ريف حلب: مدارس «داعش» الوهابية إلى ازدياد

12-10-2013

ريف حلب: مدارس «داعش» الوهابية إلى ازدياد

نشرت مواقع الانترنت أمس الأول صورة إعلان جديد للمجلس «الثوري المدني» في مدينة الباب ينص على شعار صباحي جديد للمدارس، يستند إلى الهتاف من اجل سوريا «حرة أبية إسلامية»، وذلك بتزامن مع امتداد سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) على ريف حلب الشمالي الشرقي، وقرب إعلانه إمارته الثالثة في اعزاز.
ويأتي الشعار المدرسي الجديد، ليعمق التأثير الاجتماعي والتعليمي على الناشئة في المناطق التي فقدت الدولة سيطرتها عليها، ويلحق بخطوة سبقت في الرقة تمثلت بتعديل مناهج التدريس، وطباعة أخرى جديدة، بروح إسلامية، كما تعديل الزي المدرسي الرسمي في بعض المدارس، نحو زي شرعي ومنع التعليم المختلط، تحت طائلة العقوبة و«المساءلة الشرعية».احد مسلحي المعارضة يعلم الاطفال في مدرسة في حي سيف الدولة في حلب في 30 ايلول الماضي (ا ف ب)
ويكتسب الشعار، الذي نشر على موقع المجلس الرسمي أيضا، بعدا إضافيا لكونه يرسم صورة منسوخة من نظام تعليمي عقائدي قديم إلى آخر، أكثر سوءا. فبالنسبة للأجيال الخمسة التي سبقت من السوريين، كان عليهم على مدى أربعة عقود تقريبا، ترداد الشعار «البعثي» الصباحي «وحدة حرية اشتراكية» «و»أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة» مع عبارة ملحقة في التسعينيات هي «قائدنا إلى الأبد الرفيق حافظ الأسد»، والتي سبقتها لازمة أخرى بدأت في الثمانينيات، بعد القضاء على تمرد جماعة «الإخوان المسلمين»، وتمثلت بقسم ينص على مجابهة « العدو الصهيوني وعصابته العميلة الأخوان المسلمين».
أما شعار «المجلس الثوري المدني»، وهو هيئة «شرعية» منبثقة عن حكم المدينة العسكري، وتعنى بالشؤون الإدارية والاجتماعية، فيقوم على الترديد «استرح واستعد» العسكريين، مع «الله أكبر»، تليها «عاشت سوريا حرة أبية» يتبعها التلاميذ بـ«إسلامية». وحين يصيح المدرب «قائدنا إلى الأبد» يجيب التلاميذ «سيدنا محمد». ووفقا للورقة التي ذيلت بتواقيع وأختام وتواريخ، فإن الشعار بمثابة «أمر إداري» يعمم على جميع مدارس مدينة الباب وريفها. ويأتي هذا الأمر، استكمالا لأوامر إدارية أخرى، بين آخرها قرار بإلغاء «عطلة السادس من تشرين» ذكرى حرب اكتوبر على إسرائيل، باعتبارها «خدعة روجها النظام».
ويعكس الشعار الجديد، كما المنطق الذي يسنده، الفجوة التي تفصل بين تيارات المعارضة أيضا، خصوصا بعد أن سعت قوى «الائتلاف الوطني» المعارض لتغيير المناهج في مناطق سيطرتها، وهي ضئيلة، معتمدة فيها على «نفوذ المساعدات المالية الآتية من الغرب» أكثر منه على سلطة فعلية، كما يعكس صراع النفوذ القائم، والمرشح للتعاظم بين المجالس المحلية «المستقلة»، ومجالس المحافظات التابعة لـ«الائتلاف» والهيئات الشرعية.
والأهم، هو أن الأوضاع الميدانية وقوة الكتائب الإسلامية على الأرض، هي العامل الأهم في تكريس الواقع الاجتماعي، المستعد أصلا للتطرف، ولا سيما أن قسما كبيرا من متطوعي القتال السوريين في العراق، جاؤوا عقب غزوه الأميركي، من مناطق ريف حلب الشمالي وأرياف محافظة إدلب.
ويتزامن الحديث هذا، مع مسعى «داعش» لتكريس سلطتها في مدينة اعزاز التي سيطرت عليها مؤخرا بعد معارك ضارية مع «لواء عاصفة الشمال» المسيطر الوحيد على المدينة طوال عام ونصف عام.
ووفقا لمراقب الحركات «الجهادية» عبد الله علي، فإن أمير «داعش» في اعزاز أبو عبد الرحمن الكويتي «قرر تأسيس محكمة شرعية في المدينة تقضي بالخصومات وفق الشريعة»، كما «قرر تشكيل إدارة بلدية لإدارة شؤون المدينة من حيث العمران والنظافة، علاوة على قراره السابق بتسيير دورات أمنية في كافة شوارع اعزاز لمراقبة الناس ومدى التزامهم بأحكام الشريعة، وكذلك الاطمئنان إلى عدم تسلل عناصر معادية تخطط لتعكير صفو الإمارة الجديدة».
وينقل علي عن مصادر محلية في الباب قولها إن «داعش» التي نجحت حتى الآن «في طرد عناصر لواء العاصفة من المدينة، وطاردتهم حتى استقر بعضهم بالقرب من معبر باب السلامة (الحدودي مع تركيا) بينما لجأ آخرون إلى القرى الكردية المجاورة، تتهيأ لتحويل المدينة إلى إمارة إسلامية تابعة لولايتها في حلب».
وإذا تمكنت «داعش» من تحويل اعزاز إلى إمارة خاصة، فستصبح هي الثالثة بعد جرابلس والدانا، مع الإشارة إلى قوة نفوذ التنظيم في مناطق أخرى، ولا سيما الرقة حيث تتقاسم مع كتائب إسلامية أخرى السيطرة.
وستتيح سيطرة الإسلاميين المتطرفين على اعزاز، قدرة إضافية للتمدد غربا باتجاه مدينتي الباب وتل رفعت، وصولا لتكوين طوق يحاصر ريف حلب الشرقي، كما يطوق ذلك القسم من المدينة، الأمر الذي سيسمح للتنظيم بفرض مناهجه الإسلامية، على مدارس المنطقة وطلابها (تقارب الألف مدرسة) مكونا طوقا فكريا متشددا، يكون أكثر خطرا من القوة العسكرية القائمة.

زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...