تونسيات لا تُرضيهن «المساواة» في الدستور

11-01-2014

تونسيات لا تُرضيهن «المساواة» في الدستور

ترى نادية معالي (50 عاما)، وهي سيدة تونسية تنشغل بين رعاية أبنائها الستة وعملها في حمام عربي للنساء، انه لا وجود لمساواة بين الجنسين في الواقع في تونس، التي كرّس دستورها الجديد «المساواة» بين الرجال والنساء، ليعزز بذلك وضعاً حقوقياً فريداً من نوعه في العالم العربي للمرأة التونسية.
وتقول نادية، التي يعاني زوجها من البطالة، إنّه «ليس هناك مساواة بين الرجل والمرأة في تونس، بل هناك نساء أنهكهن الكدح حتى يوفرن بمفردهن حاجيات أبنائهن». وتضيف السيدة أنه «ليس لي أي حقوق ولا تغطية اجتماعية ولا دعم مادي أو نفسي من الدولة برغم الأجر الزهيد الذي أتقاضاه من عملي في حمام النساء، وبرغم وضعيتي الاجتماعية التي تزداد سوءا».تونسيات يشاركن في تظاهرة مناهضة للحكومة المستقيلة في تونس العاصمة في بداية شهر آب الماضي (رويترز)
وفي بداية الأسبوع الحالي، صادق المجلس الوطني التأسيسي في تونس على الفصل 20 من الدستور الجديد الذي يقول إنّ «المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز. تضمن الدولة للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامة، وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم». كما صادق المجلس، أمس الأول، على الفصل 45 الذي نص على أن «تلتزم الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها. تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات. تسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة. تتخذ الدولة التدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضد المرأة». وأصبحت تونس بذلك الدولة العربية الأولى التي ينص دستورها على «المساواة» بين الرجال والنساء وعلى «التناصف» في المجالس المنتخبة وعلى «تكافؤ» الفرص بين الجنسين في تولي المسؤوليات.
وعلى الرغم من أن التصديق على هذين الفصلين أثار غبطة المعارضة العلمانية ومنظمات حقوقية ونسوية تونسية، إلا أنه لم يثر الغبطة ذاتها على ما يبدو لدى نساء يعشن ظروفاً اجتماعية قاسية في بلد ثار شبابه قبل ثلاث سنوات بسبب البطالة والتهميش والإذلال.
وقالت دلندة الغربي، التي تعمل نادلة في مطعم شعبي في مدينة أريانة قرب العاصمة تونس، إنّ هذين الفصلين «لا يعكسان الواقع. فالمرأة في تونس لديها واجبات أكثر من الرجل: فعليها كسب المال ورعاية الأبناء، والقيام بشؤون المنزل إضافة إلى القيام بدور الزوجة الصالحة».
بدورها، قالت سميرة الهيشري (43 عاما)، وهي بائعة رقائق «البريك» في سوق أريانة، «أنا أعمل لتوفير قوت أبنائي ونفقات دراستهم. ومع البطالة التي يعيشها زوجي وجدت نفسي أتحمل مسؤولية الرجل والمرأة، لذلك لا تحدثوني عن حقوق المرأة ولا عن المساواة».
ويشاطر كثير من الرجال العاطلين من العمل في أريانة موقف سميرة، ويقرون بأن زوجاتهم أنقذن عائلاتهن، مثل عماد الوشتاتي (39 عاما) الذي يرى أن «النساء أصبحن أفضل من الرجال». ويقول عماد «حفظ الله زوجتي فهي التي تدفع إيجار المنزل وهي سندي خلال الأوقات الصعبة». ويضيف أنه يشعر بـ«الضعف» و«العار» أمام زوجته عندما يعود إلى المنزل فارغ اليدين.
في المقابل، نددت نساء منقبات بتنصيص الدستور على «المساواة». وقالت جميلة صبري، وهي سيدة منقبة تدير محلا لبيع الملابس التي يرتديها قسم من النساء المتدينات في حي التضامن الشعبي في وسط العاصمة والذي يعتبر من معاقل التيار السلفي في تونس، «في القرآن، لم يتحدث الله عن المساواة بين الجنسين، بل حدد مسؤوليات كليهما»، بحسب قولها. وأضافت أنه «قبل الحديث عن المساواة بين الرجال والنساء، يجب إقامة مساواة بين النساء» في إشارة إلى ما أسمته «رفضاً» مجتمعياً للنساء المنقبات في تونس.
ويقول مراقبون إنّ النقاب ظاهرة طارئة في تونس، التي كان قانونها يحظر في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ارتداء ما يطلق عليه «اللباس الطائفي» ومنه النقاب.
وتتهم المعارضة ووسائل إعلام جمعيات إسلامية رخصت لها الحكومة المستقيلة، والتي تقودها «حركة النهضة»، بتلقي تمويلات من دول خليجية لتغيير نمط المجتمع التونسي عبر نشر الفكر «الوهابي» المتطرف وحث النساء على ارتداء النقاب والرجال على ارتداء الملابس الأفغانية المستوردة وإطلاق اللحى.
وتابعت سميرة صبري قائلة «في تونس هناك تمييز ضد المنقبات اللواتي يرفضهن المجتمع ويعتبرهن دخيلات وأشباحاً سوداء وحتى إرهابيات».
وتعتبر تونس البلد العربي الوحيد الذي يمنح، منذ العام 1956، أفضل حقوق للمرأة. وتحظى المرأة في تونس بوضع حقوقي فريد من نوعه في العالم العربي بفضل «مجلة (قانون) الأحوال الشخصية» التي أصدرها العام 1956 الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة.
وألغت المجلة التمييز بين الرجل والمرأة، وجرّمت الزواج العرفي وإكراه الفتاة على الزواج من قبل ولي أمرها، وتعدد الزوجات، وجعلت الطلاق بيد القضاء بعدما كان بيد الرجل ينطق به شفوياً متى يشاء. كما يمنح القانون التونسي المرأة أجراً مساوياً للرجل في العمل وحق منح الجنسية لأبنائها.


المصدر: (أ ف ب)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...