الجوال في أيدي الأولاد

26-07-2007

الجوال في أيدي الأولاد

خليوي، موبايل، جوّال، محمول، سيلولير، نقّال... تتعدّد التسميات والجهاز واحد. فور طرح الهاتف الجديد في الأسواق، باغت المجتمعات بصغر حجمه الذي يستمرّ في التضاؤل، وخفّة وزنه الذي يتناقص، كأن بفعل حمية، وتحرره من الأسلاك.

جهاز يعزز شعور المرء بفرديته واستقلاليته. ويتيح له التجوال والتنقّل في كل الأرجاء، متحدّثاً وقوفاً وقعوداً وقيادةً، وفي وضعيات لم يتخيّل أحد أن يتّخذها وهو يتكلّم مع حبيب أو مدير أو شقيقة أو سمج أو خليل...

يظهر بأشكال وألوان مختلفة لا تلبث أن تتجدّد. ومن الأجهزة ما «يتقشّر» كالحيّة، فيتبدّل «جلده» ليتناسب مع أزياء صاحبه أو صاحبته. وتأتي أجهزة أخرى مرصّعة بالدرر والأحجار الكريمة.

إلاّ أن أكسسوارات الخليوي ومزاياه تبقى الشغل الشاغل لحامليه: السمّاعة، «بلوتوث» (تقنية تؤمن وصلة لا سلكية بين الجهاز والسماعة)، الكاميرا، الراديو، النغمات، الأغاني...

وكل ذلك يتيح للفرد أن يشكّل جهازه بما يتناسب مع الموضة، أو يعبّر عن المعتقد أو الموقف السياسي، أو يبقيه متّصلاً بالمطرب المحبوب أو النجم الرياضي، أو الصديقة... ولكل شخص وشيء وأمر مما سبق نغمة خاصة به تُضبط لاستقبال المكالمات أو الرسائل القصيرة sms، أو الصور أو الملفات على أنواعها.

أحياناً، يُستخدم الخليوي بدلاً من جرس الباب، لأن صاحبه لا يريد أن يتكلّف عناء مدّ إصبعه والضغط على الزر. وأحياناً أخرى، يساهم الهاتف المحمول في إنقاذ صاحبه من ورطة، وولد من خطر محدق...

ولمّا لاحظ الصغار منافع الخليوي وآثاره الطيّبة في حياتهم، أخذوا يشغّلون كل ما أوتوا به من ذكاء ودهاء ليقنعوا أهلهم بضرورة اقتنائهم الموبايل. ومنهم من لجأ إلى الاستعطاف أو الحَرَد... وأطلقوا على خططهم تسميات مختلفة، مثل خطة «ليّ الذراع». وآخرون توسّلوا الديموقراطية للوصول إلى مأربهم الوحيد، مثلما هو واقع الحال في مصر ولبنان.

أما في السعودية، فيبدو أن لا لزوم للصغار بعد الآن، لأي وسيلة إقناع، طالما أن الكبار باتوا مقتنعين بضرورة أن يحمل الولد موبايلاً.

وهذا الالتصاق بوسيلة الاتصالات الأولى عالمياً، قد يمهّد إلى ما يُعرف بـ «طفل الغد» كما يبدو في الكاريكاتير، والشرح المجاور لها لمحاولات دمج أو «صهر» كل تقنيات الاتصالات وخدماتها في «شيء» واحد، لم يبصر النور بعد.

وفي نهاية المطاف، ومهما بلغت ممانعة الأهل من قوة، سينصاع هؤلاء لصغارهم الذين لا يألون جهداً ليحققوا «حلمهم»: أن يبقوا على تواصل في ما بينهم ويتسلّوا ويمرحوا، ويشكوا أمورهم بعضهم لبعض، ويحكوا حكاياتهم عبر الأثير، ويجعلوا لقاءاتهم مستمرة... كل ذلك وأكثر... على حساب الوالدين.

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...