المزارعون السوريون أكلوا البصل لينسوا ما حصل

07-03-2009

المزارعون السوريون أكلوا البصل لينسوا ما حصل

القصة القديمة ذاتها ما زالت تتكرر دون أن يتجشم أحد ما في الحكومة عناء معالجتها حين تودي مضاربات كبار المستوردين و التقصير في الخطط الزراعية وغياب المؤسسات التي تصون حق الفلاح بعرقه ودمه ,تودي به بين أرجل الفقر والدين والعوز.
أقسم لو أن أحداً رأى وجه ذلك الفلاح في غرفته الوحيدة مع زوجته وأولاده وقد أعده مرض الدين والخسارة والجهد الضائع لأدرك أنها جريمة ما بعدها جريمة .
البصل الذي أسعاره بسعر التراب بقي قسم كبير منه في التراب فخسائر اقتلاعه أكبر من أرباحها والبصل المصري يملأ الأسواق السورية والفلاحون قد وضعوا أيديهم على خدودهم يراقبون محصولهم وقد أنبت من خلال الأكياس المعبأ فيها غرساً من غير تراب, حيث لا تسويق ولا معامل تجفيف ولا صناديق لتعويض الخسائر وإليكم القصة.

تكاليف زراعة دونم من البصل
يحتاج كل دونم إلى من 100ـ120 كغ من البذار (القزح) بمبلغ (6000)ليره
يحتاج إلى فلاحتين غير الفلاحة الأخيرة والتسكيب ........ بمبلغ (1500)ليرة
يحتاج إلى كيسين سماد بمبلغ     ...........................(1000)ليرة
يحتاج إلى اني عشرة سقاية تكلف وسطياً...................(1250)ليرة
يحتاج إلى عمال بمبلغ اجمالي حوالي.........................(8000)ليرة
يحتاج إلى 150كيس يبلغ سعرها وسطياً حوالي..............(1000)ليرة
وإذا أضفنا لها مصاريف أخرى من نقل وغيره على امتداد الموسم فإن تكلفة الدونم الواحد تصل حتى عشرين ألف ليرة سورية, فإذا علمنا أن متوسط إنتاج الدونم ثلاثة أطنان بسعر ثلاث ليرات سورية تبقى الخسارة في الدونم الواحد تصل أكثر من عشرة آلاف ليرة.
المزارع فؤاد خازم حسنه: لا نملك سوى هذه الأرض مصدر رزق وقد قمت بزراعتها بالبصل بشكل كامل ولكن خسارتي تجاوزت المئة ألف ليرة سورية.
سليمان يونس محمود :بلغت خسارتي حوالي (150) ألف ليرة سورية نزلت ببضاعتي إلى السوق ولم أقبل أن أبيع وكنت قد اشتريت البذار من الرستن بسعر (65) ليره للكيلو غرام الواحد من القزح و إن خسارة المزارعين السوريين في مادة البصل كبيرة للغاية
المزارع أحمد سلمان سلوم:خسارتي كبيرة جداً فقد تراوح سعر بذار البصل أي القزح من (35ـ50)ليرة وأجور حراثة الأرض زادت بنسبة 200% ,إضافة إلى أجور العمال والتخزين والنقل ومع ذلك فقد بعنا بسعر (4) ليرات سوريه وقد وفقنا بهذا السعر قياساً إلى الفلاحين الآخرين الذين باعوا بسعر (3)ليرات أو 2.5
المزارع كامل ابراهيم سعيد : وصلت خسائري إلى ثلاثمئة ألف ليرة سوريه , وقد اشتريت كيلوا القزح ب(70)  ليرة سورية العام الماضي وكان أعلى سعر قد عرض علي هو (3) ليرات سوريه عندها لجأت إلى التخزين على أمل أن يزيد السعر مع كل ما يصاحب التخزين من تكاليف وخسائر تبدأ بالأكياس ولا تنتهي بأجور العمال وإشغال الحيز المناسب وتلف كمية من المحصول ومع ذلك فلم أستفد شيئاً ولم يتغير السعر
عيسى حسنه:وصل سعر الإنتاج الكلي إلى 25% من قيمة التكاليف , في العام الماضي انكسر السعر وأقدم الفلاحون على زراعة البصل في هذا العام أملاً أن يتحسن السعر ولكن كانت الكارثة بالنسبة لنا , وقد تحسن سعره في العام الماضي ووصل إلى (15) ليره في آواخر كانون الثاني حيث كان قد تلف معظم البصل المخزن ولكن هذا شجع الفلاحين على التخزين في هذا الموسم وإنما دون جدوى .
أما المزارع ابراهيم صقر سلوم الذي أكد لنا الفلاحون أن خسارته كانت الأكبر قياساً إلى حاله البائسه بعد أن أرونا في بعض الدكاكين قائمة ديونه, فقد توجهنا إليه في الغرفة الوحيدة التي يسكن بها مع زوجته وأطفاله حيث أقعده المرض واليأس وذمم الناس , وروى لنا الرجل بقلق وحزن عن مغامرته غير المحسوبه حين أقدم على ضمان أرض وزراعتها بالبصل وما حدث معه .
يقول الرجل : قمت بزراعة عشرين دونم بالبصل وحين أجريت حساباتي فقد كلفني الدونم ما لا يقل عن عشرين ألف ليرة سورية , وقد وصل متوسط انتاج الدونم عندي إلى ثلاثة أطنان يصل سعرها إلى تسعة آلاف ليرة سورية فتكون خسارتي ما يقارب 220 ألف ليرة هذا إذا استثنينا أجور النقل وافترضنا أن المحصول سيسوق بمبلغ ثلاث ليرات سوريه ولكن الذي حدث أن أحداً من التجار لم يقبل أن يستلم منا المحصول, وقيل لنا أننا نستطيع أن نسوق المحصول في حمص فأخذت سيارة من البصل إلى هناك وانتظرت طويلاً حتى قبلوا أن يستلموا المحصول بمبلغ ثلاث ليرات كما هو وارد في الفاتورة ولدى خصم أجر السيارة الذي زاد بنسبة كبيرة بعد غلاء مادة المازوت بقي السعر الذي بعت به هو 2.5 ليرة سوريه , وقال لي التجار أن البصل المصري يملأ السوق ويباع بخمس ليرات لأنه كما قالوا أفضل من البصل السوري ولا يسَمخ أي لا يتعرض للتلف خلال التخزين وعرض لنا الرجل أجور العمال التي لم يستطع أن يسددها لهم وأكمل :لقد لجأت إلى التخزين رغم مخاطره أملاً في ارتفاع السعر , والتخزين يحتاج إلى فرز وتغيير للأكياس يومياً, ويصل سعر الكيس حتى 8ليرات سوريه , إضافة إلى أجور العمال ومع ذلك فقد تلف المحصول والمبلغ الوحيد الذي كنت أدخره أملاً في أن أضيف غرفة إلى الغرفة التي أسكن فيها قد ضاع وأنا اليوم أهرب من وجوه الناس نتيجة ذممهم المترتبة علي ولا يوجد من يسأل بنا ويعوض لنا خسائرنا
أما المزارع كامل إبراهيم السعيد فقد قال لنا : قمت بزراعة عشرة دونمات ووصلت التكاليف إلى مئتي ألف ليرة سورية وحين عرفنا بهذا السعر البائس تركنا قسماً من المحصول دون قلع , وكثير من الفلاحين فعل فعلي وترك المحصول في الأرض.
 ولكن الكارثة لم تقف بالفلاحين عند السعر وإنما تعدته إلى مرض غامض غريب أصاب جزأً كبيراً من المحصول وانخفض بإنتاجية الدونم إلى مراحل بائسة.

أصاب معظم حقول البصل مرض غرب ظاهره هو اهتراء رأس البصل وتحدث معظم الفلاحين عن أن السبب برأيهم إنما يعود إلى مبيد الأعشاب الذي وزع عليهم ويعتقدون أن آلية تركيب الدواء هي السبب ولدى سؤالنا المهندس منيف محمد رئيس الوحدة الإرشادية في حيلين أجاب بأن المرض هو عفن يسمى عفن الفطر الأسود وهو يصيب رأس البصلة مما يؤدي إلى اهترائها وأن الإصابة به كانت كبيرة إلى حد ما.

جميع التجار الذين التقيناهم تحدثوا عن البصل المصري الذي اكتسح السوق وهو الذي أثر على أسعار البصل ,التاجر هيثم وسوف تحدث لنا أن السعر تراوح بين الليرتين والثلاث ليرات وأنه لم يبع حتى الكمية من البصل التي أنتجتها أرضه نفسها وأكد لنا أن البصل المصري ليس أفضل من البصل السوري في أي شيء وأن بعض المعلومات التي أكدت أن البصل المصري لا يسَمخ باطله ولا أساس لها من الصحة رغم انه وكما أكد يباع بسعر يصل حتى خمس ليرات سورية

يشكوا المزارعون اللبنانيون من اتفاقية التيسير بين مصر وسوريا والتي تدخل المنتجات الزراعية المصرية إلى سوريا ومنها إلى لبنان عبر الاتفاقيات الموجودة بين البلدين فإذا كان الضرر من المنتجات الزراعية المصرية قد وصل إلى الفلاحين اللبنانيين لأنها تمر عبر الأراضي السورية فكيف هو حال الفلاحين السوريين الذين لا أمل لهم في شيء يخفف من خسائرهم الثقيلة لا قوانين ولا مؤسسات ولا حتى أذن مصغية.


 أخيل أحمد عيد

المصدر: بورصات وأسواق

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...