التوحد في سورية: غياب الإحصائيات وندرة المختصين

16-06-2010

التوحد في سورية: غياب الإحصائيات وندرة المختصين

حداثة التعرف على الاضطراب السلوكي النمائي «التوحد» منذ 50 عاماً فقط، لا يبرر جهلنا له، كمجتمع أو أهل، أو التعتيم عليه وعدم الاعتراف بوجوده، أو إخفاء انتشاره بين أطفالنا، بنسبة انتشار عالمية تصل إلى 5 - 20 حالة لكل 10000 طفل ويعتبر البرفوسور «leo kamner» أول من قدم تعريفاً واضحاً للتوحد باعتباره اضطراباً ينشأ منذ الولادة، وليس مرضاً، لغموض أسبابه حيث يستمر مدى الحياة.
لهذا السبب لا زال التوحد مجهولاً، ولازال العلاج الشافي مجهولاً، إلا أن الدراسات تشير إلى أهمية البدء المبكر بالتأهيل عبر برنامج تربوي تعليمي، حسب تفرد كل حالة توحد، ولكنها تشترك جميعها في التأثير الإيجابي الكبير على أطفال التوحد.
مرض أم إعاقة
كان لوزارة الشؤون، حول التعامل مع التوحد، وجهة نظر تقول: التعامل مع حالة التوحد ضعيف لسبب، وهو أن التوحد لم يُعرف لتاريخه، هل هو مرض أو إعاقة، أم هو بين الاثنين؟..، الحالة معقدة والعلاج فردي حسب درجة كل حالة توحد.
جمعيات التوحد موزعة في المحافظات السورية، ندعمها، كما نقدم الدعم لأي جمعية ضمن مجموعة من المزايا: الإعفاءات  -الأرض-  مساعدات أو إعانات وتبرعات خارجية، وحول السؤال عن تخصيص معهد لاضطراب «التوحد» جاءنا الرد من قبل الجهة المختصة في الوزارة بأنه وضمن الخطة الخمسية يتم دراسة إمكانية إحداث معهد للتوحد، ونحن كجهة، نتأمل بدور المجتمع الأهلي بهذا الخصوص لرعاية أطفال التوحد، فيما المعاهد الأخرى لذوي الاحتياجات الخاصة معاهد قديمة، ويتم تخصيص الأولوية حسب حجم الظاهرة وتمركزها.
أما عن الخطة الحالية، فنقوم بالتحضير لإجراء إحصاء شامل للإعاقة في سورية لتحسين مستوى الأداء والرعاية والخدمات التي تخص ذوي الإعاقة ليس لدينا إحصاء دقيق حول التعداد أو التوزع الجغرافي للحالات، وبمجرد انتهاء البحث الشامل، يصبح لدينا وضوح حول أماكن الإعاقة، وبالتالي يحدد تمركزها لنستطيع بناء المنشآت اللازمة ويتابع المصدر المسؤول في وزارة الشؤون " تكمن معاناتنا الحقيقية مع المسوحات السابقة، وعدم تفاعل الأهالي لاعتبارهم أن الإعاقة مخجلة، إذ إن تعداد ذوي الإعاقة أقل من الواقع،نرجو تجاوب الأهالي معنا لنستطيع التدخل المبكر في تقديم المساعدات للمعوقين".
وتم حالياً الإستعانة باستبيان حديث عالمي، بمساعدة خبير عالمي للسكان والمكتب المركزي للإحصاء واعتمدنا الاستمارة المناسبة لإنجاز المسح الشامل ومن المتوقع إنجاز العمل حتى نهاية العام،ومع وضوح تشخيص الحالة، يتم قبولها في المرحلة الأولى وبالتالي تقديم أفضل رعاية لازمة لها.
الخلاف عموماً، أننا نفترض أن الخدمة تقدمها الحكومة فقط!! تقديم الخدمة ليس مشكلة في الوزارة، بل جملة المعطيات الإحصائية المهم أن يكون لدينا إحصائية صحيحة ودقيقة وواضحة، ليكون التدخل في المساعدة، مبكراً، لماذا نبني في دمشق معهداً للتوحد، وقد يكون تمركز اضطراب التوحد في محافظة أخرى.
ليس هناك تعداد دقيق
أخصائي التوحد، الأستاذ تيسير عيسى، ماجستير في التوحد واختصاصي في علم النفس الإعلامي، يرى أن طفل التوحد، نظراً لعالمه الموجود فيه، لا يشفى، بل يتحسن وفق الإعاقة المترافقة، وتتوزع من البسيطة إلى المتوسطة الشديدة، والشديدة جداً حيث يوجد تباين كبير بين طفل توحد وآخر، كل طفل توحد لديه خصائص في حالته، لكنهم جميعاً يتوحدون في حالة اضطراب التوحد.
فنلاحظ قصوراً في التواصل اللفظي وغير اللفظي لديهم، فالدراسات تؤكد أن 50٪ من أطفال التوحد لا يتكلمون غالباً، لديهم صدى صوتي آني، أو صدى صوتي مؤجل، والمشكلة ليست في النطق بل في الإدراك ،أيضاً بعض الدراسات، فسرت اضطراب التوحد أنه جيني له علاقة بالوراثة وأسباب أخرى كالاضطرابات الغذائية ،ونعود لنؤكد أن ما هو صحيح لدى البعض من أطفال التوحد، غير صحيح لدى البعض الآخر.
وأهم ما نستطيع تقديمه لطفل التوحد، هو التدخل المبكر في التدريب حسب حالته، وللأسرة دور كبير وأيضاً المجتمع، وذلك في تقبل حالته على أنه شخص ترافقه حالته مدى الحياة، وهو بحاجة إلى دعم، خاصة على مستوى الشرق الأوسط عموماً، إذ لا يوجد أي تعداد دقيق وواضح للتوحد منذ اكتشافه عام 1943.
«8»  فقط اختصاص توحد
ويتابع الأستاذ عيسى: لدينا في سورية، يحسب التوحد حسب حالة الولادة كنسبة، والدراسات مكلفة في هذا المجال، ولا يوجد عدد كاف من الأخصائيين في سورية، (8) أشخاص فقط درسوا اختصاص التوحد في الجامعة الأردنية بالتعاون مع الجامعة السورية ولا توجد معاهد تخصص  لأنه لا توجد كوادر.
ولا توجد في سورية درجة دكتوراه في اختصاص اضطراب التوحد مع أنواعه الأربعة من طيف اضطرابات التوحد.
«آمال» تنطلق....
افتتح مركز التوحد في الجمعية في نيسان 2007، وهو يقدم خدمات الكشف والتشخيص وخدمة التقييم وخدمة التدريب والعلاج للأطفال الذين شخصوا بالتوحد، بينما بدأ برنامج تأهيل الكوادر المختصة بالتوحد بين 2005 - 2007 بالتعاون بين جامعة دمشق والجامعة الأردنية، وتعهدته جمعية آمال بكافة المصاريف، لـ 8 مختصين حاملين درجة الماجستير في التربية الخاصة اختصاص توحد.
وذلك طبعاً بتوجيه من السيدة أسماء الأسد، التي رعت الاهتمام بهذا الاضطراب «التوحد».
من جمعية آمال اختصاص اضطراب التوحد: «دلشاد علي» الذي يحضر للدكتوراه في التوحد، حدثنا بتفاصيل توعوية مهمة اجتماعياً وإعلامياً:
إن إظهار برامج عن الكشف المبكر للتوحد، تفيد الآهالي في سورية، حيث نعاني من نقص شديد في الاختصاصيين والمدربين.
ويجب حث الجهات المعنية على فتح معاهد في باقي المحافظات السورية،  لكشف حالات التوحد باكراً.
إن 20 - 25٪ نسبة الذكاء الطبيعي لدى طفل التوحد، إذا كان يملك اللغة والتدريب والتأهيل المناسب.
وكل طفل حالة فريدة، ونسب شفاء الأطفال التوحديين، وإن رافقتهم طوال العمر هي:
10- 15٪ شفاء شبه كامل (تعليم عادي- مدرسة)
30- 35٪ استقلالية في العيش (دمج اجتماعي - مهارات اجتماعية)
25ـ 30٪ الاعتماد على الآخرين بدرجة بسيطة.. ( استقلالية ذاتية)
20٪ يظلون معتمدين على غيرهم.
«ذاكرة صماء للتوحد»
يتابع الأخصائي من جمعية آمال:
للأهل دور كبير في تدريب أطفالهم والانتباه لحالتهم باكراً، نستدعي الأهل حسب الحاجة، ونعلمهم كيف ننقل طرق التدريب والتعامل مع الطفل إلى البيت لأن طفل التوحد لديه مشكلة أساسية في مهارات التعليم، قد يتعلم الطفل مهارة في المركز، ولكنه يجد صعوبة في نقلها إلى مكان آخر أو إلى المنزل، لذلك تدريب الأهل والأسرة أساسي ومساعد.
معظم أطفال التوحد لديهم «ذاكرة صماء» بصرية الأشياء التي شاهدوها تكون لا تنسى، أما المعتمدة على السمع أو ... نعاني معهم فيها.
 أول مركز معلن
تأسست الجمعية السورية للتوحد في محافظة دمشق عام 2006، يتناول نشاطها كافة أراضي سورية، ومن أهدافها: إنشاء مركز تأهيل وأبحاث خاص باضطراب التوحد وإعداد الدراسات والبحوث المتخصصة في مجال التوحد مع الانفتاح على الجوار.
وتقول المهندسة سمر الغراوي:
إن أم الطفل التوحدي أعظم مدرب في العالم لهذا الطفل، حيث يوجد لدينا 30 طفل - أو حالة - ونسبة الصبيان أكثر، وما يسعدني هنا الحديث عن أطفالنا في الجمعية «مهاب وجورج» أطفال توحد تكرموا في المؤتمر العالمي الأول للتوحد 2008. كانت مشاركتهم بمبادرة واهتمام أهلهم عن طريق الانترنت، وتمت المشاركة مع أطفال توحد من أنحاء العالم.
وتلاحظ السيدة غراوي في الفترة الحالية زيادة اهتمام الأهالي بحالة طفلهم والبوح عن أعراضه باكراً مع الدقة في وسائل التشخيص المعتمدة، هذا الاضطراب الذي يصيب الذكور بمعدل أربعة مقابل أنثى واحدة، ولكن عندما تصاب الأنثى تكون حالتها أشد اضطراباً وأكثر صعوبة.
إن الإصابة بالتوحد لغز محير لكل العلماء، وعلينا عدم الاندهاش عندما نرى كمية النظريات حوله، بدءاً من النظرية الخرافية «الأم الباردة» إلى النظرية النفسية العصبية والخلقية والجينية والفيزيولوجية والبيوكيميائية.
العمل بتدخل باكر
وتتابع: لا يوجد علاج شاف للتوحد، إلا أن جميع الحالات يفيدها التدريب المبكر، حيث يستجيب الطفل عندما يركز البرنامج المناسب له، على نقاط القوة لديه والاستفادة منها إلى أبعد الحدود لتساعد على الاستقلالية الذاتية والتفاعل الاجتماعي والضبط السلوكي.
وتضيف الغراوي: وعلى الرغم من الحذر من عملية الدمج في المدرسة لدقة وحساسية حالة طفل التوحد، إلا أنه هناك دعوة خاصة من المدارس مفتوحة، ولكن أخشى على طفل التوحد، لأنه يحتاج إلى أستاذ معه «ما يُعرف بمعلم ظل» ويحتاج لوقت أطول في المعرفة، والأطفال الطبيعيون ليس لهم ذنب بتحمل ردود أفعاله، علينا أن نحترمهم، والدمج لا يكون في المدارس فقط، بل في الحديقة والشارع، كما أن عملية الدمج لا تكون من طرف واحد فقط، بل أيضاً دمج الآخرين والمجتمع مع طفل التوحد والتعرف عليه والتقرب منه.
مؤشرات يحتمل أن تنبىء بحدوث التوحد عند الطفل قبل عمر الثلاث سنوات
- عدم النظر في عيون الآخرين.
- عدم الانزعاج عندما يترك وحيداً.
- التحديق في الفضاء أو سقف البيت.
- الإصرار على تناول أطعمة معينة فقط.
- الارتخاء أو التشنج عند حمله.
- عدم الاستجابة للمناداة باسمه.
- عدم الإشارة باليد إلى ما يريد.
- ترديد بعض الكلمات أو العبارات دون مناسبة.
- حركات نمطية (أرجحة الجسم، الدوران حول النفس، تدوير الأشياء).
- عدم توفر اللعب التخيلي (اللعب بعصا كأنها سيف، أو الركوب على وسادة كأنها حصان).

شذا فلوح

المصدر:  البعث ميديا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...