سوق العيد الفارغ والجيب المثقوبة

01-12-2008

سوق العيد الفارغ والجيب المثقوبة

دلت التجربة العملية في سورية كم كانت خطيرة سياسة تثبت الانفاق العام عن طريق تثبيت الرواتب والأجور رغم استمرار ظاهرة التضخم والزيادات الكبيرة التي طرأت على الأسعار.
أدت هذه السياسة إلى هبوط شديد للقوة الشرائية التي كان يتمتع بها أصحاب الدخل المحدود ومست حياتهم مباشرة في حين لم نلاحظ حدوث هذه الظاهرة في تدني القوة الشرائية لدى الفئات الاجتماعية التي يعمل أفرادها في المهن الحرة أو التجارة.
بعد اقتصاد السوق الاجتماعي والانفتاح وتحرير التجارة تقلصت قاعدة القطاع العام بشكل كبير وترجع تدخل الدولة في قطاع التجارة ولكن لم يترافق ذلك مع سياسة علمية واضحة بما ينسجم مع التحول الاقتصادي ومع مستوى الدخول وتساهم في حل المصاعب الاقتصادية لدى المواطن.
نتعرف قبل أيام من الأعياد على أسواقنا

في السوق
عالم من المغريات والمتطلبات يشرق علينا من واجهات المحلات التي لو اعتمدناها مقياساً لواقع المواطنين لاعتبرنا دخل مواطننا من أعلى الدخول في العالم تنوع وذوق وكروت تحمل مفاجآت لذوي الدخل المحدود الذين يجبرون على التوقف ونظرة الحيرة واللا أمل تعبر معظم الوجوه والحقيقة أدرس النظريات الاقتصادية وأبعادها وإنما سأتحدث بعين الأم والزوجة والمرأة صاحبة الاهتمام بقليل من الرفاهية في رحلة بحث عما يناسبها ويناسب العائلة قبيل الأعياد لمختلف الطوائف حيث يبدأ مهرجان التزاحم على الأسواق خاصةً وأن سورية من أقدم العصور دولة تضع أرقى الغزول والنسيج وأناقته تلك الحاجة الكمالية إلى حد ما التي لا يمكن إغفالها خاصة حين يتعلق  الأمر بالعوامل النفسية المرتبطة بطقوس استقبال العيد بما هو جديد خاصة بالنسبة للأطفال...
الأطفال الذين يشكلون فرحة العيد الحقيقية وحيث أن للموضوع كل تلك الأبعاد عمدت إلى التساؤل بحثاً عن أجوبة لبعض الأسئلة علها تخلق حلولاً معقولة واستطلعت أداءً لبعض ذوي الخبرة في هذا المجال.
دخلت عدة محلات تجارية وكان أول ما يدهشني رد الفعل الأولي قبل أن يدركوا حقيقة العمل الذي أقوم به بالقول: كل شيء تمام والتموين لا يتدخل معنا لأننا ضمن التسعيرة وكله نظامي مما يوحي لي بحالة الرهبة عندهم... لكن حسب تقديري للأمور ليس بشأن الأسعار بل أظن أن هناك نوع آخر من المخالفات فواتير أو ما شابه خاصة بالنسبة للمستورد...
أما شأن الأسعار فلا يقلقهم حقيقة مما يجعل سياسة السوق المفتوحة مفتوحةً إلى حد يخيف المواطن الذي يدفع وحده الثمن ويأمل في قليل من تعاطف هذا البائع أو ذاك بتخفيض أياً كان... ناهيك عن سياسة بعض المحلات ذات الماركات الرنانة التي ترفض حتى مجرد النقاش بالأسعار بحجة أنها ثابتة و... و... و...
الجدير بالذكر أن أسواقنا تعج بالملابس الأجنبية وإذا كنت أتحدث عن أسواق محدودي الدخل فالتركي والصيني نجومها أما ما عدا ذلك من فرنسي وما يعادله فله زبائن لا تعنيهم التسعيرة ولسنا بصددهم...
المدهش في الأمر سقوط مصداقية القطعة الوطنية وجودتها لأنني من خلال أسئلة ميدانية وإحصائية أجريتها بين يدي السيدات وجدت خمس سيدات مقابل واحدة تفضل القطعة الأجنبية وبحسب تعبيرهن الأجنبي وخاصة التركي يتمتع بجودة أعلى وإذا كان السعر متقارباً مع القطعة الوطنية فلماذا أختار الوطني وإذا كان سعر الجينز الصيني قريباً من سعر الجينز الوطني فعليك  بالصيني والأسوأ أن هناك مجموعة من التجار يرفضون التعامل مع القطعة الوطنية وتنحصر دعايتهم لأنفسهم بأن بضائعهم أجنبية.
فإذا كانت الملابس السورية تغزو العالم العربي حولنا بجودتها وأناقتها فكيف يكون الأمر على هذا النحو أم أن التجار يقدمون أفضل ما لديهم للتصدير ويتركون الأقل جودة الذي لا يراقبه أحد للمواطن ابن البلد وهذه الأقاويل التي تتردد علناً على لسان الناس العاديين عن قدرة التجار على التفاهم مع عناصر الجهات المعنية بطرق فيها من الاتهام ما يدل على بعض حالات التواطؤ وإمكانية الحل بدون عملية المحاسبة للتاجر من أي نوع إلا في حالات خاصة.
وحيث أننا جهة إعلام ولسنا مختصين بالمحاسبة تابعت بحثي عن بعض الأجوبة عند أصحاب المشاغل والتجار...
سؤال للمصنع التاجر:
* أنت صاحب معمل ملحق بصالة عرض إذاً مختص بالبضائع المحلية.
ليس بالضرورة هناك بضائع صينية أيضاً
* ما هي الأسعار لديكم؟
بدءاً من 600 ليرة سورية للقطعة
* حتى أي رقم؟
حسب القطعة لا يمكن أن أحدد.
* هذه الصالة معروفة بأسعارها المعقولة بالنسبة لما حولها.
صحيح ولكن بعض القطع تصل 3000 –4000
* ما هو تأثير إغراق السوق المحلية بالبضائع المستوردة خاصة أن بعضها رخيص الثمن؟
أثرت على المؤسسات ذات الإنتاج ما دون الوسط أما المنتج الجيد فما زال حاضراً.
* البضائع الصينية بعضها ليس بالجودة المطلوبة ومع ذلك السعر مرتفع.
الجمارك هي السبب.
* البضائع الصينية ذات الجودة العالية تغرق أسواق العالم حولنا وحتى في الخليج فلماذا تأتينا البضائع الأقل جودة منها.
التاجر المستورد يختار هذا النوع لضمان ربح أعلى.
* من الذي يحدد آلية التسعيرة؟
التموين لا يتدخل في البضائع المستوردة بل يهتم لفواتير دخولها النظامية.
* ماذا تقترح على الدولة للحد من هذه المنافسة؟
إلغاء استيراد هذه البضائع لحماية المنتج المحلي وتحسين الصناعة المحلية.
* التاجر يبيع بأقل من التسعيرة المكتوبة فما هي نسبة الربح إذاً؟
أولاً هناك حالة كساد وأحياناً تكون المواد ذات جودة أقل من المطلوب ونسبة ربح التاجر تحدد بـ 7% لتاجر الجملة و25% لتاجر المفرق لذلك يستطيع هذا التاجر التنازل عن جزء من ربحه للمستهلك حسب الظرف.
* ولكن التنازل أحياناً يكون في بعض البضائع كبيراً هل معنى ذلك أن التاجر يخسر أو أن التسعير لصالح التاجر؟
لا بسبب الكساد.
* البضائع المحلية غالية الثمن مع أن اليد العاملة رخيصة؟
المواد الأولية غالية وتكاليف الإنتاج عالية وغلاء الطاقة... الخ.
وبما أن الأجوبة لم تكن إلا أجوبة حذرة فبقي التساؤل عندي هل يمكن أن يبيع التاجر بدون ربح وكيف يأتينا المنتج القادم من الخارج بتكاليف النقل والجمارك ويبقى السعر قريباً من المنتج الوطني إضافةً لربح التجار المتزاحمين على الاستيراد والتعامل مع الأجنبي وحالة صعود المتهافتين على الصيني من الدرجة المتدنية فحاولت الاستعانة برأي آخر.

تاجر لا يبيع إلا المستورد
* ما نوع البضائع التي تتعامل بها أقصد بلد المنشأ؟
الملابس التركية والصينية.
* والمنتجات الوطنية؟
لا أتعامل بها.
* ما هو السبب؟ الربح مثلاً؟!!
المنتج التركي جيد ويقارب سعره المنتج الوطني بزيادة حوالي 15% عما يماثله محلياً والناس تفضل المستورد.
* لماذا لا تشجع الصناعة الوطنية وتتعامل أنت بها؟
لا توجد ثقة عند الناس بالمنتج المحلي وكذلك الثقة بين الموردين والتجار معدومة حيث نطلب موديلاً ونشتريه بالكامل مقابل عدم نشره إلا لصالحنا فنراهم لا يلتزمون ويقومون بنشره في السوق دون التزام بالاتفاق.
* برأيك لماذا يكون السعر مرتفعاً بالنسبة للمنتج الوطني مع انه بدون جمارك.
غلاء بدون مبرر يقره التجار.
* هل هناك دور للتموين في المحاسبة؟
لا يوجد أي دور للتموين.
الحقيقة أن الإجماع على انعدام دور التموين في عملية تسعير الثياب ومستلزمات عيد أحلى في عيون الأطفال أمر يدعو للتوقف والمطالبة بعملية مراقبة جدية في ظل الظروف المعاشية القاسية بالنسبة لمتوسط دخل الفرد والحرص على الحد من اضطهاد المواطن في أبسط كماليات الحياة والمساهمة في إسعاد طفل هو المعني الوحيد ببهجة العيد.

 

ميس نايف الكريدي  

بورصات وأسواق 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...