شاس «تخذل» ليفني ... ونتنياهو الرابح الأكبر

25-10-2008

شاس «تخذل» ليفني ... ونتنياهو الرابح الأكبر

ينقشع الضباب غدا عن وجه الحلبة السياسية في إسرائيل، بعد إعلان حركة شاس امس رفضها المشاركة في الائتلاف الحكومي الذي تسعى تسيبي ليفني الى تشكيله. ورغم أن خيار الحكومة الضيقة مع حزبي العمل والمتقاعدين وحركة ميرتس قائم، إلا أن كثرا يرجحون خيار تقديم موعد الانتخابات التشريعية. ويصعب الآن التكهن بآثار فشل ليفني في تشـكيل حكومة، على زعامتـها في حـزب كديـما، في ظل الإحسـاس بأن هـناك من قام بعرقلة جهودها من داخل الحزب نفسه.
وبدا إعلان شاس عن رفضها الدخول، ولو مؤقتا، في حكومة ليفني، أقرب إلى البيان الانتخابي منه إلى شرح موقف. فقد قرر »مجلس حكماء التوراة« وهو الهيئة الأعلى التي تقود شاس، وباستفتاء هاتفي بين أعضائه برئاسة المرشد الروحي للحركة الحاخام عوفاديا يوسف، عدم الانضمام للحكومة. وأدخل هذا الإعلان الحلبة السياسية الإسرائيلية بأسرها في دوامة، جعلت تقديم موعد الانتخابات أكثر أرجحية من أي وقت مضى. ومع ذلك، من السابق لأوانه تأبين مساعي ليفني وانتظار استنفاد الأيام المتبقية من مهلة التكليف الرسمية.
وجاء في الإعلان الرسمي لشاس أن الحركة »وطوال كل المفاوضات الائتلافية لم تطلب تشريفات، ألقابا أو أي ترفيع سياسي. لكنها طلبت أمرين: تقديم مساعدة حقيقية للشرائح الاجتماعية الضعيفة، والدفاع عن القدس، وهما أمران لم يُقبلا في المفاوضات«. وأضاف البيان أنه طوال المفاوضات جرى التوضيح أنه »إذا لم يتم تحصين مكانة القدس وغدا واضحا للجميع أن عاصمة إسرائيل ليست عملة تنتقل بين التجار، فإن ذلك يؤثر على كل حوار سياسي مستقبلي ويظهر إسرائيل كمن ترضخ للضغط السياسي، وتتنازل بشكل دائم«.
وفي مؤتمر صحافي لاحق، قال رئيس شاس إيلي يشاي »أعلنا أننا سننسحب، في حال تحاورهم حول القدس. ونحن نواصل بشكل دؤوب الإصرار على هذين المبدأين (القدس، ومخصصات الأطفال)«، نافيا الاتهام الذي وجهه قياديون من كديما إلى شاس بأنها نسقت خطواتها مع حزب الليكود وحصلت على وعود مالية منه. وقال يشاي ان شاس قدمت مطالب في المفاوضات، ولو تمت الاستجابة لها لانتهت الإشكالات. وقرر أن رفض الدخول في حكومة ليفني »نهائي«.
ومن الواضح أن قرار شاس لم يخل من العصبية، وأنه انتهز قيام ليفني بتوجيه تهديدات بأنها بصدد تقديم حكومتها أو تأييد تقديم موعد الانتخابات، حتى موعد جلسة بدء الدورة الشتوية للكنيست بعد غد الاثنين. وكانت ليفني قد أعلنت أنها حددت موعدا مع الرئيس شمعون بيريز يوم غد الأحد، من أجل إزالة الغموض الذي يثقل على الجمهور الإسرائيلي بشأن الحكومة. وعليه فإما حكومة وإما انتخابات سيحقق فيها حزب كديما فوزا واضحا، بحسب قولها.
ويبدو أن ليفني تحاول، حتى بعد إعلان شاس، الظهور بمظهر الزعيم الصلب الذي لا يخضع للضغوط. فقد ردت على الإعلان بأنها لن تدفع »أي ثمن في مقابل تشكيل حكومة«. غير أن المراقب لتطور مساومتها لشاس يظهر أنها كانت على استعداد لدفع ثمن باهظ ولكن شاس ظلت، لأسباب مستترة، تطالب بثمن أكبر. فبعدما رفضت ليفني في البداية مطلب شاس حول إدراج زيادة في مخصصات الأطفال على الميزانية العامة، وافقت على إدراج ٤٠٠ مليون شيكل، ثم زادت المبلغ إلى حوالي ٨٠٠ مليون شيكل. ولكن شاس أصرت على مبلغ يزيد على المليار شيكل.
ورغم أن ليفني حاولت منذ البداية امتلاك خيار الحكومة الضيقة وأدارت مفاوضات ائتلافية مع حركة ميرتس، إلا أن الرهان على خيار مماثل كان ضعيفا. ففي كديما نفسها معارضة لا بأس بها لخيار الحكومة الضيقة، الذي يستند إلى ائتلاف مع حزب العمل وميرتس والمتقاعدين ويحظى بتأييد خارجي من الأحزاب العربية. ويقف أنصار اليمين في كديما، وهم كثر وفي مقدمهم وزير المواصلات شاؤول موفاز، ضد خيار مماثل. لذلك يرجح كثيرون أن تكون عجلة تقديم موعد الانتخابات العامة قد تحركت.
ويعتقد وزراء كبار في كديما أنه بعد إعلان شاس رفضها دخول حكومة ليفني، لم يعد أمام رئيسة الحكومة المكلفة خيار سوى التقدم نحو الانتخابات المبكرة. بل ان هذا الإعلان دفع البعض منهم إلى الاستخفاف بليفني والتأكيد بأنهم كانوا من الأصل يعرفون أنها ستعجز عن تشكيل ائتلاف حكومي جديد. ويشدد هؤلاء على وجوب عدم ترك الخيار أمام ليفني وأن تقامر من جديد بمصير كديما عبر الذهاب نحو حكومة ضيقة.
وتقف الحلبة الإسرائيلية حاليا أمام ثلاثة خيارات اولها: إما أن تحاول ليفني مجددا إقناع شاس بالانضمام لحكومتها، أو تشكل حكومة ضيقة مع ميرتس ويهدوت هتوراة. وكان رئيس ميرتس حاييم أورن قد أعلن أن »المسألة ليست ما إذا كانت ميرتس ستدخل الحكومة، وإنما إذا كانت هذه الحكومة ستتشكل. فإذا تشكلت حكومة من المنطقي أن تكون ميرتس داخلها«. أما في يهدوت هتوراة فإنهم يكررون القول بأن »مفتي العصر« الحاخام يوسف أليشيف أعرب عن رأي فقهي يرى بأنه »من غير السهل الجلوس في حكومة ترأسها امرأة«.
والخيار الثاني يتمثل في أن تنجح في تشكيل حكومة مع ميرتس ومن دون يهدوت هتوراة وبدعم خارجي من الأحزاب العربية. ولكن الأحزاب العربية اشتكت حتى يوم أمس من أن أحدا لم يتحدث معها في هذا الشأن.
والخيار الثالث هو أن تبلغ ليفني الرئيس الإسرائيلي غدا بعجزها عن تشكيل حكومة وتطلب منه حل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة خلال ٩٠ يوما.
ومن الوجهة النظرية، يمكن لبيريز أن يجري مشاورات ويكلف شخصا آخر من كديما أو سواها، إما لكسب الوقت أو لمنع اندفاع الحلبة السياسية نحو انتخابات مبكرة. وكسب الوقت، في هذه الحالة، يعني منح الفرصة للأحزاب للاتفاق في ما بينها على مشروع قانون لتحديد موعد للانتخابات. وفي هذه الحالة، فإن الانتخابات قد تجرى في موعد لا يتجاوز الشهور الخمسة.
وفي حسابات الربح والخسارة، يبدو الآن أن كديما عموما وليفني خصوصا يظهران خاسرين من هذا الفشل. كما أن حزب العمل قد يكون الخاسر الأكبر من عدم نجاح ليفني في تشكيل الحكومة والاندفاع نحو الانتخابات. فقد ظهر أن هذا الحزب وقيادته تتطلع لمصالحها وليس للجمهور الذي تمثله. وهذا ما يتجلى في استطلاعات الرأي التي تظهر ما يشبه انهيار شعبية حزب العمل واحتمال تحوله إلى القوة الرابعة أو الخامسة في إسرائيل.
أما الرابح الأكبر من هذا الفشل فهو اليمين الإسرائيلي عموما ورئيس الليكود بنيامين نتنياهو خصوصا. فقد طالب اليمين منذ شهور طويلة بانتخابات مبكرة. وتظهر استطلاعات الرأي أنه سينال فيها غالبية حاسمة تجعل حتى من الائتلاف مع أحزاب وسط أمرا غير ضروري في المرحلة المقبلة.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إقرأ أيضاً:

هل يستمر فشل ليفني في تشكيل حكومة ائتلافية
وما هي خيارات ليفني الصعبة خلال الأسبوعين القادمين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...