزمنها ثم نغادر لنكمل طريقنا إما إلى البيت أو المدرسة وكل واحد يتلمظ مستمتعاً بحلاوة من انتقى قطعة نوكا,أو حبة شوكولاته ,أو ملبسة منكهة بالفانيلا.‏

بيتنا..‏

وصف نزار قباني بيت الطفولة في كتابه :(قصتي مع الشعر)وها هو د.صباح قباني يعيد رسم الصورة من جديد :أما بيتنا في حي مئذنة الشحم فكان واحداً من بيوت دمشق التقليدية المتناثرة في أحيائها القديمة.‏

ماإن تدفع بابه الخشبي المتواضع حتى تفاجئك الجنة فسحة الدار تتوسطها بركة الماء الرخامية ذات النافورة الصادحة وأصص الزهور والورود والنباتات التي تفننت أمي في انتقاء أنواعها وألوانها ووزعتها في أركان باحة البيت وعلى أدراجه الحجرية وعلى نوافذ غرفه.. في رحاب هذه الجنة الصغيرة ترعرعنا وكبرنا أنا وأخوتي ونما إحساسنا بالجمال والنظافة والأناقة في هذا (البيت المظلة) كما وصفه الأخ نزار في شعره وفي نثره اللذين كان يعتز بأنهما مكتوبان بأبجدية ياسمين بيتنا الدمشقي.‏

نزار ممثلاً...‏

يقف د.قباني عند صفحة من تاريخ مدرسته إذ كانت المدرسة تنهي العام الدراسي بحفلة تمثيلية يقدم فيها ذوو الميول الفنية من الطلاب أمام أهلهم وضيوف المدرسة مسرحية مستوحاة من التاريخ العربي وأما الفتيات فكن يحجمن في تلك الأيام عن الظهور على المسرح وكان الأستاذ يعهد بالأدوار النسائية إلى بعض الفتية من الطلاب ملاح الوجوه وقد وقع الاختيار ذات مرةعلى أخي نزار ولم يكن قد جاوز الرابعة عشرة من عمره كي يؤدي دور إحدى وصيفات (شجرة الدر) التي تآمرت معهن لاغتيال زوجها.. وكان يلعب دوره الطالب (عبد الهادي دركزلي) وقد أعطي نزار دور الوصيفة المكلفة ليلاً مع رفيقاتها إلى مخدوع الزوج وبخنقه وهو نائم وذلك بوضع مخدة على وجهه لكتم أنفاسه وقد حدث أن اندمج نزار في الدور وأطال في الضغط بالمخدة أكثرمما ينبغي حتى كاد المسكين أن يغمى عليه وراح يستغيث ولم ينقذه إلا انتباه الأستاذ الذي كان يدير المسرحية حتى أدرك أن الاستغاثة كانت حقيقية فأمر فوراً بإطفاء أنوار المسرح وبإسدال الستارة لإشعار المتفرجين أن الفصل انتهى وأن عز الدين إيبك قد مات حقاً.‏

في أوراق العمر أكثر من محطات شخصية ,فيها عطاء المبدع الذي ينذر نفسه من أجل مسيرة العلم والثقافة والابداع في موقف والده من سفره إلى باريس نقرأ استشراف المستقبل فالأب يشجع على السفر لطلب العلم على الرغم من الموقف من فرنسا.‏

وفي البحث عن موضوع للدكتوراه يقدم صباح حالة وطنية متميزة وراقية.‏

في الإذاعة والتلفزيون:‏

لاأريد الوقوف طويلاً عند أي محطة حتى لا نفسد لذة القراءة للمتابع ولكن نشير إلى مايسجله قباني من أن إذاعة دمشق هي التي اكتشفت عبد الحليم حافظ ومنها انطلق وإذاعة دمشق التي رعت الرحابنة,‏

وحين عمل على تأسيس التلفزيون اكتشف دريد لحام وأخذ بيده إلى القمة إلى قاسيون صعد محمد حسنين هيكل ليزور التلفزيون .‏

أما في وزارة الثقافة التي عمل فيها بعد عودته من فرنسا فقد أقيم أول معرض تشكيلي وتم اقتناء لوحات من ابداعهم وكذلك أول معرض للتصوير الضوئي..‏

وعلى كل حال الأوراق رحلة يعبرها القارئ متشوقاً إلى الصفحات التالية ويتمنى لو أن المزيد منها قد سجل وثمة أوراق لم نشر الى خطوطها العريضة مثل عمله في الدبلوماسية ورحاب الفن .‏

بقي أن نشير إلى أن الكتاب صدر عن دار الفكر بدمشق ويقع في /369/ صفحة من القطع الكبير.‏

ديب علي حسن

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...