خيول وسيوف ونبرة مسرحية

24-10-2006

خيول وسيوف ونبرة مسرحية

يوصف الإنتاج الدرامي التلفزيوني التاريخي عادة بأنه «إنتاج ضخم»، لاحتياجه إلى استعادة أمكنة مغايرة لأمكنتنا الراهنة، وأيضا بسبب كلفة الملابس والإكسسوارات ... وغيرها، ثم أيضاً لأن العمل التاريخي يقتضي مجموعات كبرى من الممثلين سواء الذين يلعبون دوراً أم حتى الكومبارس والذين يحتاج وجودهم إلى إمكانات مالية ضخمة، فيما تقتصر تكاليف المسلسل المعاصر على ما هو أدنى من ذلك بكثير ولا يحتاج أمكنة استثنائية، إذ تدور أحداثه في الشوارع والمدن والبيوت الراهنة.

الأهم من هذا وذاك هو أن المسلسل التاريخي ليس «حراً» تماماً، يشكله مؤلفه كيفما شاء، بل يظل محكوماً بحقائق التاريخ كما وصلت إلينا من الكتب التي وثّقت حوادثه وسجلت وقائعه. هنا تذهب قراءات التاريخ في اتجاهات شتى، لا يقتصر تباينها على الاعتراف بهذه الحادثة أو نكران تلك، ولكن أيضاً بزاوية رؤية الحوادث ذاتها، ثم كيفية فهم ما جرى، وكيفية تأويله، أو كما تقول لغة الأدب والفن تأويله وتحميله استنتاجات تحدد له غاياته وتفاسيره على السواء.

الدراما التلفزيونية التاريخية، تبدو بعيدة من طموح قراءة التاريخ بجدلية نقدية يمكن أن تخرج باستنتاجات مغايرة للشائع والمألوف، إذ هي دراما تمجد كتب التاريخ وما فيها من مرويات راسخة ورسمية، حيث يقوم العمل المصور بإعادة بثها أمام مسمع المشاهد وبصره في ما يشبه سرديات الحكواتي القديم، الذي يحافظ على «قدسية» ما يروي ويرفض أن يراه قابلاً للانتقاد أو حتى لمجرد الشك أو ضرورة إعادة النظر.

هنا نعود مرة أخرى إلى طرح السؤال الذي صار تقليدياً: ما الغاية إذا من تقديم التاريخ على الشاشة الصغيرة؟

السرديات التاريخية التي نشاهدها في هذه الأيام لا تخرج عن مرويات الكتب المدرسية، ومع ذلك فهي تطفح بالحروب والمعارك التي تدفعنا إلى سؤال مهم: هل التاريخ هو الحروب وشلالات الدم فقط؟ وحتى الحروب ذاتها أليست وقائع ساخنة لإرادات سياسية ومصالح نراها تتضاءل على الشاشة لمصلحة قعقعة السلاح؟

راسم المدهون

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...