إسرائيل تعتبر إيران «التهديد الأكبر لوجودها»

19-08-2008

إسرائيل تعتبر إيران «التهديد الأكبر لوجودها»

لم تكن إسرائيل بحاجة لمعرفة ما إذا كانت إيران قد نجحت أو أخفقت في وضع قمر اصطناعي في مدار حول الأرض، قبل أن تتوصل إلى الاستنتاج أن تلك الدولة غدت »التهديد الاستراتيجي الاكبر على دولة اسرائيل«. فهذه ليست سوى خلاصة التقدير الاستراتيجي الذي طرح مؤخراً في الجيش الاسرائيلي وسيقدم قريبا الى المجلس الوزاري الامني المصغر.
وبحسب صحيفة »معاريف«، فإن التقدير الاستخباراتي السنوي الذي ترفعه الاستخبارات العسكرية والذي يشكل قاعدة للسياسات الإسرائيلية، يحدد في العام ٢٠٠٩ فارقا مهما بين التهديد الايراني وبين بقية التهديدات على اسرائيل. فالمداولات، التي جرت في هيئة الاركان العامة بتعليمات من رئيس الاركان الجنرال غابي اشكنازي، حددت ايران بالاسم كدولة تشكل اليوم التهديد الاول في درجته على وجود اسرائيل.
وأشار المراسل السياسي لـ»معاريف« بن كسبيت، إلى أن الدمج بين مساعي التحول النووي الايرانية، وقدراتها المتطورة في المجال الصاروخي، والانشغال المكثف في نشر الارهاب في العالم بشكل عام وحول اسرائيل بشكل خاص، تمنح ايران »مكانة عليا« في كل ما يتعلق بالتهديدات ضد اسرائيل.
ومع ذلك، فإن الإعلان الإيراني عن إطلاق قمر اصطناعي اعتبر »قفزة« في المجال التكنولوجي ذات أهمية فائقة. وأشارت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن محطات الرصد الإسرائيلية لاحظت الإطلاق قبل أكثر من ١٤ ساعة من الإعلان الإيراني. وشدد الكثير من الخبراء الإسرائيليين على أن الإنجاز الإيراني، بصرف النظر عن النجاح في تحقيق الاتصال بالقمر أم لا، يُدخل المنطقة عموما في مرحلة جديدة. فالفضاء لم يعد من الآن حكرا على إسرائيل.
وقد انقسم الخبراء الإسرائيليون حول إطلاق القمر الاصطناعي بين من يرى ذلك قفزة، ومن حاول أن يقزّم الإنجاز. ومع ذلك، فإن المصادر الأمنية الإسرائيلية تشدد على أن ما جرى هو »معلم مهم جدا على جدية الصناعات الفضائية الإيرانية«. وتدرك إسرائيل أن أحد أهداف إطلاق القمر هو تحذير إسرائيل من مهاجمتها، والإيحاء للجميع بأنها دولة عظمى.
وقد رأى المراسل العسكري لصحيفة »يديعوت أحرونوت« أليكس فيشمان، الذي يعتبر مقربا من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، ان »هذا أكبر بكثير من مجرد اطلاق قمر اصطناعي للتجسس. ففي كل مرة يكشف فيها الايرانيون عن جزء من سباق التسلح، نكتشف نحن كم هي بنيتهم التحتية قوية«.
وبحسب فيشمان، فإن »هذا المشروع الهائل لم يعد ممكناً إحباطه بقصف منشأة واحدة«، كما جرى مع العراق حين دمر المفاعل العراقي فانتهى المشروع النووي. ويوضح »الآن يدور الحديث عن وحش يُبنى امام ناظري العالم. فقط اقتناع دولي بات يمكنه، ربما، تحقيق شيء ما«. وأشار إلى أن ما يقلق إسرائيل ليس القمر الاصطناعي ذاته، وإنما حقيقة ان »هذه »المسرحية الفضائية كشفت النقاب عن شريحة اخرى في فسيفساء القوة التي يتشكل منها التهديد الاستراتيجي الذي يبنى امامنا«.
ويتابع فيشمان هذه »بنية تحتية هائلة، عديدة الأذرع، بدايتها في مناجم اليورانيوم، ونهايتها في رأس نووي متفجر. ومن يؤمن بأنه يمكن القضاء على هذه البنية التحتية بقصف جوي كهذا او ذاك، يعِش في الوهم. وقف هذا المشروع لا يمكن لأحد ان يفعله سـوى النــظام في طهران«.
ويعتبر فيشمان ان »بين المناجم والمختبرات النووية يوجد عشرات آلاف العلماء والمهندسين، معاهد البحث والمشاريع المشاركة في انتاج الصواريخ الباليستية. والآن كشف الايرانيون النقاب عن تطلعاتهم الفضائية. امس في واقع الامر اعلن الايرانيون عن اغلاق دائرة: صواريخ باليستية باتت موجودة عندهم ـ وهي آخذة في التطور ـ تخصيب اليورانيوم في اجهزة الطرد المركزي او باللايزر باتوا يعرفونه، ويحتمل ان يكونوا يتقدمون ايضا في مسار البلوتونيوم، البرامج للرأس النووي المتفجر باتت تجري، والآن هم يجرون دخولا مغطى اعلاميا لعصر الاقمار الاصطناعية. الاقمار الاصطناعية للاستخبارات والاتصالات يفترض ان تخدم منظومة النووي الايراني وتجعلها اكثر نجاعة بكثير«.
ويخلص فيشمان إلى ان »الايرانيين لا يتوقفون ولو للحظة واحدة عن بناء التهديد الاستراتيجي، وإذا ما أدت الضغوط الدولية الى وقف موقت في مجال واحد، في تطوير الرأس النووي المتفجر مثلا ـ كما يدعي الاميركيون ـ فإنهم يستثمرون بوتيرة مضاعفة في آفاق اخرى. مثلا في الاقمار الاصطناعية وهو افق شرعي تماما، او في افق اقل شرعية: تخصيب اليورانيوم. وفي النهاية، كل هذه الآفاق ستصب في نقطة زمنية واحدة«.
وكانت طهران اكدت امس، ان الصاروخ الجديد الذي اطلقته يهدف الى وضع اقمار اصطناعية خفيفة في مدارات منخفضة، واقل ارتفاع سيكون ٢٥٠ كلم والاعلى نحو ٥٠٠ كلم. كما ذكرت انها مستعدة لمساعدة الدول الإسلامية على إطلاق اقمار اصطناعية في مداراتها، علما بأن وزارة الدفاع الاميركية لا تعتبر ان تجربة إيران الصاروخية هذه كانت ناجحة.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...