تشرين آخر حروب العرب ضد الأعداء

11-10-2011

تشرين آخر حروب العرب ضد الأعداء

مفخرة وشرف.. أن تكون حرب تشرين عام 1973 الحرب العربيّة الأولى في تاريخنا الحديث....
ومأساة وألم.. أن تكون آخر حربٍ يخوضها العرب ضدّ العدو الحقيقيّ والوحيد على ظهر هذا الكوكب.‏
على وقع لاءاتِ عبد النّاصر وحافظ الأسد، وتحت راية الشعار الواضح: ماأُخذ بالقوّة لايُستردّ إلاّ بالقوّة... كان التحضير لحربٍ قادمة.. لم يحدّد زمانها.. ولكن حدّد هدفها ومداها...‏
وعلى ضوء الوهج القومي الجارف شارك مَنْ شارك، وأُحرج مَنْ أُحرج.. وصمت بحياءٍ شديدٍ من خانه الكلام وانتقاء العبارة... وكان تشرين..‏
حمّلنا تشرين عزّاً.. ولكنّه حمّلنا همّاً...‏
ومن يومها والغُرف السوداء تصنع أسلحة الوقاية لمنع الإرادة العربية من التفكير بتشرينٍ آخر.‏
وطيلة الأعوام التي تلت تشرين.. وإلى اليوم.. والأمّة تدفع الضريبة غالية وعالية ليكون تشرين عبئاً على وعي العرب لامحطة عزّ ناصعة.. وكان الذي كان.. وما سيكون أكبر وأخطر.‏
ماسمعته وقرأته في مذكرات ساسة الغرب، وجنرالات العدو ومؤتمرات حكماء العرب.. كان إجهازاً بالحدود المتاحة على تشرين وإرث تشرين ورؤية تشرين..‏
ومارأيته وماتراه يوميّاً .. وماستراه غداً هو إصرارٌ على ملء الوعي العربيّ بعدو ليس حقيقيّاً .. وحرائق تشبّ بين القلب والخاصرة.. واستهداف لتشرينٍ.. عبر جنوده قناة السّويس ورفعوا العَلَم في سماء القنيطرة.‏
نجحت المؤامرة .. وسجّلت اختراقاً كبيراً.. فإذا المقاومة إرهابٌ والحرب ضدّ اسرائيل مغامرة.. والإيرانيون فُرسٌ مجوسٌ يسرقون الغابات العربية لتكون حطباً يوقدونه في بيوت النّار التي يعبدونها...‏
وإسرائيل باستفتاءٍ عربيّ جائر.. أقلّ خطراً بآلاف المرّات من الفُرس على تاريخنا وعروبتنا وعربيتنا وإسلامنا..‏
اختراقٌ استهدف كلّ شيء... فاستطالت مآذننا لتكون أبواق شتائم وصرخات تحريض ليقتل الأهل بعضهم بعضاً...‏
واتسعت مساجدنا لتكون مخابئ للأسلحة بكلّ أصنافها.. وحلقات تدريس لثقافة الكراهية والتكفير والإفتاء بالاستمتاع بأكل الإنسان للحم أخيهِ الإنسان حيّاً وميتاً...‏
استدارت القبب لتزيّن بالعبوات النّاسفة والقنابل الموقوتة وعجلات الموت...‏
كلّ هذا كان استهدافاً لتشرين... ومالم أقله أشدّ وأعظم.‏
مطلوبٌ أن يُقتل الحلم في أجفان دمشق... وأن يُطفأ البريق في سيف دمشق، وأن يخرس الصهيل في حناجر خيول دمشق، وأن يجفّ بردى وتصوّح الغوطة ويركع قاسيون..‏
أن يكون هذا قراراً إسرائيليّاً.. أمريكيّاً.. بروتوكوليّاً ... يهوديّاً فهذا منطق.. منطق التحديد الواضح للعدو..‏
أمّا أن يكون قراراً عربيّاً... يتماوج صداه على رمالِ الجزيرة وشواطئ جدّة وبحر العرب.. فهذا اعتداء على المنطق.‏
أن يُفتي حكماء صهيون بتدمير سورية.. فهذا منطق..‏
أمّا أن يُفتي علماء الحجاز .. فهذا اعتداءٌ على المنطق.‏
أن يقول ساسة إسرائيل يجبُ إسقاط سورية لإيذاء إيران فهذا حقهم.. لكن ليس من حقّ مسلمٍ على وجه الأرض أن يفكّر بإسقاط سورية وصمود سورية.. وتشرين سورية.. مالم يكن صدره مملوءاً نفاقاً.. وقيئاً وسوءَ انتماء.‏
في حضرة تشرين.. يجب أن تستعيد الذاكرة العربية رؤية العزّ، وأن تزيح الغطاء والغشاء عن ثقافةٍ عُمِل على ترويجها سنواتٍ .. وسنواتٍ.. وهي اليوم تُؤتى أُكُلَها.. دماراً وترويعاً وترويضاً وإبادة للنسيج الوطنيّ الذي كانت وستبقى سورية لحمته وسداه.‏
تشرين بين الهمّ والهرم.. وفي المسافة المتاحة نعلن انحيازنا إلى صفحات العزّ التي سطّرها جنود سورية .. وكانت مفخرة العرب وحدها سرّ بقاء مَنْ يتآمرون على الوجود والبقاء.‏

د. رضا رجب
جريدة الفداء

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...