تخفيض أسعار المازوت يعيد قضية الدعم إلى الواجهة

06-04-2009

تخفيض أسعار المازوت يعيد قضية الدعم إلى الواجهة

أيهم أسد:  القرار متأخر جداً وغير كاف؟
أعلن رئيس مجلس الوزراء محمد ناجي عطري في الجلسة الصباحية لمجلس الشعب  يوم الثلاثاء 31/3/2009 تخفيض سعر ليتر المازوت بنسبة 20%،  بحيث يصبح سعر الليتر 20 ل.س، بدلاً من 25 ليرة، بدءاً من يوم  الأربعاء 1/4/2009، وعلى الرغم من انتشار الخبر كالصاعقة على صفحات النشرات الالكترونية ساعة إعلانه، إلا أن معظم المواطنين اعتبروا أن الموضوع ليس صحيحاً وعدوه كذبة من كذبات نيسان، خاصة وإن القرار قد جاء بعد الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات قبل حوالي السنة، الذي أدى بدوره إلى ارتفاعٍ كلي لأسعار جميع السلع والبضائع، على اثر قرار رفع الدعم الذي أصدرته الحكومة، والذي أثار جدلاً واسعاً بين  الشعب السوري برمته ونقاشاً حاراً بين الحكومة والاقتصاديين الذين اعتبروا القرار وقتها بمثابة تخلي واضح من الدولة عن دورها التدخلي. حيث ارتفع سعر المازوت ثلاثة أضعاف عمَّا كان عليه سابقاً، فصعد سعر الليتر من 7 ليرات إلى 25 ليرة دفعة واحدة.
وقد أعلن رئيس مجلس الوزراء خلال الجلسة أن: «قرار تخفيض سعر ليتر المازوت إلى 20 ليرة جاء بعد أن درست اللجان جميع الخيارات المتاحة، والأعباء المترتبة على الموازنة السورية، وأسعار المشتقات النفطية في دول الجوار، وبشكل رئيسي لبنان»، مع العلم أن الحكومة اللبنانية كانت تدرس جدياً موضوع تهريب المازوت إلى سورية بعد أن انقلب السحر على الساحر وذلك لإيجاد طريقة ما لإيقاف عمليات التهريب المستمرة بين الدولتين، نتيجة فارق الربح والأسعار بعد أن اتخذت وزارة الطاقة اللبنانية قرارً بتخفيض أسعارها تماشياً مع الأسعار العالمية.  
وكشف رئيس مجلس الوزراء أن: «تجربة توزيع القسائم للتدفئة المنزلية أثبتت عدم جدواها، لذلك تم اعتماد البديل النقدي عوضا عنها»، وأضاف العطري أنه: «سيتم توزيع إعانة مالية للتدفئة المنزلية على كل مستحق من الأسر السورية»، دون تحديد المبلغ المتفق عليه في المجلس، مؤكداً أن: «الحكومة لن تحدد حجم الإعانة النقدية قبل أن ترى النتيجة النهائية التي ستؤول إليها أسعار النفط في المرحلة القادمة».لكن حديث الشارع الذي يصيب أحيانا كثيرة الهدف يقول أن القرار الأول هو جس نبض فقط!، وأنه سيصدر قراراً آخر سيتم فيه تخفيض السعر إلى /14/، ليتم بعد ذلك تحديد الإعانة بمبلغ /10/ آلاف ل.س، خاصة بعد أن تمت الإشارة إلى أن لجاناً قد شكلت بهذا الخصوص، حيث درست هذه اللجان أسعار النفط صعوداً ونزولاً بشكل يومي، وأن مجلس الوزراء سيحدد قراراته بناءً على دراسات تلك اللجان.
وأضاف العطري بأن: «المعونة المالية التي ستقرر لاحقا لكل عائلة ستدفع على دفعتين سنويا، الأولى في الأول من أيلول القادم»، بينما يتم تحديد الدفعة الثانية لاحقاً، موضحا أنه: «بتوجيه من القيادة تم الاتفاق في الحكومة على عدم تقسيم المجتمع بشكل عمودي، وإنما سيتم توزيع استمارة بمثابة تعهد بيانات فيها سبعة أسئلة حول أوضاعه.. والدراسات مستمرة لتحديد هذه الأسئلة».والسؤال: هل ستحل معادلة المناطق الأكثر برودة والتي تحتاج إلى آلاف اللترات مقارنة مع المناطق المعتدلة. 
وعن مستحقي هذه الإعانة، أكد عطري أن: «الإعانة ستدفع للمواطنين السوريين المقيمين في سورية فقط». دون شرح الآليات التي استخدمت سابقاً، على تجربة القسائم فيما يخص الأرامل والطلاب بالأخص. واستند رئيس مجلس الوزراء إلى بيانات المكتب المركزي للإحصاء، حيث تبين أن وسطي الإنفاق للأسرة السورية هو 24 ألف ليرة سورية شهرياً، أي نحو 300 ألف ليرة سورية سنوياً، لذلك سيكون هذا الرقم مرتكزاً لتحديد الأسر المستحقة للدعم، ولم يخف العطري السلبيات التي شابت تجربة قسائم المازوت، حيث قال: «بعد إجراء عملية تقييم لتجربة قسائم المازوت المنزلية التي وزعت على /4.5/ ملايين أسرة، ظهرت العديد من السلبيات خلال عملية التوزيع» كاشفاً في السياق نفسه أنه «تم ضبط 13 ألف حالة تزوير لدفاتر قسائم المازوت، وسيحال المزورون إلى الجهات القضائية»
وفي تحليل أولي لتأثير القرار ومضمونه التقت (بورصات وأسواق) الباحث الاقتصادي أيهم أسد، ووجهت له سؤالاً مدى تأثير القرار في تنشيط الناتج المحلي، فأجاب: إن هذا القرار خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنه أولاً متأخر جداً، وثانياً غير كاف، وتأخر صدوره حتى الآن يعني أن الحكومة التي تنادي بتطبيق معايير اقتصاد السوق نظرياً تتلكأ في تنفيذها عملياً، فقوانين السوق كانت تلزم الحكومة علمياً (أو أدبياً على الأقل) بتخفيض أسعار المشتقات النفطية منذ ثلاثة أشهر على أدنى تقدير، لكن ذلك لم يحصل لأسباب أجهلها.
وفي استفسارنا عن تأكيده على عدم كفاية القرار يقول أسد: أما عدم كفاية القرار فتأتي من أنه عندما رفعت الحكومة أسعار المازوت، رفعته دفعة واحدة بنسبة تجاوزت الـ250%، أما الآن فهي تخفضه بنسبة 20% فقط، وقد لا تكون هذه النسبة كافية بالشكل المطلوب للمساهمة في تخفيض المستوى العام للأسعار الذي كان أحد أسباب ارتفاعه الجنوني هو رفع أسعار المازوت نفسه، الأمر الذي أوصل معدل التضخم في الاقتصاد إلى 15% كحد أدنى حسب تقديرات صندوق النقد الدولي في تقريره عن الاقتصاد السوري لعام 2008، ويترافق عدم كفاية القرار بكونه قد أتى منفرداً دون أن يرافقه تخفيض في أسعار حوامل الطاقة الأخرى، وخاصة الفيول والغاز الذي تستخدمه العديد من المنشآت الصناعية، ويدخل في كلفة العديد من سلع الاستهلاك المحلي وسلع التصدير، مع العلم أن الصادرات السورية تشكل حوالي 17% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي إجابته عن سؤالنا حول مدى تأثير القرار فيما يعانيه العالم بأجمعه جراء تأثيرات الأزمة المالية والاقتصادية، أكد الباحث بالقول: إن كانت الأزمة المالية قد بدأت تطال جدياً الاقتصاد السوري، وإن كان اقتصادنا سيتأثر حتماً بنتائج الأزمة الاقتصادية العالمية عبر مداخل قطاعية مختلفة، فهل تعتقد الحكومة أن هذا القرار كاف لتنشيط الإنتاج المحلي، وتحفيز الطلب الداخلي والتصدير لامتصاص الآثار الجانبية للأزمة؟ وهل ما زالت الحكومة متمسكة بتخفيض العجز المالي في الموازنة العامة للدولة الذي كان أحد مبرراتها لرفع أسعار المازوت على حساب توسيع العجز الاجتماعي في المجتمع الناتج عن مثل هكذا قرار؟

ولا يسعنا في الختام إلا أن نبدي استغرابنا من الصدفة  التي جعلت قرار رفع أسعار المحروقات يجيء في الأول من أيار (عيد العمال العالمي)، فيما أتى قرار تخفيضها في الأول من نيسان؟.

 


علي نمر
بورصات وأسواق

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...