«داعش» يرتكب مجزرة في قرية المبعوجة بريف حماه

01-04-2015

«داعش» يرتكب مجزرة في قرية المبعوجة بريف حماه

تأتي الهجمات التي يشنها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش» على قرى ريف حماه الشرقي منذ أشهر عدة، في سياق محاولاته المتكررة للسيطرة على عقدة المواصلات التي تربط بين المحافظات الثلاث، حماه وحلب ودمشق.
غير أن التطور الأخير في إدلب، وخروج مركز المحافظة من سيطرة الجيش السوري لمصلحة خصمه اللدود «جبهة النصرة»، جعل لهجمات «داعش» في ريف حماه الشرقي بعداً آخر.
فلم يمض أسبوع على الهجوم الذي شنّه مسلّحو «داعش» على قرية الشيخ هلال، من دون تحقيق هدفه المتمثل بقطع اوتوستراد الرقة، الذي يتفرع عنه طريق أثريا - خناصر والذي يعتبر خط الإمداد الرئيس للجيش السوري إلى حلب، حتى قام هؤلاء فجر أمس بتنفيذ هجوم لا يقل شراسة على قرية المبعوجة، موقعين عشرات الشهداء والجرحى من أهالي القرية ومن المدافعين عنها، سواء الجيش السوري أو «كتائب البعث» الرديفة له، بينما نزح العشرات من أهالي القرية، خوفاً على حياتهم واتجهوا نحو القرى المجاورة.
وكان «الدولة الإسلامية» أعاد تأسيس ما أسماه «ولاية حماه» أوائل العام الحالي، بعد سيطرته في كانون الأول الماضي على بعض القرى، أهمها رسم الغجية والمزاريع والزعبة وأم توينة، والتي أتاحت له الاقتراب من المبعوجة.
وبحسب مصدر ميداني فقد انطلق الهجوم من محورين، المحور الجنوبي من قريتي عقيربات وسوحا، ومحور شرقي من محطة صلبا الحرارية. وتمكّن المهاجمون من اقتحام القرية، خصوصاً من أطرافها الشمالية الشرقية، وارتكبوا مجزرة وحشية بحق الأهالي الآمنين في بيوتهم، حيث عمدوا إلى قتل العشرات منهم بدم بارد. وتقدر بعض المصادر عدد الضحايا بحوالى ٧٥ شهيداً، وأكثر من ١٠٠ جريح. وتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيان، عن حرق وذبح المواطنين.
وبينما تحدّثت مصادر «داعش» الإعلامية عن سيطرته الكاملة على قرية المبعوجة واغتنام بعض الأسلحة والذخائر واختطاف حوالي 50 شخصاً، نفى المصدر الميداني ذلك، مؤكداً أن الجيش السوري، بدعم من مقاتلي «كتائب البعث»، تمكّن من طرد عناصر التنظيم التكفيري من القرية بعد دخولهم إليها بساعات، مشيراً إلى وقوع اشتباكات عنيفة بين الطرفين أدت إلى مقتل ما لا يقل عن عشرة من عناصر «داعش» وجرح آخرين، فيما شن الطيران الحربي غارات على القرى التي يسيطر عليها «داعش»، مثل عقيربات وسوحا وقليب الثور وصلبا وحمادة عمر وأبو دالية، مستهدفاً معاقل التنظيم وتمركزات مقاتليه فيها، من دون ورود معلومات عن حجم الإصابات التي نتجت عنها.
وتكمن أهمية قرية المبعوجة جغرافياً أن السيطرة عليها تتيح للتنظيم التكفيري أن يتقدّم باتجاه ناحية الصبورة، التي تعتبر مركزاً أساسياً لوحدات الجيش السوري والقوى الرديفة له، كما أنها تقع إلى جانب اوتوستراد الرقة، وبالتالي فإن السيطرة عليها تؤدي إلى قطعه وحرمان الجيش السوري من خط الإمداد السلمية - حلب عبر خناصر، وهو ما يمثل أحد الأهداف الرئيسة التي يسعى إليها «داعش» من وراء هذه الهجمات، علماً أن المبعوجة لا تبعد عن الصبورة سوى ستة كيلومترات.
لكن اللافت، أن مصادر «جبهة النصرة» لم تخفِ قلقها من أن تكون لـ «داعش» أهداف أبعد من مجرد قطع خطوط الإمداد عبر إغلاق اوتوستراد الرقة. وأشارت هذه المصادر إلى وجود مخاوف في أوساط قيادة «النصرة» من أن تكون هي المستهدفة بشكل أو بآخر من هذه التحركات.
فمن ناحية قد يكون هدف «داعش» هو تشكيل حاجز يمنع «جبهة النصرة» من السيطرة على مزيد من القرى في ريف حماه الشرقي، وذلك تمهيداً لخلق خطوط تماس معها في تلك المنطقة تتيح مهاجمتها، لأن اوتوستراد الرقة، الذي يسيطر عليه الجيش السوري يشكل الحد الفاصل بين القرى التي يسيطر عليها «داعش» وتلك التي تسيطر عليها «جبهة النصرة» في ريف حماه الشرقي والشمالي الشرقي، وبالتالي فإن سيطرة «الدولة الإسلامية» عليه تعني أن يصبح الطرفان في مواجهة بعضهما بعضاً.
ومن ناحية ثانية، وهذه استجدت بعد سيطرة «جبهة النصرة» على مركز مدينة إدلب قبل أيام، فإنه يرجح أن قيادة «الدولة الإسلامية» لا تشعر بالارتياح جراء هذه السيطرة، وهي تعتقد أن هذا التطور يشكل خطراً على معقلها في الرقة من جهة مَن تسمّيهم «الصحوات». كما أنه يصعّد من حدة المنافسة ويؤدي إلى بروز نجم «جبهة النصرة» وإمكانية استقطابها المزيد من الأنصار والمقاتلين بسببه. لذلك بدأ الحديث صراحة في أوساط «النصرة» عن وجود مخاوف حقيقية من أن يقوم «داعش» بحرب استباقية، يهدف من ورائها إلى إجهاض هذا الإنجاز وحرمان «النصرة» من البناء عليه، عبر الهجوم مباشرة على إدلب من محورين، هما محور الرقة ومحور ريف حماه الشرقي.
وسواء أكانت مخاوف «جبهة النصرة» واقعية، أم أنها مجرد انعكاس لمدى عمق تأثير خسارتها في دير الزور عليها، ما خلق لديها وهماً بأن «داعش» يلاحقها في كل مكان، تبدو تداعيات معركة إدلب حاضرة في الهجوم الأخير على قرية المبعوجة بشكل آخر. حيث ذكر خبير عسكري مختص أن ما حدث في إدلب اضطر الجيش السوري إلى وضعها على سلم أولوياته خشية أن يتدهور الوضع فيها إلى ما هو أخطر مما جرى حتى الآن، لذلك كان تعزيز قواته التي تجمّعت في جنوب المدينة إجراء لا يمكن تأجيله، وقد جرى سحب بعض هذه التعزيزات من ريف حماه، وهو ما قد يكون تسبب في إضعاف تواجده هناك، الأمر الذي سهّل الهجوم الأخير لـ «داعش»، كما أن من شأن هذه التطورات أن تشكل ضغطاً على قوات الجيش السوري في إدلب، وقد تعوقها عن مهمة تنفيذ الهجوم المضاد الذي كثر الحديث عنه.
من جهة ثانية، نقلت وكالة الأنباء السورية - «سانا» عن مصدر عسكري قوله إن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة تحكم سيطرتها الكاملة على السلسلة الغربية لجبال الزبداني، بعد القضاء على آخر تجمّعات الإرهابيين في شير النسور وضهرة الزيتون».

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...