خالد خليفة: ماأصعب ألا يحتفي بك الآخرون!!

18-06-2008

خالد خليفة: ماأصعب ألا يحتفي بك الآخرون!!

كل مشهد يبدو خلفه فكرة بسيطة تحولت لتصيغها هالا محمد في شكل مختلف, فعلى الرغم من أنه اتخذ الصيغة البرامجية إلا أنه يأخذ شكل القصيدة التي تكتبها المخرجة و الرواية السينمائية معاً,

رواية مشغولة بطعم اليومي الواقعي, والتجربة الحياتية لبطل (البرنامج- الفيلم...) الروائي خالد خليفة.لايهم ماذا نسمي الشكل الذي قدم فيه,المهم كيف أحسسناه,لقد بدا فيلما أوسيرة لروائي بدا من الصعب أن نفرق أيها حكايته وأيها حكاية شخصياته الخيالية..‏

عنوان الفيلم( مديح الكراهية) هو عنوان لرواية خليفة التي رشحت إلى جائزة بوكر البريطانية ووصل الى المراتب النهائية,ولعلها الرواية التي جعلت من صوته وصوت الرواية السورية أقوى,في الفيلم كانت تلك الرواية الخلفية الأساسية للحديث عن مفهوم المقاومة,لكن بمفهومها الأشمل الذي يبدأ بمقاومة أمريكا واسرائيل ويذهب إلى مناطق أخرى في الحياة...‏

لو عرضت أي قناة أخرى غير الجزيرة شريطاً وثائقياً وحمل عنواناً عريضاً أدب المقاومة,وعنواناً فرعياً مديح الكراهية,لربما أتانا بصيغة إيدلوجية منفرة,إلا أن الشريط هنا,تخلى عن تلك الصبغة لصالح الفني -الإبداعي,فكنا أمام مشهد سينمائي يجعلك تستغرب أن أبطاله يعيشون في واقع ثقافي سوري, للوهلة الاولى قد نعتقد أن ما قدمته المخرجة يأتينا من مكان آخر لشدة عمقه وبساطته في نفس الوقت , مكان يتمكن أصحابه من صياغة معاني تشبههم دونما قيد أو شرط, معاني لاتتركك بسهولة,ولايمكنك أنت التخلي عنها,شيئ ما يجذبك وربما يحفزك لتعي وتتغير.‏

أشياء كثيرة تشعر أنها تجمعك مع شخصيات قرأت (عنها ولها) ومع أنك لاتعرفها عن قرب, إلا أن الفيلم قدمها إليك بطريقة عفوية يعلو ضحكها حينما لاتتوقعه,لأنهم يعتبرونه نوعا من المقاومة كما يصرح أحمد معلا أحد الشخصيات التي قدمت إلى جانب بطل الشريط الأساسي خالد خليفة,وهو أحد الذي أسسوا مجلة ألف مع نبيل صالح,ومحمود السيد,وسحبان سواح,و أحمد اسكندر سليمان...البرنامج قدم تلك الشخصيات من خلال وجهة نظر مزدوجة ,وجهة نظرها,ووجهة نظر خليفة الذي تحدث عن تلك الشخصيات بمفهوم خاص فهو يؤمن أن معلا يمكنه يوماً أن يخترع مركبة فضائية.‏

البرنامج قدم من خلال تطرقه لتوقف مجلة ألف لنوع من المشاريع قد تنتهي ولكن أصحاب المشاريع الحقيقية لايتوقفون,كل يبحث في الحياة عن مشروعه الخاص ... الآن نبيل صالح في موقع الجمل,محمود السيد لايزال شعره فعلا مقاوما لعزلته,أحمد اسكندر أحمد لايزال يطل علينا من مطعمه على البحر يقرأ شعرا ويقاوم كل ما هو مبتذل وسطحي....‏

انتقل البرنامج مع خالد خليفة إلى مختلف الأماكن التي عاشها,خاصة تلك القهاوي التي شهدت خلق أعماله الروائية الثلاث,ومسلسلاته السبعة,خلال تنقلاته كان يحمل الكمبيوتر الذي بدا في أحيان كثيرة لا ينتمي لمكانه,فكأن الكاتب خارج عن سرب التكنولوجية الصماء.‏

وعلى الرغم مما وصل إليه من مكانة إبداعية,ولأنه إبداع لا في مكانه فانه يشعر بأنه خذل أمه التي كانت تتمنى أن يمتلك المال والسلطة...وهو لماذا يمتلك الكلمة, ماالذي تعنيه في مواجهة كل هذه القوة المادية وكل هذا الدمار الإنساني الذي نعيشه يوميا والذي يجعل الكاتب يستيقظ يوميا ليشرب قهوته ويرتب أفكاره وأوراقه ويتهيأ للذهاب إلى معركة لا يعرف فيها من عدوه و لا يعرف إن كان سيربح أم يخسر,المهم أن يستمر في المعركة,وألا ينسحب كما انسحب الآخرون...‏

الشريط الذي كان يبحث بعمق في مفهوم المقاومة قدمه لنا الكاتب من خلال روايته مديح الكراهية التي عمل عليها ثلاثة عشر ة,المقاومة لدى خليفة ليس لها شكل أو صيغة وحيدة ,إنها تأخذ أشكالا عديدة تبدأ من مقاومة اسرائيل وأمريكا,وتنتقل الى مفاهيم أخرى للمقاومة ضد المحرمات,القبح,التهميش...‏

خالد خليفة الذي أطل علينا في بداية البرنامج وهو ينزل على درج قلعة حلب,ينتهي وهو يفتح بإصرار باب سوق الحميدية, وإن كان سهلا أن يفتح ذلك الباب فهل تلك الطرق التي ينوي فتحها بمثل سهولة ذاك الباب!!‏

سعاد زاهر

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...