خصوصية المراهقة بين الأسرة والمجتمع

03-03-2007

خصوصية المراهقة بين الأسرة والمجتمع

سوزي طالبة في الصف العاشر، أينما ذهبت وأنى كانت، مضطرة لصياغة تقرير مفصل عن غيابها أو تأخرها أو خروجها من البيت وترغب في تكوين صداقات أكثر.

فادي يجد فجوة واسعة بين أفكاره وأفكار والديه وطريقتهم في الحياة وهو يسعى للتحرر من قيود الأسرة ويفضي بمشاعره وأسراره لأصدقائه بدلاً من أهله. 
 أم ياسر تحاول اخراج ابنها المراهق من عزلته وصمته لتقترب منه أكثر. ‏

بدايةً، لابد من تعريف بسيط لمرحلة المراهقة ووصفها فهي تشمل الذكور والإناث وتعتبر مرحلة انتقال من الطفولة الى النضج وتمتاز بحساسيتها لمالها من تأثير في تحديد الاتجاه الاجتماعي للشخص وتمتد هذه المرحلة من الثانية عشرة وحتى التاسعة عشرة وقد تستمر الى مابعد العشرين وفيها يكون الفرد أرقى مستوى من الطفل الذي تتملكه نزوات ورغبات يسعى الى تحقيقها دون أن يدرك إمكانية التحقيق لأنه لم يبلغ بعد حد النضج العقلي الكامل حيث يمكنه اتخاذ القرارات الحاسمة وتحديد مسار حياته. ‏

أطفال في سن المراهقة استطعت، من خلال علاقات عائلية مع ذويهم، التواصل والغوص في مكنونات نفسياتهم وأفكارهم والتعرف على مشكلاتهم وحاجاتهم. ‏

سوزي فتاة في السادسة عشرة من العمر ترتيبها الأولى بين اخوتها والدتها تخاف عليها جداً وتقلق وتغضب لمجرد خروجها من البيت حتى من زيارتها القصيرة لأقربائها وصديقاتها وإن كانوا من الجوار وفي جميع الأحوال هي مضطرة لصياغة تقرير مفصل عن غيابها أو تأخرها أو خروجها من البيت.. وتقول سوزي: أمي تتدخل كثيراً في شؤوني الخاصة والعامة فلا أشعر بشيء من الحرية والاستقلالية وتعاملني والدتي مثل اخوتي الصغار خوفاً علي. ‏

فادي طالب في الثانوية العامة مختلف مع والديه في آرائهم ووجهة نظرهم التي لاتتناسب مع تفكيره... وحسب قوله فهو أصبح شاباً، له أصدقاء (شلة) يجتمع معهم ويقضي برفقتهم أوقاتاً ممتعة من التسلية و«الفضفضة» ويتحدث معهم في المشكلات العاطفية، ومع أصدقائه يجد نفسه ويحقق ذاته. ‏

أم ياسر تحاول إيجاد أسلوب للتقرب من ابنها الذي يغلب عليه طابع العصبية والتوتر ولايتحدث مع والديه إلا عند الضرورة أو عند حاجته لمطالب خاصة وتقول أم ياسر: 
 ابني غير راضٍ عن شيء وغير مقتنع بماقسم الله لنا من النعم، لديه طموحات وأحلام كبيرة وأوقات فراغه يقضيها أمام شاشة الكومبيوتر. ‏

لتسليط الضوء على هذه الظاهرة ومايعترض الراشد الاطفال من مشكلات بهدف إيجاد طريقة مثلى للتعامل مع المراهقين حدثتنا المرشدة الاجتماعية رنا حمادة فقالت: ‏

مرحلة المراهقة بالنسبة لكل أسرة لها خصوصية معينة وتعتبر أساسية في حياة المراهقين، ونحتاج الى أسس واستراتيجيات تربوية للتعامل معهم كي يتخطى كل مراهق واسرته هذه المرحلة بأمان، والتعامل مع طفل في السادسة عشرة من العمر يختلف عن التعامل مع طفل في التاسعة او العاشرة من العمر ولايمكن ايضاً اعتباره وصل الى مرحلة النضج فقلة الخبرة والتجارب عند المراهق تجعله غير قادر على اتخاذ قرار بمفرده وهو يتأثر بالمحيط الخارجي دون أن تكون لديه القدرة على التحليل واكتشاف مواطن الخطأ او الضعف فيها.. وهنا يأتي دور الأهل في التوعية والنصح والتدخل لحل المشكلات التي تعترضه. ‏

وبالنسبة للفتاة يكون الخوف والقلق عليها أكثر من الشاب نظراً لطبيعة المجتمع وتقاليده وعاداته والام لها دور كبير في حياة ابنتها ويمكنها ان تلعب دور الصديقة وتقدم لها الدعم النفسي للنمو وتزيد ثقتها بنفسها وتتدخل عند الحاجة في حل مشكلاتها. وتشير المرشدة رنا الى أن اسناد مهام أو مسؤوليات الى المراهقين حيث تتناسب مع قدراتهم العقلية والجسمية يؤهله في المستقبل للقيام بمسؤوليات كبيرة واتخاذ قرارات موضوعية في مشكلات تواجهه ‏

والمراهق يشعر بضرورة التحرر من سلطة الوالدين والشعور بالاستقلالية وهذا طبيعي الى حد ما ولكن شرط ألا يترك يتخبط داخل نفسه بل يجب على الأهل مساعدته وإعطاؤه الحرية والاستقلالية بشكل تدريجي لتتكوّن شخصيته بشكل سليم. ‏

وأكدت المرشدة على إنشاء صداقة مع الابناء المراهقين والتقرب إليهم وطرح أحاديث وحوارات تخص همومهم ومشاكلهم سواء في المدرسة أو مع الاصدقاء... لخلق حوار دائم بين الابناء والاباء ولا مانع من مشاركة الأبناء في مواضيع تخص العائلة والأخذ برأيهم وهذا يعتبر خطوة مهمة للارتقاء بمستوى تفكيرهم الى الأفضل. ‏

وختمت المرشدة رنا حديثها قائلة: ‏

إن الأسرة المتماسكة ذات الروابط القوية و التي يسودها جو المحبة والتفاهم بعيداً عن المنازعات تزيد شعور الابناء بالاستقرار وتخلق أطفالاً ذوي شخصيات متزنة وقوية. وفي دراسة علمية لاسر كويتية تبين أن معظم الاسر الكويتية تتعامل مع المراهق بموضوعية وتقوم على تشجيعه حيث لايتدخل الأهل في أمورهم الخاصة كثيراً بل تساعدهم في إيجاد حلول لعقبات تعترضهم. كما تبين الدراسة أن العلاقة الجيدة والمتزنة بين الأسرة والمراهق والاحترام المتبادل تدفعه لتصرفات اجتماعية مقبولة وتدعم ثقته بنفسه وأن 50% من الأسر الكويتية تتبع اسلوب الحوار والنقاش في تعاملها مع المراهقين ونسبة 89% من الأسر تعمل على تنمية روح القيادة وتحمل المسؤولية ونسبة 61% من العائلات تحل مشاكلها بعيداً عن أعين المراهقين..وخلصت الدراسة التحليلية إلى أن معظم الأسر الكويتية تتفهم مايعانيه المراهق في المنزل وتحاول جاهدة للحيلولة دون تفاقم اي مشكلات قد يواجهها فتتدخل بالتشجيع والدعم وتوفير الجو المناسب واعطاء قسط وافر من الحرية له لمساعدته في بناء شخصية سليمة وقوية تخدم مجتمعهم. ‏

وفي سورية حالياً تقوم الهيئة السورية لشؤون الاسرة بدراسة مشابهة لهذه الدراسة الاستطلاعية ونترقب النتائج لعلها تكون من الأسر النموذجية التي يحتذى بها. ‏

زهور كمالي

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...