ضاعت معاملتها.. فهل تضيع حقوقها في وظيفة الهندسة

18-05-2009

ضاعت معاملتها.. فهل تضيع حقوقها في وظيفة الهندسة

هل سبق لك أن « ضعت» بين وزارات الدولة ومؤسساتها؟ من منا لايعرف ماذا يعني ان تضيع معاملة سواء كان السبب إهمالاً أوسوء نية أو كليهما؟

هنا قضية شكلها العام خاص ولكنها نموذج صارخ لواقع من الترهل لم يعد معقولاً في بعض الجهات العامة!! ‏

بدأت القصة عندما صدر قرار فرز المهندسين في الخامس من شهر آذار للعام الجاري ولم يكن للمهندسة صفاء سليمان علي اسم بين من« قبضوا» على فرصة عمل. الآن وبعد انقضاء اكثر من شهرين ونصف لم تنته المعاملة التي بدأتها المهندسة... وكان عليها ان تعمل كل شيء وحدها وأن تبحث عن الحلول بمفردها.. في محاولة لإيجاد حل لمعاملة فرز تاهت بين ثلاث جهات( جامعة تشرين ، وزارة التعليم ، رئاسة الوزراء). ‏

بعد جولات من الاستفسار والتشتت والضياع وصلت الى نتيجة تؤكد أن طلبها مفقود. لم يصل الى دمشق سواء الى وزارة التعليم العالي أو رئاسة مجلس الوزراء وأن كل ماتستطيع جامعة تشرين ان تقدمه لصاحبة هذه المشكلة، بمعظم داوئرها ومفاصلها هو التأكيد ان طلبها ارسل وترديد العبارة الواحدة« مشكلتك ليست عندنا وعليك أن تسألي عنها في مكان آخر». ‏

أما ماذا تعمل، وما الحل؟ فهذه أسئلة لاإجابات عنها في جامعتها التي تخرجت منها بمعدل جيد جداً (70.11%) ‏

بدأت تعمل بنفسها بعد أن لمست بيدها أن المشكلة مشكلتها وأنها لن تجد من يفيدها حتى بمعلومة... استطاعت ان تسأل في رئاسة الوزراء عما يمكنها فعله، فأكدت لها احدى الموظفات في الرئاسة ان عليها أن تعيد تقديم طلب فرز آخر، لأن طلبها الأول مفقود، أو لم يصل، وكي لاتفقد الوظيفة عليها ان تعد طلباً آخر لإعادة فرزها. ‏

لإعداد طلب جديد، دخلت في معركة تحتاج فيها الى مراجعة ثلاث جهات رسمية وهي: جامعة تشرين، ووزارة التعليم ورئاسة الوزراء في دمشق، واعتقد بأن اي قارئ يستطيع ان يتخيل ماذا يعني ان تعيد انجاز معاملة موزعة بين محافظتين، وكانت القضية من وزن« القبض» على فرصة العمل، أو ضياعها في وقت بالكاد تعيش فيه حلم الحصول على عمل! ‏

بدأت مراجعاتها المكوكية لتقديم طلب فرز جديد من جامعة تشرين، لكن دون جدوى لأن العاملين في ديوان كلية الهمك( الهندسة الميكانيكية والكهربائية) لايقدمون طلباً آخر على مسؤوليتهم، والسؤال: اذن ماذا أعمل، يأتيها الجواب الازلي:« مشكلتك مو عنا والخطأ ليس من الجامعة» لم تكن تحاسب أو تقاضي وهي وغيرها ممن« يبتلي» لايسعى وراء المسؤول عن الخطأ بل يسعى وراء حل، لكنك لن تجد من« ينتخي» أو ربما يعرف ماذا عليك ان تعمل!! ‏

دخول بعض الاطراف على الخط، مكن المهندسة صفاء من تقديم طلب الى رئيس الجامعة. في الخامس والعشرين من شهر آذار أي بعد عشرين يوماً من صدور قرار الفرز لزملائها... الله وحده يعلم حجم الجهد والاعصاب التي استنزفت في اعداد هذا الطلب. ‏

بعد أربعة أيام أعاد رئيس الجامعة الطلب الى عميد كلية الهمك لبيان الواقعة، أجاب عميد الكلية بأن طلبها الاول تقدمت به بشكل افرادي في 26 ـ 11 ـ 2008، وأرسل طلبها الى الرئاسة في 20 ـ 1 ـ 2009، ماذا يعني هذا؟ يعني أنها تقدمت بطلبها متأخرة فعلاً، ولكن الجامعة تأخرت شهرين في رفع طلبها ايضاً، ماسبب كل هذا التأخير، غير معروف!! ‏

اطلع رئيس الجامعة على الطلب الجديد وحوّله الى الأمانة العامة للجامعة، وهناك بقي الطلب اسبوعاً كاملاً دون ان يدون عليه اي حاشية أو معلومة. طلبت المهندسة صفاء مقابلة أمين الجامعة، فأكد لها أن مشكلتها ليست في الجامعة وأن عليها أن تبحث عن الحل في مكان آخر. ‏

ـ تدخل مسؤول سابق في الجامعة بطلب من احد اقاربها، فأعاد أمين الجامعة النظر في قراره ورأيه وكتب على الطلب حاشية تشير الى اعداد كتاب لوزارة التعليم مرفق بصورة عن قرار التخرج. ‏

وانقضى أسبوع آخر دون ان يعد هذا الكتاب..، وتدخل المسؤول ثانية وكان أمين الجامعة يقول انه لم يعد الكتاب لأنهم لم يرسلوا له نسخة عن قرار التخرج. ‏

من سيرسله ولماذا لم يرسلوه وكيف يمكن ان يرسلوه؟ هذا بالتأكيد مالاتستطيع صفاء الاجابة عليه. ‏

بعد مرور شهرويومين على صدور قرار الفرز، استطاعت أن تبدأ من الصفر وتحصل على طلب جديد في 7 ـ 4 ـ 2009 موجه الى وزارة التعليم راجين فيه الاطلاع واتخاذ مايرونه مناسباً، سلموها طلبها باليد واخبروها في جامعة تشرين ان هذا اقصى ما يستطيعون فعله. ‏

ـ في اليوم التالي سجلته في ديوان الوزارة وأوصلته الى مديرية الشؤون الادارية، هناك أبلغتها الموظفة أن طلبها غير مكتمل، ينقصه طلب الرغبات، وللحق نقول: إن هذه الموظفة استخدمت الهاتف أكثر من مرة وطلبت من جامعة تشرين ان يرسلوا لها محتوى الارسالية التي تقول: ان طلب صفاء أرسل ضمنها من جامعة تشرين، أرسلوا للموظفة ذات الاوراق التي كانوا يعطونها للمهندسة، عندما تراجعهم، وتطلب اي شيء. وهذه الاوراق عبارة عن ورقة تتضمن قائمة بالأسماء التي أرسلت ومن بينها اسم صفاء،ورقم الإرسالية. ‏

موظفة الشؤون الادارية أكدت ان هذا الطلب غير مكتمل لكنها سترسله للرئاسة وستخبر صفاء برقمه عندما يرسل. ‏

عندما لم يصل للمهندسة اي خبر عن الموضوع عادت للوزارة لتجد أن معاون مدير الشؤون الادارية طلب من الموظفة مخاطبة جامعة تشرين رسمياً( ليحطوا على عيونن) وكان أن« دبج» طلباً جديداً الى جامعة تشرين تطلب فيه الشؤون الادارية من وزارة التعليم صورة عن الارسالية التي أصدرتها جامعة تشرين الى رئاسة الوزراء. ‏

ارسل الطلب بالبريد المركزي الى اللاذقية... ماذا يعني هذا؟ يعني انها عادت الى نقطة الصفر وأن الطلب يحتاج مابين عشرة الى خمسة عشر يوماً ليصل الى اللاذقية، والله وحده يعلم كم سيحتاج من الوقت ليعد ويرسل ثانية الى دمشق. ‏

ـ اتصلنا برئيس جامعة تشرين الدكتور محمد معلا وأطلعناه على القصة فوعد بمتابعة الموضوع عندما تراجعه صفاء، وحين فعلت، اكد بأن ما حصلت عليه هو ماتستطيع الجامعة تقديمه، ما العمل اذاً ، وماهذا التعجيز لاسيما أن من يتحدث هو رئيس الجامعة ؟ ‏

بدأت رحلة جديدة في اللاذقية مفادها أن وزارة التعليم العالي تطلب من جامعة تشرين أوراقاً يقول المعنيون فيها انه يستحيل ارسالها، منها طلب رغبات ثان، طبعاً لااحد يتصل بالآخر، وعلى صفاء ومن يتوسط لها في هذا الموضوع ان يعملوا كمقسم بين الجهتين، وان يبحثوا عن طريقة يتفاهم فيها الطرفان على مايمكن عمله. عند الاستفسار ثالثة ورابعة في وزارة التعليم ما الحل، اكدوا أن الامر عند جامعة اللاذقية ولاحلول بين أيديهم.. ‏

لدى الاتصال مع عميد كلية الهمك أجاب وهو غاضب انه لايستطيع ان يفعل شيئاً آخر ولديه اجتماع.. ( موفاضي)!! ‏

ما العمل؟ جامعة تشرين لاترسل ماتقول وزارة التعليم ان الطلب لايرفع دونه الى رئاسة الوزراء! ‏

ـ استعانت المهندسة المتعثرة ثانية بقريب لها لديه معارف في جامعة تشرين رافقها الى هناك لاتمام المعاملة واخراجها من بين أيدي« ديناصورات» ‏

ـ في ذلك اليوم الواقع في 22 ـ 4 ـ 2009 انجز الكتاب المطلوب واجابت جامعة تشرين عن الطلب الذي رفعته وزارة التعليم بعد مرور نحو شهر على بدء تقديمه وبعد أن عملنا انا من دمشق وصفاء ومن يساعدها من اللاذقية كمقسم للتواصل بين الجهتين باستخدام هواتفنا الجوالة ليتحدث كل الى الآخر وليتمكن من« انتزاع» التواقيع المطلوبة واعداد مايجب اعداده. ‏

ـ مع نهاية الدوام الرسمي، حملت صفاء المعاملة الجديدة وعادت بها الى دمشق ثانية ‏

ـ في اليوم التالي أعدت الشؤون الادارية كتاباً الى وزير التعليم ومعاونه، ورد فيه ان المهندسة صفاء تدعي فيه عدم تعيينها، وتطلب المديرية التفضل بالاطلاع والتوجيه بشأن مخاطبة رئاسة مجلس الوزراء بخصوص فرزها. ‏

في اليوم الاول عاد الملف المرفوع وقد كتب عليه معاون الوزير:« بيان معدل التخرج، مع اقتراح الموافقة للسيد الوزير» احتاج هذا الموضوع من 23 ـ 4 ـ 2009 الى 26/4/ 2009 علماً أن معدل التخرج مدون ضمن الاوراق المرفوعة ولكن يحتاج الى تصفح الاوراق الموجودة بين يديه. ‏

ـ رفع الطلب الى وزير التعليم العالي، عند المراجعة في اليوم الثاني تبين ان الطلب خرج من عند الوزير دون ان يكتب اي شيء... كان علينا ان نعرف إذا كان الطلب رفع فعلاً للوزير... وإن كان رفع.. فلماذا لم يكتب شيئاً؟ ‏

ماذا تفعل، اصلاً ماذا يمكنها ان تفعل؟ ‏

عند سؤال الدكتور عبد المنير نجم معاون الوزير أكد أنه لاداعي للاستعجال بشأن الكتاب المعد للرئاسة لأنه سيوقع اليوم عندما تعود الموظفة المعنية من دورة الكمبيوتر وتعده لكن الوزير لن يوقعه اليوم وسيرفع بالبريد العاجل الى الوزير ومن ثم الى رئاسة الوزراء.. ‏

في اليوم التالي اعتقدت صفاء أنه لاحاجة لمتابعة الموضوع شحطة وراء اخرى، وعلمت ان الوزير وقع الكتاب وتم تحويله الى الشؤون الادارية ليصار الى رفعه لرئاسة الوزراء. ‏

وعند الاستفسار لدى الشؤون الادارية أكدوا بأن الكتاب لم يصلهم!! ‏

هل ضاع الطلب ثانية؟ لا... هذا الجواب حصلنا عليه وبعد تقصي الموضوع تبين ان الوزير لم يوقع الطلب. ‏

في اليوم الثاني وقع وزير التعليم الطلب في 30 ـ 4 ـ 2009 اي بعد انقضاء نحو شهرين على بداية المعاملة. ‏

وصل الطلب الى رئاسة مجلس الوزراء... فهل انتهت القصة؟ المسؤول عن فرز المهندسين في رئاسة الوزراء أكد أن المهندسة لن تحصل على حقها ولن تفرز!.. ‏

هل المعاناة اليومية التي وقعت على عاتق هذه المهندسة ولم تكن مسؤولة عنها، ذهبت ادراج الرياح؟!! المسؤول عن فرز المهندسين في رئاسة الوزراء أكد ان الطلب الذي استهلك كل هذا الجهد والاعصاب والالم والمصاريف اعد بشكل خاطئ أو أن هناك من تقصد ذلك وأن القضية الآن في التحقيق!! ‏

كم يحتاج هذا التحقيق؟ وماهي النتائج التي سيتمخض عنها؟ هل ضاع مستقبل هذه المهندسة التي عملت ماهو مطلوب منها عندما درست وتخرجت بمعدل جيد جداً؟ لا أحد يعرف.. في أغلب دول العالم هناك شيء اسمه« كنسله» من العمل اي فصل من لايقوم بعمله، وللحقيقة بعد هذه القصة لا أجد أبلغ من هذه النتيجة، ولاسيما أن الحكومة معنية ببحث كيفية إنصاف العاملين ومن ثم مطالبتهم بواجباتهم، وليس المواطن. ‏

يسرى ديب

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...