عبد الواحد علواني : في وداع تركي علي الربيعو

08-01-2007

عبد الواحد علواني : في وداع تركي علي الربيعو

في رحيل الكاتب والمفكر تركي علي الربيعو

الجمل ـ عبدالواحد علواني: لم يكن صوتك منذ يومين ينذر بالرحيل، كنا نتواعد على صيف قادم نتسابق فيه مشيا في ما تبقى من غوطة دمشق، وكنت تحذرني بأنك ستهرول وتسبقني، كانت كلماتك كفيلة بايهامي أنك على خير مايرام، واغتسلت نفسي من قلق كان يتسرب إلي.
أبطأت في الاتصال بك على غير عادتي، فاتصلت بي ورأيت من خلال الكلمات وجهك المبتسم أبدا، وملامح المودة التي مافارقتك، ضحكنا وتسامرنا على الرغم من آلاف الكيلومترات... ولم تنه الاتصال إلا بطلب مني لئلا أرهقك.
أبا محمد.. جاري في الجغرافية التي أحب، وجاري في جغرافية التعب..كيف لي أن اتقبل حيا اعتدنا أن نتقبله سوية ونحيا فيه سوية، كيف لي أن أتحاشى ألم رحيلك وكل شيء يتحدث عنك .. الناس والأشجار والشوارع والأرصفة..، كيف لي أن أنهي كتابا دون أن أتحدث إليك...كم أفتقدك الآن، ربما لأتحدث إليك عن الم فقدك.
كنت دائما أتأخر على موعدي معك، ولا تكلفني حتى العتاب...كيف تفي بوعدك الآن؟ وإن تأخرت علي بعد الآن من ذا أعاتب؟
كنا نتحدث عن كتابك الأخير (الحركات الإسلامية في منظور الخطاب العربي المعاصر) وأخبرتك عن الهوامش التي ملأتها بتعليقاتي، لنتداول الرأي بشأنها إذ ألتقيك في الصيف القادم، فمن ذا يحملها إليك؟ وكيف لنا أن نمعن في السهر سوية على حافة كتاب.
لم تكن أبدا تحب المباغتة، كيف يأتينا رحيلك بغتة... ثمة كلمات نعرف معناها ولا نشعر بها إلا بغتة...دوامة.. نعم فجأة وجدت نفسي في خضم دوامة.
يوم رحيل شقيقي حسام كانت كلماتك لا تحابي ولا تتزلف إلى ما درجنا عليه من العزاء، قلت لي أنه جدير بالحزن، نبي في زمن أتخم شرا، فمن ذا يا ترى يجد كلمات تناسب رحيلك أنت. كنا نستعين على الغربة بالأنس الذي نعد به أنفسنا إذ نعود إلى الجغرافية التي تجمعنا، يبدو أن الغربة ستلحق بي حتى هناك وأنت غائب... قبل أن أهجر الوطن كنا ثلاثة نسير في ظلال أشجار نجت من غول الزمان... غاب الأول.. وغاب الثاني... فبمن يستأنس الثالث؟
أبا محمد.. في القلب غصص أنت آخرها، وللحياة حكايات تمعن في الحزن...
يوم رحلت سيدة فكر..كنا نجتمع بعد حين لذكراها ، رفضت يومها أن تمد يدك إلى شيء من شراب أو طعام احتراما لذكراها لانها تستحق أن نحزن لأجلها. وها أنت تخيم علينا وأنت تغيب ومعك خصالك التي اعتادها الجميع منك، الذكاء والكرم والود والثقافة الواسعة والفكر الثاقب.
أبا محمد.. الذاكرة متخمة بك وبمواقفك وأحاديثك وطيبتك... وعزاؤنا أنك ستبقى حيا في نفوسنا.

سيرة ذاتية

تركي علي الربيعو
-كاتب وباحث
-كتب أكثر من مائة وخمسين بحثا في الدوريات التالية:الاجتهاد،الفكر العربي،الفكر العربي المعاصر،الوحدة،المجلة العربية للعلوم الإنسانية...الخ
-الكتب المؤلفة:
-الإسلام وملاحم الخلق(بيروت، المركز الثقافي العربي،1992
-العنف والمقدس(بيروت،المركز الثقافي العربي،1994)
-أزمة الخطاب التقدمي العربي(بيروت،دار المنتخب العربي،1995)
-من الطين الى الحجر:قراءة في ملاحم الخلود(بيروت،المركز الثقافي العربي،1997)
-في خيارات المثقف (بيروت،دار الكنوز الأدبية،1998)
-الإسلام والغرب (دمشق،دار الفكر،1998)
-المحاكمة والإرهاب:عقلية التخوين في الخطاب العربي المعاصر(بيروت،دار الريس،2001)
-هناك كتابان سوف يصدران لهذا العام الأول عن المركز الثقافي العربي والثاني عن دار الريس
-كتب في العديد من الصحف العربية(الحياة،الرياض،الخليج،المستقبل،السفير....)وحاضر في عدد من الجامعات والندوات في الوطن العربي
- عضو الهيئة الاستشارية في مجلة حوار العرب التي تصدر عن مؤسسة الفكر العربي في بيروت
 

 

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...