الحب عبر الأنترنت

07-05-2007

الحب عبر الأنترنت

مشاعر عابرة تبدأ بلهفة شديدة وتنتهي ببرود غامض، إلاّ أن بعضها قد ينتهي بالزواج او بالصداقة. هكذا هي العلاقات العاطفية التي يقيمها الشباب، فتياناً وفتيات، في العراق مع اقرانهم على شبكة الانترنت. فالشباب العراقيون، من الجنسين لم يعودوا بحاجة الى رقم هاتف حصلوا عليه من طريق الصدفة ليمارسوا مشاكساتهم الشبابية مثلما كان يفعل اقرانهم في العقد الثامن أو التاسع من القرن الماضي بحثاً عن «علاقة حب» تقع مصادفة في طريق المفاجأة.

وبات الحديث عبر الانترنت طريقاً بديلاً للكثيرين منهم للتعارف الى الجنس الآخر والبحث عن علاقات «الغرام الموقت» التي قد يتطور بعضها فينتهي بالزواج، او الصداقة المتينة فيما تنتهي غالبيتها في بداية الطريق.

ويستبعد غزوان جبار (27 سنة)، وهو اعلامي في احدى القنوات الفضائية، امكان اقامة علاقات انسانية متوازنة بين الجنسين عبر الانترنت، مفضلاً استخدام الشبكة كوسيلة للتواصل بين الاصدقاء الذين يتعرضون لظروف معينة تبعدهم عن الاستمرار في علاقاتهم مثل الهجرة والسفر وغيرهما.

ويقول جبار انه اقام مجموعة من العلاقات العاطفية مع فتيات عراقيات وعربيات عبر الشبكة العنكبوتية لكنه لم يجد في اي واحدة منهن الصفات التي كان يحلم ان تتحلى بها «شريكة حياته» ففضل الاقتران بفتاة تعرف إليها بطريق الصدفة في حفلة زفاف احد الاقرباء.

ويرى ان غالبية العلاقات العاطفية التي تنشأ من طريق «النت» يشوبها الغموض ويتعرض فيها الشباب، من كلا الجنسين، للخداع من الطرف الآخر الذي لا يملك اية معلومات عن الحبيب سوى تلك الكلمات التي كتبها له على «الماسينجر» والتي تلعب الايام دوراً في كشف حقيقتها.

وتتحدث رؤى عمر، وهي طالبة جامعية (23 سنة) بجرأة واضحة عن علاقة غرامية اقامتها مع شاب عراقي من طريق «النت»، وتقول انها بقيت تتحدث مع الشاب المذكور لاكثر من شهرين ثم قررا اللقاء للتعارف في شكل أعمق.

وتضيف عمر: «غادرت الكلية قبل انتهاء المحاضرة الاخيرة والتقينا في احد الاماكن العامة وعرفته من لون ملابسه وصورته التي ارسلها الي عبر «النت». لم يكن وسيماً مثلما كان في الصورة وبدأ يتحدث بكلمات غير لائقة فاضطررت للانسحاب معتذرة، وانتقاماً لرجولته المهانة بادرني بالقول: الحمد لله انك لست جميلة، لذلك لست حزيناً لفراقك».

هذه التجربة علمت رؤى ان لا تأخذ علاقات الانترنت على محمل الجد وان تتعلم كيف تختار من تحب بعقلانية اكبر، لكنها تعترف بأن الخجل من مواجهة الجنس الآخر كان سبباً رئيسياً في اللجوء الى شبكة الانترنت كمتنفس لاقامة «علاقات غرامية» – على حدّ تعبيرها لا تضطر معها النظر الى عيون الحبيب او الخضوع لتفحصاته الدقيقة.

ويقول سامي رعد، وهو مهندس ديكور (25 سنة) انــه يشـــعر بالألفة مع الفتيات اللواتي يتحدث معهن على «النت» على العكـــس من الكــثير من الفتيات الاخريات اللواتي يتكلم معهن في شكل مبـــاشر، ويبحث سامي في علاقاته مع الفتيات عن الحنان الانثوي لدى المرأة وهو يتنقل من فتاة الى اخرى كلما لمس فيها القليل من الحب والألفة.

ويؤكد انه يعشق 9 فتيات من اللواتي يتحدث اليهن على «النت». ويقول ان لكل واحدة منهن صفات خاصة بها، ولكنهن جميعاً يشتركن في حبه من دون علمهن – كما يؤكد.

وتحكي بشرى حسين (29 سنة)، وهي موظفة، قصة تعلقها بشاب عربي بعد ان تبادلت معه اطراف الحديث عبر الانترنت مرات عدة.

وتقول انها اعتادت على تبادل المعلومات والآراء عبر «النت»، لكنها وقعت في حب احد الشباب بعدما اجتذبها بأسلوبه الساحر ودفعها الى التعاطف معه. إلاّ انها – كما تقول - بدأت تكتشف سيلاً من الاكاذيب في حديثه بعد مرور ستة شهور على علاقتهما.

وتضيف: «بدأ معي بأسلوب ناعم اوقعني في حبه، وقررنا الاقتران، لكن المشكلة التي واجهتنا تكمن في كيفية سفره من دمشق الى بغداد وسط الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، فضلاً عن رفض والدته ارتباط ابنها بفتاة لا تعرفها. هذه الاسباب دفعت «الحبيب الانترنيتي» الى ابتزاز حبيبته بأسلوب مهذب طالباً بعض النقود منها وكانت ترسلها عبر شركات التحويل، لكنها اكتشفت ان اسلوبه المعسول كان سبباًً في استغفالها مرات عدة قررت بعدها قطع علاقتها به واستئناف حياتها في شكل طبيعي.

ويؤكد عبدالكريم حمزة، استاذ الاجتماع في جامعة بغداد، ان الانفلات الاجتماعي الذي عانى منه الشباب العراقي لسنوات طويلة كان دافعاً مباشراً للانفتاح اللاحق على العالم، فلجأ الكثيرون الى اقامة الصداقات و «العلاقات الغرامية» مع الجنس الآخر عبر شبكة الانترنت، معتبرين انها تمثل نوعاً من الانفتاح الاجتماعي والتحرر العقلي من التقاليد الاجتماعية السائدة، يضيف: «ان علاقات الحب عبر شبكة النت باتت موجة سائدة بين الشباب العراقي من الجنسين لأنها تمثل التمرد غير المرئي على الواقع المؤلم الذي لا يستطيع معظم الشباب الخروج منه في الوقت الراهن».

خلود العامري

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...