بعد داعش الأكراد أيضا ينتجون نفطهم الخاص في سوريا

29-07-2015

بعد داعش الأكراد أيضا ينتجون نفطهم الخاص في سوريا

يتصاعد دخان أسود من داخل مصفاة في حقل رميلان النفطي الواقع تحت سيطرة الأكراد شمال شرقي سوريا، جراء تسخين كميات من النفط المستخرجة من بئر قريب، داخل "فرن" كبير تمهيداً لتكريرها.
يقول جكدار علي (27 عاما)، وهو تقني يعمل في احدى المصافي المستحدثة في حقل رميلان: "نقوم بتسخين النفط إلى أن يصل إلى 125 درجة مئوية للحصول على البنزين، ثم نزيد درجة الحرارة إلى 150 لنستحصل على الكاز، وأخيراً نحصل على المازوت عندما تصبح الحرارة 350".
ويوضح رئيس هيئة الطاقة في الإدارة الذاتية الكردية المهندس سليمان خلف، خلال جولة داخل بعض منشآت الحقل التي نشط فيها عشرات العمال: "هي المرة الأولى التي تقوم فيها الإدارة الذاتية بإنتاج النفط وتكريره وتوزيعه".
ويعد حقل رميلان أكبر الحقول النفطية في سوريا من حيث المساحة الجغرافية، ويقع وسط صحراء شاسعة في محافظة الحسكة. وقد توقف العمل فيه العام 2012، إثر انسحاب الجيش السوري منه في إطار اتفاق ضمني مع الأكراد، ما سهل لهؤلاء إقامة إدارتهم الذاتية. ومنذ حوالي سنة، أعادت الإدارة الذاتية تشغيله جزئياً.
ويضم حقل رميلان الجزء الأكبر من الآبار النفطية الموجودة في محافظة الحسكة، فيما يسيطر تنظيم "داعش" على الحقول في مناطق الشدادي والجبسة والهول، وبالقرب من مركدة وتشرين كبيبة في ريف الحسكة الجنوبي، وتشكل هذه حوالي عشرة في المئة فقط من آبار الحسكة.
ولم تكن توجد مصاف في محافظة الحسكة قبل الحرب، بل كان النفط المستخرج ينقل من المنطقة الى مصفاتي حمص وبانياس الوحيدتين في البلاد.
ويقول خلف، الذي يقوم مقام الوزير في الإدارة الذاتية: "نحن دافعنا عن المنشآت والآبار النفطية، وقدّمنا مئات الشهداء لحمايتها"، في إشارة إلى المواجهات الدامية في منطقة رميلان بين الأكراد وتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"-"داعش".
كما تصدى الأكراد لعصابات مسلحة حاولت بعد انسحاب الجيش، الإستيلاء على منشآت في الحقل بقصد السرقة واستغلال الإنتاج النفطي.

ويضيف خلف أن "أنابيب النفط الواصلة بين حقول الجزيرة في المنطقة الشرقية ومصافي التكرير في مدينتي حمص وبانياس، تعرضت لعمليات تخريب وسرقة، فتوقف 1300 بئر نفطي (في حقل رميلان) عن العمل بشكل كامل، وأعيد تشغيل 150 منها منتصف العام 2014". وقد تم إنشاء عشرين مصفاة بدائية صغيرة داخل الحقل لضرورات هذا التشغيل.
يوضح حسان (في الأربعينات)، الموظف في مديرية حقول الحسكة الحكومية والذي لا يزال يعمل في المكان: "مرت منطقة الجزيرة بشتاء قارس العام 2013، ما اضطر الكثير من العائلات إلى قطع الأشجار واستخدام خشب الأثاث المنزلي للتدفئة، (...) لم يكن بإمكاننا الوقوف مكتوفي الأيدي. لذلك أنشأنا مصافي تلبّي حاجتنا من المحروقات".
قبل إنشاء المصافي، لجأ سكان إلى إنشاء حرّاقات صغيرة محلية الصنع، تم تركيزها عشوائيا قرب آبار البترول، وكان الناس يحفرون في الأرض ويستحصلون على النفط الخام ويقومون بتكريره في هذه الحراقات بشكل يدوي.
على الأثر، أقدمت سلطات الأمر الواقع الكردية على تنظيم القطاع، وقد تلقت في المرحلة الأولى مساعدة من الحكومة السورية التي تستمر في دفع رواتب بعض الموظفين الحكوميين الذين لم يغادروا منشآت رميلان.
ويشير خلف إلى أن الحكومة السورية "أمّنت في البداية بعض المواد الأولية الضرورية لتشغيل الآبار، مثل زيوت العنفات وقطع تبديل".
في محيط المصفاة، يتفقد عمّال صمّامات الأمان، ويضع أحدهم قميصاً على وجهه يقيه الحرارة الناجمة عن تشغيل مولدات الكهرباء والآلات. في المكان، عدد من الخزّانات وصهاريج مهمتها نقل المشتقات النفطية إلى محطات الوقود في المناطق.
وتنتج آبار رميلان يومياً ما يزيد عن 15 ألف برميل من المشتقات النفطية، أي أكثر من العشرة آلاف برميل يومياً التي تنتجها الحكومة السورية من الآبار القليلة الباقية تحت سيطرتها في البلاد في ريف حمص الشرقي، لكنها أقل بكثير من الـ165 ألف برميل التي كان ينتجها الحقل قبل بدء الحرب في منتصف آذار العام 2011.
ويروي صالح (28 عاما)، سائق سيارة في مدينة القامشلي (على بعد حوالي ستين كيلومتراً من رميلان) أن "هناك ثلاثة أنواع من البنزين في المنطقة: البنزين العراقي المهرّب، والبنزين المحلي (الكردي)، والبنزين النظامي السوري الآتي من مناطق سيطرة الدولة السورية... الأخير هو الأكثر جودة".
ويجمع سكان المنطقة أن الوقود المنتج محليا "رديء النوعية"، لكن ثمنه (150 ليرة سورية لكل ليتر أي نصف دولار)، أقل بكثير من "النفط النظامي" الذي قد يكون من إنتاج سوري او مستورداً من إيران (1،3 دولارا).
ودمرت الحرب القطاع النفطي في البلاد، بعدما كانت سوريا تنتج 380 الف برميل يومياً. وكان إنتاج مجموعة حقول دير الزور (شرق) الواقعة الآن تحت سيطرة "داعش" الأكثر غزارة.
ويؤكد خلف أن لا مشكلة بالنسبة إلى السلطات الكردية في التنسيق مع السلطات الحكومية، في حال عودة الإنتاج الى ما كان عليه في السابق، موضحاً أنه "إذا تم تأمين خط النفط بين الجزيرة ومصفاتي حمص وبانياس، فسوف نعيد الضخ مباشرة، لكن بعد أن تأخذ مناطق الأكراد حصّة مجزية من مردود النفط".


 (أ ف ب)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...