حراك مدني لاغاثة المنكوبين في سورية

13-05-2012

حراك مدني لاغاثة المنكوبين في سورية

بكل ما يحمله المشهد السوري من سوداوية وانسدادات في أفق الحل، تظهر على الجهة الأخرى بوادر تشيع جواً من التفاؤل والأمل بقدرة المجتمع السوري على ترميم جراحه وتجاوز الأزمة من خلال حال التضامن والتكافل التي بدأت تأخذ طابعاً مدنياً خالصاً عبّرت عنه حملات الدعم والإغاثة التي تنتشر على مساحة البلد على رغم الظروف الأمنية السيئة التي تحيط بعمل المتطوعين وتهدّد حياتهم في كثير من الأحيان.

ظهر خلال الأشهر القليلة الماضية، عدد كبير من الجمعيات واللجان والجماعات التي كرست جهدها للعمل المدني في اتجاهين: الأول يركّز على حض المتبرعين القادرين وأصحاب المصالح والتجّار على دعم المتضررين، والثاني يتجه صوب العائلات المتضررة في المناطق المنكوبة أو العائلات المهجرة في مناطق لجوئها من أجل توفير الاحتياجات الأساسية لها. وبات واضحاً أن المناطق التي تشهد استقراراً على الصعيد الأمني تشهد نشاطاً لافتاً على صعيد أعمال الإغاثة للتعبير عن حال التضامن مع المهجرين والمنكوبين.

عائلات منكوبة وأخرى تقدم الدعم

ناشطون اختاروا لجمعيتهم التي لا تزال قيد التأسيس اسم «سما»، وهم مجموعة من الشابات والشبان من طوائف مختلفة انبروا منذ أشهر لتقديم شتى أنواع الدعم للعائلات المهجّرة إلى المناطق القريبة من دمشق. وتقول سهير، وهي ناشطة في الجمعية: «في البداية زودنا الأسر القادمة من المناطق الساخنة باحتياجات أساسية مثل أدوات المطبخ وحليب الأطفال والأغطية، وبعدها انتقلنا للعمل مع السيدات اللواتي فقدن أحد أفراد أسرهن من أجل تمكينهن من تجاوز هذه المرحلة الحرجة». وتتابع: «اعتمدنا في البداية لتأمين هذه المتطلبات على أنفسنا وعائلاتنا، وعندما بدأت الأعداد تفوق قدرتنا، استفدنا من استعداد بعض العائلات لدعم الأسر المنكوبة». وتضيف: «هناك نزعة متنامية لدى السوريين نحو توفير الدعم للأسر المحتاجة بصرف النظر عن الموقف السياسي الذي قد يتباين من أسرة إلى أخرى».

أما غدي وهو طالب جامعي يعمل مع مجموعة من الطلبة على تأمين أنواع الدعم النفسي للأطفال الذين خبروا تجربة العيش في مناطق الاقتتال أو الأطفال الذين كانوا شهوداً على حوادث دامية، فيقول: «نعمل مع أطفال قادمين من حمص وإدلب ودرعا، نحاول إعادة الثقة لهم عبر بناء علاقات متينة معهم، بمساعدة أطباء وخبراء نفسيين متطوعين، ونستفيد من وجود طلاب من كلية الفنون الجميلة ومعهد الموسيقى من أجل إقامة ورش عمل في الرسم والتصوير والعزف وكذلك العروض المسرحية».

وتقول سمر: «نحرص على أن يرتاد الأطفال المدارس، بخاصة أن قسماً كبيراً منهم منقطع عن المدرسة منذ أشهر، ونحاول تأمين أماكن لهم في المدارس القريبة من مناطق سكنهم الجديد الموقت، لكن هذا يصطدم دوماً بحال عدم الاستقرار التي تعيشها هذه الأسر بين موطنها الأصلي ومكان لجوئها».

مجموعات إغاثية أخرى اختارت العمل في ظروف أكثر صعوبة، ففي الأوقات الحرجة التي يحظر فيها على الهلال الأحمر أو المنظمات الأخرى الدخول إلى المناطق الساخنة تقوم هذه الجمعيات بتأمين معابر من أجل الوصول إلى هذه المناطق وتقديم المساعدات العاجلة من خبز وماء وأدوية للأهالي في بيوتهم مستفيدين من الخدمات التي يوفرها لهم سكان محليون لديهم الخبرة الكافية في جغرافية تلك المناطق.

ومن المؤكد أن عهداً جديداً بدأ في سورية، فالأحداث الراهنة شجّعت على انبعاث حركات اجتماعية وقوى مدنية جديدة، حركات لا تعترف بالتبعية، من خلال دور اجتماعي ونشاط مدني.

يحيى الأوس

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...