دينيس روس بصفته مستشاراً لفتح وعباس ضد حماس

17-07-2007

دينيس روس بصفته مستشاراً لفتح وعباس ضد حماس

الجمل:     نشرت صحيفة نيوريبابليك الأمريكية اليوم تحليلاً لمبعوث السلام السابق وخبير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى دينس روس تحليلاً حمل عنوان (هل بإمكان فتح منافسة حماس؟).
يقول دينس روس:
من الممكن أن يكون سارياً هذه الأيام بين البعض في واشنطن أو حتى في تل أبيب الاعتقاد بأنه قد آن الأوان للتحدث مع حماس. ولكن بالنسبة لأعضاء فتح والمستقلين الفلسطينيين الذين قابلتهم واجتمعت معهم في الضفة الغربية، بكل تأكيد لم يكن الأمر كذلك، فقد سمعت منهم أن حماس تتكون من القتلة الذين يريدون أن يكونوا جزءاً من امبراطورية إسلامية كبرى، والذين يريدون بالأساس جلب إيران إلى غزة، ومن ثم فإن أسوأ ما يمكن القيام به الآن هو مكافأة حماس بالاعتراف بها.
لذلك السبب، يمكن أن يستمع المرء لنقد للسعوديين الذين يقومون بالضغط على محمود عباس لكي يقوم بإجراء تسوية مع حماس ويقوم بتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة. وفي حقيقة الأمر، فقد صدمت بالإجماع على أن محادثات التسوية التي يدفع باتجاهها كل من السعوديين والمصريين سوف لن تؤدي لتغيير سلوك حماس. وبدلاً عن ذلك، سوف تستمر القصة، وسوف تقوم حماس باستخدامهم ضمن أسلوب تكتيكي بهدف محاولة بناء القبول الدولي بها. وما هو أسوأ أنه سوف تستخدم حكومة الوحدة الوطنية الجديدة لمحاولة القيام في الضفة الغربية بنفس ما قامت به في غزة.
بصريح العبارة، وبوضوح: هل فتح جاهزة ومستعدة للتنافس والنزال؟ وهل تستطيع فتح تحويل نفسها والارتباط والتواصل مرة أخرى مع الشارع الفلسطيني؟ وهل يستطيع أعضاؤها الاعتراف وتوضيح ذلك لأنفسهم، وبناء مثل هذه القاعدة الأساسية القوية بحيث يتغير توازن القوى بين حماس وفتح (هذه المنافسة يمكن أن تؤثر على التوازن داخل حماس بين من هم أكثر ذرائعية وبراغماتية، ومن هم أكثر تطرفاً داخل حماس؟ فالاستماع إلى الفلسطينيين من مختلف الفصائل مثل أبو خولي عضو المجلس الفلسطيني من غزة، أو حسين الشيخ عضو التنظيم من الضفة الغربية، سوف تجعلك تفهم بأن فتح لم يعد أمامها أي فرصة.
سوف يخبرونك بأن الرأي العام الفلسطيني هو علماني بشكل أساسي، ويرغب بمستقبل وطني علماني. وموقف حماس قد نما وترعرع داخل المجتمع الفلسطيني عن طريق الخطأ. فالرأي العام الفلسطيني بقي أكثر تغريباً وابتعاداً عن فتح ولم يكن منجذباً نحو حماس. ويرى الخولي، والشيخ، وآخرون بأنه لم يضع كل شيء، ففتح يمكن أن تستعيد مكانتها وموقعها في المجتمع الفلسطيني.
للقيام بذلك، توجد عدة أشياء ينبغي القيام بها:
أولاً: يجب أن يكون لفتح قادة جدد، وإذا كانت هناك عبارة أو جملة سمعتها أكثر من غيرها فهي (يجب أن يكون لفتح وجوه جديدة)، فلا أحد كان يقصد بأن المظهر الخادع البسيط يمكن أن يكون كافياً. وبالأحرى فإن الرأي العام الفلسطيني سوف لن يصدق بتاتاً ومطلقاً بأن فتح قد قامت بتجديد نفسها إذا ما استمر هؤلاء الأشخاص ذاتهم في قيادة فتح.
وما أثار اهتمامي، أنني وجدت تأييداً كبيراً لسلام فياض، رئيس الوزراء الحالي، ووزير الخارجية، ووزير المالية لحكومة الطوارئ الجديدة التابعة للسلطة الفلسطينية. وهو ليس عضواً في فتح، ولكن تشدده وتمسكه بإقامة مؤسسات جديدة داخل السلطة الفلسطينية سوف يؤدي حتماً وبلا شك إلى بناء مصداقية السلطة الفلسطينية، ومن ثم يتبع ذلك بالضرورة، تمديد المصداقية لحركة فتح.
ثانياً: يتوجب أن ينظر إلى فتح باعتبارها مجرد القائم بعملية التسليم والتسلم. وما هو أهم من أي شيء آخر يتمثل في الأفعال وليس في الأقوال. وبالتالي فإن الوجوه الجديدة في فتح سوف تمثل نقطة البداية. طالما أن فتح والسلطة الفلسطينية يجب أن ينظر إليهما باعتبارهما ناشطين وفاعلين على المستوى المحلي ومسؤولتين اقتصادياً واجتماعياً، والقيام بالتجاوب مع ما هو مطلوب، معناه القيام بعملية إنهاء الفساد وإقامة ليس حكم القانون وحسب، بل والشعور بالأمن في أوساط الفلسطينيين. ومن المثير للاهتمام أن حماس تحاول أن تقدم نفسها في غزة حالياً باعتبارها الحافظ للقانون والنظام، وقد حاول سلام فياض القيام بالشيء نفسه في الضفة الغربية، وقد شاهدت عدداً غير مسبوق من عناصر قوات الأمن المزودة بالأسلحة الثقيلة بزيهم الرسمي وهم موزعون على أنحاء الأرض في رام الله، وقد أخبرني سلام فياض بأن هذا الأمر تم إعداده والتنسيق والترتيب فه: فهو يحاول أن يحقق الوجود والظهور في كل مدينة على النحو الذي يوضح أن السلطة الفلسطينية تقوم بإعادة بناء النظام.
هل الميليشيات المسلحة، وكتائب شهداء الأقصى، سوف يتم نزع سلاحها، أم سوف يتم إدماجها بأسلوب وطريقة نظامية أخرى ضمن قوات الأمن؟ وسوف يظل هذا بمثابة السؤال الكبير المتبقي، ولكن فياض، على الأقل، سوف يحاول جعل إصدار تشريع بنزع السلاح أمراً حقيقياً له معنى، وليس مجرد وعد  أجوف زائف. والزمن كفيل بأن يطلعنا ويخبرنا إذا ما كان قادراً على القيام بما يحاول القيام به الآن، برغم أنني وجت تأييداً كبيراً لجهوده بين بعض أعضاء التنظيم الذين التقيت بهم.
ثالثاً: هناك حاجة ملحة لوجود إحساس بإمكانية التوصل إلى السلام مع إسرائيل. فعملية السلام، والمفاوضات، والحوار، والوعود بإجراء التغييرات الميدانية على الأرض، جميعها أمور يتجسس لها الكثيرون.
ومن سخرية القدر، أنني لم أجد الفلسطينيين الذين سبق أن تحدثت معهم بلغ عددهم أكثر من 40 خلال زيارتين قمت بهما في الأسابيع الستة الماضية. وهم في إثارة وطرح التوقعات الكاذبة، فلا واحد منهم يتوقع حدوث اختراق وحل فوري لقضايا الوضع الراهن حالياً. وبالطبع فإن ذلك يمكن أن يكون مرغوباً ومفصلاً، ولكن ما رأيته هو الرغبة من اجل التغييرات الحقيقية وليس الوهمية، التغييرات التي توضح أن الحياة اليومية سوف تتغير وتتبدل على أساس اعتبارات الحراك الاقتصادي والعملي. وهي تغييرات سوف تجعل مفاوضات الوضع الدائم أكثر قابلية للتصديق والقبول. وذلك لأن الوضع الدائم المنفصل والمنقطع الصلة عن واقع الحياة اليومية، سوف لن تكون له أي مصداقية أو موثوقية.
وقد يسألني الفلسطينيون: (إذا لم يكن بإمكاننا الخروج من نابلس إلى جنين، فهل يتوجب علينا الاعتقاد بأنه سوف تكون لنا دولة عاصمتها القدس الشريف؟)، وهذا هو السبب الذي يدفعني إلى القول بضرورة الربط بين الأمن وأي عملية سياسية هو أمر لا يمكن تجنبه أو تفاديه.
كل ما سبق يوجب على الأمريكيين القائمين بمهنة تصريف شؤون الدولة، أخذ العبر والدروس المفيدة منه. فنحن يتوجب علينا أن نضع نصب أعيينا الهدف الجوهري الأساسي. والسؤال الرئيسي الآن يتعلق بهل سيكون للفلسطينيين مستقبل إسلامي أم مستقبل علماني.. ورهانا على المستقبل العلماني الوطني بالنسبة للفلسطينيين هو الأمر الواضح الذي لا شك فيه، وبدون ذلك سوف لن يكون هناك أي أفق للسلام، وسوف يسيطر الإسلاميون على كامل القضية المهيجة للذكريات في المنطقة. ويجب بكل وضوح أن تقدم هذه الملاحظة للسعوديين، وذلك لأن الدفع الحالي لإقامة حكومة الوحدة الوطنية سوف يؤدي حصراً وفقط إلى تقوية وتعزيز حركة حماس، ونجاح حماس على المدى الطويل معناه أن إيران سوف تكون قادرة على استخدام وتوظيف المظالم الفلسطينية والصراع المستمر، بما يؤدي لوضع السعوديين والأطراف الأخرى في الموقف الدفاعي.
ما يقبع خلف هذا هو أن التحدث الرئيسي أمامنا سوف يتمثل في كيفية ضمان أن فتح سوف تنجح، فبينما يفهم العديدون في فتح هذه الرهانات، وأن ما هو ضروري، والذي يتمثل في المطالبة بوجوه جديدة في فتح، معناه أن الوجوه القديمة يجب أن يكون لها الرغبة في التنحي جانباً. ولما كانت لا توجد أي دلائل أو علامات على أن هذه الوجوه مستعدة لكي تقوم بذلك، فهل محمود عباس جاهز ومستعد للقيام بذلك؟

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...