ألكسندر بروشورينكو...بطل من هذا الزمان

02-04-2016

ألكسندر بروشورينكو...بطل من هذا الزمان

 الجمل ـ *جون رايت ـ ترجمة رنده القاسم:

أنا لا أعرف أليكسندر بروشورينكو. لا أعلم شيئا عن خلفيته أو أحلامه أو ماذا كان يتمنى على المستقبل. و لكن الذي أعرفه أنه بطل لا يمكن أن ينسى أبدا، و أن القضية التي ضحى بحياته لأجلها قضية عادلة.

تاريخ الحرب و الصراع مفعم بأمثلة عن بطولات و شجاعة فردية تخدم في توضيح الرهانات الخطيرة التي أدت إلى المحصلة، و كيف أنها أثرت على تاريخ و مصير ملايين البشر حتى أيامنا هذه ، بل و تشمل أجيالا لم تولد بعد.

و إلى حد بعيد تكشف  طبيعة الصراع أفضل و أسوأ ما في البشرية، و أهداف الطرفين المتورطين في الصراع تحدد فيما إذا كان الأول أم الثاني من سيلمع أكثر. فعلى سبيل المثال ، هل من أحد يعتقد أن ما من اختلاف بين جنود المنظمة العسكرية النازية "فافن س س"  الذين ماتوا خلال الاحتلال الوحشي للاتحاد السوفييتي فترة الحرب العالمية الثانية و بين جنود الجيش الأحمر الذين رحلوا وسط كفاح أسطوري لمقاومتهم؟ و ماذا عن الآلاف غير المعدودة من الفيتناميين الذين ماتوا و هم يقامون غزو الولايات المتحدة و احتلال وطنهم في الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي؟

و عندما يتعلق الأمر بالصراع في سوريه، فإن ألكسندر بروشورينكو سيبقى للأبد رمزا لشجاعة أولئك الذين وقفوا بتحد أمام  أكثر الإيديولوجيات همجية و وحشية شهدها العالم منذ  اجتياح ال "فافن س س " للاتحاد السوفييتي و قتلهم و ذبحهم لكل شيء حي صادفوه في طريقهم خدمة للفاشية.

انه الروسي البالغ من العمر خمسة و عشرين عاما و الذي قتل في عمليات خاصة في تدمر المحتلة، فقبل تحرير المدينة على يد الجيش العربي السوري  و حلفائه على الأرض، كان دور الشاب  تحديد و تمرير المعلومات عن أحداثيات أهداف داعش في المدينة لأجل الضربات الجوية.

و تبين في المحصلة أن ما من مهمة أخطر من مهمته، و قد ثبت ذلك عندما اكتشفت ارهابيو داعش موقعه و اتجهوا نحوه.و مع إدراكه لما يحدث، و عوضا عن السماح لنفسه بأن يغدو أسيرا، استدعى ألكسندر ضربة جوية عليه هو نفسه.

من المستحيل الكتابة عن هذا الجندي الشاب و شجاعته دون المرور بإحساس هائل بعدم إيفائه حقه... . إن موته و طريقته تذكير مؤلم بأن هذا صراع وحشي يخوضه و ينتصر فيه شبان قرروا  الانتصار بغض النظر عن كل الاحتمالات.و قدرتهم على القيام بذلك ، رغم الرعب و الصعوبة، نتيجة لمعرفتهم أنهم يقاتلون في قضية إنسانية، انها القضية التي يشاركها ألكسندر بروشورينكو مع كل جندي روسي خدم في سورية، إلى جانب الآلاف  من الجنود و المتطوعين السوريين و اللبنانيين و الإيرانيين و الأكراد. و رغم رؤيتهم لقادة و أصدقاء و أفراد من العائلة يقتلون و يذبحون خلال السنوات الخمس الماضية، فإنهم لا يزالون مستمرين في القتال و مواجهة الخطر.

و بالتزامن مع شجاعة بروشورينكو كتب مقاتل المارينز الأميركي السابق غوردون دوف مقالا قارن فيه فاعلية الحملة الجوية الروسية في سورية بنظيرتها الأميركية فقال:

"الذي شهدناه في سوريه هو قيام روسيا بإنشاء  فرقة أمامية في غضون أيام على مهبط طائرات صغير، انتقلت إليه أربع دزينات من الطائرات، و دعت وسائل الإعلام لمراقبة الأمور، و بدأت عمليات قتالية بقوة جوية لم تحلق ضد عدو منذ أكثر من خمسة و عشرين عاما"..

و يتابع قائلا:

"شهدنا طائرات لا تكلف شيئا تكنس أهدافا أخطأتها أميركا أو أغفلتها أو ، وفقا لما قاله الطيارون الأميركيون، لم يسمح بضربها. الطيارون الأميركيون قادرون على القصف، إنهم يمتلكون الخبرة و المعدات، و لكن لأسباب معروفة فيما بينهم و بين الأشخاص الذين يثقون بهم، كانت "ترفع الأيدي" عن داعش.

و لم يكن هذا حال روسيا، فيوم إثر آخر ، كان الطيارون الروس يضربون مراكز قيادة، و معسكرات تدريب ، و يكنسون قوافل عسكرية ادعت أميركا أنها لم ترها، و مخازن أسلحة ، و آلاف الآلاف  من شاحنات النفط التي كان الطيارون الأميركيون على مدار أشهر يتوسلون من أجل ضربها"

و بقوة أكثر يقول لنا دوف:

"و الذي لم تذكره التقارير هو أن الأميركيين الحقيقيين الذين يخوضون الحروب يحترمون نظراءهم الروس و ما يفعلونه. و يتمنى الطيارون الأميركيون لو طلب منهم ضرب الأهداف الساخنة التي دمرها الروس عوضا عن إجبارهم على إسقاط حمولات من القذائف على القرى المهجورة شمال الحدود الأردنية ، كما ورد في تقرير القيادة الروسية في تشرين الثاني 2015.

و عندما أفكر بمن  أثار غضب الطيارين الأميركيين ، أرى أنه السيناتور ليندسي غراهام من كارولاينا الجنوبية.

غراهام و صديقه المقرب جون ماك كين أصدقاء جيدون للمتمردين "المعتدلين " السوريين، و الذين للصدفة تبين أنهم يضمون كلا من داعش و النصره".

و في غضون أشهر قليلة من التدخل الروسي في الصراع السوري، و الذي بدأ وسط مخاطر كبيرة مع الأخذ بعين الاعتبار الدول المتورطة بشكل مباشر أو غير مباشر و المتطلبات اللوجستية و التخطيطية، شهد العالم نفاق الحكومات الغربية و تعاملها المزدوج و حلفاءها في المنطقة.

و في هذا السياق، كذب ألكسندر بروشورينكو الخرافة القائلة أن الدور الروسي في الصراع كان سلبيا. و على العكس، هذا الجندي الروسي الشاب انضم لصف أولئك الذين يحملون أسماءا هي الشاهد على قوة الروح الإنسانية في وجه الظلم و الطغيان...

إننا نؤدي التحية العسكرية له.

*كاتب و صحفي ينشر في العديد من الصحف و المواقع الالكترونية حول العالم ، و هو معلق في روسيا اليوم و  بي بي سي . كتب مذكرات عن خمس سنوات أمضاها في هوليوود حيث كان يعمل في صناعة الأفلام  قبل أن يغدو ناشطا و عاملا مع الحركة الأميركية ضد الحرب بعد الحادي عشر من أيلول.و حاليا يعمل على كتاب يفضح دور الغرب في الربيع العربي.

عن موقع Veterans Today

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...