الدخان الأجنبي والأمريكي بين المقاطعة والتهريب

18-03-2009

الدخان الأجنبي والأمريكي بين المقاطعة والتهريب

يبدو أن شعار (قاطعوا البضائع الأمريكية ) بات من الماضي ، بدليل انتشار هذه البضائع علناً في صالات البيع النظامية في الأسواق السورية، فلا الدولة لديها مشكلة مع هذه البضائع ولا المواطن عنده مانع في اقتناءها، لطالما ليس هناك حظراً يذكر على هذه البضائع، فهي متوفرة بكل أصنافها وأنواعها من ( سيارات، وأدوات كهربائية ومنزلية، وأدوات صناعية، والملابس،والتبغ والأغذية والمشروبات بمختلف أنواعها، وحتى الأدوية المحظورة أمريكياً )والأسواق متخمة بأنواع الدخان الأمريكي والأجنبي النظامي غوتا والمهرب، ومن الطبيعي أن يجد الدخان المستورد نظامياً طريقه بدون عناء إلى واجهات المحلات والأكشاك وصالات البيع، لكن ما هو مستغرب ومستهجن الحضور الأقوى للدخان المهرب علناً ، وحينما يطلب المواطن علبة دخانه لدى أي من الباعة عليه الجواب على السؤال التقليدي للبائع  (غوتا أم تهريب)أو (غوتا ولا محذر) هكذا ببساطة أثبت الدخان المهرب جدارته في الأسواق، وأصبح ملازماً وتوأماً للدخان المستورد، والكل يعلم بأن الدخان الأمريكي المهرب يدخل إلى الأسواق السورية عبر الحدود الدولية براً وبحراً وجواً، برغم من الاستيراد الحكومي لمختلف أنواع الدخان الأجنبي والأمريكي.
 تعج أسواقنا بمختلف أصناف الدخان المهرب لاسيما الأصناف الرخيصة المنافسة للدخان الوطني الذي تدهور جودته في الآونة الأخيرة وفي الأسواق أيضاً عشرات الأنواع المجهولة الهوية، والشائعات حولها كثيرة من جهة مصدرها ومنشأها التي قد تكون إسرائيل أو بعض الشركات المنتجة للتبغ عبر البحار والمحيطات .
-  ونظراً للتسهيلات التي تقدمها  الدولة لمن يريد مزاولة مهنة بيع هذه المادة، زاد عدد المراكز والأكشاك التي تتعامل ببيع الدخان، وزاد الطين بلة السماح للباعة الجوالون والبسطات المنتشرة على الأرصفة ، والأطفال الذين يروجون لبيع الدخان علناً في شوارع دمشق وغيرها، لقد أصبحت ظاهرة بيع الدخان ظاهرة متفشية بقوة في أسواقنا ،  وسورية حسب إحصائيات غير رسمية تصنف من الدول الأكثر استهلاكاً لمادة الدخان عربياً بعد جارتها لبنان دولة .
ومن الملاحظ انتشار ظاهرة التدخين بين صفوف طلاب المدارس، وشريحة كبيرة من النساء لاسيما في الأوساط الفقيرة والمثقفة  ، أما الطبقات الغنية فهي الأقل تدخيناً، رغم عدم توفر الإحصائيات والأرقام الدقيقة بهذا المجال، وتتراوح أسعار علبة الدخان الأجنبي المستورد والمهرب بدأً من (20-100ليرة سورية) وكذلك علبة الدخان الوطني الرخيصة جداً (15-30ل.س)وهناك تصنيفات تطلق على المدخنين مثل مدخن وطني ومدخن أجنبي نسبة للصنف وكذلك الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إلها المدخن حيث من الصعب أن تجد أبناء الطبقات الغنية يشترون الدخان السوري(الوطني)وذلك تماشياً مع البرستيج الاجتماعي وكذلك هناك فئات كبيرة من الموظفين لا يتعاطون الدخان الأجنبي نهائياً والمناطق الساحلية هي الأكثر استهلاكاً للدخان السوري، واليوم لا يخلو بيت سوري من مدخن وأعقاب السجائر منتشرة في كل مكان، في الشوارع وعلى الأرصفة، والحدائق، وأغلب الأماكن العامة، وحتى المستشفيات، إنها ظاهرة عامة منتشرة كالوباء .
- ولم تفلح محاولات جماعات التي تدعو إلى مقاطعة الدخان الأجنبي، وخاصة الأمريكي منها، برغم من النشاطات التي تقوم بها بين الحين والآخر، وشهدت العاصمة دمشق بعض المحارق كما يسمونها للدخان الأجنبي في الساحات العامة، تدعو المواطن السوري إلى المقاطعة، لكن لم توفق هذه المحاولات حتى بإحداث الأثر المطلوب في الرأي العام السوري  وأفاد المحامي حسين.ع أحد الناشطين بهذا الخصوص قائلاً:"لم تفلح محاولاتنا بتشكيل رأي عام تجاه هذه المسألة لأننا لسنا جادون بما فيه الكفاية وهناك عدد كبير من المشاركين بلجان المقاطعة، يتعاطون مع الدخان الأمريكي والأجنبي وفي نفس الوقت يدعون الآخرين إلى المقاطعة  وفي كل مرة نقوم بجمع العلب والكراتين الفارغة لدى الباعة ونحرقها والبعض يخرج سجائره من العلبة الذي يحملها في جيبه ثم يرمي العلبة الفارغة ولم نحرق مرة واحدة هذه العلب بمحتوياتها وذلك لعد م التعامل الجدي مع هذه المسألة".
وفشلت جميع المحاولات لثني المدخن عن عاداته ولم تفلح محاولات قمع التدخين  في الأماكن العامة ووسائط النقل رغم اللاصقات والإعلانات التي تدعو إلى ذلك ويعود السبب إلى عدم الجدية في محاربة التدخين وعدم تطبيق العقوبات المنصوص عليها بالقانون في ارتكاب مثل هذه المخلفات من قبل البعض.
- و التأكيدات الحكومية بخصوص حماية الإنتاج الوطني والإبقاء على المؤسسة العامة للتبغ(الريجي) كجهة وحيدة منتجة للدخان الوطني وتقديم كافة التسهيلات والمساعدات لحمايتها ذهبت أدراج الرياح لأن واقع السوق لا يؤكد ذلك فالأسواق السورية تعج بمختلف أصناف الدخان والتبغ المستورد والمهرب الأمريكي والأجنبي على السواء والمؤسسة العامة للتبغ مثلها مثل العديد من شركات القطاع العام تعاني الأزمة تلو الأزمة ومشاكل لا تحصى في كافة قنوات التصنيع والمواد الأولية والجودة والتسويق سواء الداخلية أو الخارجية والسؤال المشروع  هل حقاً حافظنا على دور المؤسسة العامة للتبغ كي تؤدي الدور المنوط  بها في تأمين حاجة السوق المحلية الداخلية من مادة التبغ بجميع أصنافها وهل المؤسسة لازالت تنافس الأنواع الأخرى من التبغ الموجودة في أسواقنا أسئلة عديدة برسم الجهات الاقتصادية التي سمحت في استيراد ما هب ودب من الأصناف وأنواع التبغ الأجنبي.
- إن ظاهرة التهريب من الظواهر السلبية المتأصلة في مجتمعنا السوري وقديمة جداً ولكنها أصبحت أكثر خطراً خلال العقود الثلاثة الأخيرة ، لما تحمل من مخاطر على اقتصادنا الوطني وهي اليوم فرضت نفسها كسياسة أمر واقع، والمهرب المصنف  بالصغير الذي يعمل على تهريب بعض كروزات الدخان الأجنبي والمعلبات لازال يمارس لعبة الكر والفر مع الجهات المختصة ، أما المهرب الدولي الكبير الذي يقوم بتهريب الأخضر واليابس عبر الحدود لازال بعيداً عن الشبهات و أصبح من الفلكلور الشعبي .
على عاتق من تقع مهمة حماية المستهلك السوري في ظل هذه الفوضى الكبيرة من أنواع الدخان المهرب في الأسواق ومن يعوض أي شخص إذا ما تأكد إصابته بأمراض خطيرة من جراء التعاطي مع هذه الأصناف الموجودة وإذا كانت (غوتا) هي الجهة الوحيدة المعنية في استيراد الدخان الأجنبي فلماذا كل هذه الأنواع المهربة من أين دخلت وكيف؟
- عبدا لله سائق تكسي أجرة " بصراحة هذه الكميات الخيالية من الدخان المهرب دخلت بلادنا عبر السفن والبواخر وحتى الطائرات وهناك تخريب مقصود للدخان الوطني علماً لدينا أجود أنواع التبغ في العالم لكن طريقة التعبئة وسوء التصنيع أدى إلى تراجع دخاننا الوطني أمام الأجنبي وأنا شخصياً لم أعد أميز بين محتوى التبغ الموجودة في سيجارة الحمراء القصيرة والطويلة ولا أعلم إذا كان الدخان الذي يتم تصديره هو نفسه الموجود في السوق المحلية وفي جميع الأحوال يبقى الدخان الوطني هو الأكثر ضمانة من ناحية الأمان لأن الأجنبي المهرب غير معروف وبالتالي غير مضمون"
وبرأي جميل .ح أغلب أنواع الدخان الموجود في الأسواق يتم تصنيعه في مصانع ومعامل متحركة في حلب و لبنان وعبر البحار يقول: " ما يهمني فعلاً  هو تحسين منتجنا السوري المعروف بجودته الكبيرة عالمياً و حصر عملية الاستيراد  بعدد من الأنواع والأصناف الممتازة وإنهاء حالة الغش والتهريب الموجودة في أسواقنا للأبد"
ويبدو أن عمليات الغش والتزوير وصلت إلى الدخان الوطني حيث يقوم البعض بتأمين فلاتر القطن وعلب الكرتون الفارغة لاسيما لدخان الحمراء الطويلة والقصيرة ويتم عمليات التصنيع يدوياً ولا يمكن التميز بالعين المجردة بين العلبة المزورة والعلبة الأصلية .
ومن يطلع على الواقع المزري في المؤسسة العامة للتبغ يدرك هذه الحالة السيئة التي نحن بصددها .    
وإذا كانت الجهات الحكومية تنفي مسؤوليتها عن وجود كل هذه الأصناف المهربة في الأسواق السورية من هو إذن المعني بقمع هذه الظاهرة ومنع ماهو مخالف ومهرب من ينظم الأسواق ويمنع دخول الدخان المهرب عبر الحدود كيف يمكن وقف هذه الظاهرة الخطيرة من سمح لإدخال كل هذه الأنواع ألم يحن الوقت في وقف هذا النزيف على الفور لما يحمل من أضرار على صحتنا واقتصادنا ألا يشعر البعض مدى خطورة هذه الفوضى العارمة التي تجتاح أسواقنا


إبراهيم نمر
المصدر: بورصات وأسواق

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...