فؤاد حميرة يحتج على منع مسلسله ومديرة التلفزيون ترد عليه

19-09-2007

فؤاد حميرة يحتج على منع مسلسله ومديرة التلفزيون ترد عليه

الجمل ـ فؤاد حميرة:  كنت قد آليت على نفسي ألا أدخل في مهاترات مع إدارة التلفزيون العربي السوري وأن أتخذ موقف المتعفف عن الرد عن كل الإساءات التي تعرضت لها من قبل هذه الإدارة منذ عرض مسلسل(غزلان في غابة الذئاب) خلال العام المنصرم ، وانتهاء برفض هذه الإدارة لمسلسلي (الحصرم الشامي) و (ممرات ضيقة) اللذين رفض التلقزيون عرضهما خلال رمضان الحالي ، وبالرغم من كل الحجج  التي ساقتها لجان المشاهدة لتبرير رفضها ، فإني لم أقل كلمة واجدة مقتنعا بأن الرد الحقيقي يكون عبر العمل فقط وليس بالردود والمهاترات ، ولكن طفح الكيل ، وخاصة حين يخرج رئيس لجنة المشاهدة في صحيفة محلية ليعلن أن مسلسلاتي تسيء للدمشقيين وتخدش المجتمع وأخلاقه وقيمه ..هنا لم يعد السكوت ممكنا وبات الصمت تحالفا مع الشيطان على مبدأ (الساكت عن الحق شيطان أخرس ) ولنبدأ بقصتي مع إدارة التلفزيون  منذ بدايتها وأن كان السرد سريعا وعلى عجالة ولا يتحمل التفصيلات الكثيرة التي يمكن إيرادها في هذا السياق .
منذ الحلقة التاسعة من مسلسل غزلان في غابة الذئاب الذي عرض في رمضان الماضي ، أي وبمعنى أدق ، منذ أن اكتشفت إدارة التلفزيون أن المسلسل لا يتناول بالنقد مسؤولين سابقين ، قامت الدنيا ولم تقعد ، حتى أن مديرة التلفزيون بالذات ، السيدة ديانا جبور والتي أكن لها كل احترام وتقدير لمعرفتي الجيدة بماضيها الطيب كأديبة وصحفية ، أقول أن السيدة جبور اتهمت المسلسل بأنه خيانة وطنية ، تصوروا هذه  الصفة الغريبة لمسلسل ّ!! أصبحت بين عشية وضحاها خائنا لوطني ، ومع ذلك قلت في نفسي لن أرد وسأحاول أن ابقي على صلة ما مع إدارة التلفزيون ، ولا أخفيكم أنني فوجئت بأن هذا الكلام صدر عن السيدة جبور ، خاصة أنني كنت قد توسمت الخير الكثير منذ وصولها إلى إدارة التلفزيون بل وكنت من أشد المتحمسين لها كونها تملك من الثقافة ما يكفي لجعلها أبعد الناس عن مثل هذه الاتهامات الخطيرة والجميع يعرف هذه الحقيقة.
لم ينته الأمر عند هذا الحد ، فقبل نهاية رمضان بايام ،بدأت تحضيرات التلفزيون لإنتاج برامج في ايام عيد الأضحى المبارك ، حيث يستضيف عددا من الممثلين النجوم ، لكن إدارة التلفزيون اشترطت على الممثلين الذين سيستضيفهم عبر برامجه في العيد عدم ذكر مسلسل غزلان ، حتى أنهم طلبوا من الفنان قصي خولي عدم الحديث عن دوره في المسلسل ، وكذلك على الفنان أحمد حداقي وغيرهما من الممثلين الذين رفضوا هذا الشرط الغريب والمهين واستمرت الإدارة في عنادها حتى ألغي البرنامج ، نعم يلغى برنامج بكامله ، لأن الضيوف أصروا على ذكر مسلسل أثار ضجة مدوية على المستوى العربي وليس المحلي فقط .
وتستمر حرب إدارة التلفزيون غلى لمسلسل ، فحين حصل على الجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون ، لم يذكر تلفزيوننا المحلي ذلك ولم يتطرق للموضوع إلا بخجل وعبر رول إخباري أسفل الشاشة كتب فيه (الدراما السورية تحصد عدة جوائز في مهرجان القاهرة ) ، في الوقت الذي تقيم فيه وزارة الإعلام الاحتفالات والاستقبالات لمسلسلات لم تحصل على شيء مطلقا ، بحجة تشجيع الدراما السورية ومكافـأة المبدعين فيها ، فمسلسل يحصل على الجائزة الذهبية لأول مرة كدراما معاصرة ، لا يستحق التشجيع ولا يستحق حتى كلمة مبروك من كل المؤسسات المنضوية تحت لواء وزارة الإعلام  ، وكأن تجاهل المسلسل وتجاهل نجاحه سيدخله في خزانة النسيان .
على العموم انتهى الفصل الإنتاجي ، ودخلنا مرحلة التحضير لرمضان الحالي ، فقدمت عملا يتحدث عن سجن النساء واسمه (ممرات ضيقة) لكن لجنة الرقابة رفضته لماذا ؟ حسنا سأجيب على هذا السؤال ولكن أرجو أن تمسكوا خواصركم لأنها قد تفقع من شدة الضحك .
يقول تقرير الرقابة يا سادة يا كرام أن المسلسل يحمل طروحات تسيء للمجتمع وللعادات والتقاليد وبالتالي فهو غير صالح للعرض في رمضان ، ومع ذلك قمنا بإجراء التعديلات التي طلبتها لجنة الرقابة من فم ساكت أخرس ، وتم تصوير المسلسل وعرض من جديد على لجنة مشاهدة (أصبحوا لجنتين الآن) ولكن اللجنة رفضته بعد أن أعطته درجة جيد جدا (ممتاز) لماذا؟ للأسباب ذاتها التي ذكرتها لجنة القراءة ، فتم تشكيل لجنة ثالثة وهي مكونة من أعضاء كانوا في اللجنة السابقة ، وهذا أكثر ما يمكن أن يثير السخرية في الموضوع ، والتي أكدت بدورها على قرار اللجنة السابقة بعدم عرض المسلسل في رمضان ، وأيضا اتخذنا جانب الصمت .
لكن التلفزيون رفض مسلسل الحصرم الشامي بحجة أنه يسيء لتاريخ مدينة دمشق ، علما أنه يستند إلى وثائق تاريخية ولا يحمل للدمشقيين إلا بطاقات الورد على صمودهم في وجه المحن وحفاظهم على المدينة لأن أي مدينة أخرى تعرضت للكوارث ذاتها التي عاشها الدمشقيون لهجرها أهلها وأصبحت من المدن المنسية ، هذه هي مقولة العمل ، ومع ذلك تعتبره لجنة الرقابة مسيئا لتاريخ دمشق ، وأيضا صمتنا وقررنا عدم الرد ، حتى خرج علينا السيد رئيس لجنة المشاهدة في صحيفة الثورة المحلية ليقول أن مسلسل الحصرم الشامي (يثير حفيظة الدمشقيين ولذلك تم رفض عرضه ) . وهنا طفح الكيل فعلا ولم يعد السكوت ممكنا ، فالجميع يردد جملة السيدة ديانا جبور بأنني خائن للوطن ولكن بطريقة أخرى ، فأنا أسيء لقيم المجتمع وعاداته وتقاليده ، كما أنني في عمل آخر أسيء لأهل مدينتي (دمشق) وأخرج ضدهم وأنشر غسيلهم قذرا أمام الغرباء ، ألا يعني ذلك أنني خائن لوطني فعلا؟ إنها نفس المقولة المعتاد عليها في تلفزيوننا الموقر فأنت إما مع إدارة التلفزيون وإما خائن ، هذا المنطق الجورج بوشي أيها الأخوة في الوطن العربي هو الذي يحكم التلفزيون العربي السوري .
وما زاد في الطين بلة أن السيدة جبور أطلت عبر شاشة قناة العربية (والتي تتهمها السيدة جبور بأنها عبرية ناطقة بالعربية) أقول أطلت عبر هذه الشاشة لتعلن أن الدراما السورية تتعرض لحرب خفية خاصة في مجال التسويق تشنها محطات خليجية لأسباب سياسية ...إنه أمر غريب فعلا ، وكيف تفتق ذهن السيدة جبور عن هذه الفكرة  والتي إن دلت على شيء فإنما تدل على محاولة لذر الرماد في العيون وتعمية الآخرين عن رؤية الحقيقة والتي تقول أن الدراما السورية تتعرض لحرب من الداخل وليس من الخارج ، حين يمنع الإنتاج الجيد بحجج وذرائع لا تقنع أحدا  لن يبقى في الساحة إلا الإنتاج الرديء وبالتالي من يحارب درامانا الوطنية ؟ (الوطنيون أنفسهم والخائفون على مستقبل المجتمع والبلد) .
يا جماعة ، يا هووو ، يا أهل الخير ...أنا عربي سوري ، مخلص لوطني وأحبه مثل ديانا جبور تماما ، وأخاف على مجتمعي مثل علي الشريف ومحمد علي فروخ وغيرهما من أعضاء لجان الرقابة الذين لا أغرفهم ولا أعرف من أين يأتون ، بل إن أحدهم يتصل بشركة منتجة لأحد أعمالي ليبلغهم بأنهم يتعاملون مع كاتب مشبوه بارتباطاته الخارجية ، نعم أيها السادة أنا أزور السفارات الأجنبية والتي والله لا أعرف أين موقعها في دمشق ، وأنا مشبوه ، ومطعون في شرفي وأخلاقي ووطنيتي ، لأن في تلفزيوننا السوري أمثال أولئك ، أنا لا أستطيع محاسبة من اتهمني بالخيانة ، ولا أستطيع محاسبة أو حتى مساءلة من يعتبرني كاتب مشبوه وأقبض بالدولار من السفارات الأجنبية ، لأنني ببساطة ، مواطن ..وفهمكم كفاية.

فؤاد حميرة
صحفي وكاتب سيناريو

 

 

بعد نشر مادة الكاتب فؤاد حميرة اتصلت السيدة ديانا جبور مديرة التلفزيون، بمحرر (الجمل) لتنفي ما ورد عن لسانها من اتهام للكاتب فؤاد حميرة وأعماله وسألت عن مصدر مثل هكذا تهمة، وهل هي منشورة في صحيفة أو موقع الكتروني ما، وأكدت أنها تكره أولئك التكفيريين الذين ينصبون أنفسهم قضاة وجلادين على المبدعين ولا يمكن بالتالي أن تفعل مثلهم باتهام كاتب سوري موهوب.. وحول قرار منع مسلسل الكاتب حميرة أفادت بأنه لا يوجد منع وإنما هناك تأجيل بطلب اثنين من لجنة رقابة النصوص أحدهما اقترح عرضه بعد شهر رمضان نظراً لقسوته والثاني اقترح عرضه على لجنة مختصة بالتاريخ والتراث الدمشقي لأن هناك إساءات لعوائل وردت بالاسم في المسلسل المذكور..
وختمت بالقول أن من حق أي محطة تلفزيونية أن يكون لها توجها وسياسة يحكمان عملها، وبالتالي فإن رقابة النصوص في التلفزيون السوري لم تمنع بث أية أعمال سورية في المحطات العربية.

الجمل


حميرة: الآراء الواردة في المسلسل لا تعبر عن رأي التلفزيون السوري

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...