«إخــوان» مصــر: احتكار للإعلام الرسمي.. مظاهر ميليشياوية.. وصفقات مع العسكر

10-08-2012

«إخــوان» مصــر: احتكار للإعلام الرسمي.. مظاهر ميليشياوية.. وصفقات مع العسكر

بدا أن جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر قد تخلت بشكل نهائي عن شعار «المشاركة لا المغالبة» الذي رفعته بعد ثورة 25 يناير، وهو ما تأكد بشكل ملموس عندما تخلى الرئيس «الإخواني» محمد مرسي عن تعهده بتشكيل حكومة ائتلافية، وبلغ ذروته خلال اليومين الماضيين مع قرار «أخونة» الإعلام الرسمي، تزامناً مع موجة اعتداءات ميليشياوية طالت إعلاميين ومتظاهرين، بينما بدأت تتردد معلومات عن صفقة بين الجماعة والمجلس العسكري في تعيين المحافظين. مساحات بيضاء في عدد من الصحف المصرية الصادرة أمس (عن الانترنت)
ومن الواضح أن «الإخوان» تحاول كسب الوقت عبر تسريع إجراءات احتكار أجهزة الدولة، قبل أن تتلاشى تداعيات الهجوم الذي استهدف يوم الأحد الماضي ثكنة عسكرية في رفح وأودى بحياة 16 جندياً، وهو ما أثار غضباً شعبياً سعى مرسي إلى احتوائه، لا بل تحويله لمصلحته، من خلال قراراته المفاجئة أمس الأول بإقالة مدير جهاز المخابرات العامة اللواء مراد موافي وعدد من القادة الأمنيين والعسكريين، ومن بينهم قائدا الحرس الجمهوري والشرطة العسكرية.
وبالرغم من الحديث المتكرر عن «حرب خفية» بين الرئيس والجيش، إلا أن الشكل الذي أخرج من خلاله قرار إقالة المسؤولين الأمنيين بعد انعقاد المجلس الأعلى للدفاع الوطني (بحضور وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي ورئيس الأركان الفريق سامي عنان وكبار القادة العسكريين)، وغياب أي رد فعل من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة على هذه الخطوة، يوحيان بأن ثمة صفقة تتم تحت الطاولة لإعادة ترتيب العلاقة المعقدة بين الرئاسة والعسكر.
ولعل ما يعزز التكهنات حول هذه الصفقة تركيبة الحكومة الجديدة برئاسة هشام قنديل، والتي أتت بمثابة حكومة محاصصة بين «الإخوان» والعسكر بالرغم من أنها تبدو في العلن حكومة تكنوقراط، إذ سيطر المجلس العسكري على وزارتي الدفاع (المشير طنطاوي) والإنتاج الحربي (علي صبري)، بينما احتفظ الوزراء المحسوبون على المؤسسة العسكرية بمناصبهم (وأهمهم وزيرا الخارجية محمد كامل عمرو والمال ممتاز السعيد)، وأسندت وزارة الداخلية إلى اللواء احمد جمال الدين المعروف بمواقفه العدائية تجاه الثوار. أما «الإخوان» فقد سيطروا على خمس، أكثرها حساسية وزارة الإعلام التي أسندت إلى صلاح عبد المقصود.
«أخونة الإعلام»
تعيين وزير «إخواني» للإعلام استتبع بقرار مثير للجدل اتخذ على مستوى مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) الذي يهيمن عليه الإسلاميون بتعيين 50 رئيس تحرير جديد للصحف القومية (الحكومية)، معظمهم لديهم ميول إسلامية، ما أثار مخاوف بين الصحافيين من «أخونة» الإعلام.
وبحسب الصحافي في جريدة «الوطن» هاني الوزيري فإن «حزب الحرية والعدالة» التابع لـ«الإخوان» كان قد أعد قائمة تتضمن أسماء رؤساء تحرير الصحف القومية الجدد، مشيراً إلى أن هؤلاء يتوزعون بين «منتمين للإخوان فكريا وليس في شكل تنظيمي»، وبين «محبّين للإخوان ومتعاطفين معهم».
ويشير الكاتب إلى أن هذه الخطوة تستهدف «غزو الصحف القومية وتكوين منابر إعلامية تستطيع الدفاع عن سياسة الجماعة في المرحلة المقبلة وتنفذ أيديولوجياتها»، لافتاً إلى أن ذلك يندرج ضمن خطة أعدها المهندس خيرت الشاطر لـ«أخونة» الإعلام بناء على تكليف من مكتب الإرشاد في الجماعة. ويضيف ان هذه الخطة تقوم أيضاً على «إطلاق حرب شائعات على عدد من الإعلاميين»، وذلك بغرض «قتلهم معنويا» بعد توجيه عدد منهم انتقادات لأداء مرسي وقيادات في «الإخوان».
مظاهر ميليشياوية
ولعل الاعتداءات التي تعرض لها عدد من الإعلاميين، مساء أمس الأول، تعزز التكهنات بشأن سياسة السيطرة والترهيب التي تسعى «الإخوان» من خلالها لاحتكار الإعلام وحجب أي صوت معارض لمرسي بشكل خاص ولقياديي الجماعة بشكل عام، فقد نظم المئات من أنصار «الاخوان» وقفتين أمام البوابتين الثانية والرابعة في مدينة الإنتاج الإعلامي ومنعوا دخول ضيوف بعض القنوات الفضائية.
وحاول بعض المتظاهرين الاعتداء على عدد من الصحافيين، من بينهم رئيس تحرير صحيفة «اليوم السابع» خالد صلاح، والإعلامي يوسف الحسيني من قناة «أون تي في».
وناشد الإعلامي عمرو أديب في برنامجه «القاهرة اليوم» على قناة «أوربت» مرسي التدخل لحماية الصحافيين، قائلاً إن «حلقة اليوم (أمس) قد تكون الأخيرة بسبب تواجد حشود كثيرة من التيارات الإسلامية لمنع دخول الإعلاميين».
وأتت الاعتداءات على الصحافيين تزامناً مع هجوم شنه شبان ينتمون إلى «الإخوان» على عشرات المعتصمين أمام مقر رئاسة الجمهورية، حيث قاموا بتحطيم خيام الاعتصام.
يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تطلق فيها «الإخوان» شبابها للاعتداء على الناشطين المعارضين للجماعة، إذ سبق أن تمت مهاجمة متظاهرين أمام مقر مجلس الشعب لدى عقد الجلسة الأولى للبرلمان في كانون الثاني الماضي، علماً بأن تاريخ «الإخوان» حافل بالظواهر الميليشياوية منذ أيام المرشد حسن البنا، وكان آخر ظهور فظ لهذه الميليشيات حين استعرض «الإخوان» قوتهم أيام مبارك في ما عرف يومها بقضية «ميليشيات الإخوان في جامعة الأزهر»، والتي تسببت في اعتقال عدد كبير من قيادييها، أبرزهم خيرت الشاطر.
وترافقت اعتداءات الأمس مع تهديدات أطلقها قياديون في «الإخوان» ضد المعارضين، ومن بين هؤلاء سعد الحسيني، الذي قال في مقابلة تلفزيونية إن «»قرارات الرئيس مرسي مُلزمة للجميع، ومن يعترض على قراراته فلن يجد من شبابنا إلا الضرب بالجزم (الأحذية)».
إضراب الكتّاب
وامتنع عدد من كتّاب الصحف المصرية، أمس، عن الكتابة، حيث حلت مساحات بيضاء مكان أعمدتهم في ثلاث صحف مستقلة احتجاجاً على محاولات «الإخوان» السيطرة على المؤسسات الإعلامية الحكومية.
وفي صحيفة «الوطن» امتنع عن الكتابة كل من عمار علي حسن، وخيري رمضان، ومحمود خليل، وعمرو حمزاوي، ومعتز عبد الفتاح، ومجدي الجلاد، واكتفوا بكتابة عبارة واحدة هي «هذه المساحة بيضاء احتجاجاً على محاولات الإخوان السيطرة على الصحافة القومية والمؤسسات الإعلامية المملوكة للشعب المصري كما كان يفعل حزب المخلوع»، في إشارة إلى «الحزب الوطني الديموقراطي» المنحل الذي كان يتزعمه حسني مبارك.
ونشرت صحيفة «المصري اليوم» مساحات بيضاء مكان أعمدة الكتاب محمد أمين ومحمد سلماوي و«نيوتن»، الذين امتنعوا عن الكتابة «احتجاجاً على الهجمة الشرسة على الصحافة».
وسخر الكاتب في «المصري اليوم» وائل عبد الفتاح، عبر «تويتر»، من رؤساء تحرير الصحف القومية الجدد، مشيراً إلى أنهم «بارعون في الخدمة: فلول ماشي... إخوان ماشي...مع اللي راكب».
كذلك امتنع سبعة كتاب في صحيفة «التحرير» عن الكتابة وهم وائل عبد الفتاح، وإبراهيم منصور، وعماد جاد، وأسامة خليل، وطارق الشناوي، وعمر طاهر، وجمال فهمي.
صفقة المحافظين
من جهة أخرى، يبدو أن «الإخوان» قد بدأوا التحضير لصفقة جديدة مع المجلس العسكري في إطار التعيينات المرتقبة للمحافظين. وبحسب صحيفة «الدستور الأصلي» فإن مكتب الإرشاد في الجماعة قد ناقش هذا الأمر خلال اجتماع عقده يوم أمس.
وقالت مصادر في «الإخوان» للصحيفة إن «مؤسسة الرئاسة ستختار المحافظين من أبناء المحافظة، وليس من خارجها كما كان يحدث في عصر النظام السابق حتى يكون المحافظ على دراية بالمحافظة ومشكلاتها ويستطيع حلها».
وبحسب مصادر «الدستور الأصلي» فإن «الجماعة ستركز استحواذها على منصب المحافظ في محافظات الوجه البحري (الدلتا)، وستتخلى عن المنصب في المحافظات الحدودية، حيث سيتم اختيار لواءات سابقين من الجيش كما درجت العادة، وذلك نظراً إلى الطبيعة الأمنية لتلك المحافظات».
وثمة من يخشى أن تؤدي نزعة «الإخوان» المتصاعدة باتجاه احتكار كافة أجهزة الحكم ضمن إطار التوافق مع المجلس العسكري إلى تزايد حالة الاستقطاب داخل المجتمع المصري، خصوصاً أن ثمة دعوات لتنظيم «مليونيات» ضد «حكم المرشد» بعد انتهاء شهر رمضان.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...