تمزيق محافظة الأنبار وتداعياتها السلبية على العراق وشرق سورية

30-06-2007

تمزيق محافظة الأنبار وتداعياتها السلبية على العراق وشرق سورية

الجمل:   تقع محافظة الأنبار العراقية على الجانب المتاخم تماماً لسورية، وتحتل رقعة هذه المحافظة قدراً كبيرا من الشريط الحدودي بين سورية والعراق. والشيء نفسه بالنسبة لحدود الأردن- العراق، وحدود السعودية- العراق.
• ارتباط محافظة الأنبار بسورية:
جغرافياً تعتبر محافظة الأنبار ومناطق شرق سورية جزءاً واحداً، من ناحية الطبيعة الجغرافية، والطابع البدوي القبلي العشائري لسكان الأنبار وشرق سورية، وهي روابط تمتد جذورها إلى مئات السنين، ولما كانت القبائل التي تسكن الأنبار وشرق سورية هي بالأساس مجموعة سكانية اثنية واحدة، على اساس الاعتبارات الثقافية، والدينية، واللغوية، ونمط الحياة البدوي والرعوي، فقد ظلت الأزمات والخلافات وغيرها من الظواهر الاجتماعية تأخذ طابعاً عابراً للحدود بين الأنبار وشرق سورية.
• تداعيات الاحتلال الأمريكي:
بعد غزو أمريكا واحتلالها للعراق، بدأت سلطات الاحتلال الأمريكي بإشعال الفتن وزرع التناحرات بين سكان العراق، وعلى خلفية ذلك تحاول سلطات الاحتلال الأمريكي وحكومة نوري المالكي تصوير التمرد في محافظة الأنبار بإطلاق صفة التمرد السني عليه، وهي صفة تنفيها كل معطيات خبرة سكان محافظة الأنبار وشرق سورية، وتؤكد الدلائل التاريخية بشكل قاطع أن سكان هذه المنطقة لم يحدث مطلقاً أن قبلوا بوجود أي حكم أجنبي لا في سورية ولا في العراق، وتشير الوثائق اليونانية الرومانية القديمة إلى أن قادة جيش الاسكندر الأكبر، وقادة جيوش الامبراطورية الرومانية القديمة والبيزنطية كانوا يبذلون جهداً كبيراً في المحافظة على أسوار المدن الرئيسية والقلاع المحصنة التي قاموا ببنائها لصد غارات القبائل البدوية التي كان رجالها يهاجمون الحاميات الأجنبية حاملين لواء المقاومة، وإذا كانت سلطات الاحتلال الأمريكي في العراق وإدارة بوش والبنتاغون تعمل على تشويه صورة مقاومة أهل الأنبار باعتبارها إرهاباً، فإن عملية التشويه هذه ليست بجديدة، ففي الماضي تحدثت الوثائق اليونانية والرومانية، بل وحتى الفرنسية عندما حكم الفرنسيون سورية، والبريطانية عندما حكم البريطانيون العراق، عن مقاومة سكان الأنبار وسكان شرق سورية باعتبارها غارات يقوم بها البدو من أجل النهب والسلب.
• التأثير السياسي لمحافظة الأنبار على العراق وشرق سورية:
الانتماء العشائري الموحد لسكان الأنبار وشرق سورية جعل من السهل لأفراد قبائل هذه المنطقة التحرك والانتقال بين محافظة الأنبار وشرق سورية، وذلك بسبب قرابة الدم واختلاط العشائر.. وهناك الكثير من الدعم والمساندة المتبادلة بين هؤلاء السكان.. كذلك يمكن اعتبار هذه المنطقة بمثابة منطقة اقتصادية واحدة، تجري ضمنها العمليات الاقتصادية والتجارية المتعلقة بتبادل السلع والخدمات بشكل طبيعي منذ القدم، وبالتالي فإن كل أزمة تحدث في منطقة الأنبار يتردد صداها على وجه السرعة في شرق سورية، وكل حالة عدم استقرار تحدث في منطقة الأنبار يتردد صداها أيضاً وعلى وجه السرعة في شرق سورية.
نظام الإدارة المحلية في منطقة الأنبار الذي يعتمد على (زعيم القبيلة) هو نظام يفرض الكثير من تداعياته الإيجابية والسلبية على المنطقة، وقد نزحت الكثير من عشائر محافظة الأنبار إلى شرق سورية تحت ضغوط العدوان الأمريكي والأزمات السياسية والاقتصادية التي ترتبت عليه.
• عمليات القوات الأمريكية في الأنبار:
تتحدث سلطات الاحتلال الأمريكي وحكومة نوري المالكي عن العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الأمريكية باعتبارها تهدف إلى مكافحة التمرد وفرض القانون والنظام وإعادة الاستقرار، ولكنها في واقع الأمر تهدف إلى تمزيق (النسيج الاجتماعي) لسكان محافظة الأنبار، وهو أمر لن تكون منطقة شرق سورية بمعزل عن تأثيراته وذلك لسبب بسيط وواضح، هو: أن النسيج الاجتماعي في محافظة الأنبار وشرق سورية هو بالأساس نسيج واحد.
من أبرز عمليات تمزيق النسيج الاجتماعي في محافظة الأنبار والتي تقوم بها القوات الأمريكية بسماعدة حكومة نوري المالكي نجد الآتي:
- موجات النزوح خارج العراق: وتتمثل في قيام عدد كبير من سكان محافظة الأنبار بالنزوح إلى الأردن، السعودية، وبدرجة أكبر إلى سورية.
- موجات النزوح داخل العراق: وتتمثل في قيام عدد كبير من سكان هذه المحافظة بالنزوح إما إلى المناطق العراقية السنية، أو إلى المناطق النائية البعيدة داخل المحافظة.
- زرع الخلافات: تقوم حكومة المالكي بدعم سلطات الاحتلال بعملية اتصالات واسعة مع زعماء عشائر محافظة الأنبار وإغرائهم بالأموال والتسهيلات على أمل التوصل معهم للصفقات المخادعة التي تجعل زعماء هذه العشائر يقاتلون بعضهم البعض، بحيث تندلع حرب أهلية عشائرية داخل المحافظة.
• الأهداف غير المعلنة للقوات الأمريكية في الأنبار:
بسبب وقوع هذه المحافظة في منطقة غرب العراق، فإن حركة النقل والمعاملات بين الأردن والعراق يجب أن تتم حصراً عبر هذه المحافظة، ومن المعلوم أن هناك مخطط يهدف لربط العراق بالأردن، بإسرائيل، وذلك عن طريق (عملية شيخينا) المتعلقة بتمديد خط أنابيب نفط شمال العراق من مدينتي كركوك والموصل إلى الأردن، ثم إلى إسرائيل، ولما كان هذا الخط يجب أن يمر حصراً عبر محافظة الأنبار، فإن ذلك يعتبر في حد ذاته نذيراً بالخطر والشؤم للإسرائيليين وللنخب الكردية التي تسعى من أجل إقامة المشروع.. لذلك فإن مخطط القوات الأمريكية، المدعوم كردياً هو القضاء على كل جيوب المقاومة في محافظة الأنبار، حتى لو تطلب الأمر القيام بعملية تطهير عرقي للمحافظة.
كذلك تسعى الإدارة الأمريكية والبنتاغون إلى بناء قاعدة عسكرية في محافظة الأنبار، تعتبر الأضخم من بين القواعد الأمريكية الموجودة في منطقة الشرق الأوسط، والأخطر أيضاً وذلك لأنها توجد على مقربة من إسرائيل، ومن الحدود السورية.. ويمكن أن ترتبط هذه القاعدة بكل سهولة بإسرائيل، وبقاعدة القليعات التي اتفقت حكومة السنيورة وقوى 14 آذار مع الإدارة الأمريكية على إنشائها تحت غطاء حلف الناتو.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...