دمشق ـ ترامب: ارتياح .. تريث.. وشماتة!

10-11-2016

دمشق ـ ترامب: ارتياح .. تريث.. وشماتة!

«هل هذه أصوات المدفعية ترحيباً بـ(الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد) ترامب؟» يُمازح ديبلوماسي غربي وصل دمشق حديثاً، وهو يهمّ بالجلوس إلى مائدة أحد المطاعم الجديدة في العاصمة السورية، فيما يدوّي هدير انفجارات أو قصف بعيد، ويختلط بضجيج الطرق المزدحمة.
تقديرات الجميع أن دمشق «مُرتاحة إن لم تكن سعيدة» بفوز ترامب غير المُتوقّع، بل الصادم إلى حدّ كبير، على الرغم من أن مؤشرات كثيرة كانت قد برزت في الأشهر الماضية، تُشير إلى مكانة اليمين الاجتماعي والسياسي، ونموّهما في الغرب.
دمشق كانت توقّعت كالآخرين، فوز المُرشّحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، لأسباب عديدة، منها أنها ابنة المؤسسة السياسية الأميركية، بوجهيها المتنافِسين الديموقراطي والجمهوري، ولكونها تُمثّل تقاطع مصالح اللوبيات على اختلافها، باعتبارها واجهة أخرى من واجهات اختلاط السياسة بالأعمال. وأيضاً مثّلت كلينتون لدمشق، رغبة «المؤسسة الأميركية» في «استمرار اللعبة الشرق أوسطية» كما هي، ووفقاً لعوامل التحريك ذاتها، والتي تُبنى على تحدي الروس ومُقاتلة إيران وسوريا من جهة، وكسب الخليج على مستويات مالية وسياسية، ومُراعاة تركيا من جهة أخرى. وهكذا فإن استنزاف سوريا، كان سيستمر بالطريقة التي جرى فيها من سنوات، وكانت الأمور لتصبح أسوأ وفق هذه القراءة.
وعبّر السفير السوري لدى بكين عماد مصطفى عن هذه المخاوف في تصريحات لوكالة «سبوتنيك» الروسية، باعتباره سفيراً سابقاً لدى واشنطن. وقال مصطفى، في تعليق سوري نادر على سير الانتخابات قبل يومين، إن كلينتون ستعمل على «تأجيج الصراع» في سوريا، مُشيراً إلى أن «تأجيج الصراع ينعكس في مزيد من دعم الإرهابيين تحت مُسمّى المُعارضة المعتدلة»، موضحاً أن ذلك يعني مزيداً من تزويدهم بالأسلحة والمال، وأيضاً استخدام القوة الأميركية «عن طريق الخطأ» أو «عن قصد».
وأضاف مصطفى أنه في حال فوز ترامب، فإنه «سيعمل منذ البداية على الالتزام بنهجه السياسي المُتمثّل في عدم التدخّل في الصراع السوري»، وإن لم يستبعد أن «تدفع أجهزة الأمن القومي الأميركية ترامب تدريجياً إلى العمل وفقاً لمُخطّطها».
من جهتها، لم تُعلّق دمشق رسمياً على فوز ترامب، بل طلبت من مسؤوليها التريّث أيضاً في استباق الأحداث، على الأقل في الساعات أو الأيام الأولى.
وعلى الرغم من ذلك، بقي ترامب مُفضّلاً، نتيجة المساوئ الكبرى التي تحملها كلينتون بالنسبة لسوريا.
«الشماتة» بفشل المؤسسة الأميركية بإعادة تدوير إنتاجها مُتمثّلاً بكلينتون، والاختراق الجمهوري، يُسعدُ الجمهور السوري، مواطنين ومسؤولين. التعليقات الشعبية هزلية الطابع تذهب لحد القول إن «الرئيس السوري بشار الأسد أرسل وزيره لشؤون الرئاسة لتهنئة ترامب»، وإن «مرسوماً صدر بتعيينه وعزل (الرئيس الأميركي باراك) أوباما»، وحتى القول إنه «سوري من المُهاجرين الاوائل».
لكن في الواقع، إن العودة لتصريحات ترامب حول اللاجئين والمُسلمين، ليست ذات أهمية بالنسبة لمن لم يرغب أصلاً بمغادرة سوريا. والأهم هو تصريح الرجل أكثر من مرّة أن العدو الحقيقي بالنسبة لأميركا هو تنظيم «داعش» وليس «الرئيس السوري بشار الأسد».
أيضاً يشفع لترامب، وفقاً للنظرية ذاتها، حالة الارتياح التي تسود العلاقة بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أول المُهنئين له.
من هذه الناحية، ومن وجهة نظر قصيرة المدى، سيسمح فوز ترامب، مُحمّلاً بالعوامل السابقة جميعها، للروس بحرية التحرّك القريب في سوريا.
التصريحات الروسية بقرب استهداف المُعارضة على تخوم حلب، من البحر المتوسط، وبالطيران الحربي، ليست صدفة، وبمثابة تمهيد لقرب معركة «توحيد حلب»، معركة ستستغرق أسابيع، بحيث تنتهي بالتحضير لبنود تسوية جديدة، أو تنشيط لظروف التسوية القديمة.
«الروس أكثر حرية الآن بلا شك. فهناك إدارة أميركية تتحضّر للرحيل، وإدارة جديدة تبدو بعقلية قريبة من توجّههم. سيُتيح هذا لهم ولدمشق ترتيب شروط ما بعد معركة حلب بهدوء».

زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...