حول مصطلح المعايير المزدوجة واستخداماته السياسية والقانونية

04-02-2007

حول مصطلح المعايير المزدوجة واستخداماته السياسية والقانونية

الجمل:   يشير اصطلاح (معيار مزدوج) بحسب تعريف القاموس العالمي إلى قاعدة أو أسلوب واحد يتم تطبيقه بطريقة مختلفة على طرفين أو عدة أطراف متعادلة، إزاء موضوع واحد.
تقول بعض الموسوعات: إن استخدام المعايير المزدوجة يعد أمراً شائعاً، ومن أبرز الأمثلة على ذلك:
- تخفيف العقوبة على النساء وتشديدها على الرجال، برغم أن الجرم واحد.
- السماح للرجال بالتدخين وعدم السماح للنساء بالتدخين.
وتقدم الموسوعات العديد من الأمثلة العملية والشواهد الجارية في الحياة اليومية المؤكدة لانتشار ظاهرة استخدام المعايير المزدوجة.
ما هو أكثر أهمية في تطبيق المعايير المزدوجة يتمثل في إسقاطاتها القانونية والقضائية، وذلك لأن تطبيق المعايير المزدوجة في الإجراءات القانونية يؤدي إلى:
- انتهاك المبدأ الفقهي الذي يحدد أن جميع الأطراف تتساوى أمام القانون.
- انتهاك مبدأ العدالة الذي يقوم على عدم التحيز (أو عدم المحاباة).
إن تطبيق قاعدة المعايير المزدوجة في الحياة العادية الجارية يستند إلى عدة معطيات أبرزها:
• اعتبارات الأمر الواقع: ومن أمثلتها مناصرة الأقرباء والأصدقاء، وما شابه ذلك، وهي ظاهرة توجد في معظم المجتمعات الإنسانية.
• اعتبارات النوع: وتتمثل في تحيز الرجال إلى العطف على المرأة، ومساندتها، وتخفيف العبء عنها، علماً بأنهم في نفس المواقف لا يفعلون ذلك مع الرجال الآخرين.
• اعتبارات الدين: وتتمثل في تحيز أتباع دين معين لمن هم معهم، خاصة ذوو الانتماءات المتشددة، فهم أكثر ميلاً لمعاملة بعضهم البعض بطريقة تختلف عن الآخرين.
أصبحت لعملية تطبيق المعايير المزدوجة ثقافة خاصة، وبرغم ازدهار هذه الثقافة في المستويات الاجتماعية الدنيا حيث تستشري اللاأخلاق، وانعدام الإحساس بالمسؤولية، والجهل، وعدم إدراك الشعور بالعدالة والمسؤولية إزاء الآخرين.. فإن عملية تطبيق المعايير المزدوجة، انتقلت وأصبحت تمثل نموذجاً قيمياً يجد من يحاول فرضه وتحويله إلى قانون ملزم يقبل به سكان الكرة الأرضية، وفي مقدمتهم الأمم المتحدة.
ظلت الإدارة الأمريكية تمارس تطبيق المعايير المزدوجة، بشكل واضح انتبه له الجميع، في كل سياساتها الخارجية المتعلقة بالشرق الأوسط:
• إزاء عمليات القتل:
- إدانة قتل الإسرائيليين باعتباره إرهاباً.
- القبول بقتل العرب واعتباره دفاعاً عن النفس.
• الاحتلال:
- اعتبار مقاومة الاحتلال إرهاباً.
- مطالبة المقاومين بالاعتراف بالمحتل.
هناك أمثلة كثيرة على قيام كل الإدارات التي تعاقبت على حكم أمريكا بتطبيق المعايير المزدوجة إزاء تعاملها مع قضايا الشرق الأوسط، ومن أبرز الدراسات التي تصدّت لهذا الموضوع دراسة ماري لاروزا المنشورة على موقع زيدينت تحت عنوان (المعيار المزدوج الأكثر خطورة في الشرق الأوسط: إسرائيل، إيران والقنبلة النووية) وتناولت هذه الدراسة السلوك الأمريكي والأوروبي الغربي، وأيضاً سلوك مجلس الأمن القومي:
أولاً: إزاء إسرائيل في موضوع امتلاك أسلحة الدمار الشامل.
ثانياً: إزاء إيران في موضوع السعي لامتلاك أسلحة الدمار الشامل.
وكانت أبرز نتيجة توصلت إليها الدراسة أن الأطراف الغربية تتجاهل امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية (برغم اعتراف إسرائيل بذلك) وفي الوقت نفسه تسعى لمعاقبة وضرب إيران بسبب (سعيها) لامتلاك الأسلحة النووية التي لم تمتلكها بعد.
وعموماً يمكن القول: إن جماعة المحافظين الجدد تعمل باجتهاد وقوة داخل الإدارة الأمريكية، من أجل تحويل قاعدة تطبيق المعايير المزدوجة من المجال السياسي العام إلى المجال القانوني الدولي، وقد برزت العديد من ملامح هذا التوجه في الأجندة الأمريكية التي تقدم بها من قبل جون بولتون، (سفير أمريكا غير المعتمد السابق لدى الأمم المتحدة) باعتبارها البنود الأساسية التي يتوجب على أساسها أن يتم إصلاح نظام عمل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
كذلك سعت الإدارة الأمريكية إلى جعل المحاكمات الدولية عن جرائم الحرب تطال من هم غير أمريكيين وتستثني الأمريكيين من التعرض إلى أي محاكمة أو حتى مساءلة قانونية بشأن جرائم الحرب.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...