زكريا تامر : نصائح لنيل الرضا الأمريكي

04-12-2006

زكريا تامر : نصائح لنيل الرضا الأمريكي

زكريا تامر :

السؤال: لماذا يؤيد الرئيس الأميركي جورج بوش حكومة فؤاد السنيورة هذا التأييد الحماسي?‏‏‏‏

الجواب: الأسباب كثيرة, أحدها هو أن من الصعب على جورج بوش أن يحفظ اسماً آخر في مدة رئاسته الثانية, والاسم الذي يحفظه لا ينطق به إلا بعد ارتكاب أخطاء مهينة, فاسم رئيس الوزراء اللبناني صاحب الدموع الذائعة الصيت المتفوقة على الصواريخ حوّله جورج بوش في مؤتمره الصحفي في أستونيا من السنيورة إلى السنورة, فسبحان خالق الصقر والذبابة والفيل والفأر.‏‏‏‏

طاووس مطوق بدجاج‏‏‏‏

ليس لكثيرين من حكام الأرض العربية سوى التنافس على نيل القليل من الرضا الأميركي من دون الظفر به, فكل خطوة من خطواتهم الهادفة إلى الاقتراب من أسياد البيت الأبيض تقابلها أميركا بالتأفف والامتعاض وبعشر خطوات إلى الوراء حتى بات من المستحسن المبادرة إلى اتخاذ العديد من التدابير الجريئة الطامحة إلى إغراء أميركا بالتقليل من جفوتها, وهذا بعضها:‏‏‏‏
-إلغاء الجيوش العربية وتجريدها من السلاح وتحويلها فرقاً رياضية تبرهن على بسالتها في المباريات العالمية. أما هواة الحروب, فليس لهم غير التشاجر في الشوارع والمقاهي والملاهي ومخادع النوم.‏‏‏‏
-إصدار فتوى جريئة تعفي أولي الأمر من الحج إلى البيت الحرام, وتعتبر أن سعيهم إلى الأرض الأميركية هو الحج الأكبر.‏‏‏‏
-منح إسرائيل المزيد من الأراضي العربية حتى يتاح لها متابعة تدريب جنودها على مكافحة الإرهاب والمساهمة الإيجابية في علاج مشكلة تزايد النسل لدى العرب.‏‏‏‏
-التبرع بالأموال العربية المودعة في المصارف الأجنبية لمصلحة مشاريع إنسانية كحماية الفقمة والفيل ومكافحة الإيدز والسرطان والتدخين.‏‏‏‏
-تعيين المغنية الفاضلة مادونا مسؤولة عن تسويق النفط العربي وتحديد أسعاره.‏‏‏‏
-تنشيط الحكي عن الديمقراطية ومآثرها, وتخصيص جوائز مغرية للمتفوقين في هذا النوع من الحكي. أما الأفعال, فلا داعي لها لأنها تبدد الطاقات وتهدرها في ما لا ينفع.‏‏‏‏
-إلغاء المقاطعة العربية العلنية للمنتوجات الإسرائيلية, فالعفو عند المقدرة من شيم الكرام, والجار قبل الدار.‏‏‏‏
-اعتقال كل مواطن ذي لحية بتهمة أنه من أنصار أسامة بن لادن واعتقال كل معاد لإسرائيل بتهمة أنه من أنصار بقاء التخلف والجهل.‏‏‏‏
ومن المؤكد أن إهمال هؤلاء الحكام اتخاذ مثل هذه التدابير المقترحة لا يعني أنهم معادون لها أو غير موافقين عليها بل يعني فقط أنهم يفضلون الاستمرار في العمل وفق منهاجهم الحالي الذي يحرم عليهم الإقدام على أي عمل إلا إذا جاءتهم الأوامر من الخارج المقدس أو أنهم أنجزوا تنفيذ تلك التدابير, ولا مسوغ لتنفيذها ثانية.‏‏‏‏
صوت من الماضي‏‏‏‏
حكى لنا عبد الرحمن الأخضري عن ساحر ينظر إلى الجبل, فتفتت صخوره حالاً, وتستحيل تراباً ناعماً, فتمنينا لو أن ذلك الساحر ينظر إلى مدائن نبغضها, فيريحنا من محن وأهوال لسنا مؤهلين لها.‏‏‏‏
وحكى لنا كعب بن زهير المزني عن شاعر هجا شاعراً آخر, فلم يردّ المهجوّ بقصيدة أشد, واكترى رجلاً كلفه بالقضاء على خصمه, فسارع الرجل إلى التنفيذ, وقتل الشاعر الهجّاء, ومثّل بجثته, ولم يدفنها وتركها طعاماً للوحوش, ولكن قصيدة الهجاء ظلت حيّة تنتقل من فم إلى فم, وكلما رددت أبياتها طرأ عليها تعديل ما يجعلها أمرّ وأقسى.‏‏‏‏
وحكى لنا أبو سعيد الأصمعي عن امرأة متزوجة لجأت إلى أحد القضاة, وناشدته أن يطلقها من زوجها قائلة للقاضي: كل الذين نعرفهم صاروا أغنياء بينما زوجي يرفض السرقة والرشوة ويزداد فقراً.‏‏‏‏
فحكم القاضي بالتفريق بين الزوج وزوجته, ونصح الزوج بألا يتزوج مرة أخرى, فحمدنا الله على أننا ما زلنا بغير زواج.‏‏‏‏
وحكى لنا ميمون بن قيس الأعشى عن عداء مستحكم بين قبيلتين إثر احتراق خيمة واتهام القبيلة الثانية للقبيلة الأولى بأنها هي التي أحرقت الخيمة, فسعى أحد الحكماء لإزالة ذلك العداء, فبادرت قبيلة ثالثة إلى اغتياله بحجة أنه يتآمر على أمنها, فانتظرنا بخوف ما ستفعله القبائل الأخرى مادامت القبيلة الأولى هي وحدها المتهمة بارتكاب الجرائم في كل الأحوال.‏‏‏‏
وحكى لنا عبد الله العياشي عن أم حاولت بيع أولادها الصغار, ولم تجد من يوافق على شرائهم, فأعجبنا بتلك الأم وحرصها على ألا يستمر جوع أولادها.‏‏‏‏
وحكى لنا أبو عبيد البكري عن نساء يأكلن الرجال, ويتلمظن مطالبات بالمزيد, فتبادلنا النظرات الحاسدة, وودنا لو أننا كنا من المأكولين.‏‏‏‏
وحكى لنا أحمد بن سهل البلخي عن بيوت يدخلها الهواء والشمس, ويسكنها رجال يفعلون كل ما يرغبون فيه ويقولون ما يشاؤون, فتصايحنا مكذبين, ولم نصدق كلمة واحدة مما حكاه.‏‏‏‏
أبيض أسود‏‏‏‏
ما أكثر الحكومات الموجودة على سطح الكرة الأرضية بعضها يخدم أوطانه بإخلاص وتفان, وبعضها الآخر لا غاية له إلا نهب الثروات والتشبث بالكراسي, وقد قررت حكومةٌ من تلك الحكومات الكثيرة نبذ الإهمال وتحسين أحوال الناس وتطوير البلاد, واتخذت إجراءات فورية تكفل تحقيق قرارها بالسرعة القصوى:‏‏‏‏
-السماح للسيارات بالسير على الأرصفة بغية القضاء على التمييز البشع بين راكبي السيارات والمشاة, واعداد جنازات مهيبة للمدهوسين, وتقديم التعازي الحارة إلى أهاليهم.‏‏‏‏
- منع التسول إلا لمن يقدم وثائق تثبت أنه مؤهل للتسول وذو خبرة, فلا يجوز أن يتحول شعب بكامله إلى شعب من الشحاذين بسبب الخضوع للكسل وكره العمل.‏‏‏‏
- حرصاً على السمعة الوطنية للبلاد يحظر على كل من كان هزيلاً حزين الوجه السير نهاراً في الشوارع.‏‏‏‏
-تشجيع النساء الحوامل على إنجاب البنات اللواتي سيصدرن إلى الخارج خادمات يكفلن للبلاد دخلاً محترماً من العملات الصعبة.‏‏‏‏
-إنشاء جائزة شهرية تمنح للصامتين, فالحكي يستنفد الجهد, ويضعف القدرة على الإنتاج.‏‏‏‏
-منع استيراد الأقلام والورق, فالأدباء العصاة المشاغبون إذا لم يجدوا أقلاماً وورقاً, فهل سيكتبون على وجه الماء?‏‏‏‏
-إغلاق المدارس والجامعات حتى لا يخجل الجاهل من جهله, فمن حق كل مواطن الحفاظ على كبريائه وكرامته.‏‏‏‏
-كل من يثبت أنه ضحك ينبغي له أن يقدم الأدلة على سبب ضحكه, فنحن نعيش في بلاد الضحك فيها بلا سبب هو قلة أدب, ولا أحد يرضى بأن تتهم البلاد بقلة الأدب ويلطخها عار لا يمحوه أي دم.‏‏‏‏
- مطالبة السلطات الأمنية ببذل كل جهودها ومساعيها من أجل القبض على المدعو الطمع الذي يحرض الناس على عدم القناعة بحياتهم, ويدفعهم إلى طلب حياة أخرى مختلفة جذرياً. وحينما سيتم اعتقاله, سيحاكم ويعترف بجرائمه, وسيعدم في أكبر ساحة عامة عظة لمن يريد أن يتعظ.‏‏‏‏
وما إن علم الناس بنبأ هذه الإجراءات حتى بادر الرجال والنساء إلى التعاون معاً ليل نهار بغية إنجاب المزيد من الأبناء حتى يتاح لهم التمتع بمباهج هذه الحياة الرائعة.‏‏‏‏

 

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...