«وصية» أولمرت: علينا التنازل مضطرين عن أجزاء من إسرائيل

12-11-2008

«وصية» أولمرت: علينا التنازل مضطرين عن أجزاء من إسرائيل

استغل رئيس الحكومة الإسرائيلية المنصرف إيهود أولمرت الذكرى السنوية لاغتيال رئيس الوزراء الأسبق اسحق رابين ليكمل وصيته السياسية، فأكد وجوب العودة إلى حدود العام ١٩٦٧ وتقسيم القدس المحتلة.
وأثار موقف أولمرت هذا انتقاد، ليس خصومه في اليمين الإسرائيلي فحسب، وإنما داخل حزبه كديما. وأعلنت زعيمة كديما الجديدة تسيبي ليفني أن البرنامج السياسي للحزب هو ما يلزمها وليس تصريحات رئيس الحكومة المنصرف. ورغم قرب اعتزال أولمرت حياته السياسية فإن تصريحاته قد تكون بالغة الأهمية في جرأتها لوقوعها في قلب المعركة الانتخابية.
وقال أولمرت أن »علينا أن نتنازل عن أحياء عربية في شرق القدس والعودة إلى نواة الأرض التي هي دولة إسرائيل حتى العام ،١٩٦٧ مع تعديلات يفترضها الواقع الذي نشأ في هذه الأثناء«، مشيراً إلى أنّ رابين فهم في حينه أنه »إذا كنا نريد الحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية ديموقراطية، فإنّ علينا أن نتنازل مضطرين وبألم كبير عن أجزاء من الوطن«.
وشدد أولمرت على إلحاحية الانسحاب من المناطق، موضحاً »يجب أن يتم الحسم الآن، قبل أن يتغير الواقع تماما. إذا تلكأنا، لا سمح الله، فقد نخسر التأييد لفكرة دولتين لشعبين«. وأعتبر أن »على كل حكومة أن تقول الحقيقة، والحقيقة للأسف تلزمنا بان نبتر أجزاء عديدة من الوطن في يهودا والسامرة والقدس وهضبة الجولان«. وتوجه إلى المستوطنين قائلاً »انتم أيضا سيتعين عليكم إجراء حساب النفس والتوصل إلى قرار«.
وأبدت قيادات في كديما تخوفها من أن تؤدي التصريحات »اليسارية« لأولمرت إلى تقييد رئيسة كديما تسيبي ليفني والحزب »وتجعله حزبا يساريا بكل معنى الكلمة«. ولذلك شددوا في محيط ليفني على أنهم غير مسؤولين عن تصريحات أولمرت »إذ أنه يتحدث باسم نفسه وتصريحاته لا تلزم ليفني أو كديما«.
بدوره حمل نائب رئيس الحكومة، وزعيم حزب »شاس« إيلي يشاي بشدة على أولمرت. وقال أنه »من المؤسف أن هناك من يستغل ذكرى رابين كي يحاول بلورة سياسة مرفوضة. وها نحن مرة أخرى نرى حفنة من النوايا المستترة، التي ثمة من يحاول تطبيقها على القدس«.
وأثارت تصريحات أولمرت عاصفة في صفوف اليمين. حيث غادر رئيس كتلة الاتحاد الوطني ـ المفدال اوري ارئيل، والنائب آريه الداد من كتلته قاعة الكنيست أثناء الخطاب بدعوى أن أولمرت استغل الخطاب لطرح سياسي واستخدم المناسبة بشكل انتهازي.
واعتبر الداد »هذا خطاب من مدرسة اليسار غريب الأطوار والأكثر تطرفا«. وأضاف أنه »لا يمكن احتمال حقيقة أن رئيس وزراء فاشل، متهم بالفساد، يستغل بعض الوقت المتبقي له بين التحقيقات كي يدعو إلى خراب الاستيطان اليهودي في ارض إسرائيل«.
وترددت أصداء خطاب أولمرت في وسائل الإعلام الإسرائيلية حيث كتب زعيم ميرتس السابق يوسي بيلين أن أحدا لا يستطيع تجاهل الوقائع بعد الآن. وأشار في مقالة كتبها في صحيفة »إسرائيل اليوم« إلى أن أولمرت »يتحدث مثلي، ولكن بدل أن يدفع المسيرة السياسية إلى الأمام، وبدل أن يصل إلى اتفاقات مع (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن، انطلق إلى حرب فاشلة في لبنان وضم إلى حكومته (زعيم حزب »إسرائيل بيتنا« أفيغدور) ليبرمان. هذه الحقيقة تغيظني على نحو خاص«.
أمّا عضو الكنيست من الليكود يوفال شتاينتس فكتب في الصحيفة ذاتها أن الشبهات الجنائية هي التي تحرك أولمرت لإطلاق تصريحات كهذه، وانتقد تعامله مع المبادئ وكأنها »مداسه الشخصي«، معتبرا أن السلام بات ملجأ المشبوه«.
وفي »هآرتس« شدد المعلق السياسي ألوف بن على أن »أولمرت اختار أن يضرب ضربته في اليوم الأكثر حساسية في الرزنامة السنوية الرسمية، يوم الذكرى لأسحق رابين، وقد استغل المنصة المزدوجة التي منحت له، في جبل هرتسل وفي الكنيست لإعطاء مفعول رسمي لرؤياه السياسية: على إسرائيل ان تنسحب من كل المناطق وبسرعة، قبل ان تفقد الشرعية والتأييد الدوليين لحل الدولتين«.
ورغم أهمية ووضوح وحدّة تصريحات أولمرت فإن بن رأى أنه »في نهاية المطاف، النقد الأشد ينبغي لأولمرت أن يوجهه لنفسه: بعد قليل يستكمل ثلاث سنوات في الحكم وحل الدولتين الذي يروج له يبدو بعيدا. ابو مازن رد عرضه للتسوية على اعتباره ليس كافيا. المستوطنون العنيفون على شفا التمرد، والبؤر الاستيطانية في مكانها. الثقة السياسية التي تلقاها ضيعها على حرب لبنان وعلى البقاء في كرسيه. فقط بعد أن استقال سمح لنفسه بان يعبر عن نفسه بحرية«.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...