تشييع الراحل نضال سيجري .. سورية تودع إبنها

12-07-2013

تشييع الراحل نضال سيجري .. سورية تودع إبنها

شيع إلى مثواه الأخير في مدينة اللاذقية ظهر اليوم الجمعة الفنان القدير الشاب نضال سيجري الذي وافته المنية ظهيرة أمس الخميس بعد صراع طويل مع مرض السرطان.

وجرت لنضال مراسم تشييع اختلط فيها الرسمي بالشعبي، حيث تقدم المشيعين محافظ مدينة اللاذقية ممثلا عن الرئيس بشار الأسد، الذي أرسل أكليلا من الورد باسمه.

وشارك في التشييع أيضا نخبة من نجوم الفن في سورية يتقدمهم نقيب الفنانين في مدينة اللاذقية الفنان حسين عباس ومعه الفنانون الياس الحاج وفائق عرقسوسي وقاسم ملحو وباسل حيدر وعدد من نجوم الدراما السورية من محافظة اللاذقية.
وحضر من دمشق المخرج المبدع سمير حسين بشكل خاص لحضور التشييع.

وحضر غفير من الجماهير المحبة لسيجري الذي تم تشييعه على أربع مراحل لكل منها دلالتها. فمن "منزله" انطلق الجثمان إلى "المركز الثقافي" في اللاذقية وتمت تسجيته هناك في دلالة على أن الراحل لم يكن يصنف فنانا وحسب بل أحد مثقفي البلد باعتراف من وزارة الثقافة أيضا.

وانتقل الجثمان بعد ذلك إلى "مسجد ياسين" بالقرب من المنطقة التي عاش فيها نضال، فصلي عليه صلاة الميت قبل أن يشق طريقه إلى "المقبرة" آخر تلك المراحل، حيث ووري لثرى هناك.

وأعطت مراسم التشييع الصورة الكاملة والتامة عن القيمة التي تمتع بها نضال سيجري في الأوساط " الاجتماعية والثقافية والفنية" وكانت تلك الأجواء إجابة عن سبب تمتعه بعلاقات قوية من جهات رسمية عليا بل وأعلاها الرئيس بشار الأسد الذي أبرق معزيا باسمه الشخصي، برغم الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد وانشغالاته على مدار الساعة.

فنضال سيجري والمولود في العام 1965 والمتخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق قبل سنوات طويلة، ومنذ أصيب بمرض السرطان، أو مع تعاظم المرض وبدئه الفتك بنضال، نال عطف الناس جميعا في سورية، رسميا وشعبيا على حد سواء.

والمعروف للقاصي والداني في سورية أن الرئيس بشار الأسد أشرف بنفسه على دفع تكاليف علاج نضال سيجري في المستشفى الأمريكي ببيروت منذ ما قبل استئصال حنجرته ومرورا بها وانتهاء بالجرعات التي كان يتلقاها الأمر الذي كان نضال ينظر له بفخر واعتزاز، وكذلك عائلته.

لا يمكن بالمطلق الحديث عن نضال الفنان دون المرور بل والتركيز على نضال الإنسان، الوطني والمحب لوطنه ومجتمعه، والذي لا يستبعد أن يكون للأزمة السورية الحالية دور كبير ومؤثر في التبكير برحيله.

فمنذ بدء الأزمة ونضال يصرخ، حتى بعد فقده لصوته نتيجة استئصال الحنجرة:" سورية عم توجعني"!!. وكان شقيقه فواز أمس أبلغنا، للنشرة حصرا، عن آخر عبارة قالها نضال قبل يومين عند استفاقته لدقائق من غيبوبة حين قال" سورية يا فواز"!!!.

نزل نضال سيجري إلى شوارع اللاذقية منذ الأيام الأولى للحراك في سورية وراح يحاور المتظاهرين ويدعوهم إلى تقديم مطالبهم بشكل حضاري ومنطقي ويبعدهم عن العبث والتخريب بالممتلكات الخاصة والعامة للناس والوطن. وكان المتظاهرون الذين لم يكونوا يطيقون رؤية وجه أحد يكلمهم بغير ما يقومون به ويؤيدهم على تلك السلوكيات، ذوي صدور رحبة في تقبل وجه مختلف عن سائر الناس الذين رفضت وساطاتهم. إنه أسعد في الضيعة الضايعة التي تراقص السوريون لسنتين وهم يقلدون نضال وباسم ياخور في كل حركة وكل لفظة بدت منهما في تلك الرائعة التي أخرجها الليث حجو وخصت أهل الساحل على وجه التحديد.

حسنا، تقدم متظاهرون بمطالب لهم وسجل نضال سيجري بعض تلك الطلبات ثم قدمها للقيادة في أول فرصة لقاء، فكانت النتيجة العفو عن بعض الموقوفين، مع تلبية بعض المطالب الأخر.

اختفى صوته تماما، لكنه استخدم البحة التي تخرج من "اللا حنجرة" ليستمر بالصراخ " سورية"!.. فمنذ عامين وهو يراسل السوريين من المستشفى برسائل وجدانية يدعوهم فيها إلى الوحدة الوطنية وإلى المحبة، حتى كان صاحب شعار " الحل في سورية هو في الحب"... وتم تداول هذا الشعار على مواقع التواصل وباسم أسعد ( نضال سيجري).

وبرغم اختفاء صوته كان لنضال سيجري ميزة لم يحظَ بها أي ممثل آخر في العالم، إذ تم تحديد شخصيات لا تتكلم في مسلسلات ليؤديها كي لا يخسر الجمهور إطلالته، وهذا ما كان عليه الأمر في مسلسل " خربة" مع المخرج الليث حجو والذي كتبت فيه شخصية شخص يعشق ويحب ويتشاكل مع الناس، لكن دون أن ينطق ما يدل على المكانة التي امتلكها سيجري الذي يعتبر من أكثر الممثلين الذين حظوا بتكريم في بلدهم وهم على قيد الحياة.

إنه اليوم الأخير بل الساعة الأخيرة لوجود جسد نضال سيجري فوق الأرض، وها قد رحل إلى الدنيا الآخرة باعتزاز وثقة بالنفس لكن بحزن وألم يعتصران قلبه على بلد عشقه حتى بتصوف قل مثيله.

لكن حسبه أنه سيبقى مثالا لكل الممثلين والممثلات في الأجيال المقبلة الذين سيعون ما يعنيه أن يكون الفنان مثقفا ووطنيا إلى جانب الفن، فكل شيء يتضح في النهاية، ونهاية نضال كانت خير مثال على مثقف ووطني... ثم فنان!!

رحمك الله يا نضال!!

حسام لبش

المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...