ضبط مستودع مخالف لتعبئة خلطات الأعشاب الطبية

21-08-2007

ضبط مستودع مخالف لتعبئة خلطات الأعشاب الطبية

اعتقد أبو عمر للوهلية الأولى ان الفرج قد جاءه، وعلاج زوجته من ذلك المرض الخبيث اصبح في متناول يديه عندما شاهد الاعلان التلفزيوني الذي بثته احدى القنوات الفضائية مساء ذلك اليوم متضمناً عروضاً لخلطات عشبية تشفي الكثير من الامراض المستعصية.. فأسرع الى القلم والورقة وسجل رقم الهاتف المعلن وبادر مباشرة الى الاتصال بالجهة المعلنة...

‏ ابو عمر هو لقب محمد خليل الموظف الحكومي المنتوف تعاني زوجته من مرض السرطان منذ سنوات وقد راجع عدة مشاف واطباء دون جدوى ونظراً لأن حالة مريضته في تأخر مستمر.. كان الاعلان المذكور بمثابة القشة التي يتمسك بها الغريق حيث يقول: عندما شاهدت الاعلان وما يتضمنه من خلطات عشبية تعالج امراض السرطان والسكري والكبد والقولون.. إلخ رفعت سماعة الهاتف وطلبت الرقم المذكور داخل الاعلان فجاءني الرد من الجهة المعلنة في احدى دول الخليج العرب يتطلب مني وضع مبلغ 13 ألف ليرة سورية في حسابها في مصرف التجارة والتمويل في سورية.. 
 ويضيف أبو عمر: لقد وضعت المبلغ واتصلت مجدداً على نفس رقم الهاتف واخبرتهم بما فعلت فطلبوا مني ارسال رقم اشعار الايداع المصرفي لهم وفعلت ايضاً فقالوا لي: بعد اسبوع تستلم المواد.. ولكن بعد اسبوع طلبوا مني الذهاب الى عنوان في الزاهرة القديمة بدمشق وهناك وجدت مستودعاً كبيراً يتبع الى ذات الجهة المعلنة حيث قاموا بتسليمي علبة كرتون فيها : مرطبان عسل عدد اثنين وزجاجة مكتوب عليها مياه زمزم وزجاجات أخرى فيها محلول لا أعرف مما يتكون واخذوا مني ثمنها مبلغ 30 ألف ليرة سورية على دفعتين... ‏

وأضاف ابو عمر: لقد تناولت زوجتي هذه المواد على مدار 36 يوماً ـ حتى انتهت ـ دون ان تستفيد منها شيئاً وعندما راجعتهم شارحاً عدم الفائدة من خلطاتهم قالوا لي يجب ان تستمر على هذه الجرعات لمدة اطول لكني رفضت لكون الفائدة معدومة منها.. ‏

ابو عمر الموظف في دائرة حكومية مهمتها مراقبة الاسواق وقمع حالات غش واحتيال كهذه أكل «الكم» وسكت لكن المصادفة قادت عناصر حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية في دمشق الى المستودع المذكور... ‏

حيث يقول علي الخطيب معاون المدير: كثرت في الآونة الأخيرة وانتشرت في مناطق عديدة محلات بيع الاعشاب الطبية والمركبات العشبية المخلوطة بمختلف انواعها على اساس انها عقارات طبية تعالج مختلف الامراض حسب ما يدعي تجار هذه المنتجات ولكل مرض وصفة محددة واسعارها خيالية تصل الى 30 ألف ليرة سورية للعبوة الواحدة مستغلين بذلك اصحاب الحاجة من المرضى وذويهم الذين يتمسكون بأية دعاية أو وصفة لمعالجة امراضهم حتى ولو كانت حبال الهواء ويضيف الخطيب: وفي هذا الاطار ضبطت مديرية التجارة الداخلية بدمشق مؤخراً احد المستودعات الكبيرة في منطقة الزاهرة فوجدت ان القائمين على العمل فيه من دولة عربية خليجية يتلاعبون بصحة ومشاعر المواطنين ويستغلونهم اقتصادياً حيث تم ضبط في هذا المستودع كميات كبيرة من الاعشاب ومئات العبوات البلاستيكية المعبأة بخلطات عشبية مختلفة مكتوب عليها انها تداوي معظم الامراض المستعصية مثل : السكري والسرطان وامراض الكبد والقولون.. إلخ عبر الدول ويضيف الخطيب: ومما اكد قيام هؤلاء الاشخاص بالدجل والاحتيال هو أنهم يستجرون موادهم الأولية (الأعشاب) من الأسواق المحلية ويقومون بتعبئتها في سورية وضمن المستودع المذكور ثم يضعون عليها لصاقات توحي أنها مستوردة من خارج القطر وهنا يستغلون المواطنين من الناحية السعرية على أنها مواد مستوردة من دول فيها مراكز متخصصة بإنتاج هذه الخلطات مدعين أنه قد أجريت عليها اختبارات وتجارب أثبتت فائدتها الصحية ومقدرتها على الشفاء العاجل كبديل مناسب للدواء الكيميائي وبناء، على هذه المعطيات هي تعلن عنها عبر الفضائيات وتخصص لها ندوات وبرامج تلفزيونية لشرح مزاياها وفاعليتها وتجري مقابلات مع أشخاص استفادوا من تناولها، طبعاً المريض أو أحد ذويه الذي يسمع هذه الديباجة وكان قد رأى سابقاً البرنامج التلفزيوني الذي أعد عنها ستنطلي عليه هذه الأكاذيب ويمد يده إلى جيبه منتزعاً مبلغ ما بين 1000 وحتى /30/ ألف ليرة ثمن عبوة لا يتجاوز وزنها /50/ غراماً لا تكفي المريض سوى أيام قليلة وفيها مواد لن تفيد حالته المريضة بل قد تزيدها سوءاً. ‏

وأشار معاون المدير إلى أنه تم ضبط ضمن المستودع آلة خلط صغيرة تشبه العجانة تستخدم لخلط المواد المختلفة إضافة إلى عبوات من مياه بقين وأعشاب متنوعة وزيوت ذات أصناف متعددة ومرطبانات عسل وسوائل أخرى وبكميات يتجاوز وزنها /200/ كيلو غرام حيث يقوم الأشخاص داخل المستودع بتركيب الخلطات حسب ما يطلب منها من قبل الزبائن وقد قامت المديرية بحجز كامل الكميات المعبأة والدوكما التي ضبطتها داخل المستودع المذكور ونظمت بحق الجهة المخالفة الضبوط التالية: عدم وجود مواصفات على العبوات البلاستيكية المعبأة بالمواد. ‏

ـ حيازة وطرح وتعبئة مواد عشبية طبية دون موافقة وزارة الصحة.. ‏

ـ مخالفة وجود بيانات وهمية على العبوات لكونها تعبأ داخل القطر في حين يدون عليها أنها مستوردة من الخارج.. ‏

كما تم سحب عينة عسل من ضمن المواد التي ضبطت في المستودع ونتيجة التحليل المخبري لها تبين أنها مخالفة بانخفاض أنزيم الدياستاز وهو ما يعني أن العسل غير طبيعي. ‏

وأوضح أن جميع هذه الضبوط أحيلت إلى القضاء المختص في حين توارى المخالفون عن الأنظار وتركوا المستودع مغلقاً خلفهم. ‏

وبالعودة إلى تقرير مندوب نقابة الصيادلة تبين أنه يؤكد مخالفة المواد التي ضبطت داخل المستودع وعدم صلاحيتها صحياً.. ‏

لكن أبو عمر الذي أدرك متأخراً أنه وقع ضحية تجار المرض لطم خديه قائلاً: لمن أشتكي..؟ لقد استدنت مبلغ /50/ ألف ليرة لأشتري حلم الشفاء والآن عدت بزوجتي مجدداً إلى العلاج داخل المشفى أنتظر رحمة الله تعالى أن يشفيها.. ‏

لقد سرقوا أمل الشفاء من مريضتي ـ يضيف أبو عمر ـ وباعوني أوهام العلاج.. إنهم يريدون الثراء على حساب صحتنا.. فأين الجهات المسؤولة..؟! ‏

عمران محفوض

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...