الحدث السوري وبروباغندا الغرف السوداء الجديدة

21-04-2011

الحدث السوري وبروباغندا الغرف السوداء الجديدة

الجمل: برزت مساء أمس وصباح اليوم الخميس المزيد من التقارير الإخبارية والتحليلات السياسية الساعية لجهة رصد ومتابعة تطورات الحدث السوري، وما كان لافتاً للنظر هذه المرة، أن جميع هذه التقارير قد سعت إلى مقاربة الحدث السوري ضمن منظور مثير للاهتمام: ما هو المنظور الجديد الخاص بهذه المقاربات وما مدى مصداقية أطروحة التمادي في استخدام الإعلام الذي يتم تصنيع معطياته في الغرف السوداء المنتشرة هذه الأيام؟

خريطة كردستان بحسب تصور بعض الأحزاب الكردية
* بروباغاندا الغرف السوداء الجديدة: توصيف المعلومات
سعت المتابعات الإعلامية والتحليلية السياسية إلى معالجة الحدث السوري ضمن المزيد من التوصيفات الجديدة، والتحليلات الرامية إلى ترسيخ العديد من النتائج المعدة سلفاً، وفي هذا الخصوص نشير إلى النماذج الآتية:
• صحيفة بوستون غلوب الأمريكية: نشرت على صفحة الرأي، مقالة افتتاحية، أعدها محرر الصفحة، تحدثت عن "استمرار المظاهرات في سوريا" وطالبت الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالعمل من أجل القيام بشيء ضد دمشق.
• صحيفة ويرليد تريبيون القبرصية؛ نشرت تقريراً صحياً تحدث عن قيام دمشق بشن واحدة من أكبر العمليات العسكرية ـ الأمنية في تاريخ سوريا، لجهة القيام باستهداف المناطق ـ والتي وصفتها بأنها واقعة تحت سيطرة "الإسلاميين المعارضين".
• صحيفة نيويورك بوست الأمريكية، نشرت تحليلاً يتحدث عن أن الجانب غير السار في التغييرات والاحتجاجات يتمثل في أن التغيير الذي حدث في تونس ومصر يصب في مصلحة إيران. وأن على واشنطن أن تسعى لدعم التغييرات والاحتجاجات التي تستهدف حلفاء إيران في الشرق الأوسط.
• صحيفة نيويورك بوست الأمريكية نشرت مقالة رأي، طالبت الإدارة الأمريكية بضرورة العمل على دعم الجهود السعودية ـ الخليجية الرامية إلى نقل عدوى الاحتجاجات إلى دمشق وطهران.
• صحية نيويورك تايمز نشرت تقريراً مطولاً، سعت من خلاله إلى إضفاء قدر من الشكوك إزاء مدى مصداقية جهود دمشق إلى إجراء الإصلاحات والاحتواء الإيجابي للتوترات، وسعت الصحيفة إلى تذييل التقرير بمرجعية مثيرة للاهتمام والشكوك، عندما نسبت التقرير إلى: هويدا سعد المحررة المشاركة من بيروت ـ كاترين زوييف من نيويورك، والعاملين بمكتب نيويورك تايمز بالعاصمة السورية دمشق.
• مجلة ويكلي ستاندارد، نشرت تقريراً يقول بأن الثورة قد انتشرت في كل أنحاء سوريا وبأن دمشق فقدت سيطرتها على الوضع.
• صحيفة الواشنطن تايمز نشرت تقريراً يقول بأن الأوضاع قد أصبحت مأساوية وبأن دمشق قد انتهت، وبأن العد التنازلي قد بدأ وقطع شوطاً كبيراً.
• صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية: نشرت مقالة قالت فيها بأن قوة الاحتجاجات قد اكتسبت زخماً كبيراً هائلاً في سوريا، وبأن الجامعات والمساجد تشهد حالة من المظاهرات الحاشدة المستمرة.
هذا، وما هو جدير بالاهتمام والملاحظة أن الصحافة الإسرائيلية كانت أكثر اهتماماً لجهة التركيز على تحليل الوقائع الصغيرة والاكتفاء بتوصيف المعطيات ضمن حدودها. ثم العمل لجهة تضخيم تداعياتها، وعلى سبيل المثال لا الحصر نشير إلى الآتي:
• صحيفة هآرتس الإسرائيلية تحدثت عن شكوك واشنطن حول القانون الجديد في سوريا. وصحيفة أورشليم بوست تحدثت عن أحداث مدينة حمص السورية مع الإشارة لاحتمالات استمرار المظاهرات.
أما بالنسبة لموقع دبكة الالكتروني الإسرائيلي، المرتبط بجهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلي، فقد سعى إلى نشر تقرير تحليلي ركز على استهداف مصداقية الإجراءات والترتيبات القانونية الجارية حالياً في سوريا.


* القراءة في الوجه الآخر: وصل النقاط المتقطعة
تشير معطيات المضمون الذي سعت مقاربات العديد من الوسائط الإعلامية والبحثية التابعة لمراكز الدراسات الأمريكية إلى الآتي:
• إن كل هذه الصحف والوسائط تتبع إما لجماعات اللوبي الإسرائيلي، أو لجماعة المحافظين.
• توجد عملية توزيع أدوار واضحة في توظيف المضمون والمحتوى، بحيث يتحدث طرف عن استمرار الاحتجاجات الضخمة، وطرف ثاني عن عمليات القمع الضخمة، وطرف ثالث عن عدم مصداقية الإصلاحات، وطرف رابع عن مطالبة واشنطن بالتدخل، وبالنتيجة تكون كل هذه المواد الإعلامية قد سعت إلى تثبيت حملة واحدة تقول: توجد احتجاجات ومظاهرات ضخمة مستمرة في سوريا وتتم مواجهة هذه المظاهرات والاحتجاجات بعمليات القمع. ولا توجد أية إصلاحات وبالتالي يتوجب على واشنطن السعي من أجل التدخل.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن "السردية الإعلامية الأمريكية" الجديد تنسجم إلى حد التطابق مع ما حدث في اجتماع مطعم كرم اللندني الذي تم أمس الأول، والذي تحدثت التقارير عنه قائلة بأن رموز المعارضة السورية الموجودين في العاصمة البريطانية قد اجتمعوا مع بعض الدبلوماسيين الأمريكيين وطالبوهم بضرورة أن تسعى واشنطن إلى العمل من أجل "فرض منطقة حظر الطيران في منطقة القامشلي والحسكة".
وتأسيساً على ما سبق، يمكن الاستنتاج بكل سهولة بأن بعض أطراف المعارضة السورية ـ وليس جميعها ـ أصبحوا أكثر ارتباطاً بمخططات جماعات اللوبي الإسرائيلي وجماعة المحافظين الجدد والتي لا تسعى إلى زعزعة استقرار سوريا وحسب، وإنما إلى إدخال سوريا في نفق التقسيم. وإلا فلماذا المطالبة بفرض منطقة حظر الطيران فوق الحسكة والقامشلي!؟


* أجندة اللوبي الإسرائيلي ـ جماعة المحافظين الجدد: البشارات الجديدة على خلفية الحدث السوري
الأكثر وضوحاً تمثل في الورقة البحثية التي نشرتها مؤسسة بروكينغز ذات العلاقة الوثيقة بإسرائيل وحلفاء إسرائيل الأمريكيين مثل معهد المسعى الأمريكي التابع لـ(صقور) جماعة المحافظين الجدد، والتي أكدت على ضرورة الآتي:
• التعامل مع التغييرات التي حدثت في تونس ومصر على أساس اعتبارات أنها مجرد "مقدمات" يتوجب العمل من أجل نقل نماذجها إلى مناطق الشرق الأوسط الأخرى.
• التركيز على نقل العدوى وإشعال الاحتجاجات في سوريا وتركيا وإيران. وصولاً إلى الصين وكوريا الشمالية.
هذا، وأشارت العديد من المقالات التحليلية، منها على سبيل المثال لا الحصر مقالة اليهودي الأمريكي مايكل روبين، وخبير شؤون ضبط التسلح جون بولتون، إلى أن على إدارة أوباما التخلي عن الضعف والتردد، لجهة السعي من أجل اعتماد أجندة سياسية خارجية أمريكية شرق أوسطية تدخلية لجهة توظيف فرصة الاحتجاجات الجارية من أجل بناء مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي سوف يحقق استقرار وسلام وأمن منطقة الشرق الأوسط لأنه أول ما سوف يترتب على هذا الشرق الأوسط الجديد إعادة ترتيب المنطقة وفقاً لمواصفات جيوسياسية جديدة (أي التقسيم) وإدماج إسرائيل في بيئة المنطقة وضمان أمن المصالح الأمريكية، لأن قوى الشر سوف تذهب وتبقى قوى الخير التي بشرت بها "الوصايا العشر" التلمودية.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...