سوق النخاسة العربي الصحراوي أفضل من «العازب»

02-12-2006

سوق النخاسة العربي الصحراوي أفضل من «العازب»

ماذا نسمي حفلة التذوق الدائمة التي يمارسها رجل واحد على عشرين امرأة... وعلى شاشة MBC4؟ ماذا نسمي هذه المشاهد من القبل والخلوات أمام الكاميرا, والأحاديث عن التلذذ بهذه وتلك... سوى انها «نخاسة» علنية؟
مسلسل أو برنامج «العازب» يقترح على الرجل مجموعة من النساء يعشن معه, جماعة وانفراداً, وبكل اشكال المعاشرة الحرة, وكل أسبوع يستبعد واحدة منهن حتى تبقى الأخيرة الأثيرة المنتقاة. وعندئذ, وفي حفل ختامي, يسألها ان كانت توافق على الزواج منه.
بين استبعاد أول فتاة, وبقاء آخر فتاة نتفرج على ذل اللحظة وترقب الوجوه والدموع والخيبات. فأي فتاة مستبعدة تكون قد تعرّضَ جمالها وسلوكها وما قدمته وما لم تقدمه, الى نوع من الامتحان المهين من ذكر واحد مكرر أمام كاميرا تتابعه, ساعة بساعة, الى درجة القرف من ديك بشري ودجاجات مزخرفات بلهاوات ومبتسمات باستمرار.
يمكن للحرية في صناعة المتعة, في أوروبا وأميركا, أن تفوق الخيال فليس هناك ممنوعات لا في الحياة ولا في التلفزيون. ولكن هذه الحرية غير مفهومة عندما تنقلها قناة سعودية. فالمتفرج يعلم ان المرأة هناك ممنوعة حتى من قيادة السيارة, ومن الكتابة في الخصوصيات الروائية ومن السينما €لا يوجد سينما€ ومن ومن...
الـMBC واخواتها من القنوات تتشارك وتتآزر في برمجة كل ما هو تصوير €تصدير€ للحياة الاميركية افلاما ومسلسلات وبرامج, فيما تساعدها وتؤازرها القنوات الفضائية الاخرى على نشر فساد الأذن والأنف والحنجرة. في شروط ذات طبيعة «نخاسية» أيضاً.
سوق النخاسة العربي الصحراوي الحضري القديم أفضل شروطاً من برنامج «العازب». هناك يأتي الى السوق كل من أراد شراء امرأة. وهناك يوجد عدد من النخاسين وبضائعهم المتنوعة الأشكال والأسعار. هناك على الأقل شرعية مجتمع يبيح هذا النوع من التجارة. وعلى أساس هذه الاباحة يتم تبادل الأجساد وتذوقها وإتلافها €استبعادها عند الامتحان السريري€.
أما هنا... فماذا تقول حقوق المرأة, واحترام المساواة. وماذا لو عكسنا الفكرة: امرأة واحدة تتذوق مجموعة رجال, وعلى مدى الاسابيع, حتى تختار واحداً ناتج اختبارات الحياة اليومية وأسرتها المتنوعة مكاناً وأوضاعاً وديكورات؟!
منذ سنوات ونحن نقول: لم تعد الثقافة مباشرة, ولا الاعلام دعاية مباشرة, ولا الطريق الى الاهداف واضح. فثمة ايقاع الجرعات اللذيذة الخفية في فلسفة النقل والانتقال بالناس من مفهوم الى آخر, ومن منطقة تفكير محلية الى اخرى غريبة... مرتبكة ومقلقة ولكنها فعالة!
ولكن ما نخشاه, على الصعيد الاخلاقي, من ان يكون التقدم والتكنولوجيا والعالمية وعصر برمته, كاشفا حقيقيا لحقيقة البشر بوصفهم فتاكين بما لديهم, ومبذرين وأشراراً و... نخاسين في اعماق اعماقهم.
سوف نفهم لذة الحرب على هذا الاساس, ولذة اللذائذ في المال والشهوات, وانقسام الطبقات, الفقر والثروة, الاستقرار والثورة... كلها صفات الحركة المتقدمة الى المجهول!!
 


عادل محمود
المصدر : الكفاح العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...